بصائر في الانتخابات - (13) خاتمة وخلاصة .. دَعُوها فإنها مُنتنة!!
لا تغترّوا أيها المسلمون؛ فهذه الانتخابات والبرلمانات؛ مجالس شركية كُفريّة طاغوتيّة، تُشرك بالله، وتُحارب دينَه وأولياءَه، وتحكم بقانون بلجيكا وفرنسا وإسرائيل وأمريكا، ولا تحكم أبدًا بشرع الله الذي أنزل.
قد قيل: إنه من الجنون أو الغباء، أن تُكرّر الشيء ذاته، بنفس أسبابه ومُعطياته، ثم تطلب له نتيجة مختلفة.
حقًّا ذاك في غالبه؛ يتجاوز كل جنون، حينما تتنازل يومًا عن مبادئك وأدبياتك، ظنًّا منك أن الزمان غير الزمان، وأن تأخّرك ربما يُكلّف الإسلام والدعوة، الشيء الكثير والخسار المرير، فسارعتَ إلى تكوين حزب، وشاركتَ في انتخابات وبرلمان، وسلكتَ سُبل السياسة وخُبثها، واضطررتَ إلى منافقة كلّ من هبَّ ودبّ، وداهنتَ كثيرًا على حساب دينك وثوابتك، ورفعتَ شعارتٍ رنّانة، جذبتَ بها الأتباع والصالحين، ووثقوا فيك ظنًّا كذلك منهم وتأويلًا، ثمّ ما لبثتَ أن تنكّر لك طاغوت الداخل، وأسياد الخارج، ولم يرضوا عنك، وألصقوا بك كلّ تهمة وفاحشة، حتى استُبيحت الدماء، وانتُهكت الأعراض، وظهر الفساد، وحُورب الدّين وأهله على مرأى منك ومسمع، وفشلَت تجربتك، وتُيقِّن خطأ اجتهادك وتأويلك، وأبى الله إلا أن يكون ذلك؛ عيانًا بيانًا، جهارًا نهارًا، كي لا يبقى لعالِم أو جاهل؛ تأويلٌ أو حجّة.
ثمّ ها أنت ذا؛ تُعاود الكرَّة، وتُخالف السُّنن، وتُعارض المنقول والمعقول، وترفع من جديد نفس شعاراتك الوهميّة، وتُبدي نفس تعلّلاتك المرَضيّة، وشُبهاتك الغويّة، والزمان هو هو، والتجربة نفسها، والمُعطيات كما هي، واللاعبون كما هم، بل قد أبصر كلّ ذي لُبّ وعقل؛ أنهم حاميها وحراميها، وأنهم العدوّ حقًّا وصدقًا ويقينًا، بل زاد الطّين بلّة، أنك هذه المرّة تصطفّ مع الطاغوت وأسياده وعبيده، في خندقٍ واحد، فهل بقي لمشارك في هذه المسرحيّة الانتخابية؛ عذر؟ وهل بقي بعد ذلك تأويل أو شُبهة؟ والله ما بقي إلا الضلال، وماذا بعد الحقّ إلا هو؟
فلا تخدع نفسك والناسَ، بالمكر والحِيلة، وتُعمِّي عليهم الحقيقة المريرة، عبرَ المفاهيم الخادعة، والمُسمّيات الماكرة، فتُلفِّق لهذه المسرحية الانتخابية الطاغوتية؛ مسمّيات غير اسمها، ولباسًا دون لباسها؛ فتارة: مصلحة الدعوة، وثانية: درء المفاسد، وثالثة: المشاركة السياسية، ورابعة: منبر الدعوة، وخامسة: نوع من الجهاد – كما عليه الإخوان -، وسادسة: نُصرة الدّين ورايته ... إلخ. شأنهم في تغيير المسمّيات، وقلب الحقائق؛ شأن إبليس عياذًا بالله، الذي سمّى شجرة المعصية؛ جنة الخُلد.
فلا تغترّوا أيها المسلمون بهذه الحِيَل من جديد، فما بقي لعالِم أو جاهل؛ تأويلٌ أو عُذر؛ فهذه الانتخابات والبرلمانات؛ مجالس شركية كُفريّة طاغوتيّة، تُشرك بالله، وتُحارب دينَه وأولياءَه، وتحكم بقانون بلجيكا وفرنسا وإسرائيل وأمريكا، ولا تحكم أبدًا بشرع الله الذي أنزل.
وقد ذكر ابن القيّم رحمه الله، في إغاثة اللهفان: "من أشار على امرأةٍ بأن ترتدّ، لتَطلق من زوجها؛ فهو كافرٌ بذلك"؛ فكيف بمن يشير على شعبٍ وأمّة، بل ويُقنعهم ويُنظّر لهم ويدفعهم دفعًا، إلى الكفر البواح، عبرَ هذه المجالس والبرلمانات الطاغوتية الشركية؟
وأما فتاوى العلماء السابقين، والذين قضَوا نحبهم؛ فلا يجوز سحبها على هذا الواقع، الذي لم يشهدوه بما جدّ من وقائعه، خاصّةً هذه المسرحية المتكررة في زمنٍ واحد، لم يختلف إلا زيادةً في الكفر والطغيان، فمن كان متأوّلًا بحُجّة من السابقين في زمانه، وكان أهلًا للاجتهاد؛ فأسأل الله أن يتجاوز عنه، وقد اتّبعناه على ذلك حينًا – والله يعفو ويغفر-، أما المعاصرون؛ فليس لهم تأويلٌ يسوغ هذه المرّة، ولا حُجةٌ تُقبَل، لما قدَّمناه؛ وهذه كلّها أحكام الدنيا على ما ظهر؛ وقد يكون أحدهم عند ربّنا في جناتٍ ونهَر.
وختامًا .. أستغفر الله لنفسي وللمسلمين؛ من مشاركاتٍ أو تأييدٍ سبق، وأسأله تعالى الهداية لكلّ مُغرّرٍ به ومن تاب ولحق؛ والقول ما قال الله: {فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ} [البقرة:275]؛ والله يغفر ويرحم، ويتوب ويعفو.
- التصنيف:
- المصدر: