البشائر العشر لمن حافظ على صلاة الفجر
ومن بين الصلوات، خُصت صلاة الفجر بمزيد من الأجر، وعظيم الفضل، وحضيت بجزيل الثواب، صلاة الفجر بمثابة الاختبار نهاية العام، فكأن الصلوات الأخرى بمثابة التهيئة لها، وهي الاختبار الحقيقي، من حضرها نجح وأفلح، ومن غاب عنها خسر وخاب.
فضلت الصلاة على سائر العبادات إلا التوحيد، واصطفاها الله تعالى لتكون الفيصل بين الإيمان والكفر، عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاَةِ» (رواه مسلم)، وعن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلاَةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» (رواه الترمذي وغيره).
ولذا فلم تكن الكيفية التي فرضت بها الصلاة كسائر العبادات، بل عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء وفرضت عليه هناك بلا واسطة، لتعلم الأمة منزلة الصلاة، ولتقدر لها قدرها، وتعلي شأنها، فالصلاة عمود الإسلام وفسطاطه، فإذا سقط العمود، انهدم الدين والعياذ بالله، فلا دين لمن لا صلاة له.
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي اله عنه قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَأَصْبَحْتُ يَوْماً قَرِيباً مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ، قَالَ: «لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، تَعْبُدُ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِى الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ» ، ثُمَّ قَالَ: «أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ، كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ، وَصَلاَةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ» ، قَالَ ثُمَّ تَلاَ: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} } حَتَّى بَلَغَ { {يَعْمَلُونَ} } ثُمَّ قَالَ: «أَلاَ أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ كُلِّهِ، وَعَمُودِهِ، وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ» ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلاَمُ، وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ» ، ثُمَّ قَالَ: «أَلاَ أُخْبِرُكَ بِمَلاَكِ ذَلِكَ كُلِّهِ» ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَالَ: فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ: «كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا» ، فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ: وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فَقَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ - أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ - إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ» (أخرجه الترمذي وغيره، وقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ).
ومن بين الصلوات، خُصت صلاة الفجر بمزيد من الأجر، وعظيم الفضل، وحضيت بجزيل الثواب.
فهي محك الإيمان، وعلامة التسليم والإذعان، يتمايز فيها المؤمن من المنافق، قال ابن عمر رضي الله عنهما: كنا إذا فقدنا الرجل في الفجر والعشاء أسأنا الظن به (رواه الطبراني وبن خزيمة).
صلاة الفجر بمثابة الاختبار نهاية العام، فكأن الصلوات الأخرى بمثابة التهيئة لها، وهي الاختبار الحقيقي، من حضرها نجح وأفلح، ومن غاب عنها خسر وخاب.
فكما أن الطالب إذا حضر طوال العام، وتغيب عن الاختبار عُدَّ من الراسبين، فكذلك صلاة الفجر، من لم يحضرها كان من الخائبين الخاسرين.
ورتب الشرع الحكيم على المحافظة عليها أجوراً لم ينلها غيرها من الصلوات، فصاحب صلاة الفجر محاط بالفضائل، ومبشر بعظيم البشائر، فمن تلكم البشائر ما يلي:
البشارة الأولى:
النور التام يوم القيامة
منذ خروج المصلي من بيته لأداء الصلاة والبشائر تنهال عليه من كل جانب، عَنْ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ، بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني).
معنى ذلك: أن من لم يمشي لصلاة الفجر، فلا نور له يوم القيامة، وهذا أول نتائج الحرمان للمتخلف عن صلاة الفجر، حُرم النور يوم القيامة.
فكما أن للمحافظ على صلاة الفجر له بشائر ومفرحات، فكذلك من لم يكن من أهل صلاة الفجر، فليبشر بالوعيد، والعقاب الشديد.
البشارة الثانية:
خير من الدنيا
إذا أدى المصلي سنة الفجر فهي خير من الدنيا وما فيها، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» (رواه مسلم)، يعني سنة الفجر.
فالمحافظ على صلاة الفجر في جماعة يحصل له البشر، وعظيم الأجر، والفرح والسرور، والغبظة والحبور، بما يجده من لذة صلاة الفجر، وكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها.
أما المتخلف عن صلاة الفجر، فلا يحصل له من الدنيا إلا الخزي والعار، وسوء الخلق، وضيق المنطق، وتراه مقطب الجبين، عابس الوجه، كما أن الناس ينظرون إليه نظرة غير سوية، نظرة ازدراء واحتقار، إذ كيف تكون مسلماً ولا تحافظ على صلاة الفجر، التي هي المحك الحقيقي لأهل الإيمان وأهل النفاق.
البشارة الثالثة:
حصد الحسنات
حين يجلس ينتظر الصلاة فهو في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ كُتِبَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَالْقَاعِدُ فِي الْمَسْجِد يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ كَالْقَانِتِ، وَيُكْتَبُ مِنَ الْمُصَلِّينَ، حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهِ» (أخرجه أحمد).
الله أكبر.. كم يخسر المفرط في صلاة لفجر من الأجر العظيم، و الثواب الجزيل، والخير الوفير، كم يفقد من حسنات، حسنات ركعتين قبل الفجر، وحسنات الخطوات إلى المسجد، وحسنات قراءة القرآن لحين إقامة الصلاة، وحسنات الانتظار داخل المسجد إلى إقامة الصلاة، لو حسبت هذه الحسنات لأصبحت ملايين، لأن الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة.
وكم يخسر المفرط في صلاة الفجر من دعاء الملائكة له، وهم عباد الرحمن، لا يعصونه طرفة عين، ولا أقل من ذلك، بل خلقوا لأجل العبادة فقط، فيخسر تارك صلاة الفجر دعاء ملائكة الرحمن له بالرحمة والمغفرة، إنه عمل كريم يضيعه من لم يحافظ على صلاة الفجر في بيوت الله تعالى، حيث ينادى لها هناك.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ مَا قَعَدَ يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ فِي صَلاَةٍ مَا لَمْ يُحْدِثْ، تَدْعُو لَهُ الْمَلاَئِكَةُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ» (رواه أحمد).
البشارة الرابعة:
شهادة الملائكة
إذا أقيمت الصلاة وشرع المصلي في أدائها، فهاهو يقف بين يدي الله ملك الملوك، الذي بيده خزائن السموات والأرض، الغني الحميد، وتشهد له ملائكة الله، قال جل في علاه: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً} [الإسراء78].
مشهوداً أي: تشهده الملائكة، أما المفرط في صلاة الفجر، فيخسر شهادة الملائكة له، عندما تجتمع الملائكة ليكتبوا عباد الله الذين أذعنوا لأمر الله تعالى، واستجابوا له، بأداء الصلاة في المسجد في وقتها المقدر لها شرعاً، أما من لم يحضر صلاة الفجر، فسوف يكتب مع النائمين الغافلين، التاركين لصلاة الفجر، فما موقفه أمام ربه وخالقه، وما عذره عن التخلف عن الصلاة ؟
ما عذره عندما تتطاير الصحف يوم القيامة، وتنشر الدواوين، ويستلم كل إنسان كتابه، فآخذ باليمين، وآخذ بالشمال ؟ ما عذره عند من لا تخفى عليه خافية ؟
عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «تَجْتَمِعُ مَلاَئِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ»، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً} (متفق عليه).
كم يخسر المفرط في صلاة الفجر من حسنات، وكم يفقد من درجات، وكم يوضع عليه من سيئات، وكم ينزل في الدركات.
البشارة الخامسة:
دخول الجنة والنجاة من النار
إذا أقيمت الصلاة وشرع المصلي في أدائها، فيا له من فوز وأجر، وعظيم الفضل وجليل البشر.
هاهو يقف بين يدي الله ملك الملوك، فارج الهم، وكاشف الغم، الذي بيده خزائن السموات والأرض، الغني الحميد، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا» يَعْنِى الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ (رواه مسلم).
ومن لم يصلي الفجر والعصر فلن يحصل على هذه البراءة من النبي صلى الله عليه وسلم، بل ربما ولج النار والعياذ بالله.
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ» (متفق عليه)، والبردان: هما الفجر والعصر.
ومن لم يصلي الفجر والعصر لم يكن مع أولئك الرجال الذين تركوا الفراش الوثير، والدفء المرغوب، لن يكون مع أولئك الذين استجابوا لربهم عندما سمعوا منادي الله وهو يصدع بالأذان وهو يقول: حي على الصلاة، حي على الفلاح، الصلاة خير من النوم }، فالصلاة فيها فلاح للعبد في الدنيا والآخرة، ومن لم يصلها فلا فلاح له ولا نجاة، نسأل السلامة والعافية.
البشارة السادسة:
رؤية الله عز وجل
يرجى لمن حافظ على صلاة الفجر والعصر، الفوز برؤية الجبار جلا وعلا، فعَنْ جَرِيرٍ بن عبد الله رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةً - يَعْنِى الْبَدْرَ - فَقَالَ: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ لاَ تُضَامُّونَ _ تضارون _ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا» يعني الفجر والعصر، ثُمَّ قَرَأَ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} }، قَالَ إِسْمَاعِيلُ _ أحد رواة الحديث _ افْعَلُوا لاَ تَفُوتَنَّكُمْ (متفق عليه).
قال الحافظ ابن حجر: قال العلماء: ووجه مناسبة ذكر هاتين الصلاتين عند الرؤية، أن الصلاة أفضل الطاعات، وقد ثبت لهاتين الصلاتين من الفضل على غيرهما ما ذكر من اجتماع الملائكة فيهما، ورفع الأعمال، وغير ذلك، فهما أفضل الصلوات، فناسب أن يجازي المحافظ عليهما بأفضل العطايا، وهو النظر إلى الله تعالى يوم القيامة.
هكذا يتواصى الناس فيما بينهم بالمحافظة على الصلوات الخمس جماعة في وقتها، ويخصص منها الفجر والعصر لأهميتهما الشرعية، فهما صلاتان تأتيان بعد نوم وراحة، وقليل من يحافظ عليهما ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
لا يحافظ عليها إلا من وقر الإيمان في قلبه، وانغرس حب الآخرة في نفسه، فباع الدنيا واشترى الآخرة.
وعلى النقيض من ذلك فمن كان همه النوم والأكل وجمع المال في المرتبة الأولى، وكانت الصلاة مرتبة ثانية فهذا هو الخسران المبين.
البشارة السابعة:
أجر قيام الليل
ثم تتوالى البشائر لأصحاب الهمم العالية، والمراتب السامية، فمن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله، يحصل له أجر عظيم، بمثابة من قام الليل كله لا ينام منه شيئاً، عن عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ» (رواه مسلم).
البشارة الثامنة:
دعاء الملائكة
ما أعظم فضل الله تعالى لمن أطاعه، وعمل بمقتضى الكتاب والسنة المطهرة، فلا ينقطع الفضل بانقضاء الصلاة، ولا ينتهي بانتهائها، لكن المصلي ما يزال في أجر عظيم، وفضل كبير، تحيطه عناية الله، وتستغفر له ملائكة ربه، عَنْ علي بن أبي طالب رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ جَلَسَ فِي مُصَلاَّهُ، صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلاَئِكَةُ، وَصَلاَتُهُمْ عَلَيْهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ» (رواه أحمد).
فهل يحصل لمن نام عن صلاة الفجر، مثل هذا الأجر ؟
كلا ورب الكعبة، لا يحصل له إلا الخسارة الوبيلة، والندامة الثقيلة.
هل يستوي من أطاع الله، بمن عصاه ؟ هل يستوي من ترك الدنيا وزخرفها واهتم بالصلاة، بمن كانت الدنيا همه وشغله، وترك الصلاة ؟ لا يستويان أبداً.
البشارة التاسعة:
أجر حجة وعمرة
إذا قويت عزيمته، وغلب نفسه، ودحر شيطانه، وجلس حتى تشرق الشمس، فقد فاز بأجر حجة وعمرة، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ _ الفجر _ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ» (رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 6346).
أين من فرط في صلاة الفجر عن عظيم الأجر، حسنات تصب في خزائن أعمال من حافظ على صلاة الفجر، وسيئات تمتلئ بها صحائف من أهمل صلاة الفجر.
هل يستوي من يصلي ويُؤجر، بمن ينام ويشخر ؟ لا يستويان.
البشارة العاشرة:
في ذمة الله وحفظه
لا تزال البشائر تتوالى على صاحب صلاة الفجر، ولا يزال حفظ الله تعالى مبذولاً إليه، فعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى صَلاَةَ الصُّبْحِ فَهْوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ، فَلاَ يَطْلُبَنَّكُمُ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَىْءٍ، فَإِنَّهُ مَنْ يَطْلُبْهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَىْءٍ يُدْرِكْهُ، ثُمَّ يَكُبَّهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ» (رواه مسلم).
من صلى الفجر لا يزال في حفظ الله تعالى، وفي كنفه سبحانه، لا يضره بإذن الله شيء، فهو معزز مكرم، محفوظ بحفظ الله له.
ومن لم يصلي الفجر فهو في ذمة الشيطان، يضحك عليه، ولا يبالي به في أي واد هلك.
الله أكبر.. أرأيتم كم للمحافظ على صلاة الفجر، من خير وفضل، وكم يُضَيِّع المتخلف عنها من عظيم الأجر، نعم، إنه لا يُحرم من هذا الفضل إلا محروم _ نسأل الله تعالى الثبات على دينه _.
طيب النفس وصفائها:
ومن فوائد صلاة الفجر، أن هناك فرقاً بين من صلى الفجر، ومن لم يصليها، فمما يُشاهد على صاحب الصلاة، لاسيما صلاة الفجر، طلاقة المحيا، وبشر الوجه، والابتسامة الدائمة التي لا تفارق شفتيه، وطيب النفس، ونقاء السريرة، والنشاط الواضح، والبشر والتسامح، المهم أنه يتمتع بأحسن الأخلاق، وهذه من فوائد المحافظة على صلاة الفجر خاصة، وبقية الصلوات عامة، أما من لم يحافظ على صلواته، فإليك هذا لحديث لتعرف الفرق بين الفريقين، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يَعْقِدُ الشِّيطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأسِ أحَدِكُم إذا هُوَ نَامَ ثَلاثِ عُقَدٍ، يضرب على كل عقدة، عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة، فأصبح نشيطاً، طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان» (متفق عليه).
قيل المراد بالصلاة، صلاة التهجد، وقيل المقصود صلاة الصبح.
المقصود أن صاحب صلاة الفجر يتميز بكرم خلقه وحسنه، ونبل قوله وفعله، وحسن تصرفه وتعامله مع الناس، فهو بذلك قد حاز أجراً عظيماً، وفضلاً كبيراً، قال صلى الله عليه وسلم: «إن أكمل المؤمنين إيماناً، أحسنهم خلقاً، وإن حسن الخلق، ليبلغ درجة الصوم والصلاة» (أخرجه البزار وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 1578).
عقوبة غريبة:
واسمعوا لهذه العقوبة من الله لمن نام عن صلاة الفجر، وقيل صلاة الليل، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ ! فَقِيلَ: مَا زَالَ نَائِماً حَتَّى أَصْبَحَ، مَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ، فَقَالَ: «بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ» (متفق عليه).
الخوف من النفاق:
إن التهاون في أداء صلاة الفجر مع الجماعة من علامات النفاق، عَنْ أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلاَةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: «أَشَاهِدٌ فُلاَنٌ» ؟ فَقَالُوا لاَ، فَقَالَ: «أَشَاهِدٌ فُلاَنٌ» فَقَالُوا لاَ، لِنَفَرٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ لَمْ يَشْهَدُوا الصَّلاَةَ فَقَالَ: «إِنَّ هَاتَيْنِ الصَّلاَتَيْنِ _ الفجر والعشاء _ أَثْقَلُ الصَّلاَةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا _ يعني من الأجر _ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً» (رواه أبو داود والنسائي وحسنه الألباني رحمه الله تعالى في صحيح الترغيب والترغيب 1، ح 411/419).
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَثْقَلَ صَلاَةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ: صَلاَةُ الْعِشَاءِ، وَصَلاَةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلاَةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ، إِلَى قَوْمٍ لاَ يَشْهَدُونَ الصَّلاَةَ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ» (متفق عليه).
وقد توعد الله المنافقين بأسفل مكان في النار، وجاءت الآيات مبينة حال المنافق الذي لا يحب الصلاة ولا يألفها في قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً * مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً} [النساء 142-143].
ثم قال تعالى مبيناً مقر أولئك المنافقين في قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً} [النساء 145].
والأخطر من ذلك أن من أهل العلم من يرى أن من تخلف عن صلاة الفجر حتى يخرج وقتها متعمداً، وركب الساعة على وقت العمل، ضارباً بوقت صلاة الفجر عرض الحائط، فإنه كافر، استناداً على ما ورد من الأحاديث.
الحَجَرُ لمن تَرَكَ الفَجْر:
ويا ليت الأمر ينتهي عند التفريط في الفضل، والحرمان من الأجر، ولكن يترتب على
التهاون بالصلاة مخاطر عظيمة، وعواقب وخيمة، يترتب على ذلك آثام عظام، وعذاب وآلام، عَنْ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ الْفَزَارِيُّ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَقُولُ لأَصْحَابِهِ: «هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا»، قَالَ فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ قَالَ: وَإِنَّهُ قَالَ لَنَا ذَاتَ غَدَاةٍ: «إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي وَإِنَّهُمَا قَالاَ لِيَ: انْطَلِقْ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ، فَيَثْلَغُ _ يضرب _ بِهَا رَأْسَهُ، فَيَتَدَهْدَهُ الْحَجَرُ هَا هُنَا، فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ ويَأْخُذُهُ، فَمَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى قَالَ: قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ ! مَا هَذَانِ ؟ قَالَ قَالاَ لِيَ انْطَلِقِ انْطَلِقْ أَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ، وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ» (رواه البخاري).
وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم: «يُفعل به ما رأيت إلى يوم القيامة» (رواه البخاري وأحمد).
نعوذ بالله من شديد غضبه، وأليم عقابه، ونسأل الله تعالى العفو والعافية.
أين أنت ؟
سؤال يتبادر إلى الذهن بعد أن سقنا ما سقنا من نصوص شرعية تدل على أهمية صلاة الفجر خاصة، وبقية الصلوات عامة، السؤال هو: أيها المسلم أين أنت من هؤلاء ؟
• عن برد مولى سعيد بن المسيب قال: ما نودي بالصلاة منذ أربعين سنة إلا وسعيد في
المسجد.
• وقال وكيع بن الجراح عن الأعمش سليمان بن مهران: كان الأعمش قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى.
• وقال محمد بن المبارك الصوري: كان سعيد بن عبد العزيز التنوخي إذا فاتته صلاة
الجماعة بكى.
• وروي عن أحد السلف أنه كان به وجع الخاصرة، فكان إذا أصابه أقعده عن الحركة، فكان إذا نودي بالصلاة يحمل على ظهر رجل، فقيل له: لو خففت على نفسك ؟ قال: إذا سمعتم حي على الصلاة، ولم تروني في الصف، فاطلبوني في المقبرة.
• وسمع عامر بن عبد الله بن الزبير المؤذن وهو يجود بنفسه فقال: خذوا بيدي، فقيل
: إنك عليل، قال: أسمع داعي الله فلا أجيبه ؟! فأخذوا بيده فدخل مع الإمام في المغرب، فركع ركعة ثم مات.
إن من تأمل حال الناس اليوم ليحزن من تهافتهم وراء الدنيا، وزهدهم في مرضاة الله
وجنته، فتجد المنادي ينادي: {الصلاة خير من النوم} فلا تسمع إلا الهدوء والسكون، ولا تكاد ترى أحداً، ولكن بعد ساعة تقريباً، وبعد خروج وقت صلاة الفجر، وبعد طلوع الشمس، حين تأتي مشاغل الدنيا، ويحين وقت العمل، ينقلب الهدوء إلى ضجة لا تنقطع، والسكون إلى حركة لا تنتهي، فسبحان الله ! وصدق سبحانه حين قال: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى 16-17].
فمن كانت الدنيا همه فيالها من تجارة كاسدة خاسرة، تتبعها الحسرة والندامة، قال سبحانه: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ * أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [هود 15-16].
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت الآخرة همه، جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه، جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له (رواه أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجة).
فها قد بانت لك الأمور، وقامت عليك الحجة، وعلمت أن المحافظة على هذه الشعيرة العظيمة سبيل لرفعة الدرجات، وتكفير السيئات، ورضا رب الأرض والسموات، والتفريط فيها من أسباب التردي والانزلاق في الدركات، وإرضاء الشيطان والهوى والشهوات.
واعلم أن المحافظة على الصلاة تحتاج إلى جهد ومجاهدة، وصبر ومصابرة، فاحذر أن تغلبك نفسك، ويقوى عليك شيطانك، فقد حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات، وحاسب نفسك قبل أن تحاسب، وتنبه قبل أن تأتي ساعة تندم فيها ولات ساعة مندم، وتفقد أهل بيتك وأرحامك، وجيرانك وأحبابك، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَمُرُّ بِبَابِ فَاطِمَةَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، إِذَا خَرَجَ إِلَى صَلاَةِ الْفَجْرِ يَقُولُ: «الصَّلاَةَ يَا أَهْلَ الْبَيْتِ» {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} (رواه الترمذي).
وتذكر أن الراحة الحقة، حين تضع أولى قدميك في دار الكرامة، وتنجو من دار العقاب والمهانة، وليست في إيثار نومة زائلة، أو لذة عابرة، ما تلبث أن تزول ثم تقاسي آلامها وعذابها سنوات عديدة، وأزمنة مديدة.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يحافظ على صلواته، ابتغاء مرضاة ربه، وأسأله سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين، ويؤلف بين قلوبهم، ويجمعهم على الحق والدين، ويجعلهم إخوة متحابين، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
___________________________________________________
كتبه: يحيى بن موسى الزهراني
إمام جامع البازعي بتبوك
- التصنيف: