الفتور - مظاهرُه -3- عدم استشعار وظيفته في الأرض

منذ 2014-05-29

عدم استشعار المسؤولية الملقاة على عاتقه، والتساهل والتهاون بالأمانة التي حمله الله إياها، فلا تجد لديه الإحساس بعظم هذه الأمانة>

  عدم استشعار المسؤولية الملقاة على عاتقه


ومن أبرز مظاهر الفتور: عدم استشعار المسؤولية الملقاة على عاتقه، والتساهل والتهاون بالأمانة التي حمله الله إياها، فلا تجد لديه الإحساس بعظم هذه الأمانة، والله سبحانه وتعالى يقول: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب:72].

أرأيتم أيها الأخوة هذا المظهر هو مما نشكو منه الآن، وهذا من أخطر الأدواء: عدم إحساس كثير من الناس بالمسؤولية التي ألقيت على عاتقهم، يسمع أخبار المسلمين فلا يتأثر، يسمع أحوال أمته فلا يتحرك قلبه، قد يرى مظاهر تحدث في الشوارع من بعض السفهاء ولا يقشعر قلبه.

أنا أسألكم أعطيكم مقياسًا عمليًا قريبًا خلال اليومين الماضيين، أو الثلاثة الأيام الماضية رأيتم بعض تصرفات بعض السفهاء، وسمعتم، وأنا رأيت بعيني بعض هذه التصرفات، وغيري رأى تصرفات يندى لها الجبين، والله والصحف نشرت صورًا لمثل هذه التصرفات، من منا تحرك قلبه؟ وعندما تحرك قلبه ماذا فعل؟


هل حافظ على أبنائه لا يقعوا في هذا البلاء؟ هل زار العلماء والمشايخ ونبههم إلى خطورة ما يجري؟ ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} [الإسراء:16].

سفه والله يندى له الجبين، فهل هذا أثر في حياتنا أو أننا نتسلى في هذه الأخبار؟ أو أننا ربما نتحمس ونقول: والله تصرفات من شباب لا يقدرون المسؤولية، شباب لم يربهم أهلهم، شباب فعلوا، بعدين ماذا فعلنا بعد ذلك ما هي النتيجة؟ هل كان هذا الأمر موجودًا قبل سنوات؟ لا فهذا مقياس أنا أعطيك إياه ليدل على: هل أنت عندك فتور أو ما عندك فتور؟ عدم استشعار المسؤولية.


نسمع عن مصائب إخواننا في الصومال وفي البوسنة والهرسك، فهل هذا يؤثر فينا؟ وصلت إخوانكم في البوسنة والهرسك إلى أنهم لا يجدون ما يأكلون، البيضة بلغت اثني عشر ريالًا، ومن يجد اثني عشر ريالًا وأنتم تجتمعون طبق البيض بسبعة ريالات، والريالات موجودة في جيوبكم أيضًا، هم لا يجدون شيئًا، انتهاك الحرمات في البوسنة، اغتصاب النساء هل أثر فينا أو ما أثر؟.


هذا مقياس، إذن استشعار المسؤولية هذا من المقاييس المهمة، ومن أسوأ المظاهر انفصام عرى الأخوة بين المتحابين، وضعف العلاقة بينهم، بل قد يصل الأمر إلى الوحشة بينهم، ومن ثم التهرب والصدود والبعد والجفا، وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم استمعوا إلى هذا الأثر، هذا الحديث أنه قال: «ما تواد اثنان في الله عز وجـل أو في الإسلام، فيفرق بينهما أول ذنب» [1] وفي رواية  «ففرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما» [2].

__________________________

[1]- أحمد [5/71].
[2]- أحمد [2/67].

------------------------

من كتاب "الفتور" للشيخ "ناصر بن سليمان العمر"

ناصر بن سليمان العمر

أستاذ التفسير بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض سابقا

  • 0
  • 0
  • 1,053
المقال السابق
مظاهرُه -2- قلوب قاسية ومعاصي مألوفة
المقال التالي
مظاهرُه-4- استوحاش الصالحين واللغو

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً