مقومات طالب العلم - قِبلة طالب العلم، مع الآراء والنصوص والمذاهب..!
كلَّما كان العالِم للكتاب والسنَّة أتبَع وأفهَم؛ كلما كان له من القَبول وجميل الأثَر، على قَدْر ذلك، وكلَّما كان عنهما أبعَد؛ كلّما غابَ أثرُه على قَدْر ذلك.
قال قوّام السُّنة أبو القاسم الأصبهاني رحمه الله، في كتاب الحُجَّة: "وأما أهل الحقّ .. فجعلوا الكتاب والسنة إمامهم، وطلبوا الدّين من قِبلهما، وما وقع لهم من مَعقولهم وخواطرهم، عَرضوه على الكتاب والسنة، فإن وجدوه موافقًا لهما؛ قَبلوه، وشكروا الله حيث أراهم ذلك، ووفَّقهم إليه.
وإن وجدوه مخالفًا لهما؛ تركوا ما وقع لهم، وأقبلوا على الكتاب والسنة، ورجعوا بالتُّهمة على أنفسهم، فإن الكتاب والسنة لا يَهديان إلا إلى الحق، ورَأي الإنسان قد يَرى الحقّ، وقد يَرى الباطل".
قلتُ:
فيَا طالب العلم .. هذه قِبلتُك مع النصوص الشَّرعية، وفِقهها، ومسائلها، والتعامُل معها!
إمامُك في جميعها؛ الكتابُ والسنَّة لا الهَوى وآراء الرجال.
فإن آراءك وآراء الرجال؛ يُستدَلّ لها، لا يُستدلّ بها بإطلاق، ويُحتَجُّ لها، لا يُحتَجّ بها بإطلاق، فهي في نفسها؛ ليسَت الحُجَّة ولا المَحجَّة، ولا هي قاضية على نصوص الشَّرع.
إنما الحُجَّة والمَحجَّة .. في الكتاب والسُّنة لا غير، فتفهَّم ذا .. هُديتَ إلى الخير!
وأما آراء الرجال، واجتهادات العلماء؛ فالأصل أنها تبَعٌ للكتاب والسُّنة، لا أنها مُستقلَّة عنهما؛ لأنها مجرّد فَهمِهم لهما، وإعمال لفِكرهم في استنباط أحكامهما وتشريعاتهما.
لذا .. فإن اختلافهم نفسَه كاختلاف غيرهم، يُرَدّ إلى الكتاب والسُّنة، كما قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء:59].
فليسَت أقوالهم من الخطأ مَعصومة، ولا من السَّهو والغلَط مأمونة.
وكلَّما كان العالِم للكتاب والسنَّة أتبَع وأفهَم؛ كلما كان له من القَبول وجميل الأثَر، على قَدْر ذلك، وكلَّما كان عنهما أبعَد؛ كلّما غابَ أثرُه على قَدْر ذلك.
فعليك بلزوم الربَّانيين من العلماء، المُشتهِرين بالاتباع لا الابتداع، العالِمين العامِلين، المُقتَفين أثَر النبيّ وصَحبه والتابعين .. فأولئك الذين هَداهم الله، فبِهُداهم اقتدِه.
- التصنيف: