‫قبل أن تزول النعم‬

منذ 2015-02-10

هل شعرت من قبل أنك ملياردير أو حتى مليونير رغم أن مرتبك لا يكفيك حتى آخر الشهر؟! هل تخيلت أبدًا أن مال قارون بل وأضعافه ربما لا يمثل لك شيئًا لو كان في حيازتك، وأنك مستعد لو امتلكته يومًا أن تنفقه عن آخره في سبيل الإبقاء على ثرواتك التي قد لا تكون لاحظت امتلاكك لها؟!

هل فكرت يومًا أنك تمتلك ثروات لا تقدر بثمن؟!
هل شعرت من قبل أنك ملياردير أو حتى مليونير رغم أن مرتبك لا يكفيك حتى آخر الشهر؟!
هل تخيلت أبدًا أن مال قارون بل وأضعافه ربما لا يمثل لك شيئًا لو كان في حيازتك، وأنك مستعد لو امتلكته يومًا أن تنفقه عن آخره في سبيل الإبقاء على ثرواتك التي قد لا تكون لاحظت امتلاكك لها؟!

هناك للأسف من يأتي إلى الدنيا ويرحل عنها دون أن يلاحظ وجود تلك الأشياء أو يدرك تلك الحقيقة..
حقيقة القيمة الفعلية للأشياء التي لا تشترى، حقيقة النعم التي نألفها ونتعايش معها ونغفل عن ملاحظة قيمتها الغالية، وثمنها الباهظ -لو صح أن تقدر بثمن-، لكن هناك من يلاحظ ويدرك وينتبه.

وهناك من يبتلى ليلاحظ ويدرك وينتبه، حين يشعر أن تلك الأشياء مهددة بالزوال، فإنه حينئذ يعرف قدرها وقيمتها!

كم من نعمة لا يلقي المرء لها بالاً ولا يعرف قيمتها الحقيقية حتى إذا زالت أو كادت أن تزول علم قدرها وأدرك مدى الثراء والغنى الذي طالما كان يتقلب فيه دون أن يشعر، حينئذ يدرك أن ثمة أشياء لو أنه امتلك خزائن قارون بل وملء الأرض من مثل تلك الخزائن، ثم طلب منه أن ينفقها بكاملها كي لا تنزع منه تلك الأشياء لأنفقها عن طيب خاطر.

من هنا يعي أن قيمة الأشياء ليست بثمنها المادي، ولكن بما هو على استعداد لدفعه طمعًا في استردادها أو أملاً في الإبقاء عليها ومنع زوالها، شيء أنت مستعد لإنفاق مال الدنيا وكنوزها لأجل الإبقاء عليه أو رفع البلاء عنه، أو ليست قيمته في الحقيقة تساوي هذا المال؟!

ضحكة طفلك التي تكاد تتوارى إذا داهمه المرض..
دعوة من قلب أم حانية أو نصيحة مشفقة من والد محب..
راحة بال ولحظات سعادة وصفاء مع أحباب ينعم المرء بقربهم..
عافية وستر، رضا وطمأنينة، سلام وسكينة..

أو ليست تلك أشياء لا تشترى؟!
أو ليست النتيجة معروفة، إذا تفكر من يستمتعون بتلك الثروات السالف ذكرها في الثمن الذي هم على استعداد لدفعه حتى يدوم استمتاعهم بها؟! أو ليست هذه هي القيمة الحقيقة وذاك هو الثمن؟!

لا تتسرع في الإجابة عن تلك الأسئلة قبل أن تتفكر جيدًا وترقب حالك ومآلك، وتتلمس ثروتك الحقيقية التي ستعرفها حين تتخيل القيمة التي أنت مستعد لأدائها، فقط كي تبقى ولا تزول، وأصعب شيء أن تفاجأ بزوالها قبل أن تدرك قيمتها الحقيقية، لذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ من زوال النعمة وفجائة النقمة قائلاً: «اللهمَّ إنَّي أعوذُ بك من زوالِ نعمَتِك، وتَحَوُّلِ عافيَتِك، وفجْأةِ نقمتِك، وجميعِ سَخَطِك» (صحيح الجامع).

إن الحكيم المسدد هو من تفكر في كل ذلك مبكرًا ولم ينتظر حتى تفاجئه النقمة أو يعاجله البلاء فيما يحب، ليعرف حينئذ أنه كان ثريًا لم يرع ثروته حق رعايتها، ولم يقدرها حق قدرها، الحكيم المسدد هو من علم قيمتها قبل أن تزول. 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 2
  • 0
  • 15,535

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً