بين الأعلام و مرجئة السلطان - علماء ووُلاة .. بين الأمس واليوم !

منذ 2016-01-05

علماء ووُلاة .. بين الأمس واليوم !

ذكر ابن عبد البرّ رحمه الله، في التمهيد :
* قال الفضيل بن عياض رحمه الله:
( ربَّما دخل العالِم على السلطان، ومعه دينه، فيَخرج وما معه منه شيء .. قالوا: كيف ذلك ؟!!
قال: يَمدحه في وجهه، ويُصدّقه في كذبِه ).
* قال ابن المبارك رحمه الله:
( لا تأتهم .. فإن أتيتهم؛ فاصْدُقهم ... وأنا أخاف ألا أصْدُقهم ).

قال الخطّابي رحمه الله -مُعلِّقًا-، في كتابه العُزلة :
( ليتَ شِعري !
من الذي يدخل إليهم اليوم، فلا يُصدّقهم على كَذبهم ؟!
ومن الذي يتكلم بالعدل، إذا شهد مجالسَهم ؟!
ومن الذي ينصح .. ومن الذي ينتصح منهم ؟!
إنه أسلم لك يا أخي في هذا الزمان، وأحوط لدينك؛ أن تُقِلّ من مُخالطتهم، وغشيان أبوابهم ).

قلتُ :
يَرحم الله السادة الأكابر !
الذين بَلغوا من الزهد، والصلابة في الدين؛ مبلغًا كبيرًا مُعظَّمًا !
فابن المبارك على جلالته ( متوفَّى: 181هـ ) .. يخشى على نفسه، منافقة الحاكم ومُداهنته !
والخطّابي على علوّ مكانته ( مُتوفَّى: 388 هـ ) .. يرى فساد الأحوال في زمانه، ويرى السلامة بعدم مخالطتهم !
كلّ ذلك .. والخلافة الراشدة قائمة، والأئمة عُدولٌ في الجملة، والعلماء متوافرون، والدّين مَصون، والحُرمات محفوظة، والإسلام عالٍ!
فكيف اليومَ بنا .. وما آل إليه أمرُنا ؟!!
وقد تفرَّق المسلمون أيادي سبأ، وملَك أمرَهم  طغاة، أفسدوا عليهم دينهم ودنياهم، وحاربوا الدين، وقتلوا أهلَه، ووالَوا الكافرين أعداء الله ورسوله، وعادَوا أولياءَه والمُجاهدين من عباده، وحَكموهم بغير ما أنزل، وشرَعوا لهم ما لم به يأذَن !

ومع ذلك وأضعافه :
فسد خلقٌ كثير، ممن ينتسبون إلى العلم والدّين، ونافقوا وداهنوا، وآثروا سلامة دنياهم، على جراح دينهم وضياع أخراهم، ومكّنوا للقتلة الفجرَة، وناصروا الطغاةَ الظلمَة، وفرحوا بالمتاع القليل !
ولَيتَ الطواغيت قد اضطروهم لذلك !
وإنما فعلوا .. مُتطوّعين، مُتنفّلين، طامعين، مُتزلّفين !
فإنَّا لله .. ولا حول ولا قوّة إلا به !
وله الحمد أولًا وآخرًا .. فلن تخلوَ أرضُه .. من قائمٍ له بحُجَّة !
{ وإن تتولَّوا يَستبدل قومًا غيركم }.
فاخْتَر لنَفسِك، ولا تَغرنَّك العاجلة .. فانتقامُ الله آتٍ، وكلّ آتٍ قريب !
 

أبو فهر المسلم

باحث شرعي و أحد طلاب الشيخ سليمان العلوان حفظه الله

  • 0
  • 0
  • 994
المقال السابق
مَكمَن الداء عند الأفراد والجماعات !
المقال التالي
كلمةُ حقّ من شكيب أرسلان

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً