(فنادى في الظلمات)

منذ 2024-11-04

"يارب يقينا بك في كل الظروف، ونداء لك لا ينقطع في الشدة والرخاء".

يظهر والعلم عند الله تعالى
أن التنصيص  على قوع النداء في  الظلمات هنا للدلالة على أمرين
أولها كمال قدرة الله تعالى في تفريج الكربات مهما عظمت.

وثانيهما وهو ما أريد بسطه هنا:
الثناء على يونس في هذا الموضع خاصة وبيان فضيلة له مع كونها سببا للإجابة أيضا.
وهي أنه دعا وهو في الظلمات..

وقد يقول قائل إن من المعتاد أن يلجأ الناس في الكروب الخانقة إلى ربهم.
ولكن هذا ليس دائما 
بل كثيرا ما يختنق العبد بهمومه فلا يتكلم ولا ينطق ولا يدعو
ويبلس فلا ينادي ربه.

في أحوال الضيق والغضب والانقطاع والألم يشتغل الإنسان بمواجعه ويذهل بها عن كل شيء.
من يوفقه الله في تلك المضايق من غضب أو حزن او يأس أو ألم  إلى الدعاء فهذا علامة أن الله يريد أن يجيبه.

من السهل أن تدعو في الحرم وأنت ترتدي الإحرام والملايين يدعون حولك.
من السهل وأنت في عافية في مسجد بارد أن تدعو بين الأذان والإقامة.
لكن أن تدعو في زحمة خانقة أو  أوجاع تطعن جسدك  أو غم يطحن نفسك وقلق يمزقك، أو غضب يجتاحك.
أو بعد خبر صاعق تنطفئ معه الأنوار حولك.

ثم تقول رغم طحن الآلام 
يارب يارب يارب 
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
في غاشية العذابات المتوالية
يثور توحيدك وتنزيهك وتعظيمك لربك وتقبل ذكريات خطيئاتك.
فتتخطى كل هذا الزحام من الألم المكتظ فيك وحولك.
لتعبر إلى قلبك وتعلو فوق الحزن والكرب والألم.
فتفيض على لسانك.
هذا لحظة فارقة وانتصار حاسم للتوحيد في معركة الحياة.
يارب يقينا بك في كل الظروف
ونداء لك لا ينقطع في الشدة والرخاء.

عبد الله بلقاسم الشهري

دكتوراه في الفقه والتربية. إمام وخطيب جامع النماص بأبها سابقا.

  • 2
  • 0
  • 207
  • عبدالسلام الفرحان

      منذ
    أعظم الأخوّة • لا أخوة أعظم من أخوة الإيمان، فهي الرابطة المتينة التي جمع الله بها بين الذين رضي عنهم من خلقه فقال: ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ..)، وشبهها نبيه بالبنيان فقال: ( إنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وشَبَّكَ أَصَابِعَهُ) [ متفق عليه ]، قال ابن رجب: ويفهم من تشبيكه: أن تعاضد المؤمنين بينهم كتشبيك الأصابع بعضها في بعض فكما أن أصابع اليدين متعددة فهي ترجع إلى أصل واحد ورجل واحد، فكذلك المؤمنون وإن تعددت أشخاصهم فهم يرجعون إلى أصل واحد، وتجمعهم أخوة النسب إلى آدم ونوح، وأخوة الإيمان. [ إفتتاحية النبأ - يشد بعضه بعضا - العدد: 438 ]

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً