كيف يكفيك الله هم دنياك

منذ 2024-11-09

ألا فلنحرص على أن يكون هَمَّ الآخرة هو الهم الأكبر في حياتنا، فنعمق صلتنا بالله، ونتمسك بأحكام الدين، ونضبط سلوكياتنا وأخلاقنا بالشرع، ونقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم في سائر حياتنا

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه: «اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهوِّن به علينا مصائب الدنيا، ومَتِّعْنا بأسماعنا وأبصارنا وقوَّتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تُسلِّط علينا من لا يرحمنا»؛ (الترمذي ح 3502).

 

ما أكثر الهموم في حياتنا! همَّ الرزق، وهمَّ المنصب، وهمَّ الجاه، وهمَّ الزوجة، وهمَّ الأولاد، وهمَّ الدراسة، وهمَّ المستقبل المجهول، وهمَّ السعادة المفقودة وهمَّ المرض وهمَّ العدو، وغير ذلك من الهموم وغيرها، فإذا كانت هذه هي الهموم التي تسيطر على حياتنا وسببت لنا التعاسة والشقاء وضنك العيش، فكيف نتعامل معها؟ وكيف نتجاوزها ونقلل من آثارها؟ وإذا كانت كل هذه الهموم دنيوية تدور حول الحياة فأين هَمُّ الآخرة؟ وأين نصيبه من هذا الكمِّ الهائل من الهموم؟ وهو الهمُّ الذي تزول به هموم الدنيا، وبه تحل السعادة والطمأنينة والرضا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من جعل الهموم همًّا واحدًا همَّ المعاد كفاه الله همَّ دنياه، ومن تشعَّبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديته هلك»؛ (ابن ماجه، ح 4106). وفي رواية: «من كان همُّه الآخرة جمع الله شمله، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت نيَّتُه الدنيا فرَّق الله عليه ضيعته، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأتِهِ من الدنيا إلا ما كتب له»؛ (أحمد، ح 21080). وفي رواية: «من جعل الهموم همًّا واحدًا هَمَّ آخرته كفاه الله هَمَّ دنياه، ومن تشعَّبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك»؛ (ابن ماجه، ح257).

 

إن الإسلام دين واقعي، فعندما أمرنا بتذكُّر الآخرة وما فيها لم يغفل واقع الناس وحياتهم ومتطلباتهم وهمومهم في هذه الحياة، فالدنيا لا شك أنها مليئة بالهموم والمتاعب وقد أمرنا بالسعي فيها وتعميرها، وعندما ذَمَّها الإسلام إنما كان الذم تحذيرًا للإنسان أن ينشغل فيها عن الآخرة؛ فينسى طاعة ربه، وينسى رسالته في تعمير الأرض ودعوة الناس إلى دين الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونشر الفضيلة ومحاربة الرذيلة، وتقوية روابط المجتمع، وتقديم النفع، وكفِّ الأذى، وهذا ما فهمه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن سار على نهجهم، فما تركوا الدنيا؛ بل عمَّروها، وأسسوا دولة وبنوا حضارةً عظيمةً، وقدَّموا خدماتهم للبشرية في شتى مجالات الحياة، ومع ذلك لم تكن الدنيا أكبرَ همِّهم بل كانت الآخرة؛ هذا عمر بن عبدالعزيز الخليفة العادل الذي كان ملكه يمتدُّ في ثلاث قارات، من الصين شرقًا إلى حدود فرنسا غربًا، ومع ذلك كان على وجهه خطان أسودان من كثرة البكاء والتفكُّر في الآخرة، لما حضرته الوفاة قال لبنيه وكان مسلمة بن عبدالملك حاضرًا: يا بني، إني قد تركت لكم خيرًا كثيرًا، لا تمرُّون بأحد من المسلمين وأهل ذمتهم إلا رأوا لكم حقًّا، يا بني، إني قد خيرت بين أمرين؛ إما أن تستغنوا وأدخل النار، أو تفتقروا وأدخل الجنة، فأرى أن تفتقروا إلى ذلك أحب إليَّ، قوموا عصمكم الله... قوموا رزقكم الله... قوموا عني، قال مسلمة: فقمنا وتركناه، وتنحينا عنه، وسمعناه يُردِّد قوله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83]، فدخلنا عليه فإذا هو قد مات... واليوم لا يمتلك أحدنا مبلغًا من المال أو قطعة أرض أو يعين في منصب أو وظيفة أو يكثر أتباعه وأولاده أو يرى في نفسه صحة وعافية، فإذا به يتكبَّر ويتجبَّر وينسى آخرته؛ فيظلم ويعتدي ويعصي ربَّه ليلًا ونهارًا!

 

لقد كان هَمُّ الآخرة في حياة الصالحين أعظمَ من كل شيء؛ بل ربما تسابقوا وتنافسوا عليه... هذا سعد بن خزيمة بن الحارث رضي الله تعالى عنه لما أراد أن يخرج إلى غزوة بدر جاءه والده خزيمة بن الحارث قال: يا سعد، ألست بوالدك، قال: نعم، قال: اجلس مع أخواتك في البيت وأخرج أنا، قال: يا أبي، لو كان غير الجنة آثرتك، إن الأنصار يعلمون أنه ما من أهل بيت في المدينة أبر فيها ولد في والده مني، فاستهما.. فوقعت القرعة على سعد ليخرج ويقتل فيها شهيدًا رضي الله تعالى عنه... وبعد عام ينطلق في أجواء المدينة صوت منادي رسول الله صلوات الله وسلامه عليه يدعو المؤمنين للنفرة إلى أُحُد فيسارع خيثمة يلبي النداء، فيتلَقَّاه الرسول القائد ببسمة مشفقة، ولكأن خيثمة يدرك ما في نفس رسوله القائد من إشفاق على شيخوخته وضعفه فيقول: يا رسول الله، والله لقد كنت حريصًا أن أنفر معك إلى بَدْر؛ لكن ولدي سعدًا فاز فيها من دوني فرزقه الله الشهادة والجنة، ولقد رأيته البارحة في نومي وهو على أحسن صورة يسرح في ثمار الجنة وأنهارها ويلح عليَّ يقول: يا أبتاه، الحَقْ بنا ترافقنا في الجنة، فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقًّا، وإني يا رسول الله، قد أصبحت مشتاقًا إلى مرافقة سعد في الجنة، وقد كبرت سِنِّي، ورقَّ عظمي، وأحببت لقاء ربي، فخَلِّ بيني وبين أُحُد، وادْعُ الله لي أن يرزقني الله الشهادة فأدخل الجنة وألحق بولدي سعد... ويرق قلب الرسول القائد لخيثمة فيدعو له بما أراد، وحين احتدمت المعركة كان خيثمة بن الحارث يصول ويجول يثخن بالكافرين الجراح ويثخنون به الجراح حتى تغلبه الجراح فيخر شهيدًا في سبيل الله، ويلحق بإذن الله بولده سعد في الجنة، يسرح في ثمارها وأنهارها، رضي الله عنهم أجمعين.

 

أيها المؤمنون، إن الدنيا ليست بدار مقام والناس يرحلون كل يوم إلى الآخرة، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "ارتحلت الدنيا مدبرة، وارتحلت الآخرة مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغدًا حساب ولا عمل"؛ (رواه البخاري في باب: الأمل وطوله)... ومن أراد أن يعرف الهمَّ الأكبر الذي يشغله فلينظر في أحواله: ما الذي يفكر فيه قبل نومه أو في صلاته؟ ما الذي يفرحه ويحزنه؟ وما الذي يغضبه؟ما هي أمنياته؟ وبماذا يدعو الله في سجوده؟ ما الذي يهمه في تجارته: الربح بأي طريقة ووسيلة أم الربح الحلال؟ هل يحرص على تعليم أولاده قيم الدين وأخلاقه أم أن ذلك لا يدخل في حساباته ولا في اهتماماته؟ وهل يشعر بأن الوظيفة أو المنصب الذي تولَّاه أمانة يجب أن يؤديها كاملة أو أنه يشعر بأن ذلك يعتبر مغنمًا لا يؤدي حقَّه؟ هل يندم ويتأثر إذا فاتته طاعة؟ وهل يستفيد من مواسم الطاعات والنفحات ويستبشر بها؛ كرمضان وذي الحجة وعرفة ومحرم ويوم الجمعة؟ هل يتحرَّى الحلال في طعامه وشرابه؟ هل قلبه معلق بالمساجد والصلوات وقراءة القرآن؟ وهل يبرُّ والديه، ويصِل رحمه، ويحسن إلى جاره؟ وهل يحب للمسلمين ما يحب لنفسه؟ وغير ذلك من الأمور.

 

إن التبصُّر في ذلك كله يدلك على الهمِّ الأول أو الأكبر في حياتك، فتعرف حينذاك أنك ممن أهمته دنياه أو آخرته قال تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: 9]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: 57- 61]، دخل عمر الفاروق رضي الله على النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم على حصير قد أثَّر في جنبه الشريف، فبكى عمر وقال: يا رسول الله، كسرى وقيصر وهم على كفر ينامون على الحرير والديباج وأحلى الفُرُش وأنت رسول الله وحبيب الله وأول من تفتح لك الجنة وتنام على الحصير! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أفي شك أنت يا بن الخطاب» ؟، قال: لا يا رسول الله، قال: «أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا، أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة»؛ (إسناده صحيح).

 

لقد عدَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحاب هَم الدنيا ممن يبغضهم الله تعالى ووصفهم بأوصاف ينبغي لكل مسلم أن ينأى بنفسه عنها، روى البيهقي وصححه الألباني عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله يبغض كل جعظري جوَّاظ صخَّاب بالأسواق، جيفة بالليل، حمار بالنهار، عالم بالدنيا، جاهل بالآخرة»، عالم بالسياسة والاقتصاد والإعلام والرياضة والفن والقبائل وأنسابها بل والجيوش وأسلحتها والموضة ووسائل التواصل الاجتماعي وربما يعلم بعدد سكان الأرض وأين يتوزعون، إلى جانب أنه يحلل الأمور ويدرس التوقعات، عالم بدنياه جاهل بآخرته. (والجعظري: هو الفظ الغليظ المتكبر، والجوَّاظ: الجموع المنوع البخيل الشحيح)... قال تعالى: {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [البقرة: 200 - 202].

 

أيها المسلمون، أين صاحب همِّ الدنيا من ذلك؟! "الصحابي صهيب الرومي لما لحقت به قريش، قالوا: جئت صعلوكًا فقيرًا فآويناك وأغنيناك، أو بعد ما قويت واغتنيت تهاجر بمالك؟ والله لا ندعك، فقال: وإن تركت لكم المال؟ قالوا: نُخلِّي عنك، فوصف مكان ماله لهم وفَرَّ مهاجرًا إلى الله"، وما يغني قليل وحفنة ومتاع من الدنيا أمام الهجرة إلى الله ورسوله! فلما وقف أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: «ربح البيع أبا يحيى»، وأنزل الله فيه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [البقرة: 207]،
 

عباد الله، ألا فلنحرص على أن يكون هَمَّ الآخرة هو الهم الأكبر في حياتنا، فنعمق صلتنا بالله، ونتمسك بأحكام الدين، ونضبط سلوكياتنا وأخلاقنا بالشرع، ونقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم في سائر حياتنا، أما هموم الدنيا فقد دلَّنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وسائل وطرق إذا قام بها المسلم بثقة ويقين بالله فإن الله يذهبها عنه، من ذلك ما روى أبو سعيد الخُدْري، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال: «يا أبا أمامة، ما لي أراك جالسًا في المسجد في غير وقت الصلاة»، قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال: «أفلا أُعلِّمُك كلامًا إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل هَمَّك وقضى عنك دينك»، قال: قلت: بلى، يا رسول الله، قال: «قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهمِّ والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجُبْن والبخل، وأعوذ بك من غَلَبة الدَّيْن وقَهْر الرجال»، قال: ففعلت ذلك؛ فأذهب الله عز وجل همي وقضى عني ديني؛ (أبو داود، ح 1555).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أصاب أحدًا قطُّ هَمٌّ ولا حزن، فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أَمَتِك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حُكْمُك عَدْلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سمَّيْت به نفسك، أو عَلَّمْته أحدًا من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذَهاب همِّي، إلَّا أذهب الله همَّه وحزنه، وأبدله مكانه فرجًا»، قال: فقيل: يا رسول الله، ألا نتعلمها؟ فقال: «بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلَّمَها»؛ (أحمد، ح 3704).

 

وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا، ومن كل هَمٍّ فرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب»؛ (أبو داود ح 1518، ابن ماجه ح 3819، أحمد ح 2234).

 

عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: «من قال إذا أصبح وإذا أمسى: حسبي الله، لا إله إلا هو، عليه توكلت، وهو رب العرش العظيم -سبع مرات- كفاه الله ما أهمَّه صادقًا كان بها أو كاذبًا»؛ [أبو داود، ح 5081].

 

ومن ذلك الصلاة وإقامتها والمحافظة عليها، عن حذيفة قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حَزَبه أمرٌ صَلَّى"؛ (أبو داود، ح 1319)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا بِلالُ، أقم الصلاة أرِحْنا بها»؛ (أبو داود، ح 4985).

 

عبـــاد الله، ومن ذلك كثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن أُبَيِّ بن كعب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال: «يا أيها الناس، اذكروا الله، اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه» ، قال أُبَيّ: قلت: يا رسول الله، إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: «ما شئت»، قال: قلت: الربع؟ قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك»، قلت: النصف؟ قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك»، قال: قلت: فالثلثين؟ قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك»، قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: «إذًا تُكفى همك ويُغفر لك ذنبك»؛ (رواه الترمذي، ح 2457، وقال: هذا حديث حسن).

__________________________________________________
الكاتب: حسان أحمد العماري

  • 3
  • 0
  • 307
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    استخرجهم كما استخرجوك • جاء في السنة ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن رسول الله ﷺ أنه قال: (وإنّ الله أمرني أن أحرّق قريشا، فقلت: ربّ إذا يثلغوا رأسي فيدعوه خبزة! قال: استخرجهم كما استخرجوك، واغزهم نُغْزِك (أي: نعينُك على غزوهم)، وأنفق فسننفق عليك، وابعث جيشا نبعث خمسة مثله، وقاتل بمن أطاعك من عصاك) [مسلم]، فتأمل في هذا الحديث مليا، كيف كان جواب رسول الله ﷺ على الأمر الرباني بالغلظة على المشركين أنه سيكون لهم ردة فعل عنيفة تجاهه، وأنه سيتعرض للأذى فيثلغ المشركون رأسه ضربا حتى يُدموه، وتأمل مقابل ذلك كيف كان الأمر الإلهي أنه مع هذا الألم فلا بد له أن يستخرجهم، ويغزوهم، وينفق ماله في سبيل جهادهم، ويقاتل بالمؤمنين جموع الكافرين، عندئذ، سيعينه الله الكريم في جهاده، فيسهل له أسباب الغزو والنكاية بعدوه، ويُخلف عليه الأموال التي أنفقها في سبيله، ويسخّر له الملائكة يقاتلون مع جيشه ضد عدوه وعدوّهم، وهذا ما كان بالفعل. - افتتاحية النبأ "واغزهم نغزك" 435

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً