من ينهي الحكاية - مذكرات مرابطة (10)
سلسلة مقالات بقلم المناضلة الفلسطينية هنادي الحلواني، من مرابطات المسجد الأقصى، وقد أسمتها (مذكرات مرابطة).
نعود_أقوى:
"صنّاع الغد"، مشروعٌ جديد انطلقنا به بقوّة من رحم مصاطب العلم فور عودتي للأقصى، عدتُ أقوى، وازددتُ قوةً بالتفاف الأحبة حولي ومفاجأتي بقالبٍ من "الكيك" تتوسطه قبة الصخرةِ.
تعاقدنا مع جامعة القدس المفتوحة التي تتبع نظام التعليم عن بعد لمنح منحةٍ لروّاد مشروعنا الجديد "صناع الغد"، كان مشروعاً معنيّاً بإعداد الدعاة، نختارهم وفق معايير دقيقة وبسنٍّ يتجاوز الثامنة عشر، ونبدأ بإعدادهم قبل الالتحاق بامتحان يعقد بجامعة القدس المفتوحة وبدء الدراسة.
تخرّج من هذا المشروع الهائل فوجان جميلان من الدعاة الرحماء بينهم، الأشداء على أعدائهم، سيماهم في وجوههم بفضل الله، قبل أن يلغي الاحتلال هذا المشروع ويجتثّه من ساحات الأقصى، لكنّ أثره سيبقى مزروعاً في القلوب والأفعال أصله ثابتٌ وفرعه في السماء، وسيؤتي أُكلَه بجيل تحريرٍ فريد بإذن الله.
وظلت الأعداد في ازدياد والإقبال في أوجه، حتى بلغ عدد مرابطي ومرابطات مصاطب العلم ما يقارب 1200 طالب وطالبة منتشرين في ساحات الأقصى وحول بوائكه المبتهجة بهم، وعلى بوّاباته التي تلقي عليهم التحية كلما ولوجوا منها إليه.
كنتُ أحرص على الدخول للأقصى من أبوابٍ متفرقة، كل يومٍ من إحدى بواباته، اقتربتُ قبيل أحد أعياد اليهود من باب الأسباط صباحاً فلم أرتح لنظرات الجنود المتربّصة على بابه فتابعت مسيرتي لباب حطة.
منذ وصلتُ هناك وجدتُ مجموعةً من شرطة الصهاينة يحيطون بي، ويصادرون كلّ ما أحمله معي، هاتفي، وحقيبتي ويقولون: أنتِ موقوفة!
أحاطني عدد من جنود القوات الخاصة حتى جاءت سيارةٌ لنقلي للتحقيق، استمرّ التحقيق معي لساعاتٍ حول نظرتي لوجود المستوطنين في ساحات الأقصى، ومدى ارتباطي بـِ "الله أكبر".
أخبرته أنّ "الله أكبر" جزءٌ من عقيدتنا لا يتجزأ، فحين نفرح نهتف: الله أكبر، وحين نغضب نقول: الله أكبر، وبصلاتنا نردد كل حين: الله أكبر، والأذان يصدح كل صلاة بـ الله أكبر.
ثمّ سلّموني ورقة إبعادٍ عن الأقصى مجدداً بهدف تأمين ساحات الأقصى لليهود خلال اقتحامهم أيام الأعياد من مخربةٍ تهدد أمنهم القوميّ!
كان الإبعاد الثاني لمدة 15 يوم.
وعدتُ بعدها بقوةٍ أكبر.
ازدادت الاقتحامات بحراسةٍ مشددة، وازداد الابداع بصدّ هذه الاقتحامات، ابداعٌ سأحدثكم عنه في مذكرتي اللاحقة بإذن الله.
يتبع...