من أقوال السلف في المعاصي الذنوب -3
قال أحمد بن حنبل: إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولــــكن قُل: عليَّ رقيـــــــــبُ
ذنوب السرّ والخلوات:
** قال بلال بن سعد: لا تكن ولياً لله في العلانية, وعدوه في السر.
** قال أحمد بن حنبل:
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولــــكن قُل: عليَّ رقيـــــــــبُ
** قال الإمام ابن الجوزي: لا تفعل في السر ما تستحي أن تذكره في العلانية.
** ذكر يحيى بن عبدالوهاب بن محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده العبدي الأصبهاني (ت511هـ) ب
سنده إلى أبي حامد الخلقاني أنه قال: قلت لأحمد بن حنبل: ما تقول في القصائد؟ فقال: في مثل ماذا ؟ قلتُ: مثل ما تقول:
إذا مـا قـال لي ربـــــــــــــــــي أما استحيت تعصيني
وتُخفى الذنوب عن غيري وبالعـصـــــــــــيان تأنيني؟
قال: فرد الباب, وجعل يقول:
إذا مـا قـال لي ربــــــــــــــــي أما استحيت تعصيني
وتُخفى الذنوب عن غيري وبالعـصيــــــــــان تأنيني؟
فخرجتُ وتركته.
** قال الحافظ ابن الجوزي: ورب خال بذنب كان سبب وقوعه في هوة شقوة في عيش الدنيا والآخرة, وكأنه قيل له: إبق بما آثرت فيبقى أبداً في التخبيط.
فانظروا إخواني إلى المعاصي أثرت وعثرت.
فتلمحوا ما سطرته, واعرفوا ما ذكرته, ولا تهملوا خلواتكم وسرائركم.
- من كثر سواد قوماً في المعصية فالعقوبة تلزمه معهم:
قال الحافظ ابن حجر: من كثر سواد قوم في المعصية مختاراً أن العقوبة تلزمه معهم.
- أمور أعظم من الذنوب:
قال الحافظ ابن الجوزي: ضحكك وأنت لا تدري ما الله صانع بك أعظم من الذنب
وفرحك بالذنب إذا ظفرت به أعظم من الذنب
وخوفك من الريح إذا حركت ستر بابك وأنت على الذنب, ولا يضطرب فؤادك من نظر الله إليك, أعظم من الذنب إذا عملته.
- حدّ الكبيرة غير معروف للحذر من جميع المعاصي:
** قال الإمام النووي: الصحيح أن حدَّ الكبيرة غير معروف, بل ورد في الشرع بوصف أنواع من المعاصي بأنها كبائر, وأنواع بأنها صغائر, وأنواع لم توصف, وهي مشتملة على صغائر وكبائر, والحكمة أن يكون العبد ممتنعاً من جميعها, مخافة أن يكون من الكبائر.
** قال العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز: يجب على المؤمن أن يحذر أشدَّ الحذر من كبائر الذنوب وصغائرها, وأن يكون الحذر من الكبائر أشدَّ, مع عدم غفلته عن الصغائر, لأنها غير منضبطة, إذ ليس هناك نص واضح في التفريق بين الكبيرة والصغيرة, وإنما هي أقوال لأهل العلم, فإن كان ضبط الكبيرة من الصغيرة فيه شك فينبغي للعاقل الحازم أن يحذر سيئاتِه كلَّها, لئلا يقع في كبيرة يظنها صغيرة, فينبغي له أن يأخذ بالحزم ويحذر الذنوب كلها.
وقال رحمه الله: والحكمة في عدم تحديدها بنصوص واضحة للتحذير منها.
- ترك الذنوب:
قال سلمة بن دينار: انظر الذي تحبه أن يكون معك في الآخرة فقدمه اليوم, والذي تكره أن يكون معك في الآخرة فاتركه اليوم.
ـــــــــــــــ
- الإنفاق في المعاصي إهلاك:
قال العلامة السعدي: قوله تعالى: {يقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُّبَدًا} [البلد:6] أي: كثيراً,...سمى الله الإنفاق في الشهوات والمعاصي, إهلاكاً لأنه لا ينفع المنفق بما أنفق, ولا يعود إليه من إنفاقه إلا الندم والخسارة.
- احذر أن يراك الله حيث نهاك أو يفقدك حيث أمرك:
قال أبو سليمان الدارني: لا يراك الله حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك
- الشكوى من الذنوب:
اشتكى أبو الدرداء رضي الله عنه, فدخل عليه أصحابه فقالوا: ما تشتكي يا أبا الدرداء ؟ قال: أشتكي ذنوبي,
قالوا: فما تشتهي ؟ قال أشتهي الجنة.
- ترك الذنب أيسر من طلب التوبة:
قال الحسن رحمه الله: يا ابن آدم, ترك الخطيئة أيسر من طلب التوبة.
- موت الذنوب:
قال أبو الربيع السائح: إن من سعادة المرء إذا مات ماتت معه ذنوبه.
- السلامة من الذنوب نعمة :
قال أبو سليمان الداراني: لا نعمة كالعافية من الذنوب.
- ترك الذنوب محبة للنفس:
قال الحافظ ابن الجوزي: من أحب نفسه اجتنب الآثام.
- الله جل جلاله يراك في كل مكان:
قال حاتم الأصم لرجل: إن كنت تريد أن تعصي مولاك فاعصه في موضع لا يراك.
- الخوف والخجل من الذنوب بعد التوبة منها:
قال الحافظ ابن الجوزي: ينبغي للعاقل أن يكون على خوف من ذنوبه وإن تاب منها, وبكى عليها, وإني رأيت أكثر الناس قد سكنوا إلى قبول التوبة, وكأنهم قد قطعوا على ذلك, وهذا أمر غائب, ثم لو غفرت بقي الخجل منها, وهذا أمر قلّ أن ينظر فيه تائب لأنه يرى أن العفو قد غفر الذنب بالتوبة الصادقة. وما ذكرته يوجب دوام الحذر والخجل.
- لا يُسبُّ المذنب, ويحمد المعافي الله عزوجل:
عن أبي قلابة أن أبا الدرداء رضي الله عنه, مرَّ على رجل قد أصاب ذنباً فكانوا يسبونه, فقال: أرأيتم لو وجدتموه في قليب ألم تكونوا مستخرجيه ؟ قالوا: نعم. قال: فلا تسبوا أخاكم, واحمدوا الله الذي عافاكم, قالوا: أفلا نبغضه ؟ قال: إنما نبغض عمله, فإذا تركه فهو أخي.
- أسباب تندفع بها عقوبة السيئات:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: المؤمن إذا فعل سيئة فإن عقوبتها تندفع عنه بعشرة أسباب: أن يتوب, فيتوب الله عليه. فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له, أو يستغفر فيغفر الله له, أو يعمل حسنات تمحوها فإن الحسنات يذهبن السيئات, أو يدعو له إخوانه المؤمنون ويستغفرون له حياً وميتاً, أو يهدون له من ثواب أعمالهم ما ينفعه الله به, أو يشفع فيه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, أو يبتليه الله تعالى في الدنيا بمصائب تكفر عنه, أو يبتليه في البرزخ بالصعقة فيكفر بها عنه, أو يبتليه في عرصات القيامة من أهوالها بما يكفر عنه, أو يرحمه أرحم الراحمين.
فمن أخطأته هذه العشرة فلا يلومن إلا نفسه.
ستر الله على عبده المذنب:
** عن أنس بن مالك رضي الله عنه, قال: أُتي عمر بشاب قد سرق, فقال: والله ما سرقت قبلها قط, فقال عمر: كذبت والله, ما كان الله لِيُسلِم عبداً عند أول ذنب.
** قال الحافظ ابن حجر: من قصد إظهار المعصية والمجاهرة بها أغضب ربه فلم يستره, ومن قصد التستر بها حياء من ربه, ومن الناس, منَّ الله بستره إياه.
- المعاصي والذنوب يجرُّ بعضها بعضاً:
قال العلامة السعدي: المعاصي يجر بعضها بعضاً, فالغفلة ينشأ عنها الذنب الصغير, ثم ينشأ عنه الذنب الكبير, ثم ينشأ عنها أنواع البدع والكفر, وغير ذلك, فنسأل الله العافية من كل بلاء.
وقال: الحذر من شؤم الذنوب, وأن الذنب الواحد يستبع ذنوباً كثيرة.
- الحذر من المعاصي القلبية:
قال العلامة السعدي: كثير من الناس يخفى عليه كثير من المعاصي, وخصوصاً معاصي القلب, كالكبر, والعجب والرياء, ونحو ذلك, حتى أنه يكون به كثير منها, وهو لا يحس به ولا يشعر
- تعظيم شأن الذنب:
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: من آثار الإيمان بأسماء الله عز وجل وبصفاته: تعظيم شأن الذنب, وتعظيم شأن طلب المغفرة والاستغفار, فالذي يعلم الله عز وجل بأسمائه وصفاته, يعلم عظم شأن الذنب الذي يقع فيه هو أو يقع فيه العباد, فتجد أنه فيما يقع فيه يسارع إلى طلب المغفرة والرضوان منه عز وجل, لعلمه بما له من أسماء وصفات, لعلمه بربه عز وجل.
- مدمن الشهوات لا يلتذ بها:
قال الحافظ ابن الجوزي: ليعلم العاقل أن مدمني الشهوات يصيرون إلى حالة لا يلتذونها, وهم مع ذلك لا يستطيعون تركها, لأنها قد صارت عندهم كالعيش الاضطراري, ولهذا ترى مدمن الخمر والجماع لا يلتذ بذلك عشر التذاذ من لم يدمن, غير أن العادة تقتضيه ذلك, فيلقى نفسه في المهالك لنيل ما يقتضيه تعوده, ولو زال رين الهوى عن بصر بصيرته, لرأى أنه قد شقى من حيث قدر السعادة,...وألِمَ من حيث أراد اللذة.
- الإنسان قد يكون بعد التوبة خير منه قبل التوبة:
قال العلامة العثيمين: الإنسان قد يكون الذنب له بمنزلة صقل الثوب وغسله, حيث يخجل من الله عز وجل, ويرى الذنب أما عينيه, ويجد نفسه مستحياً من الله تبارك وتعالى فينيب إليه, ويزداد رغبة في الوصول إلى مرضاته...وجرب هذا تجد, إذ أذنبت ذنباً واحداً وجدت نفسك منكسرة منهزمة أمام الله عز وجل فتكثر من العمل الصالح وتزداد رغبة فيما عند الله عز وجل, فيكون هذا الذنب لصقل القلب وتطهيره, ويكون الإنسان بعد التوبة خير منه قبل التوبة
- من عصى الله فقد حاربه:
قال الحافظ ابن رجب: جميع المعاصي محاربة لله جل جلاله, فإن من عصى الله فقد حاربه, لكن كلما كان الذنب أقبح كان أشد محاربةً لله, ولهذا سمى الله أكلة الربا وقطاع الطريق محاربين لله ورسوله, لعظيم ظلمهم لعباده, وسعيهم بالفساد في بلاده. وكذلك معادةُ أولياؤه, فإن الله يتولى نصرة أوليائه ويحبهم ويؤيدهم فمن عاداهم فقد عادى الله وحاربه.
- لا تأمن مكر الله بك مع تماديك بالمعصية:
قال العلامة عبدالله بن محمد ابن حميد لا يجوز الأمن من مكر الله وهو أن تستبعد أن الله يعذبك وتستبعد أن الله يسلب نعمه عنك, هذا من الخطأ...فلا ينبغي أن يستبعد الإنسان غضب الله عليه مع تماديه بالمعصية, وعدم صرف هذه النعم في مرضاة الله.
- حلاوة المعاصي تنطوي على السم القاتل الفتاك:
قال العلامة الشنقيطي: عامة العقلاء يطبقون على أن الإنسان إذا قُدِّم إليه شراب في غاية الحلاوة واللذاذة, لا يوجد شراب أحلى منه, إلا أن هذا الشراب فيه سم قاتل فتاك, فعامة العقلاء لا يستحلون حلاوة هذا الشراب, ولا يلتذون بلذته, لما فيه من السم القاتل الفتاك, وحلاوة المعاصي – أعاذنا الله والمسلمين منها – تنطوي على السم القاتل الفتاك, وهو سخط رب العالمين وغضبه جل وعلا لأن الإنسان لا يدري إذا سخط عليه ربه أن يهلكه في وقته, ثم يجعله في عذاب.
ولو راجع صاحب المعصية نفسه مراجعة صحيحة, ولم يحابها في معصية الله لعلم أن لذة المعاصي كلذة الشراب الحلو الذي فيه السم القاتل, والشراب الذي فيه السم القاتل لا يستلذه عاقل, لما يتبع لذته من عظيم الضرر, وحلاوة المعاصي فيها ما هو أشد من السم القاتل, وهو ما تستلزمه معصية الله جل وعلا من سخطه على العاصي, وتعذيبه له أشد العذاب, وعقابه على المعاصي قد يأتيه في الدنيا فيهلكه, وينغص عليه لذة الحياة.
اللهم يا رحمن يا رحيم وفقنا للتوبة النصوح من جميع المعاصي والذنوب, وتقبلها منّا, وثبتنا عليها.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
- التصنيف: