كيف ندعو الناس - قولوا لا إله إلا الله
كان الفرس يحتلون جزءا من الجزيرة العربية، والروم يحتلون جزءا أخر، وكان في إمكان الرسول صلى الله عليه وسلم أن يثير حمية العرب القومية لتلتف حوله الجماهير، حتى إذا اجتمعوا وآمنوا بزعامته قال لهم : «قولوا لا إله إلا الله».
كان الفرس يحتلون جزءا من الجزيرة العربية، والروم يحتلون جزءا أخر، وكان في إمكان الرسول صلى الله عليه وسلم أن يثير حمية العرب القومية لتلتف حوله الجماهير، حتى إذا اجتمعوا وآمنوا بزعامته قال لهم : «
وكانت هناك قضية اجتماعية، فالأغنياء يصلون إلى درجة الثراء الفاحش، والفقراء يصلون إلى درجة الفقر المدقع، ولا أحد يفكر في الحد من غنى الأغنياء، بإلغاء الربا - على الأقل- وأخذ جزء من الفائض عند الأغنياء، ورده على الفقراء لرفع مستواهم، وكان في إمكان الرسول صلى الله عليه وسلم أن يثير القضية، فتلتف حوله جموع الفقراء المسحوقين، فيكون منهم قوة يواجه بها جبروت قريش، وفي حمية الصراع يقول لهم : « ».
وكان غير ذلك من القضايا مادة مفيدة في تجميع الجماهير وإثارة حماستهم، ثم استمالة الناس للدعوة من خلال تلك القضايا العامة، التي تستهوي بطبيعتها كثيرا من الناس، فيتجمعون لها بسهولة، ويلتفون حول من ينادى بها، ويمنحونه ودهم وحماستهم. ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم - بتوجيه من الوحي الرباني - لم يثر أية قضية من هذه القضايا في فترة التربية بمكة؛ وإنما أثار القضية الواحدة التي جلبت له عداء (السادة) وبالتبعية عداء الجماهير، وظل مصرا عليها وحدها، حتى أذن الله أن تتفتح لها قلوب أفضل الخلق بعد رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم.
ولم يكن ذلك لأن هذه القضايا كلها ليس لها أهمية في حياة الأمة، كلا! فقد تناولتها الحركة الإسلامية كلها واحدة إثر الأخرى؛ ولكن لأن القضية الكبرى - في المنهج الرباني وفي واقع البشر - هي قضية لا إله إلا الله، التي يتوقف عليها منهج حياة الإنسان في الدنيا، ومصيره في الآخرة، ولأن قضايا الحياة كلها - في المنهج الرباني - يجب أن تكون نابعة من لا إله إلا الله، ومرتبطة بها ارتباطا حيويا، فيتوفر لها الصدق والإخلاص والتجرد.
- التصنيف:
- المصدر: