شذور الذهب من ذكرى سَفْرَة عجَب - (11) بين السماء والبحر

منذ 2016-04-11

بعد انتهاء السحور، صلينا الفجر جماعة في البكور وكان النوم حينها أعز شيء، طلبناه بعد أن تدثرنا بكل ما استطعنا التماسا للدفء، وفي وقت الضحى انتبهت من نومي، فإذا بضجة ونقاش يدور من حولي ...

{رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ​} [آل عمران:191]. 

تقول صاحبتنا:

بعد انتهاء السحور، صلينا الفجر جماعة في البكور وكان النوم حينها أعز شيء، طلبناه بعد أن تدثرنا بكل ما استطعنا التماسا للدفء، وفي وقت الضحى انتبهت من نومي، فإذا بضجة ونقاش يدور من حولي.

- قالت إحدى الأخوات: "هيا أيتها الرفيقات، نتأمل جمال البحر والسماوات".

ثم أتمت بانفعال: "منذ ساعة لم أكف عن التأمل والتجوال، هيا تأملن البحر، فهناك متسع لمن أرادت التأمل على السطح!" فقمن جميعهن على عجل، بينما ثبتني في مكاني شديد  الوجل! فألححن عليّ كي أذهب معهن، وأبين أن يتركنني خلفهن!

فاضطررت إلى الموافقة، وكانت عنوة تلك المرافقة، وحين وصلنا إلى الشرفة، تملكهن جميعًا شديد ابتهاج وفرحة، بينما ملأ قلبي الوجل، ولم أستطع الفرار على عجل!

وهيهات ثم هيهات أن أحول دون هطول الدمعات، وقفت أنظر إلى السماء من فوقي، ثم أرد إلى ذلك البحر بصري!

إن السماء، والجبال، والبحر العباب تورثني رؤيتهم خشية واضطراب، فكم  كنت أتجنب تأمل تلك المخلوقات على البر، فهل تتصورون حالي وأنا أفعل وسط البحر، لا شيء إلا البحر والسماء على آخر حدود مرمى البصر في كل الأنحاء!

يا إلهي: بعُد واختفى كل أثر ليابسة، وأنا من السباحة يائسة!

ردد في قلبي: سبحان من أجرى في بحره الفلك، بينما يغرق مسمار ولو دق في العمق!

ومن منا لا يخشى الموت، و لكن عظم قدرة الله في الخلق، تملكني شعور بالذل والضعف الشديد، منزوعة القوة، والحول عني بعيد!

وحضرني قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ . وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ . وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ . وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ . إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ . أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ . وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ} [الشورى:29-35].

وحينها زاد اضطراب قلبي واقشعر من معنى الآيات بدني؛ وقف لذكرعظيم خلق الله شعري، فوليت من المكان فرارًا، وأنا أردد مرارًا وتكرارًا: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ​} [آل عمران:191].

ويتبع بإذن الله.

أم هانئ

  • 1
  • 0
  • 3,956
المقال السابق
(10) وحدث في وقت السحر
المقال التالي
(12) توضأنا بثلثي مد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً