الرؤية العمياء!
إن ذكر الله باللسان هو تلاوة آياتِ كتابه الكريم وتسبيحه آناء الليل وأطراف النهار، أما ذكر الله بالعين فهو إبصار آيات كونه العظيم.. وكِلا الذكرين لا بد لهما من تدبُّر بالعقل وانفعال بالقلب حتى يكون لهما معنى...
قال تعالى: {الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَن ذِكْرِي وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا} [الكهف:101].
تدبُّرٌ وتفكُّر..
تدبَّرتُ معنى {الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَن ذِكْرِي} وقلت في نفسي: وهل العين تذكر الله حتى تكون أعين البعض في غطاءٍ عن ذكره؟!
دائمًا كنت أعرف الذكر على أنه ذكرٌ باللسان والقلب، ولكن يبدو أن للعين نوعٌ من الذكر!
نعم؛ إن ذكر الله باللسان هو تلاوة آياتِ كتابه الكريم وتسبيحه آناء الليل وأطراف النهار، أما ذكر الله بالعين فهو إبصار آيات كونه العظيم.. وكِلا الذكرين لا بد لهما من تدبُّر بالعقل وانفعال بالقلب حتى يكون لهما معنى.
ذِكْر البصر
إن تجوُّل البصر في كون الله والنظر إلى بديع خلقه والتأمُّل في إتقان الله صنعَ كل شيء، وما ينبني على هذه الأفعال الجليلة من تسبيحه وتمجيده وشكره بالعقل والقلب على تسخيره لنا هذا الكون الجميل الذي طالما أبصرناه فلم نجد به عيبًا أو قلة إتقان: {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ . ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ} [الملك:3-4] لهو من أجلِ أنواع الذِكر.
الرؤية العمياء!
أما الرؤية المادية البحتة الغافلة عمَّا وراء هذا الملكوت الجميل المتقَن من ربٍ عظيم هي تمامًا كتلاوةِ تسابيح أو آيات من القرآن باللسان فقط دون ذرة من تدبُّرٍ أو تفكُّر في معنى الكلام وما ورائه من رب حكيم.
لذلك؛ فإن التجوُّل بالنظر في كون الله بغفلةٍ وقلة وعي ونسيان لله تعالى خالق كل شيء هي مجرَّد رؤية عمياء! رؤية بأعينٍ هي في غطاءٍ عن ذكر الله تعالى.
والله أعلم.
- التصنيف: