روابط العلماء والدعاة..بين الآمال والأعمال

منذ 2017-10-17

مهما كانت خفة قوة المسلمين الحالية، فإن ثقل المسؤولية المستقبلية يحتم إعادة دعوات الوحدة والاعتصام والإمساك بالزمام، فمن غير المعقول ولا المقبول أن يكون لكل أصحاب الأديان والمذاهب الباطلة رؤوس وقيادات ومرجعيات مسخَّرة لخدمة كل باطل وبدعة وفساد، ويظل المسلمون من أهل (السُّنة) و(الجماعة) بلا قيادة جامعة و لامرجعية مسموعة، بحجةأن المهمة صعبة والجدية نادرة والنوايا غير متوافرة.

مثَّل سقوط الخلافة العثمانية في أوائل القرن الميلادي الفائت، نازلة النوازل وكارثة الكوارث في العصر الحديث، وهو ما استوجب نشأة الجماعات والتنظيمات الإسلامية ذات الطبيعة السياسية، فكانت تستهدف - كلها أو جُلها- السعي لاستعاده هذه الرابطة الجامعة للمسلمين بأي وسيلة مستطاعة، وهو ذات السبب الذي جعل تلك الجماعات في عمومها هدفا للحرب والضرب من كل حدب وصوب، من قبَل أعداء المسلمين، الظاهرين منهم والمستترين، حتى لا يعود الإسلام من خلالها إلى قوة عالمية، ذات رسالة عقدية حضارية.

وجاء احتلال بيت المقدس نكبة تالية، نتج عنها تأسيس دولة يهودية،مشدودة في الأرض المباركة بحبال الصليبية العالمية، ومحمية بكيانات النفاق العلمانية المقامة على أنقاض الخلافة؛ بغرض الحؤول دون وصول المسلمين إلى الوحدة تحت راية الدين، واتخذت تلك الكيانات صور مقاطعات في شكل جمهوريات أو ملكيات أو إمارات، لم يكن الهدف من تأسيسها سوى إيجاد (خلفاء)للمستعمرين يضمنون بقاء فصل السياسة عن الدين، ولم ينس هؤلاء إنشاء العديد من الروابط الهزيلة البديلة لرابطة الاسلام،كالروابط القومية والوطنية، التي لا نريد تعديد مضارها لشدة ظهور فسادها...

وقد مثَّل غزو أفغانستان ثم العراق كارثة جديدة في مرحلة جديدة، افتتحت (مهرجان) عودة المستعمرين الصرحاء إلى بلاد المسلمين، وهو ما أطلق الدعوات وقتها لضرورة جمع الرواد في الجماعات والهيئات والشخصيات الاعتبارية الإسلامية؛ في راوبط دعوية، يمكن أن تثمر يوما كيانات فكرية وسياسية،تهدف إلى تكوين "عقل جماعي" للأمة من مجموع عقلائها من العلماء والدعاة والمفكرين المتخصصين، الذين يمثلون (ولاة الأمر) الحقيقيين غير المزيفين، وذلك للنظر في شأن النوازل المتتابعة وكيفية التصرف فيها والتصدي لها، وتوجيه جماهير الأمة بشأنها..

وقد نشأت بالفعل الكثير من تلك الروابط والهيئات والمجالس في العقد الأخير، استجابة لدعوات عديدة، و تحت مسميات متعددة، فأدت بعض أغراضها، لكنها أخفقت في أهم أهدافها، وهي إيجاد مرجعية إسلامية دائمة ومتوائمة وجامعة، و غير مرهونة ولاخاضعة للقيود والمعوقات (الرسمية) أو (الحزبية) أو (العنصرية)، وهو ما يجدد الدعوة للقيام بفريضة الاعتصام الدينية بضروراتها ومتعلقاتها الواقعية الحتمية؛التي أوجبتها الشريعة المحكمة وحتمتها الظروف الحاكمة.. غير أن ذلك يحتاج إلى فكر جديد بأطر جديدة، تتعاون في وضع تصوراتها؛ البقية من الأجيال القديمة الصامدة، وطلائع الأجيال الجديدة الصاعدة...

مهما كانت خفة قوة المسلمين الحالية، فإن ثقل المسؤولية المستقبلية يحتم إعادة دعوات الوحدة والاعتصام والإمساك بالزمام، فمن غير المعقول ولا المقبول أن يكون لكل أصحاب الأديان والمذاهب الباطلة رؤوس وقيادات ومرجعيات مسخَّرة لخدمة كل باطل وبدعة وفساد، ويظل المسلمون من أهل (السُّنة) و(الجماعة) بلا قيادة جامعة و لامرجعية مسموعة، بحجةأن المهمة صعبة والجدية نادرة والنوايا غير متوافرة..

إن مشوار مئات الكيلوات يبدأ بخطوات.. أليس كذلك..؟.. أم أننا لا نزال في عالم الأحلام والآمال، في ليل الصدود والحبوط والزهادة في الأعمال..؟!

  • 3
  • 1
  • 3,750

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً