لا تحزن - استجمامٌ يُعين علىُ مُواصلةِ السَّيْرِ (3)
منذ 2014-06-03
عن عُباد بنِ الصامتِ قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «عليكمْ بالجهاد في سبيلِ اللهِ، فإنه بابٌ من أبوابِ الجنةِ، يُذهِبُ اللهُ به الغمَّ والهمَّ».
وقال القُشيريُّ في "الرسالة": طريقُ من آثرَ العُزلةَ، أن يعتقد سلامة الناسِ منْ شرِّه، لا العكسُ، فإنَّ الأول: يُنتجهُ استصغارُه نفْسه، وهي صفةُ المتواضعِ، والثاني: شهودُه مزيةً له على غيرِه، وهذه صفةُ المتكبِّرِ.
- والناسُ في مسألةِ العُزلةِ والخلطةِ طرفانِ ووسطٌ:
فالطرف الأوَّلُ: من اعتزل الناس حتى عن الجُمعِ والجماعاتِ والأعيادِ ومجامع الخيْرِ، وهؤلاءِ أخطؤُوا.
والطرف الثاني: منْ خالط الناس حتى في مجالسِ اللَّهوِ واللَّغوِ والقيلِ والقالِ وتضييعِ الزَّمانِ، وهؤلاء أخطؤُوا.
والوسط: منْ خالط الناس في العباداتِ التي لا تقوُم إلا باجتماعٍ، وشاركهم في ما فيه تعاونٌ على البِرِّ والتقوى وأجرٌ ومثوبةُ، واعتزال مناسباتِ الصَّدِّ والإعراضِ عن اللهِ وفضولِ المباحاتِ {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً}.
- وقفـة: عن عُباد بنِ الصامتِ قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «
وأمَّا تأثيرُ الجهاد في دفْع الهمِّ والغمِّ، فأمرٌ معلومٌ بالوجدان، فإنَّ النَّفْس متى تركتْ صائل الباطلِ وصولتهُ واستيلاءهُ، اشتدَّ همُّها وغمُّها، وكربُها وخوفُها، فإذا جاهدتْه للهِ، أبدل اللهُ ذلك الهمَّ والحُزْن فرحاً ونشاطاً وقوةً، كما قال تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ . وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ}. فلا شيء أذْهبُ لجَوَى القلبِ وغمِّه وحزنِه من الجهادِ، واللهُ المستعانُ.
قال الشاعرُ: ».
وإني لأُغضي مقلتيَّ على القذى *** وألْبَسُ ثوب الصبرِ أبيض أبْلجا
وإني لأدعو الله والأمرُ ضيِّقٌ *** عليَّ فما ينفكُّ أن يَتَفَرَّجَا
وكم من فتى سُدَّتْ عليه وجوهُهُ *** أصاب لها في دعوةِ اللهِ مَخْرَجا
- التصنيف:
- المصدر: