الإنسان.. ذلك المغرور!
الإنسان.. ما أهونَه على الله بل على نفسه والكون إن لم يكن طائعًا لربه قانتًا له.. أيظن أنه شيء يذكر؟! لا والله إن لم يكُ طائعًا لربه مستمِدًا وجودَه الحقيقي من تبتُّلِه لبارئه.. لقد خُلِق ولم يكُ شيئًا ووَضَع الله بيده الاختيار إما أن يكون في عِليين بطاعته لربِه وإما أن يكون أقلَ وأوضعَ من حالتِه قبلَ أن يُوجدَ واقعًا في هذا الكون.
الإنسان الذي مَنَّ الله عليه بالوجود من اللا شيء إلى الشيء..
قال تعالى: {قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئَا} [مريم:9].
وقال تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} [الإنسان:1].
الإنسان.. ما أهونَه على الله بل على نفسه والكون إن لم يكن طائعًا لربه قانتًا له.. أيظن أنه شيء يذكر؟! لا والله إن لم يكُ طائعًا لربه مستمِدًا وجودَه الحقيقي من تبتُّلِه لبارئه.. لقد خُلِق ولم يكُ شيئًا ووَضَع الله بيده الاختيار إما أن يكون في عِليين بطاعته لربِه وإما أن يكون أقلَ وأوضعَ من حالتِه قبلَ أن يُوجدَ واقعًا في هذا الكون.
قال تعالى: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} [التين:5].
إن أمره -إلا من رحم ربي- ليدعو لشفقة العاقلين فقد خدع نفسه أيما خداع.. إن ربه مُمسِك به أن يخور من ولادته إلى وفاته! ألا يعلم هذا؟!
يا إلهي لقد وصل به الغرور أيَّما درجة.. لقد ظن أنه قائم بذاته.. ولا يعلم أن كل شيء فيه يجري بأمر ربه فلا قلبًا يُدِير ولا كبدًا يُعمِل ولا لسانًا يُنطِق ولا دِماغًا يُشَغِل.. إنما هو قائم بأمر الله أمره بين الكاف والنون.. إن أراد به ربه صَعقًا لخَرَّ ولم يجد له نصيرًا.. يا لهولِ جهلِه وصلفِه أفلا يتواضع ويدرك أنه صِفرٌ أمامَ الواحدِ القهارِ ربِ السمواتِ والأرضِ وما بيتهما وما تحتَ الثرى؟
يا لبؤسك أيها الذي لا تعرف قدرك! وغرَّك بالله وبموقعك منهُ سبحانه وتعالى الغَرور.. أتظن أنك لن تحور.. بلى وربي لتُحشَرَن ليزولَ عنك الغُرور.
قال تعالى: {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} [الانشقاق:14].
أيُّ كِبرٍهذا؟! أي كِبر هذا الذي يوهِمك زورًا أنك قائم بذاتك لا ربَ لكَ ولا قيُّومَ على أمركَ ما كبُرَ منه وما صغُرَ ولا إله ينبغي عليك التذلُّل إليه ولا مردَ تُرد إليه يوم يقوم الأشهاد؟! أيُّ كبرٍ هذا الذي كبَّلت به نفسك؟
والله إنك لا تتحملُ أن تشربَ شربةَ ماءٍ لا تخرجُ منكَ. وإنما هي تدخلك وتخرجُ منكَ لا بإذنك بل بإذن الرحمنِ الرحيمِ ذي القوةِ المتين.
أغرَّتك الحياة الدنيا؟! يا لشقائك؟!
إن مساكين الدنيا الأتقياء لهم أعزُّ على اللهِ من عُجبائِها الذين غرَّتهُم الحياةُ الدنيا فظنُوا أنهم يُفكِّرون قويمًا عندما يعترِضون على أصل الدين! وهم يعلمون في أنفسهم صحته يقينًا! ولكن لم لا! وقد أملت عليهم ضِعتُهم أنهم سَيعلون بادَّعاء هدمِ العالي بدلًا من الاستمساكِ بالعروةِ الوثقي واستمدادِ الرفعةِ من العلو الأصيل.. علوِ دينِ ربِ العالمين العليِ العظيم.
قال تعالى: {كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا . سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا . إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ . فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ . ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ . ثُمَّ نَظَرَ . ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ . ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ . فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ . إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} [المدَّثر:16-25]
الخلاصة:
اِعرف قدركَ أيها الإنسانُ.. واسجد للهِ واقتربْ تكنْ في أعلى عليين بقربكَ منهُ العلىِ العزيز.
والله أعلم.
- التصنيف: