من ينهي الحكاية - مذكرات مرابطة (8)

منذ 2017-08-28

سلسلة مقالات بقلم المناضلة الفلسطينية هنادي الحلواني، من مرابطات المسجد الأقصى، وقد أسمتها (مذكرات مرابطة).

المحنة:

أصبح الأقصى تلك الفترة قبلةً للعلم، وحضناً للمتعلمين، ووطناً لأولئك الذين عاشوا يحلمون بالرباط في ساحاته وإعماره.

وانطلقنا بمشروعٍ حيّ جديد "ابدأ حياتك من الأقصى" لنشجع فيه الشباب على عقد قرآنهم في هذه البقعة المباركة. كانت حلقات العلم تتوقف قرابة النصف ساعة لحضور عقد القرآن والمباركة للخاطبين، وإهدائهما مصحفاً كدستور لحياتهما الجديدة.

ضاج الاحتلال بهذا الاقبال غير المعهود، ونظروا في المشاريع فوجدوني قائمةً على بعضها، وأدير البعض الآخر، وجدوني أنقل نبوءة جدتي لكل الحاضرات، وأعطر بروحها الأجواء، أريد من كل واحدة منهنّ أن تكون كما أرادت جدتي لي أن أكون، وأكون أماً روحيةً لهنّ كما كانت جدتي لي 💚

وجدوني لا أتخلّف عن حضور المصاطب مهما كانت المصاعب، ومهما تكدرت الظروف، بقيتُ معلّمةً أحضر منذ الصباح، ولا أغادر إلا بعد الثالثة عصراً، وأنتقل بين التدريس والدراسة.

كنتُ مصرةً على رفع مستواي التعليمي لأستطيع أن أمنح في مشروع المصاطب أكثر، والتحقتُ بدورةٍ للتجويد كانت تعقد للمرة الأولى في القدس "المستوى الثالث"، كانت هناك مشكلتان صغيرتان، الأولى أنني لا أملك الوقت الكافي لحضور الدرس فكنتُ أعود للبيت أرعى أولادي وأعكف على دروسي، والثانية أن المستوى الذي يلي هذا المستوى "الإجازة القرآنية" سيعقد اختباره في الأردن، ولن أتخلى ولا للحظةٍ عن تواجدي في الأقصى ورباطي فيه.

ثمّ حصلت الفاجعة التي آلمتني بشدّة، مرضُ والدتي حفظها الله بـ "السرطان"، كانت آلامي عليها ربما تفوقُ آلامها، وكنتُ أبات الليلة عندها في المستشفى بعد إجرائها لعمليةٍ صعبة أرعاها وأحاول تخفيف ألمها، وأغادر السادسة والنصف صباحاً حين يحضر أحد إخوتي متجهةً للأقصى، لأعود بعد انتهاء الدوام لدراستي ولأبنائي الذين يباتون بلا أمٍ ولا أب بعد أن سُجن زوجي في زنانين الاحتلال لتكون محنةً أخرى لي!

أراد الاحتلال أن يقصم ظهري، حين رأوا أن كل المحن لم تقعدني عن الأقصى يوماً، وأرادوا أن يُضعفوا الأخوات اللاتي كنّ ينظرنَ لمحنتي وإصراري فيمدّهن ذلك بالصبر والثبات، ولكن هيهات!

ففي أحد الليالي التي تلت الافراج عن زوجي رنّ هاتفي النقال، وكان الرقم خاصاً.

فما الذي حدث؟

يتبع...

 

  • 1
  • 0
  • 1,637
المقال السابق
مذكرات مرابطة (7)
المقال التالي
مذكرات مرابطة (9)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً