أنت أعلمُ حيثُ تَجعل رسالتَك!
ياربّ ثبِّتنا بالناصِحين.. أنت أعلمُ حيثُ تَجعل رسالتَك!
رُوي عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: "كنتُ كثيرًا أسمع والدي يقول: رحم الله أبا الهيثم، غفر الله لأبي الهيثم، عفا الله عن أبي الهيثم!
فقلت: يا أبَه .. من أبو الهيثم؟!!
قال: ألا تعرفه؟!
قلت: لا
قال: أبو الهيثم الحدّاد .. اليوم الذي أُخرجتُ فيه للسّياط، ومُدّت يداي للعقابين، إذا أنا بإنسان يَجذب ثوبي من ورائي ويقول لي: تعرفني ؟! قلت: لا
قال: أنا أبو الهيثم العيّار .. اللصّ الطرّار .. مكتوب في ديوان أمير المؤمنين؛ أني ضُربتُ ثمانية عشر ألف سوط بالتفاريق! وصبرتُ في ذلك على طاعة الشيطان لأجل الدنيا.. فاصبر أنت في طاعة الرحمن لأجل الدين".
انظر: صفة الصفوة لابن الجوزي
قلتُ: وها هنا فائدتان كريمتان:
أما الأولى:فما أحوجنا إلى مثل هذا الناصح الأمين، وإن كان ممّن لا يُؤبَه له، ولا يُلتفَت إلى مثله، فاللهُ أعلم حيث يَجعل رسالتَه! فكَم كان لنصيحة هذا اللصّ التائب - نحسبه -؛ من أعظم البركة والأثر، على قلب الإمام وتثبيته!
لذا.. كان الإمام يتعاهده بالدعاء، ويُكثِر التَّرحُّم عليه! فياربّ لا تحرمنا الأمناء الناصحين، الذين يُقوّمون، ويُسدّدون، ويُثبّتون!
والفائدة الثانية: فلئِن كان أهل الباطل والمعاصي، أصبر وأجلد .. على تحمّل الألم والسياط والضُّر؛ في طاعة الشيطان لأجل الدنيا؛ أوَليس أجدر بأهل الحقّ والإيمان؛ أن يكونوا أجلد وأصبر، على تحمّلها في سبيل الله، لأجل الآخرة؟!!
فاللهمّ عافنا ولا تَبتلنا .. ومتى ابتليتنا؛ فصبّرنا وثبّتنا على الحقّ، ولا تُزغ قلوبَنا بعد إذ هديتنا!
- التصنيف: