منزلة الإنابة, التذكر, الاعتصام, الفرار, الرياضة, السماع
فوائد مختصرة من مدارج السالكين للعلامة ابن القيم: منزلة الإنابة, التذكر, الاعتصام, الفرار, الرياضة, السماع
{ بسم الله الرحمن الرحيم }
منزلة الإنابة
* إذا استقرت قدمه في منزل التوبة نزل بعده في منزل الإنابة, وقد أمر به تعالى في كتابه, وأثنى على خليله به, فقال: ﴿ { وأنيبوا إلى ربكم} ﴾ [الزمر:54] وقال: ﴿ {إن إبراهيم لحليم أواه مُنيب } ﴾ [هود:75]
* إنابة أوليائه...إنابة لإلهيته إنابة عبوديةٍ ومحبةٍ, وهي تتضمن أربعة أمور: محبته, والخضوع له, والإقبال عليه, والإعراض عما سواه, فلا يستحق اسم المنيب إلا من اجتمعت فيه هذه الأربعة, وتفسير السلف لهذه اللفظة يدور على ذلك.
* من علامات الإنابة تركُ الاستهانة بأهل الغفلة والخوف عليهم مع فتحك باب الرجاء لنفسك, فترجو لنفسك الرحمة وتخشى على أهل الغفلة النقمة, ولكن ارجُ لهم الرحمة واخشَ على نفسك النقمة.
* كم في النفوس من علل...وحظوظٍ تمنع الأعمال أن تكون لله خالصة...وإن العبد ليعمل العمل حيث لا يراه بشر البتة وهو غير خالص لله ويعمل العمل والعيون قد استدارت عليه نطاقاً, وهو خالص لوجه الله, ولا يميز هذا من هذا إلا أهل البصائر.
*بين العمل وبين القلب مسافة وفي تلك المسافة قطَّاع تمنع وصول العمل إلى القلب, فيكون الرجل كثير العمل وما وصل منه إلى قلبه محبة ولا خوف ولا رجاء, ولا زهد في الدنيا ورغبة في الآخرة...فلو وصل أثر الأعمال إلى قلبه لاستنار وأشرق
* ثم بين القلب وبين الرب مسافة, وعليها قطاع تمنع وصول العمل إليه من كبر وإعجاب وإدلالٍ, ورؤية العمل ونسيان المنة, وعلل خفية لو استقصى في طلبها لرأى العجب, ومن رحمة الله سترها على أكثر العُمال.
منزلة التذكر:
* ثم ينزل القلب منزل التذكُّر, وهو قرين الإنابة, قال تعالى: ﴿ {وما يتذكر إلا من ينيب} ﴾ [غافر:13]وقال ﴿ ت {بصرةً وذكرى لكُل عبدٍ مُنيب} ﴾ [ق:8] وهو من خواص أولي الألباب, كما قال تعالى: ﴿ {وما يذكر إلا أُولُوا الألباب} ﴾
* التذكُّر والتفكُّر منزلان يُثمران أنواع المعارف وحقائق الإيمان والإحسان, فالعارف لا يزال يعود بتفكره على تذكُّره, وتذكُّره على تفكره, حتى يفتح قلبه بإذن الفتاح العليم.
* العمى عن عيب الواعظ من شروط تمام الانتفاع بموعظته.
* سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة. وقال بعض العارفين: إنه ليمر بالقلب أوقات أقول: إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب.
* قال بعض المحبين: مساكين أهل الجنة ! خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها. قالوا: وما أطيب ما فيها ؟ قال: محبة الله والأنس به, والشوق إلى لقائه, والإقبال عليه, والإعراض عما سواه. أو نحو هذا من الكلام.
* العظة بالمسموع الانتفاع بما يسمعه من الهدى والرشاد والنصائح التي جاءت على يد الرسل, وكذلك الانتفاع بالعظة من كل ناصح ومرشد في مصالح الدين والدنيا.
* العظة بالمشهود: الانتفاع بما يراه ويشهده في العالم من مواقع العِبر وأحكام القدر ومجاريه, وما يشاهده من آيات الله الدالة على صدق رسله.
*اتباع الهوى يطمس نور العقل ويعمى بصيرة القلب ويصدُّ عن اتباع الحق فلا تحصل بصيرة العبرة معه البتة والعبد إذا اتبع هواه فسد رأيه...فأرته نفسُه الحسن في صورة القبيح والقبيح في صورة الحسن, فالتبس عليه الحق بالباطل فأنى له الانتفاع بالتذكُّر؟
* التأمُّل في القرآن فهو تحديق ناظر القلب إلى معانيه, وجمع الفكر على تدبره وتعقُّله, وهو المقصود بإنزاله, لا مجرد تلاوته بلا تفهم ولا تدبر, قال تعالى: ﴿ {كتاب أنزلناه إليك مُبارك ليدبروا آياته وليتذكر أُولُوا الألباب } ﴾ [ص:29]
* ليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن وإطالة التأمُّل له, وجمع الفكر على معاني آياته, فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرهما, وعلى طرقاتهما وأسبابهما وغاياتهما وثمراتهما ومآل أهلهما.
* وتتُلُّ في يده مفاتيح كنوز السعادة والعلوم النافعة, وتثبيت قواعد الإيمان في قلبه, وتشيد بنياته وتوطد أركانه وتريه صورة الدنيا والآخرة والجنة والنار في قلبه وتُحضره بين الأمم وتريه أيام الله فيهم وتبصره مواقع العبر.
* وتشهده عدل الله وفضله, وتعرفه ذاته, وأسماءه, وصفاته, وأفعاله, وما يحبُّه, وما يبغضه, وصراطه الموصل إليه, وما لسالكيه بعد الوصول إليه والقدوم عليه, وقواطع الطريق, وآفاتها.
* وتعرفه النفس وصفاتها, ومفسدات الأعمال ومصححاتها, وتعرفه طريق أهل الجنة وأهل النار وأعمالهم وأحوالهم...ومراتب أهل السعادة وأهل الشقاوة وأقسام الخلق واجتماعهم فيما يجتمعون فيه وافتراقهم فيما يفترقون فيه.
* وتعرفه...ما يدعو إليه الشيطان والطريق الموصلة إليه وما للمستجيب لدعوته من الإهانة والعذاب بعد الوصول إليه.
* كثرة الخلطة, والتمني, والتعلق بغير الله, والشبع, والمنام, هذه الخمسة من أكبر مفسدات القلب.
* ما تؤثره كثرة الخلطة, فامتلاء القلب من دخان أنفاس بني آدم حتى يسودَّ, ويوجب له تشتتاً وتفرقاً, وهماً وغماً وضعفاً, وحملاً لما يعجز عن حمله من مؤنة قرناء السوء, وإضاعة مصالحه والاشتغال عنها بهم...فما ذا يبقى منه لله والدار الآخرة ؟
* كم جلبت خلطة الناس من نقمة, ودفعت من نعمة, وأنزلت من محنة, وعطَّلت من منحة, وأحلت من رزية وأوقعت في بلية...وهل كان على أبي طالب عند الوفاة أضرُّ من قرناء السوء؟ لم يزالوا به حتى حالوا بينه وبين كلمةٍ واحدةٍ توجب له سعادة الأبد
* إن دعت الحاجة إلى خلطتهم في فضول المباحات, فليجتهد أن يقلب ذلك المجلس طاعة لله إن أمكنه ويشجع نفسه ويقوي قلبه, ولا يلتفت إلى الوارد الشيطاني القاطع له عن ذلك بأن هذا رياء ومحبة لإظهار علمك, فليحاربه وليستعن بالله تعالى.
* فإن عجَّزته المقادير عن ذلك, فليسُلَّ قلبه من بينهم كسلِّ الشعرة من العجين, وليكن فيهم حاضراً غائباً, حاضراً غائباً, قريباً, بعيداً, ينظر إليهم ولا يبصرهم, ويسمع كلامهم ولا يعيه, لأنه قد أخذ قلبه من بينهم.
*وما أصعب هذا على النفوس وإنه ليسير على من يسَّره الله عليه, فبين العبد وبينه أن يصدق الله ويديم اللَّجأ إليه...ولا يعين على هذا إلا المحبة الصادقة, والذكر الدائم بالقلب واللسان...ولا ينال هذا إلا بعدةٍ صالحةٍ ومادةً قويةٍ من الله, وعزيمةٍ صادقة.
* قصر الأمل العلم بقرب الرحيل وسرعة انقضاء مدَّة الحياة وهو من أنفع الأمور للقلب فإنه يبعثه على...انتهاء الفرص...ويثير ساكن عزماته إلى دار البقاء, ويحثُّه على قضاء جهاز سفره وتدارك الفارط, ويزهده في الدنيا ويرغبه في الآخرة.
* ويقوم بقلبه إذا داوم مطالعة قصر الأمل شاهد من شواهد اليقين يريه فناء الدنيا وسرعة انقضائها وقلة ما بقي منها, وأنها قد ترحلت مدبرة, ولم يبق منها...إلا كما بقى من يوم صارت شمسه على رؤوس الجبال, ويريه بقاء الآخرة ودوامها.
* أعظم الناس خذلاناً من تعلق بغير الله, فإن ما فاته من مصالحه وسعادته وفلاحه أعظمُ مما حصل له ممن تعلق به, وهو معرض للزوال والفوات, ومثل المتعلق بغير الله كمثل المستظل من الحرِّ والبرد ببيت العنكبوت أوهن البيوت.
*كثرة النوم يميت القلب, ويثقل البدن, ويضيع الوقت, ويورث كثرة الغفلة والكسل
منزلة الاعتصام
* ثم ينزل القلب منزل الاعتصام, وهو نوعان: اعتصام بالله, واعتصام بحبل الله, قال تعالى ﴿ واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ﴾ [آل عمران:103] وقال تعالى: ﴿ {واعتصموا بالله جميعاً هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير } ﴾ [الحج:78]
* الاعتصام افتعال من العصمة, وهو التمسك بما يعصمك ويمنعك من المحذور المخوف, فالعصمة: الحمية, والاعتصام: الاحتماء, ومنه سميت القلاع: العواصم, لمنعها وحمايتها.
* مدار السعادة الدنيوية والأخروية على الاعتصام بالله, والاعتصام بحبله, ولا نجاة إلا لمن استمسك بهاتين العصمتين.
* الاعتصام بحبله فإنه يعصم من الضلالة, والاعتصام به يعصم من الهلكة
* الاعتصام به فهو التوكل عليه والامتناع به, والاحتماء به وسؤاله أن يحمى العبد ويمنعه, ويعصمه ويدفع عنه, فإن ثمرة الاعتصام به هو الدفع عن العبد.
*الله يدفع عن الذين آمنوا فيدفع عن عبده المؤمن به إذا اعتصم به كلَّ سبب يفضي إلى العطب ويحميه منه فيدفع عنه الشبهات والشهوات وكيد عدوه الباطن والظاهر, وشرَّ نفسه ويدفع عنه موجب أسباب الشرِّ بعد انعقادها بحسب قوة الاعتصام به.
منزلة الفرار
* من منازل ﴿ { إياك نعبدُ وإياك نستعين} ﴾ : منزلة الفرار. قال تعالى: ﴿ {ففروا إلى الله} ﴾ [الذاريات:50]
* حقيقية الفرار: الهروب من شيءٍ إلى شيءٍ, وهو نوعان: فرار السعداء, وفرار الأشقياء. ففرار السعداء: الفرار إلى الله تعالى, وفرار الأشقياء: الفرار منه لا إليه.
* قال ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله تعالى: ﴿ {ففروا إلى الله} ﴾ [الذاريات:50] فروا منه إليه واعملوا بطاعته. وقال سهل بن عبدالله: فرُّوا مما سوى الله إلى الله, وقال آخرون: اهربوا من عذاب الله إلى ثوابه بالإيمان والطاعة.
* الجهل نوعان: عدم العلم بالحق النافع, وعدم العمل بموجبه ومقتضاه, فكلاهما جهل لغةً وعرفاً وشرعاً وحقيقةً.
* قال تعالى: ﴿ {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة} ﴾ [النساء:17] قال قتادة: أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّ كلَّ من عُصي الله به فهو جهالة, وقال غيره: أجمع الصحابة على أنَّ كلَّ من عصى الله فهو جاهل.
* الفرار المذكور: الفرار من الجهلين, من الجهل بالعلم إلى تحصيله اعتقاداً ومعرفةً وبصيرةً, والفرار من جهل العمل إلى السعي النافع والعمل الصالح قصداً وسعياً.
* الجدُّ...صدق العزم, وإخلاصه من شوائب الفتور, ووعود التسويف والتهاون, وهو تجنب السين, وسوف, وعسى, ولعل, فهو أضرُّ شيءٍ على العبد, وهي شجر ثمرها الحسرات والندامات
* الفرق بين الجدِّ والعزم أن العزم صدق الإرادة واستجماعها, والجدُّ صدق العمل وبذل الجهد فيه, وقد أمر الله سبحانه بتلقي أوامره بالعزم والجدِّ, فقال: ﴿ {خُذوا ما آتيناكم بقوة } ﴾ [البقرة: 63]
* العبد...يهرب من ضيق صدره...إلى سعة فضاء الثقة بالله, وصدق التوكل عليه, وحسن الرجاء لجميل صنعه به, وتوقع المرجو من لطفه وبرِّه, ومن أحسن كلام العامة: لا همَّ مع الله.
* كلما كان العبد حسن الظن بالله, حسن الرجاء له, صادق التوكل عليه, فإن الله لا يخيب أمله فيه البتة, فإنه سبحانه لا يخيب أمل آمل, ولا يضيع عمل عامل.
منزلة الرياضة
*من منازل ﴿ { إياك نعبدُ وإياك نستعين} ﴾ الرياضة, وهي تمرين النفس على الصدق والإخلاص...تمرينها على قبول الصِّدق إذا عرضه عليها في أقواله وأفعاله وإرادته, فإذا عرض عليها الصدق قبلته وانقادت له وأذعنت له وقبول الحق ممن عرضه عليه. * قال تعالى: ﴿ {والذي جاء بالصدق وصدَّقّ به أولئك هم المُتقون} ﴾ [الزمر:33] فلا يكفي صدقك, بل لا بد من صدقك وتصديقك للصادقين, فكثير من الناس يصدُق, ولكن يمنعه من التصديق كبر, أو حسد, أو غير ذلك.
* تهذيب الأخلاق بالعلم المراد به إصلاحها وتصفيتها بموجب العلم فلا يتحرك بحركةٍ ظاهرةٍ أو باطنةٍ إلا بمقتضى العلم, فتكون حركاتُ ظاهره وباطنه موزنةً بميزان الشرع.
منزلة السماع:
* من منازل ﴿ {إياك نعبدُ وإياك نستعين} ﴾: منزلة السماع وقد أمر الله به في كتابه وأثنى على أهله وأخبر أن البشرى لهم, فقال تعالى: ﴿ {واتقوا الله واسمعوا} ﴾ [المائدة:108] وقال: ﴿ {واسمعوا وأطيعوا } ﴾ [التغابن:16]
* السماعً رسولُ الإيمان إلى القلب وكم في القرآن من قوله: ﴿ { أفلا تسمعون} ﴾ فالسمع أصل العقل, وأساس الإيمان الذي انبنى عليه, وهو رائده وجليسه ووزيره, ولكن الشأن كلَّ الشأن في المسموع, وفيه وقع خبط الناس واختلافهم.
* المسموع فعلى أضربٍ: مسموع يحبه الله ويرضاه, وأمر به عباده, وأثنى على أهله ورضي عنهم به. ومسموع يبغضه ويكرهه, ونهى عنه, ومدح المعرضين عنه ومسموع مباح مأذون فيه لا يحبه ولا يبغضه ولا مدح صاحبه ولا ذمَّه.
* السماع الذي مدحه في كتابه, وأمر به, وأثنى على أصحابه...هو سماع آياته المتلوة التي أنزلها على رسوله صلى الله عليه وسلم, فهذا السماع أساس الإيمان...وهو على ثلاثة أنواع: سماع إدراكٍ بحاسة الأذن, وسماع فهمٍ وعقلٍ, وسماع إجابةٍ وقبولٍ.
* سماع خاصة الخاصَّة المقربين هو سماع القرآن بالاعتبارات الثلاثة: إدراكاً, وفهماً وتدبراً, وإجابة, وكل سماع في القرآن مدح الله أصحابه وأثنى عليهم, وأمر به أولياءه فهو هذا السماع.
* هذا السماع حادً يحدو القلوب إلى جوار علام الغيوب, وسائق يسوق الأرواح إلى ديار الأفراح, ومحرك يثير ساكن العزمات إلى أعلى المقامات وأرفع الدرجات, ومنادٍ ينادي للإيمان, ودليل يدل بالركب في طريق الجنان.
* لن تعدم من هذا السماع إرشاداً لحجة وتبصرةً لعبرة وتذكرةً لمعرفة, وفكرةً في آية, ودلالةً على رشد ورداً عن ضلالة وإرشاداً عن غيٍّ, وبصيرة عن عمى, وأمراً بمصلحة ونهياً عن مضرة وهداية إلى نور وإخراجاً من ظلمة, وزجراً عن هوى, وحثّاً على تُقى.
*من السماع ما يبغضه ويكرهه ويمدح المعرض عنه وهو سماع كلِّ ما يضره في قلبه ودينه كسماع الباطل كلِّه إلا تضمن ردَّه وإبطاله وكسماع اللغو الذي مدح الله التاركين لسماعه والمعرضين عنه بقوله ﴿ {وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه} ﴾[القصص55]
* قوله: ﴿ { وإذا مروا باللغو مروا كراماً } ﴾ قال محمد ابن الحنفية رضي الله عنه: هو الغناء, قال الحسن أو غيره: أكرموا نفوسهم عن سماعه.
* قال ابن مسعود رضي الله عنه: الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل.
وهذا كلام عارفٍ بأثر الغناء وثمرته, فإنه ما اعتاده أحد إلا نافق قلبه وهو لا يشعر, ولو عرف حقيقة النفاق وغايته لأبصره في قلبه,
* ما اجتمع في قلب محبة الغناء ومحبة القرآن إلا وطردت إحداهما الأخرى, وقد شاهدنا نحن وغيرنا ثقل القرآن على أهل الغناء وسماعه, وتبرُّمهم به, وصياحهم بالقارئ إذا طول عليهم, وعدم انتفاع قلوبهم بما يقرؤه.
* الذي شاهدناه نحن وغيرنا وعرفناه بالتجارب أنه ما ظهرت المعازف وآلات اللهو في قوم وفشت فيهم واشتغلوا بها إلا سُلط عليهم العدو, وبُلُوا بالقحط والجدب وولاة السوء, والعاقل يتأمل أحوال العالم وينظر, والله المستعان.
* إذا أشكل على الناظر حكمُ شيءٍ هل هو الإباحة أو التحريم, فلينظر إلى مفسدته وثمرته وغايته, فإن كان مشتملاً على مفسدةٍ راجحةٍ ظاهرةٍ فإنه يستحيل على الشارع الأمر به أو إباحته, بل العلم بتحريمه من شرعه قطعي.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
- التصنيف: