لتعلم ما تتسم به الشريعة الغراء من الرحمة
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ... } [النساء: 25].
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ... } [النساء: 25].
تأملْ قَوْلَ اللَّه تَعَالَى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ...}؛ لتعلم ما تتسم به الشريعة الغراء من الرحمة.
يأمرنا الله تعالى بإقامة الحدِّ على الأمة إذا زنت وكانت متزوجة، والأمة ضعيفة بطبيعتها، عرضة للإهانة وجرأة الفُسَّاق، ما اعتادت أنْ تأنفَ الضيمَ، وترفعَ الرأسَ، وتشمخَ بالأنفِ.
تحتوشها نوازعُ الإثم، فلا أهلَ لها ولا عشيرةَ لتراعي لهم حرمةً، ولا تخشى مسبةً وعارًا، فهي أمْةٌ ليست إلا سلعةً تباع وتشترى، فليس لها وازعٌ يمنعها من ارتكاب الحرام إلا الدِّين، وهو شيءٌ من جملة أشياء تحول بين المرء وارتكاب الحرام، ومنها الحرية، والحرة عندها من الأنفة والبعد عن ارتكاب ما يشين، ومراعاة حرمة الأهل والعشيرة ما ليس عند الأمة، ألم تقل هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ امْرَأَةُ أَبِي سُفْيَانَ لرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمّا أَخَذَ عَلَيْهِنّ العهدَ ألَّا يَزْنِينَ: [وَهَلْ تَزْنِي الْحُرَّةُ يَا رَسُولَ اللهِ]؟ ومنها الحياءُ، وأنىَّ لها الحياء وهي سلعةٌ تقلبها الأيدي، وتتفرَّسها الأعينُ النواظرُ، وتُتَدَاولُ بين الملاك والسادةِ؟
ولما كان العبيد بهذا الضعف وتلك المهانة، جعل الله تعالى على من وقع منهم في الفاحشة نصف مع على الأحرار رحمة بهم ومراعاة لهم.
تلك شريعة الله رحمة كلها وعدل كلها، ومع ما تتَّسم به من الرحمة والعدل، فيها من الحزم ما يحول بين الناس والفساد، وأعظم من هذا أنها تربط العبد بآخرته في كل حركة وسكنة، وأعظم من هذا وذاك تجعل العبد في مراقبة دائمة لخالقه، خوفًا أن يراه حيث نهاه أو يفتقده حيث أمره.
______________________________________________________
الكاتب: سعيد مصطفى دياب
- التصنيف: