الفتور - مظاهرُه -2- قلوب قاسية ومعاصي مألوفة
ويصل الفتور إلى درجة أبعد، إذا ألف الوقوع في المعاصي والذنوب وقد يصر على بعضها ولا يحس بخطورة ما يفعل.
الشعور بقسوة القلب وخشونته
من مظاهر الفتور: الشعور بقسوة القلب وخشونته، فلم يعد يتأثر بالقرآن والمواعظ، ورانت عليه الذنوب والمعاصي، قال سبحانه: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين:14] ويكاد يصدق عليه وصف الله لقلوب اليهود {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} [البقرة:74].
ويصل من قسوة قلبه ألا يتأثر بموت، ولا ميت، ويرى الأموات، ويمشي في المقابر وكأن شيئًا لم يكن، وكفى بالموت واعظًا، وأعظم من ذلك عدم تأثره بآيات الله جل وعلا وهي تتلى عليه، ويسمع آيات الوعد والوعيد فلا خشوع ولا إخبات، والله جل وعلا يقول: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} [ق:45] ويقول جل وعلا: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [الأنفال:2].
وصلت الحال الآن من مظاهر الفتور في المقابر بعض الناس يأتون تبع جنازة، ويبيعون ويشرون في المقبرة، طبعًا حريصون على عدم تضييع الوقت جزاهم الله خيرًا نعم يبيعون ويشترون وهم تابعون جنازة، يخرجون من المقبرة، ويتحدثون في الدنيا ويأتون إلى الجنازة، ويتحدثون في الدنيا، وكأن شيئًا لم يكن، حتى رأيتهم في مقبرة العود يدفنون الجنازة، والدخان بأيديهم، هذا ما هو فتور، هذا تعدى حدود الفتور والعياذ بالله.
لكن ألا تلمسون من أنفسنا أننا نتبع بعض الجنائز، وقل منا من يتأثر، والله أبدًا ما سمعت الجيد الذي يتأثر أثناء الخبر، وبعد ربع ساعة يرجع إلى بيته وكأن شيئًا لم يكن، ويذهب إلى أهله ولا يحس أهله بشيء، لا يحس أهله بشيء، أرأيتم هذا المرض؟
إلف الوقوع في المعاصي والذنوب
من مظاهر الفتور أن يصل الفتور إلى درجة أبعد، إذا ألف الوقوع في المعاصي والذنوب وقد يصر على بعضها ولا يحس بخطورة ما يفعل، ويقول: هذه صغيرة، وتلك أخرى وهلم جرًا، وقد يصل به الأمر إلى المجاهرة.
والمصطفى صلى الله عليه وسلم يقول: «
_________________
[1]- البخاري: الأدب [6069] ومسلم: الزهد والرقائق [2990].
------------------------
من كتاب "الفتور" للشيخ "ناصر بن سليمان العمر"
- التصنيف:
- المصدر: