إحذر هذا العالَم

منذ 2016-10-21

محاولة التفكير في الامور الغيبية لا يعود المرء منها إلا بإجهاد العقل وإرهاقه دون جدوى، وخاصة أنه غير مأمور إلا بإشغال نفسه إلا بما أوجب عليه من تكاليف؛ لأنه لن يحاسب إلا على ذلك.

العالم المطلوب الحذر منه هو عالم الغيب الذى منه عالم الجن وعالم الرؤى والأحلام وعالم البرزخ والآخرة والسحر وكل ما يخرج عن عالمنا المحسوس، فمحاولة التفكير في الامور الغيبية لا يعود المرء منها إلا بإجهاد العقل وإرهاقه دون جدوى، وخاصة أنه غير مأمور إلا بإشغال نفسه إلا بما أوجب عليه من تكاليف؛ لأنه لن يحاسب إلا على ذلك.

 أما عن عالم الجن فمتصل به ممارسو السحر الذين يعتمدون على الجن فى عمل الأعمال لأنهم لا يدخلون هذا العالم إلا عن طريق ارتكاب أعمال كفرية مخرجة من الملة، وبناءً عليه فكل من يتصل بهم أو يتعامل معهم أو يطلب معاونتهم فهو مثلهم متعاون معهم؛ ليس على الإثم والعدوان فحسب بل على أعمال كفرية فإذا كان كل ما يطلبه فيه إضرار لأحد فقد ارتكب عظيمًا لأن الغاية شيطانية والوسيلة كفرية! وهذا الباب من أبواب الفتن العظمى فى الدنيا إذ يحاول الإنسان التدخل في القدر وذلك محاداة لله جل وعلا، وفي الأخير لن تشاؤوا إلا أن يشاء الله، لكن الخسران المبين هو عاقبة هذا الفعل خاصة أن الدافع لمثل هذه الممارسات هو حفنة من أمراض القلوب التي يكفى كل واحد منها على حدة للبوء بغضب الله والعياذ بالله ،على رأسها فساد العقيدة لأنه ظن القدرة فى غير الله وأشرك به إذ استعان بغيرالله بل بأعداء الله وهم السحرة والعرافون، أما بقية الأمراض فهى تابعة لهذا الفساد مثل الحسد والغل والحقد والبغض وكل المشاعر التى يمقتها الله ورسوله.

والصنف الثاني ممن يلجأ إلى هؤلاء السحرة هم الذين يلتمسون مصلحة لأنفسهم أو منفعة ، ولو وقفوا بباب العلي القدير الكريم المنان وساروا على هدى نبيه صلى الله عليه وسلم لأنهمر عليهم الخير من كل مكان لكنهم سلكوا الطريق الخطأ حيث لجأوا إلى أبواب المعصية.

 ولقلة اتصالى بمن يسلكون هذه الطرق فاذكر حالتين فقط قد لجؤوا إلى هذه الطرق لالتماس المنفعة

الحالة الأولى كانت لعروسين قاما باللجوء إلى هؤلاء السحرة لعمل ما يسمى (بالأحجبة) التماسًا للمحبة ودرءا للحسد ولا أدرى سوى أنهم طلقا بعد بضع سنين من زواجهما.

أما الحالة الثانية فكانت لزوجين وقد التماسا الذرية عن طريق اللجوء إلى هؤلاء السحرة بعد تكرار وفاة المواليد لديهم؛ ومنذ أن رزقا بالولد لم يشعرا بالراحة والهناء أو بما يقر الأعين وإنما مكابدة مستمرة مع هذا الولد إلى يومنا هذا.

أما الفريق التائه الحائر الذى يلجأ إلى المشعوذين المحتالين عسى أن ينقذهم من مس أصاب أحدهم أو هكذا تصور فإنه يدخل متاهة طمع هؤلاء المحتالين، ولا يدرى كيفية الخروج منها وهذا لا يعنى أننا ننكر ما أثبته الله من وجود الجن وحدوث المس لكن ما ننكره هو الهوس الذى يصيب كثيرا من الناس تصورا منهم أن الجن هو المتحكم فىهم وليس رب الكون، وأن كل ناعق يدعى قدرته على التعامل مع الجن وإخراجه من بدن ممسوس كما يزعمون فأصبحت تجارة رائجة مما حدا بكثير من القنوات الدينية إلى هذا التوجه الجديد وهو دعوة مثل هؤلاء الحيارى الذين يعانون فى أغلب الظن من اضطرابات نفسية إلى طرق أبواب العيادات النفسية حتى لا تسيطر عليهم مثل هذه الأفكار التى تلجئهم إلى أهل الدجل والشعوذة وأنا اذكر قصة امرأة عزيزة كانت على أبواب السقوط فى هاوية اللجوء للمشعوذين بعد أن أصيبت بصدمة نفسية عنيفة بسبب الخيانة والغدر من بعض المقربين محل ثقتها وتقديرها، ولما كان أهلها وذووها على درجة معينة من الثقافة؛ فلما خيروا بين معالجة الأمر على أنه مس أم صدمة نفسية لجؤوا إلى الطب النفسى و بقليل من الأقراص الدوائية والدعم الاجتماعي استعادت قوتها كاملة و كانت ممن تفوقن فى مجال الدعوة، وما أكثر من يتعرض لأزمات نفسية ويفضل عرض نفسه على هؤلاء الدجالين عن الاعتراف بوجود مشكلة نفسية لديه فتكون النتيجة الدخول فى دوامة لا خروج منها. وحسبنا من ذلك قوله تعالى:  {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} [الجن: 6]

وقد ورد في التفاسير أن معنى الأية الكريمة أن الإنسي الذي يلجأ إلى الجن بدلا من اللجوء إلى العلي القدير لا يزداد بذلك ألا ذعرا وخوفا.

نسأل الله العافية.

سهام علي

كاتبة مصرية، تخرجت في كلية الإعلام، وعضوة في هيئة تحرير موقع طريق الإسلام.

  • 11
  • 0
  • 5,313

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً