هل لي من توبة؟ (قصة)

منذ 2016-07-31

من علم الله منه صدقًا يسر له سُبُل التوبة والهداية.

كان هذا رجلٌ في بني إسرائيل، بلغ به الشر مبلغًا عظيمًا وتمكَّنَ الشيطان منه، وسيطرَ على عقله ولُبِّه، فتمادى في الفساد والطغيان والضلال، حتى أنَّه قتل تسعةً وتسعين نفسًا كلها يقتلها ظلمًا بغير حقٍّ.

ولك أن تتخيل أيها القارئ عِظَمَ الذنبِ الذي اقترفه ذلك الرجل حين تخشعُ لقول الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93].

هذا فيمن قتل مؤمنَا واحدًا، فما بالك بمن قتل تسعةً وتسعين نفسًا؟ و{مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ} [المائدة: 32].

ومع هذا فقد عَرَضت له التوبة، وخطر له أن يرجع إلى ربه جل في علاه، طامعًا في رحمته، راجيًا مغفرته؛ إذ هو القائل جلَّ شأنه: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].

فمهما عظُمَ الذنبُ فرحمة الله أعظم، ومهما كبُرَ الإثم فعفو الله أكبر، «فإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا» (رواه مسلم).

إنك ترى الرجل قد أسرف على نفسه في الذنوب؛ فتظنه من الهالكين، وقد كتبه الله من المرحومين المعتوقين.
فلا تيأس من هداية أحدٍ مهما عظُم ذنبُه؛ فقلبه بيد ربِّه، وقد قال الله تعالى: {أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا} [الرعد: 31].

ولِعِلْمِ الرجلِ بعِظَمِ ما ارتكب سألَ الناس عن أعلم أهل الأرض في زمانه ليسأله: هل إذا تاب يتوب الله عليه؟ لأن الله يقول: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]. فهو لا يريد طالب علمٍ صغير، بل يريدُ أعلم العلماء، وأحكم الحكماء من أهل الأرض.

غير أنَّ عوامَّ الناس كانوا قد اختلط عليهم الحابل بالنابل، والتبست عليهم الأمور؛ فلم يميّزوا بين العالم والعابد، واستوى عندهم الجميع مادام اللباس واحد. ونسَوْا أن فضل العالم على العابد لا يداينه فضلٌ، هو كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب؛ فإنَّ العلم يُنِير للناس في سيرهم، ويأخذُ بأيدهم إلى ربِّهم.

فدلَّه الناسُ على راهبٍ عابدٍ، قد اعتزل الناس وترك دنياهم، وبنى صومعة يتعبدُ لمولاهم. قال تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد: 27].

أعدَّ الرجلُ عدَّته، وتهيَّأَ للذَّهَاب إلى ذلكم العابد الذي ظنَّه الناس عالمًّا. ذهب إليه يرجو الله أن يجعلَه في عِداد التائبين، وأن يركب سفينة النجاة فيكون من الفائزين، داعيًا الله أن يمنَّ عليه بالهداية والإنابة؛ فهو سبحانه {يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: 142].

دخل التائب على الراهب في صومعته. وكأنِّي به قد رأى رجلًا خاشعًا خاضعًا، وظن أنَّ عنده الشفاء والدواء، قد جاءه خائفًا وجلًا يخشى أنْ يسأله فيقول له: ليس لك توبة. لكنَّه أجمعَ العزمَ على السؤال، طالبًا من الله التيسير والتوفيق. فقال له بجرأةٍ وثباتٍ: إنَّه قتل تسعةً وتسعين نفسًا، كلَّها يقتلُها ظلمًا، بغير حقِّ، فهل تجد لي مِن توبة؟
فزع الراهب وخاف. وكأني به قد احمرَّت وجنتاه، وانتفخت أوداجه من شدة الهلع، وارتعدت فرائصه، وتخيل بشاعة الذنب؛ فصاح به قائلًا: لقد قتلتَ تسعةً وتسعين نفسًا فليست لك توبة!!

كيف ذلك؟! تقتلُ مائة نفسٍ إلا واحدة، وتريد التوبة؟! هذا من العجائب، بلا ريبٍ ليست لك توبة، هذا لا يحتاج إلى سؤالٍ، ولا عالمٍ. هكذا ظنَّ العابد المسكين، وغَفَلَ عن سعة رحمة الله التي وسعت كلَّ شيء؛ «فإن اللَّهَ عز وجل كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الخَلْقَ: "إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي"؛ فَهُوَ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ» (رواه البخاري).

سمع الرجلُ كلامَ الراهبِ، ولم تصدقْ أذناه ما سمع، وتقلَّصت شفتاه، وشخَصتْ عيناه، وطاش عقله من رأسه، وتحجَّر قلبه، وكان وقع الكلام عليه كالصاعقة المحرقة. فانتضى سيفَه [1]، واستلَّ حسامَه، وهوى به على رأسِ الراهب فأرداه قتيلًا، وأسقطه صريعًا، وأكمل به تمام المائة.

ورجع والخيبة على جِباه، والحزن لا يفارقُ عيناه.

وقتلَ الراهبَ جهلُه وسوءُ فهمِه وحمقه - غفر الله له ورحمه - وصارَ مثلًا وعبرةً على فظاعةِ الجهل وقبحه وشرِّ عاقبته. وكما قيل: لسان الجاهل مفتاح حتفِه – يعني موتَه.

مكث الرجلُ ما شاء الله له، ثم عَرَضَتْ له التوبة؛ فلقد سَئِم حياة المعصية، وأبغض قلبُه الذنوبَ، وعزمَ على التوبة لعلام الغيوب. وأرادَ أنْ يتداركَ أمرَه؛ علَّ الله يمحوَ زلاتِه، ويغفر خطيئاتٍه. لقد سعى إلى التوبة صادقًا، والله موفقه ومسدده. {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا} [التوبة: 118].

خرجَ الرجلُ من دياره، فسأل الناسَ عن أعلم أهل الأرض قاطبةً، فدلَّه بعض الصالحين ممن هداهم الله إلى معرفة الحق وتمييزه عن الضلال على رجلٍ عالمٍ. قد فتحَ الله عليه من المعارف، وأفاض عليه بعلمٍ سديدٍ، وفقهٍ رشيدٍ.
سأل التائبُ العالمَ بقلبٍ وجٍلٍ:
إنَّه قتل تسعةً وتسعين نفسًا، كلَّها يقتلُها ظلمًا، بغير حقِّ، فهل تجد لي من توبةٍ؟  
فقال العالم الذي تنطق الحكمة على لسانه: لئن قلتُ لكَ: إنَّ الله عزَّ وجلَّ لا يتوبُ على مَن تابَ لقد كذبتُ؛ ومن يحولُ بينك وبين التوبةِ؟

الله أكبر! لقد جاء الفرج؛ إن الله يتوب على من تاب، {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [الشورى: 25].

مهما فعل العبد من ذنوبٍ وآثامٍ فرحمة الرحمن واسعة، من أقبل على الله صادقًا قَبِلَه الله. {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 39]. {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82].

فَرِحَ الرجلُ، واستنارَ وجهُهُ، وزاد تفاؤله. نعم، فالعلمُ حياةُ القلوب من عمى الجهل، ونورُ الأبصار في سير الظلام، وشفاء الصّدور من عليل الذنوب، ودليل المتحيّرين، ولولا العلماء لصار الناس كالبهائم السائمة، لا تعرف طريقًا، ولا تهتدي سبيلًا.

كان سؤال الرجل: هل لي توبة؟ لكن العالم لذكائه وحسن فهمه دلَّه كيف يتوب؟  فقال له: أخرج من القريةِ الخبيثةِ التي أنت بها، وائت قرية كذا وكذا فإنَّ بها أناسًا يعبدون الله، فاعبدِ اللهَ معهم؛ لعلَّ الله يتوبُ عليك، ولا ترجعْ إلى أرضك؛ فإنَّها أرضُ سوءٍ.

كانت توبة هذا الرجل – كما نصحه العالم - أنْ يترك َأرضَ السوءِ، ويدعَ هؤلاء الناس الذين سكتوا عنه فلم يعظوه، وكادوا يردون به إلى الهاوية، لولا العناية الإلهية، والمنحة الربانية.

انطلق الرجلُ مسرعًا، وولَّى مدبرًا، ما تراخَى، وما توانى، وما قال: غدًّا أتوب أو بعد غدٍ، وإنما ذهب إلى أرض الصلاح التي دلَّه عليها العالم، وبعُد عن أرض السوء.

يا مَنْ يُعِدُّ غدًا لِتَوْبَتِهِ *** أَعَلَى يقِينٍ مِنْ بُلُوغِ غَدِ

المَرْءُ فِي زَلَلٍ عَلَى أَمَلٍ *** وَمَنِيَّةُ الإنْسَانِ بَالرَّصَدِ

أيَّامُ عُمُرِكَ كًلُّهَا عَدَدٌ *** وَلَعَلّ يوْمَك آخرُ العَدَدِ

انطلق الرجل تائبًا، حتى إذا كان في منتصف الطريق وافته المنية، ومات. {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [ق: 19]. فاختصمت فيه ملائكة العذاب وملائكة الرحمة، أيهم أحق به؟
قال إبليسُ لعنه الله: أنا أولى به؛ إنه لم يعصني ساعة قط.
وقالت ملائكةُ العذابِ: إنه لم يعمل خيرا قط!!
قالت ملائكة الرحمة: إنه جاء تائبا مقبلا بقلبه.

فبعثَ اللهُ مَلَكًا على صورة آدميٍّ، فاختصموا إليه وجعلوه بينهم حَكَمًا، فقال لهم: قيسوا ما بين الأرضين، فإلى أيّهما كان أدنى فهو لها، فألْحِقُوه بها.

كان الرجل أقرب إلى أرض السوء، لكنَّ الله لمَّا علِم منه صدقًا وإخلاصًا حرك الأرض لأجله؛ فأوحى الله إلى القرية الخبيثة التي خرج منها أن تباعدي، والى القرية الصالحة التي قصدها أن تقرَّبي.
فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد بشبر؛ فألحقوه بأهلها رحمه الله.

وهكذا أنجى الله عبده التائب لمَّا أقبل إليه صادقًا، مخلصًا، راجيًا، مخبتًا، منيبًا. {وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابً} [الفرقان: 71].

وكان الله معه بتوفيقه إلى سبيلِ الحق وطريق الرشاد، فإنه جل شأنه يقول: «مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِذَا أَقْبَلَ إِلَيَّ يَمْشِي أَقْبَلْتُ إِلَيْهِ أُهَرْوِلُ» (رواه البخاري).

ولولا مبادرة هذا الرجل ومسارعته بالتوبة والأوبة لولت الأيام مدبرات وما تاب وهلك على العصيان فشقي في دنياه وأخراه.

وهذا نصُّ الحديث عن نبينا صلى الله عليه وسلّم:
أخرج البخاري ومسلم [2]، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قال: "لَا أُحَدِّثُكُمْ إِلَّا مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِيٍ" إنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلّم قَالَ: «كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ [فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ] رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا [ثُمَّ عُرِضَتْ لَهُ التَّوْبَة]، فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: لَا، "بَعْدَ قَتْلِ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ نَفْسًا؟ [حم:فانتضى سَيْفَهُ] فَقَتَلَهُ، فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً. [حم: ثُمَّ إِنَّهُ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ عُرِضَتْ لَهُ التَّوْبَةُ] فسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ؟ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللهَ فَاعْبُدِ اللهَ مَعَهُمْ، وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ؛ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ. فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ. وفي لفظٍ: ثُمَّ خَرَجَ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَى قَرْيَةٍ فِيهَا قَوْمٌ صَالِحُونَ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَنَأَى بِصَدْرِهِ [خ: نَحْوَهَا]، ثُمَّ مَاتَ. فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ، فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ: جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى اللهِ. [حم: "فَقَالَ إِبْلِيسُ: أَنَا أَوْلَى بِهِ لَمْ يَعْصِنِي سَاعَةً قَطُّ]. وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ: إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ. [حم: "فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ مَلَكًا] فَأَتَاهُمْ ملك فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ، فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ: قِيسُوا مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ، فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ. وفي لفظ: "فَأَوْحَى اللهُ إِلَى هَذِهِ: أَنْ تَبَاعَدِي، وَإِلَى هَذِهِ: أَنْ تَقَرَّبِي". فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ بِشِبْرٍ [خ: "فَغُفِرَ لَهُ]، فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ» .

الدروس والعبر المستفادة من هذه الخبر:

  • مهما عظم ذنبك فباب التوبة مفتوح.
  • لا تيأس من هداية أحد، مهما كان ذنبه، فقلبه بيد الله.
  • إذا أردت السؤال عن أمر دينك فاجتهد في البحث عن عالم رباني.
  • عامة الناس غالبا ما يختلط عليهم العالم بشبه العالم.
  • فضل العالم على العابد فضل عظيم.
  • الجهل وقلة الفطنة والذكاء يضر بصاحبه في دينه ودنياه.
  • لا تؤخذ أحكام الدين بالهوى والعقل.
  • إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا شرح صدره للتوبة والهداية مع كثرة العقبات.
  • كلام العلماء شفاء ودواء.
  • رحمة الله تعالى واسعة.
  • من ذكاء العالم المفتي أن يدل المستفتي على ما فيه نفعُه وصلاحُه وإن لم يسأله.
  • كانت توبة هذا الرجل أن يترك أرض السوء وأهلها؛ لأنهم سبب في ارتكابه المعاصي.
  • بادر بالتوبة ولا تسوف؛ فقد يأتيك الموت بغتة.
  • من علم الله منه صدقًا يسر له سُبُل التوبة والهداية.

--------------------------
[1] انتضى السيف إذا أخرجه من غمده.
[2] أخرجه البخاري (3470) ومسلم (2766)، وأحمد (3/ 20، 72)، وابن ماجه (2622)، وهذا سياق مسلم، وما بين القوسين عند من ذكرتهم بإسناد صحيح.

أبو حاتم سعيد القاضي

طالب علم وباحث ماجستير في الشريعة الإسلامية دار العلوم - جامعة القاهرة

  • 9
  • 0
  • 68,216

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً