التزيين
ليكن كل منا معتدلاً في اختياراته، وليعلم أن ما يُزَين أو يبتغي من زينة الحياة الدنيا هو ليس مقصودًا، وإنما هو وسيلة لا تفيد في تحقيق الغاية، ففرق كبير بين الغاية وبين الوسيلة، ويجب أن تكون الوسيلة مربوطة بالغاية ألا وهي في آخرها الفوز من هذه الحياة الدنيا بأكبر رصيد يرفع الإنسان درجة ويحط عنه خطيئة..
كثيراً ما يقتنع الناس بأشياء هي على غير حقيقتها بسبب تزيينها وإعجابهم بهذه الزينة، والزينة هي الظاهر منها وقد يكون باطنها على خلاف ظاهرها المُزَيَن، عن نفسي لا أقتنع بهذه الزينة وإن كان جانبي الطيني يقنع بها وينساق ورائها أحيانًا..
لكن تعالَوا بنا لنضرب مثالاً دنيوياً يوضح لنا أن الأشياء المزَيَنة لا يكون لزينتها أي فائدة، أو طائل مما يبتغي منها أو يصبو إليه منها..
السيارات:
الغرض منها والقصد هو استخدامها في الانتقال السريع، وزيادة الراحة وقلة المشقة في ذلك الانتقال، فينبغي الاعتدال في استخدامها واقتنائها..
فما فائدة السيارة الـ(بي أم دبليو) في طريق باسوس القناطر إذا كان الطريق متوقفًا أصلاً؟ فلن تفيدني سرعتها أو قدرة موتورها، وكذلك إذا كان الجو باردًا فلن أستفيد من قدرة تكييفها للمقصورة في أقل من دقيقة، لأني ببساطة لن أزيد البرد برودة، وكذلك ما فائدة السيارة (الهامر) إذا كنت أسير على طريق أسفلتي باستمرار، ولن أستخدم قدرتها الرباعية وعجلاتها العريضة في الخروج من الرمال وهكذا...
فينبغي الاقتصاد والاعتدال، ولا ينبغي الانخداع بالمظاهر والزينة التي تبدو عليها تلك السيارات الفارهة، لأني ببساطة لن أستخدم إمكانياتها، وسيحصل الغرض الذي من أجله اشتريتها بها، أو أقل منها درجة أو درجات، وهو الوصول براحة وعدم مشقة إلى ما سأصل اليه.
المرأة:
ترى كثيراً من الناس يُخدَعون بما يظهر لهم من زينة في المرأة، من جمال أو حسب ونسب أو مال، والأصل في الإعجاب بالمرأة الدين، فهو الأنفع في الدنيا والآخرة.
فما هو القصد والغاية من العلاقة بالمرأة إلا إقامة علاقة شرعية تؤدي إلى صيانة العرض، وزيادة العفة، وكثرة النسل، الذي ينفع في الدنيا والدين؟ وهي السكنى والرحمة والمودة التي تعود على الإنسان بالنفع النفسي والمجتمعي.
فما فائدة المال إذا كانت المرأة خواء من داخلها، نكدية في طبعها، سيئة الخلق في بيتها ومع زوجها، وكذلك إذا كان جمالها أو حسبها وما أبتغي منها من علاقة حميمية يكون نتيجته تنغيص بعدها؟!
ما احتياجي لنسبها أو حسبها إلا كاحتياجي للسيارة الـ(بي أم دبليو) على طريق باسوس القناطر في ساعة الذروة..
ما احتياجي لمالها إلا كاحتياجي لسيارة ذات دفع رباعي على طريق أسفلتي ممهد..
ما احتياجي لجمالها إلا كاحتياجي لتكييف المقصورة الداخلية للسيارة في عز الشتاء..
ليكن كل منا معتدلاً في اختياراته، وليعلم أن ما يُزَين أو يبتغي من زينة الحياة الدنيا هو ليس مقصودًا، وإنما هو وسيلة لا تفيد في تحقيق الغاية، ففرق كبير بين الغاية وبين الوسيلة، ويجب أن تكون الوسيلة مربوطة بالغاية ألا وهي في آخرها الفوز من هذه الحياة الدنيا بأكبر رصيد يرفع الإنسان درجة ويحط عنه خطيئة..
خواطر المكتب الزجاجي!
أحمد سليمان
- التصنيف: