سلسلة قصصية - سناء نهر روى الكثير بالرغم من عطش السنين
لم تجلس تندب حظها العاثر، ولا فقرها المدقع ولا حرمانها الزواج والأبناء، بل كانت بسعيها لجمع التبرعات تشبع حاجتها وكأنها أغنى الأغنياء، وإذا احتاج أحد الفقراء بيت يأوي عظامه أو سقف يقيه الحر والبرد، كانت تسعى مع رفيقاتها المتطوعات حتى تجمع المال لبناء المنزل أو تسقيفه، ولم تكتفِ بجمع التبرعات فقط، بل أنها ذهبت لأبعد من ذلك كانت تعمل مع عمال البناء في حمل الطوب والزلط والأسمنت حتى يتم تشييد المنزل..
سناء فتاة رقيقة الحال يتيمة الأبوين، ليس لها في هذه الدنيا بعد الله سوى شقيقتها الصغرى..
تحتاج من يمد إليها يده بالمال والحنان، بالرغم من ذلك كانت هي من تمد يدها للجميع بالخير والعطاء.
فاتها سن الزواج فلم تتزوج، وانضمت لإحدى الجمعيات الخيرية؛ لتطرق الأبواب وتجمع التبرعات من أجل اليتامى والمساكين والفقراء، والعاجزين والأرامل..
لم تجلس تندب حظها العاثر، ولا فقرها المدقع ولا حرمانها الزواج والأبناء، بل كانت بسعيها لجمع التبرعات تشبع حاجتها وكأنها أغنى الأغنياء، وإذا احتاج أحد الفقراء بيت يأوي عظامه أو سقف يقيه الحر والبرد، كانت تسعى مع رفيقاتها المتطوعات حتى تجمع المال لبناء المنزل أو تسقيفه، ولم تكتفِ بجمع التبرعات فقط..
بل أنها ذهبت لأبعد من ذلك كانت تعمل مع عمال البناء في حمل الطوب والزلط والأسمنت حتى يتم تشييد المنزل، ويتسلمه المحتاج رافعًا يده بالدعاء، ورضيت سناء بما هي فيه وحمدت الله، ولم تكن البسمة تفارق وجهها، ولكن الحياة فيها أكثر من ذلك..
يزيد غلب سناء غلب جديد وهو الابتلاء بفيروس سي -أو الكبد كما هو مشاع-، وعندما علمت بذلك طرحته أرضًا وكأنه لم يكن، ولم ترض بأن تُحجز في مشفى أو أو معهد للكبد أو غيره، بالعكس ظلت تسير في طريقها، طريق الخير وإعانة الضعفاء دون أن تخضع لأي علاج..
والله أني كنت أنظر إليها وإلى قوتها وصلابتها وأحتقر نفسي، فقد وهبني الله الأب والأم والأخوة والزوج والذرية والعيش الطيب والحمد لله، ولم أكن أبدًا بتلك القوة والعزيمة.. فسبحان من رزقها الصبر على البلاء والآلام سنين طوال حتى غلبها المرض، ووصل إلى مراحله الأخيرة ورقدت في فراشها تصارع الموت، إلى أن سكنت آلامها وفاضت روحها الطيبة..
وعند الصلاة عليها بالمسجد فوجئنا بأن الإمام وهو يدعو لها ويذكر خيرها وعملها لوجه الله يبكيها -وهو الرجل-، ويذكر أنها كانت تعمل عمل 100 من الرجال الأشداء وهو عليهم شاق..
وتحضرني الآية الكريمة: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} [آل عمران من الآية:141]، هذه الآية وقعت في نفسي لأجل سناء أن يجعلها الله من هؤلاء الممحصين عنده، فسبحانه يبتلي المؤمن ليس دائمًا غضبًا منه تعالى، ولكن يبتليه أحيانًا ليرفع درجته ويزيده في الأجر والثواب، فأسأل الله أن يكون ابتلاؤها بالمرض مع ما عانته من حرمان زيادة لها بالأجر العظيم، والمنزلة العالية، وأن يتغمدها عنده في زمرة الشهداء والصالحين وأن تجاور الأنبياء..
فهي تعتبر كافلة لليتامى والمساكين بسعيها على جمع التبرعات لهم.
فاللهم نسألك العمل الصالح الذي يقربنا منك ويرضيك عنا ونسألك حسن الخاتمة.
- التصنيف: