وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ
منذ 2016-03-22
{وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُون} [المؤمنون:76]
- ما يحدث في مصر من نوازل ومصائب متتابعة لا أظنه أمرا مألوفا ولا طبيعيا، وطوال عمري لم أسمع ولم أر مشاهد أمطار وغرق وانقطاع طرق وتهدم بيوت وقرى وموت أناس غرقا أو صعقا بهذا الشكل قط.
- ومن الأشياء المقلقة واللافتة للنظر ضعف العمل الخيري والإغاثي، ومد يد العون للمبتلين والمصابين، خلافا لما كان يحدث من قبل حيث كان الناس يتكاتفون وينتشر أهل الخير، وقد حدث في زلزال التسعينيات نماذج مشرفة، وأخشى أن التجريف قد امتد لجذور المجتمع وأخلاقياته، ولأهل الخير وللجمعيات الخيرية وما عاد باقيا من يقوم بتلك الواجبات الكفائية.
- والناس عند حلول مثل هذا النوع من البلاء أصناف فمنهم من لا يبالي ولا يعتبر بل لسان حاله ومقاله أن هذه أمور عادية، وظواهر فلكية ومناخية، حدثت قديما وتحدث الآن ولا تخلو أمة منها، ومثلهم مثل من قالوا: {قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ}[الأعراف:95]
- وأما الموفق فيعلم أن الله يرسل تلك الآيات والقوارع؛ تخويفا للعباد: {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا}[الإسراء:59]؛ وكي يرجعوا لربهم ويتوبوا عن غيهم وظلمهم: {لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم:41]؛ وكي يضرعوا له سبحانه ويسألوه الرحمة والعافية: {أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُون}[الأعراف:94].
- وأخطر شيء أن تمر تلك الزواجر والآيات والعبر بلا استكانة ولا تضرع ولا توبة ولا إنابة، وإنما سخرية وضحك، ومجرد تتبع للأخبار، وقلة مبالاة أو اعتبار، فنكون حينئذ كمن وصفهم الله سبحانه: {فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُون} [المؤمنون:76]
- وإذا فتشت عن سبب كل بلاء ومصيبة فاعلم أنه الظلم، والبغي، والفساد، وسفك الدماء؛ {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا}[يونس:13]؛ {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا} [الكهف:59]؛ {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [النمل:52].
- والظلم مؤذن بخراب العمران، وسبب لانهيار الدول والممالك، والله سبحانه لا يقيم الدولة المسلمة إذا كانت ظالمة، وربما كانت الدولة كافرة فتستقيم أمورها زمانا لشيوع العدل، والأخذ بالأسباب الدنيوية.
فما بالنا بدولة جمعت ظلما، وفسادا، وقلة كفاءة، وخراب ذمم، وإسناد الأمر لغير أهله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
- التصنيف: