أهمية القلب - [14] عليه مدار الأجر وتفاوته
بل وشهد لأعمال القلوب من قبل هؤلاء جميعاً الصحابي المُعلَّم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حين قال مخاطباً جموع التابعين المجدّين في عبادات الجوارح: "أنتم أطول صلاة، وأكثر اجتهاداً من أصحاب رسول الله، وهم كانوا أفضل منكم"، قيل له: بأي شيء؟ قال: "إنهم كانوا أزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة منكم".
فتتفاوت الأجور في كل عمل حسب محتوى القلوب، ففي الصلاة: قد يصلي الرجلان في صف واحد وبين ثوابهما كما بين السماء والأرض، وقد ينفق الأخوان مبلغاً واحداً فينال أحدهما أجراً واحداً بينما الآخر ينال سبعمائه أجر أو أكثر، وقد يدرك قلبان ليلة القدر فيتضاعف أجر أحدهما عن الآخر أضعافاً مضاعفة، بل حتى في الجهاد؛ ففي غزوة مؤتة لما قتل جعفر أخذ عبد الله بن رواحة الراية، ثم تقدَّم بها وهو على فرسه، فجعل يستنزل نفسه ويتردد بعض التردد، ثم أخذ سيفه وتقدم فقاتل حتى قُتِل رضي الله عنه. قال صلى الله عليه وسلم: «» (مجمع الزوائد، حكم المحدث: رجاله ثقات).
لحظة واحدة من عمل القلب كانت سبباً في تأخر ابن رواحة، ولمحة من طرْف العين أنزلته دون صاحبيه، ليحوز شهادة دون شهادة، وفوزاً دون فوز، وهذ كله من عمل لحظة!! لكنها لحظة قلبية، لكن كيف بمن غرق قلبه الأيام والأعوام في غفلات متتابعات وسكرات متلازمات؟! تُرى كم يتأخر في الجنة؛ هذا إن دخلها!!
لذا أدرك ابن عطاء السكندرى قيمة عمل القلب فانطلق يرسي قاعدة وزن الأعمال، وهي قاعدة سارية المفعول في زمانه وغير زمانه: "ما قلَّ عمل برز من قلب زاهد، ولا كثر عمل برز من قلب راغب".
وأكَّدها يحيى بن معاذ في قوله الأخَّاذ: "مفاوز الدنيا تُقطع بالأقدام، ومفاوز الآخرة تُقطع بالقلوب".
بل وشهد لأعمال القلوب من قبل هؤلاء جميعاً الصحابي المُعلَّم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حين قال مخاطباً جموع التابعين المجدّين في عبادات الجوارح: "أنتم أطول صلاة، وأكثر اجتهاداً من أصحاب رسول الله، وهم كانوا أفضل منكم"، قيل له: بأي شيء؟ قال: "إنهم كانوا أزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة منكم".
- التصنيف:
- المصدر: