لا تحزن - الرِّفْقُ يُعينُ على حصولِ المقصودِ (3)
إن الرفيق من البشرِ مِفتاحٌ لكلِّ خَيْرٍ، تستسلمُ له النفوسُ المستعصية، وتثوبُ إليه القلوبُ الحاقدةُ، {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}.
إنَّ الأطباء يُوصون بالرفقِ في تناولِ العلاجِ، وفي مزاولةِ العملِ والأخذِ والعطاءِ.
فذاك يقلعُ ظفْره بيده، وذاك يباشرُ سِنِّه بنفسِه، وآخر يَغُصُّ باللقمة، لأنه أَكَبرَها وما أحسن مضْغها.
إن الماء يترفَّقُ، وإن الريح تُزمجرُ فتدمِّرُ.
قرأتُ لبعضِ السلفِ أنه قال: إن مِن فِقْهِ الرجل رِفْقَهُ في دخولِه وخروجِه منه، وارتداءِ ثوبِه وخَلْعِ نعلِه وركوبِ دابتهِ.
إن العَجَلةَ والهوجَ والطيْشَ في أخذ الأمورِ وتناولِ الأشياء، كَفِيلةٌ بحصولِ الضررِ وتفويتِ المنفعِة، لأن الخَيْرَ بُني على الرفقِ: « ».
إنَّ الرفق في التعاملِ تُذعنُ له الأرواحُ، وتنقادُ له القلوبُ، وتخشعُ له النفوسُ.
إن الرفيق من البشرِ مِفتاحٌ لكلِّ خَيْرٍ، تستسلمُ له النفوسُ المستعصية، وتثوبُ إليه القلوبُ الحاقدةُ، {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}.
- وقفــــةٌ: طه حسين يتحدَّثُ بصيغةِ الغائب: كان يرى نفسه إنساناً من الناسِ وُلد كما يُولدون، وعاش كما يعيشون، يقسِّم الوقت والنشاط فيما يقسِّمون فيه وقتهم ونشاطهم، ولكنه لم يكنْ يأنسُ إلى أحدٍ، ولم يكنْ يطمئنُّ إلى شيء، قد ضُرِب بينه وبين الناسِ والأشياء حجابٌ ظاهرُه الرضا والأمنُ، وباطنُه من قِبَلِه السخطُ والخوفُ والقلقُ واضطرابُ النفسِ، في صحراء موحشة لا تحدُّها الحدودُ، ولا تقومُ فيها الأعلام، ولا يتبيَّن فيها طريقه التي يمكنُ أن يسلكها، وغايته التي يمكن أن ينتهي إليها.
يقولُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ: إنها تمرُّ بالقلبِ لحظاتٌ من السرور أقول: إن كان أهلُ الجنة في مِثْلِ هذا العيش، إنَّهم لفي عيشٍ طيِّبٍ.
وقال إبراهيم بن أدهم: نحن في عيش لو علم به الملوكُ لجالدونا عليه بالسُّيوفِ.
- التصنيف:
- المصدر: