رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (28)- هم الترك!

بيد أن هذه الواقعة الباطشة على عنفها، وعلى سرعة ما تلاها من تدفق كتائب الإسلام منساحة في قلب أوربة، لم تفت في عضد المسيحية الشمالية، بل على العكس، زادها الإحساس بالخزي والعار حماسة وتصميمًا وتحرقًا وحقدًا خالط كل نفس من الخاصة والعامة، وصار هم الترك (أي المسلمين) همًا مؤرقًا للعالم والجاهل والصغير والكبير والذكر والأنثى، وهام الرهبان وغير الرهبان في جنبات أوربة غضابًا يحرضون رعاياهم على قتال الترك بكل لسان قادر على الإثارة والتبشيع. 

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (27)- وانساحت كتائب الإسلام!

وبغتة وقعت الواقعة في يوم الثلاثاء 20 جمادي الآخرة سنة 857 هـ، ودخل محمد الفاتح حصن المسيحية الشمالية المنيع الشامخ، مدينة القسطنطينية، وقضي الأمر الذي فيه تستفتيان. ودنت صلاة العصر، وقام أحد العلماء فأذن للصلاة، وصلى المسلمون في كنيسة أيا صوفيا ومن يومئذ حولت فصارت مسجدًا. انتشر الخبر كالبرق في أرجاء أوربة، ومادت الدنيا بالخبر، واهتزت دنيا المسيحية الأوربية هزة لم تعرف مثلها قط، ولم يبق عليها راهب ولا ملك ولا أمير ولا صعلوك إلا انتفض انتفاضة الغضب لدينه. وما هو إلا قليل حتى انطلق محمد الفاتح، وانساحت كتائب الإسلام في قلب أوربة، يا لها من فجيعة!! وكان ما كان.. 

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (26)- فأورثهم بذنوبهم!

قضى الله قضاءه المستور الذي لم يكشف عنه الحجاب بعد، أن لا تكون الحرب الصليبية شرًا محضًا على المسيحية المحصورة في الشمال، بل قدرًا مقدورًا يحمل لها في طياتها خيرًا محجوبًا، ليكون غدًا، بهذا الخير الجنين، عقوبة لعباده في دار الإسلام، إذ أعجبتهم كثرتهم، وغرتهم قوتهم، وتاهوا بما أوتوا من زخرف الحياة الدنيا، وركب كثير من عامتهم محارم الله، وخالطوا معاصي قد نهوا عنها، ونسوا حظًا من الحق الذي في أيديهم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وتركوا محجة بيضاء لا يضل سالكها، واتبعوا السبل فتفرقت بهم عن سبيله سبحانه، فأورثهم بذنوبهم غفلة سوف تطول حتى يفتحوا أعينهم فجأة على بلاء ماحق! 

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (25)- لا سبيل لتجربته مرة ثالثة!

وقضى الله قضاءه في السابع من جمادي الآخرة سنة 690 هـ، وسقط آخر حصن كان للصليبين في الشام، ورجعت آخرفلول الحملات الصليبية إلى مواطنها متهالكة يائسة مستحذية صفر الوجوه من الخزي والعار، وفي قلوبها حسرة قاتلة على ما خرج من أيديها من متاع الدنيا وبهجتها وزخرفها، وفي سر أنفسها يأس محير ويقين مفزع؛ أن دار الإسلام ديار ممتنعة على الاختراق امتناعًا لا سبيل لتجربته مرة ثالثة!

 

ستون عاماً وأنتِ في منابتنا

يا بذرةَ السوء قدْ أسموكِ صُهيوناً *** وأنبتوكِ فعشتِ في مغانينا

يا نبتةً كلُ أهلِ الأرضِ تقْلعُها *** لا تحلمي أنْ تظلّي في أراضينا

ستون عاماً وأنتِ في منابِتنا *** ...

أكمل القراءة

أسطول الحرية وبكى الرجال

متُّ لم أنعم بعمري أبدا *** ليس طعناً متُّ لكن كمدا

ذلَّ قومي.. فاستُذلت غزةٌ *** أشجع القوم الذي قد نددا

هتف الشعب أغيثونا فقد ** فقد الوالد قهراً ولدا

وقضت أم وماتت ...

أكمل القراءة

أسطول الحرية

جبنوا فكنت أبا السيوف المشهره *** وركبت خيلا للفتوح مضمّره

وشطبت عذر المنهكين بطلعة *** كانت مع حلَك المدار مظفّره

أبصرت غزة تستغيث بأهلها *** فدفعت للأحباب فيلق مرمره

أكمل القراءة

عِشْ بِالْهُدَى .. وَصِلِ الْحَبِيبَ مُحَمَّدَا

جَافِ التَّكَبُّرَ وَازْدَرِ الشَّنَآنَا *** وَخَلِ التَّوَاضُعَ.. يَا فَتَى عُنْوَانَا

وَاجْعَلْ لِنَفْسِكَ خَصْلَةً مَحْمُودَةً *** تَحْيَا بِهَا بَيْنَ ...

أكمل القراءة

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (24)- اللغة!

والذي أضعف سلطان الكنيسة والرهبان على نفوس رعاياهم الذي لا سبيل لهم إلى معرفة شيء من دينهم إلا عن طريق الكنيسة والقسيسين والرهبان. ولكن كان العائق عن أن تؤتي هذه النهضة ثمارها يومئذ أن لغة الرهبان ثم العلماء كانت هي اللاتينية القديمة، وهي لغة لا تعرفها رعايا الكنيسة، وكانت أوربة كلها تتكلم لغات مختلفة، ولهجات شديدة التباين، ولكنها لغات قلقة في دور التكوين. وكان أكثر هذه الجماهير أميًا لا يقرأ ولا يكتب، فأصبح الرهبان والعلماء يسيرون في طريق، ورعايا الرهبان يسيرون في طريق آخر، فهم قطيع ينعق فيه ناعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون!

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (22)- علم الدنيا وعلم الآخرة

وانتبه بعض الرهبان والملوك وعقلاء الرجال، وبحثوا عن مخرج قبل أن يتفاقم الأمر. فكان بينا لعقلائهم أن سر قوة الحضارة الإسلامية هو العلم، علم الدنيا وعلم الآخرة. فعلم الآخرة، وهو الدين؛ مقنع لجماهير البشر، فهم يدخلونه طوعًا واختيارًا، وعلم الدنيا؛ كما رأوا هو الذي مكن لهذه الحضارة الإسلامية أن تمتلك هذه القوة الهائلة المتماسكة التي شعروا أنها مستعصية على الاختراق، وهذه الأبهة الهائلة التي تعيش فيها دار الإسلام. 

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (21)- الهمج الهامج

ثم جاء ما يبدد هذا اليأس.. هذه الجيوش الجرارة من الهمج الهامج تتدفق من قلب أوربة، تريد مرة آخرى اختراق العالم الإسلامي من شماله في الشام، ونشبت الحروب الصليبية التي ستستمر قرنين كاملين، في خلالها استولوا على جزء من أرض الشام، وأقام به بعضهم إقامة دائمة، وأنشأوا ممالك وخالطوا المسلمين مخالطة طويلة، وأحرزوا من كنوز العالم الإسلامي ثروة هائلة يستمتعون بها، وعرف الهمج الهامج ما لم يكن يعرف، وامتلأت قلوبهم شهوة ورغبة فيما فتنتهم به ديار الإسلام وحضارته. ويعود العائدون بعد كل حملة من الحملات الـ7 الصليبية إلى ديارهم وأهليهم ويتحدثوا بما رأوا، وينبهر السامعون ويتوقون إلى الرحلة والانضمام إلى كتائب المجاهدين الصلبيين لتحقيق آمالهم في الغنى والثروة والاستمتاع. 

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (20)- جماهير الرعايا

وضاق الأمر، وكاد اليأس أن يخامر قلب المسيحية، لا تدري ماذا تفعل في تساقط رعاياها في الإسلام، أو في ثقافته وحضارته، طوعًا بلا إكراه. ما معني هذا؟ أيكون معناه أن المسيحية على ما هي عليه غير مقنعة لجماهير الرعايا؟ ولم يحيروا جوابًا، ولا وجدوا لأنفسهم مخرجًا.

شخصيات قد تهتم بمتابَعتها

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً