جروحٌ القلب!
تظن أن الله اختارك وأعطاك من نعمه لأنه يفضلك ومنع غيرك لأنه يعاقبهم؟!!
كانت البنات تلعب في الحديقة الواقعة في الحى "الراقي"، أعرفهم جيدا وكثيرا ما أشاهدهم من نافذة غرفتي ... حدث بينهم خلاف عادي من خلافات الأطفال، قامت بنت لاتتعدى الثماني سنوات بدفع بنت أخرى تقاربها في السن بقوة ثم بدأت تهينها بألفاظ مؤلمة والبنت ساكتة ولاترد ودموعها تسيل رغما عنها!!
كانت البنت تقول لها "انتى ناسية إنك بنت البواب! ولا عشان خليناكى تلعبي معانا! شوفي لبسك وشكلك وريحتك!!" البنت لم ترد وانسحبت إلى العمارة التى يعملون فيها في هذه المواقف لا أتمالك أعصابي وكان لابد من التصرف مع أهل البنت التي تحتاج إلى إعادة تربية وبالتأكيد أسرتها هى مصدر كلماتها الجارحة، وقمت بما يمليه على ضميري ... !
ولكن مشهد البنت المسكينة ونظرتها المنكسرة ودموعها الصامتة مازالت تؤرق خيالي وتتعب قلبي المنهك! كثيرا مارأيتها وهى عائدة من مدرستها في سيارة نصف نقل مفتوحه، تحملها مع غيرها إلى غرفهم الضيقة وأحلامهم البسيطة الساكنة في قلوبهم الصغيرة! هي "إنسانة" لها مشاعرها وأحلامها المشروعة! تظن أن الله اختارك وأعطاك من نعمه لأنه يفضلك ومنع غيرك لأنه يعاقبهم؟!!
لا والله، إنه الإختبار والبلاء والسؤال الطويل المفزع بين يدى الله! علم أولادك التواضع وحسن الخلق، وعلمهم أن الكلمات تؤلم وتجرح وتذبح! وعلمهم أن من أعطى قادر -ولاشك- أن يمنع، وأن الأيام متقلبة ولاشئ يدوم ... وأن من تواضع لله 'بصدق' رفع الله قدره ومن تكبر على خلقه وبغى أذله الله وأذاقه من نفس الكأس ولو بعد حين ... نعم ياصديقي، ولو بعد حين!!
||
عن "المنع" و "العطاء"، وعن الأسئلة المرعبة!
- التصنيف:
- المصدر: