تدبر أول سورة المؤمنون وآخرها

منذ 2024-10-24

{بسم الله الرحمن الرحيم قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}أي: قد فاز بخير الدنيا والآخرة المؤمنون الذين آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، فهم يؤمنون بالغيب، ويعملون الأعمال الصالحة التي أعظمها الصلاة.

{بسم الله الرحمن الرحيم قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1]؛ أي: قد فاز بخير الدنيا والآخرة المؤمنون الذين آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، فهم يؤمنون بالغيب، ويعملون الأعمال الصالحة التي أعظمها الصلاة.

 

{الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 2]؛ أي: المؤمنون من صفاتهم أنهم في صلاتهم خاضعون لله، متذلِّلون ساكنون، متدبرون لما يقولون فيها من القراءة والأذكار، مطمئنون في صلاتهم، لا يلتفتون فيها بأبصارهم، ولا يعبثون بجوارحهم.

 

{وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون: 3] ومن صفات المؤمنين أنهم معرضون عن الباطل الذي لا ينفعهم في دينهم ولا دنياهم، فاللغو يعمُّ المعاصي وكلَّ ما لا يفيدُ في أمور الدين والدنيا، فالمؤمنون حريصون على أوقاتهم وأعمارهم، ولا ينشغلون بما لا ينفعهم، {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: 72]، {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} [القصص: 55]، ومن حسن إسلام المرء تركُه ما لا يعنيه، وما لا ينفعه.

 

{وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} [المؤمنون: 4] ومن صفات المؤمنين أنهم يؤدون زكاة أموالهم، وينفقون مما رزقهم الله ولو كانوا فقراء، كما قال الله: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ} [آل عمران: 134].

 

{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: 5] ومن صفاتهم أنهم يحفظون فروجهم عن الحرام، فلا يقعون في فاحشة الزنا وغيرها من الفواحش التي حرَّمها الله.

 

{إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: 6]؛ أي: هم يحفظون فروجهم إلا عن زوجاتهم أو إمائهم اللاتي يملكونهن، فقد أباحهن الله لهم.

 

{فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 7]؛ أي: فمَن تمَتَّعْ بغير زوجته وأمتِه، وقضى شهوته بغير ما أباح الله فأولئك هم المعتدون، المستحقون عذاب الله.

 

{وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} [المؤمنون: 8] ومن صفات المؤمنين أنهم لا يخونون ما ائتمنهم الله عليه من العبادات والأحكام الشرعية، ولا يخونون ما ائتمنهم الناس عليه من الودائع والديون، ويوفون بعهودهم مع الله ومع عباده، فلا ينقضون العهود، ولا يغدرون.

 

{وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المؤمنون: 9]، وكما بدأ الله صفات المؤمنين بأنهم في صلاتهم خاشعون، ختم صفاتهم بأنهم مواظبون على أداء الصلوات الخمس في أوقاتها، بأركانها وشروطها وواجباتها، فهم دائمون على الصلوات، ليسوا ساهين عن صلاتهم، كمن يصلي بعض الفرائض ويترك بعضها، أو لا يطمئن فيها، وهذا هو الواجب على كل مسلم ومسلمة أن يحافظ على صلاته في الحضر وفي السفر، وعند الفراغ أو الشغل، فالصلاة عمودُ الإسلام، وهي أولُ ما يُحاسبُ عليه العبدُ يوم القيامة، والصلاةُ أعظمُ مشروعٍ تقيمه أيها الإنسان في حياتك، {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ} [إبراهيم: 40]، وأعظمُ أوقاتِ حياتِك حين تكون في صلاتك، فحافظ عليها في أوقاتها، واطمئن فيها، واستكثر من النوافل بعد الفرائض، واسجدْ واقتربْ من ربك، فالمؤمن يُعظِّم قدر صلاتِه ظاهرًا وباطنًا، ويحرص على الخشوع فيها، ويقيمها بقلبه وجوارحه، وبقدر إقامة الإنسان للصلاة ظاهرًا وباطنًا تكون هدايتُه في الدنيا، ودرجاته في الآخرة.

 

قال الله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: 10، 11]؛ أي: المؤمنون الموصوفون بتلك الصفات الطيبة هم الوارثون يوم القيامة جنات الفردوس، خالدون فيها بفضل الله ورحمته، في عيشة راضية.

 

 

يقول الله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} [المؤمنون: 99] أي: حتى إذا حضرت الوفاةُ المفرطَ الظالم، فظهر له الحق، وعرف حقارةَ الدنيا الفانية، وعلِم أن الآخرة خير وأبقى، قال نادمًا: يا رب، ارجعوني إلى الدنيا {لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون: 100]؛ أي: لأعملَ عملًا صالحًا أستدرك به ما ضيعته من الصلوات والعبادات، وفرطتُ فيه من الإيمان والطاعات.

 

{كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} [المؤمنون: 100]؛ أي: ليس الأمر كما قال هذا الظالم لنفسه؛ فلن يستجيب الله طلب إمهاله وإرجاعه إلى الدنيا ليعمل صالحًا، وهذا الكلام يقوله الميت عند وفاته وإن كان مَن حوله لا يسمعه.

 

{وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون: 100]، البرزخ هو الحاجز بين الدنيا والآخرة، فلا يُمكن لمن مات أن يرجع إلى الدنيا، بل يمكثون في البرزخ في نعيمٍ أو عذابٍ من وقتِ موتِهم إلى يوم القيامة الذي يبعث الله فيه عباده أحياء بعد أن صاروا ترابًا وعظامًا، وترجعُ الأرواحُ إلى الأجساد التي يعيدها الله بقدرته.

 

{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون: 101] فإذا نُفِخَ في الصور نفخةُ البعث، وقام الناس من قبورهم، فلا تنفع الناسَ يوم القيامة الأنساب، ولا يسألُ أحدٌ منهم أحدًا عن حاله، ولا يطلبُ منه منفعه، {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس: 34 - 37].

 

{فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المؤمنون: 102] فمن ثقلت موازينه بالحسنات التي رجحت على سيئاته؛ فأولئك هم الفائزون بالنجاة من النار، والخلودِ في الجنة.

 

{وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} [المؤمنون: 103] ومن خفت موازينُ حسناته، ورجحتْ موازينُ سيئاته؛ فأولئك الذين خسروا أنفسهم بدخول النار، وفاتهم نعيمُ الجنة، فهم في جهنم ماكثون لا يخرجون منها.

 

{تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} [المؤمنون: 104]؛ أي: تُصيبُ نارُ جهنمَ وجوهَهم فتُحرقها إحراقًا شديدًا، وهم في جهنم عابسون من أثر العذاب الشديد الأليم.

 

{أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} [المؤمنون: 105]، يقول الله لأهل النار يوم القيامة: ألم تكن آياتُ كتابي تُتْلى عليكم في الدنيا، فكنتم تكذبون بها، وتُعرضون عن العمل بها.

 

{قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ} [المؤمنون: 106]، فيقول أهل النار: ربنا غلب علينا ما قدَّرته علينا من شقاوة، فلم نهتدِ بكتابِك بعد قيام الحجة علينا، وكنا في الدنيا قومًا ضالين عن الحق، تائهين في الباطل.

 

{رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} [المؤمنون: 107]، يقولون: ربنا أخرجنا من النار إلى الدنيا، فإن عُدنا إلى الكفر والمعاصي فنحن ظالمون لأنفسنا.

 

{قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 108]، فيقول الله لأهل النار: امكثوا في النار ذليلين مبعَدين حقيرين، ولا تكلموني، فيمنعهم الله أن يكلموه، فقد لعنهم وطردهم من رحمته.

 

{إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ} [المؤمنون: 109]؛ أي: إنه كان في الدنيا جماعةٌ من عبادي المؤمنين يقولون في دعائهم: {رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} [المؤمنون: 109].

 

{فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ} [المؤمنون: 110]؛ أي: فاستهزأتم بالمؤمنين الذين كانوا يعبدون الله ويدعونه إلى أن أنساكم اشتغالُكم بالسخرية منهم ذكري وعبادتي، وكنتم تضحكون منهم وتستهزئون بهم.

 

{إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ} [المؤمنون: 111]؛ أي: إني جزيتُ المؤمنين بسبب صبرِهم على أذاكم واستهزائكم، وصبرِهم على طاعتي، وصبرِهم عن المعاصي، أنهم الفائزون بالجنة، الناجون من عذاب النار.

 

{قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ} [المؤمنون: 112]؛ أي: قال الله في الآخرة لأولئك الكفرة والمنافقين والفُجَّار والظلمة: كم كانت مدةُ مُكثِكم في الأرض من السنين؟

 

{قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ} [المؤمنون: 113] قالوا: مَكثْنا في الأرض يومًا أو بعض يوم، فاسأل الحاسبين الضابطين لمقدارِ مُكثِنا في الدنيا.

 

{قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [المؤمنون: 114] قال الله لهم: ما لبثتم في الأرض إلا وقتًا يسيرًا، لو أنكم كنتم تعلمون قِصَرَ بقائكم في الدنيا لما آثرتم الدنيا الفانية على الآخرة الباقية، فتركتم طاعة الله في تلك المدة القصيرة، وخسرتم النعيم الأبدي، فالدنيا أمد، والآخرة أبد.

 

{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: 115]؛ أي: أفظننتم أنني خلقتكم لعبًا وباطلًا بلا حكمة، لا تؤمرون ولا تنهون، ولا تثابون ولا تعاقبون؟

 

{فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون: 116]؛ أي: فتعاظم وتقدَّس الله عن كل ما لا يليق به سبحانه، ومن ذلك أن يخلق الدنيا والناس عبثًا، فالله هو الملك الحق، وكل ما سواه عبدٌ له، ربُّ العرشِ الحسنِ المنظر، الذي هو سقفُ المخلوقاتِ وأعظمُها.

 

{وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون: 117] أي: ومن يعبدْ مع الله معبودًا آخر لا حجة له على عبادته؛ فالله ربه هو الذي سيُحاسبه يوم القيامة، ويُعذِّبه على شركه به وكفرِه؛ إنه لا يفوز الكافرون، فهم أهل النار المعذَّبون.

 

ثم أمر الله كل عبد أن يستغفر الله ويطلب رحمته، {وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} [المؤمنون: 118].

 

{رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} [المؤمنون: 118].

 

{رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} [المؤمنون: 109].

 

{رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 16].

 

{رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأعرَاف: 47].

 

{وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأعراف: 151].

 

{رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التحريم: 8].

 

{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 10].

 

{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: 147].

 

اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد سيد الأوَّلين والآخرين، وعلى آله وأصحابه وأتباعهم المؤمنين، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، والحمد لله رب العالمين.

___________________________________________________
الكاتب: د. محمد بن علي بن جميل المطري

  • 0
  • 0
  • 231
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    كيف سبيل الرشاد؟ • قال الإمام الأوزاعي رحمه الله: وأنا أوصيك بواحدة فإنها تجلو الشك عنك وتُصيب بالاعتصام بها سبيل الرشد إن شاء الله تعالى: الوصية الأولى: تنظر إلى ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الأمر؛ فإن كانوا اختلفوا فيه فخذ بما وافقك من أقاويلهم فإنك حينئذ منه في سعة. الوصية الثانية: وإن كانوا اجتمعوا منه على أمر واحد لم يشذ عنه منهم أحد فأين المذهب عنهم فإن الهلكة في خلافهم. الوصية الثالثة: وإنهم لم يجتمعوا على شيء قط فكان الهدى في غيره وقد أثنى الله عز وجل على أهل القدوة بهم فقال: { وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ } [التوبة: ١٠٠]. الوصية الرابعة: واحذر كل متأول للقرآن على خلاف ما كانوا عليه منه ومن غيره فإن من الحجة البالغة أنهم لا يقتدون برجل واحد من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أدرك هذا الجدل فإن الولاية في الإسلام دون الجماعة فرقة. [ الجامع في العقائد ص ١٠٤-١٠٥ ]

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً