لا تحزن - هِتافٌ في وادي نخلة

منذ 2014-06-08

أُخرج محمدٌ المعصومُ صلى الله عليه وسلم من مكة حيث أهلُه وأبناؤه ودارُه ووطنُه، طُردُ طرداً وشًرِّد تشريداً، والتجأ إلى الطائفِ فقُوبل بالتكذيبِ وجُوبِه بالجحودِ، وتهاوتْ عليه الحجارةُ والأذى والسُّم والشتمُ.

أُخرج محمدٌ المعصومُ صلى الله عليه وسلم من مكة حيث أهلُه وأبناؤه ودارُه ووطنُه، طُردُ طرداً وشًرِّد تشريداً، والتجأ إلى الطائفِ فقُوبل بالتكذيبِ وجُوبِه بالجحودِ، وتهاوتْ عليه الحجارةُ والأذى والسُّ والشتمُ.

فعيناه بدموع الأسى تكِفانِ وقدماه بدماءِ الطهرِ تنزفانِ، وقلبُه بمرارةِ المصيبة يَلْعَجُ، فإلى من يلتجئ؟ ومن يسألُ؟ وإلى من يشكو؟ وإلى من يقصدُ؟ إلى اللهِ إلى القويِّ إلى القهارِ، إلى العزيزِ، إلى الناصرِ.

استقبل محمدٌ صلى الله عليه وسلم القبلة، وقصد ربَّ، وشكر مولاه، وتدفَّق لسانهُ بعباراتِ الشكوى وصادقِ النجوى وأحرِّ الطلبِ، ودعا وألحَّ وبكى، وشكا وتظلَّم وتألَّم.

المآقي من الخطوبِ بكاءُ *** والمآسي على الخدودِ ظِماءُ
وشفاهُ الأيامِ تلثمُ وجهاً *** نَحَتَتْهُ الرعودُ والأنواءُ 

اسمع سؤال النبي صلى الله عليه وسلم مولاهُ وإلهه ليلة نخلة، إذْ يقول: «اللهم إني أشكو إليك ضعْف قوتي وقِلَّة حيلتِي وهواني على الناسِ، أنت أرحمُ الراحمين، وربُّ المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكِلُني؟ إلى قريبٍ يتجهَّمُني، أو إلى عدوٍّ ملَّكْتَه أمري، إن لم يكن عليَّ غَضَبٌ فلا أبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لُي، أعوذُ بنور وجهِك الذي أشرقتْ له الظلماتُ، وصَلُحَ عليه أمرُ الدنيا والآخرةِ، أن ينزلُ بي غَضَبُك، أو يحلَّ بي سخطُك، لك العُتْبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بكَ».

عائض بن عبد الله القرني

حاصل على شهادة الدكتوراة من جامعة الإمام الإسلامية

  • 0
  • 0
  • 2,138
المقال السابق
ارض عن الله عزَّ وجلَّ (5)
المقال التالي
جوائز للرعيل الأول

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً