كيف أتخلص من العزلة الاجتماعية وأندمج مع الآخرين؟
أن تقييم الشخصية والذات يتطلب الكثير من الشفافية والمصداقية والإنصاف. وبعد أن تُحدِّد المعالِم الإيجابية والمعالِم السلبية اسعى لتطوير ما هو إيجابي وتحقير ما هو سلبي، وهذه خطوة أولى ومهمّة جدًّا.
السلام عليكم.
استخدمت مضادات الاكتئاب واليوم حالتي والحمد لله ممتازة، ولكن أعاني من مشكلة الاندماج مع الناس، أحس نفسي دخيلا على الناس أو غير مرغوب فيه من قبل الآخرين، ازدادت حدة الأمور عندما أصبحت أُعاير على وحدتي وكيف أني ضعيف الشخصية ولست اجتماعيا، مع أني أقف في وجه الخطأ، وآخذ حقي وحق غيري لست خجولا ولست مترددا، وفي مواضيع النقاش أكون متكلما جيدا، ولكن بالمواضيع السطحية أو الروتينية إن لم يبدأ شخص بالحديث لا أتحدث.
قديما كنت اجتماعيا وضحوكا مع أن أبي مثلا كان وما زال ضد تكوين أي نوع من العلاقات، إذا خرجت مع شخص يلاحق ورائي ليبعدني عن الناس ويحرجني أمامهم بالسب والشتم، البعض قال لي بأن مشاكل العلاقات تكون جذورها منذ الطفولة وسن التنشئة، فهل يوجد حل لخوفي؟
اليوم أنا طالب أدرس بالخارج وبصراحة أنا خائف من أن أعود لأيام اكتئابي الحاد وأن أبقى منعزلا.
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لديك ما أسميته بالعزلة الاجتماعية، أو عدم قدرتك على بناء نسيج اجتماعي وتواصل اجتماعي جيد: هذا الأمر لا تنزعج له أبدًا، هو أصلاً موجود منذ البدايات، لكن كانت طبقة الاكتئاب تُغطي عليه، لأن الاكتئاب أقوى وأشد في درج الحالات النفسية، فالآن انقشع الاكتئاب -الحمد لله- وأصبح موضوع ما أسميته بأنك ضعيف الشخصية ولست اجتماعيًا، هو المكون النفسي السلوكي الأساسي فيما يتعلَّق بأفكارك.
أيها الفاضل الكريم: أولاً هذا الفكر يجب أن تُحقّره، فأرجو أن تعيد تقييم شخصيتك مرة أخرى، انظر إلى ما هو إيجابي، وانظر إلى ما هو سلبي، ولا تُضخم ذاتك، ولا تُقلِّل من شأنها، بمعنى: أن تقييم الشخصية والذات يتطلب الكثير من الشفافية والمصداقية والإنصاف. وبعد أن تُحدِّد المعالِم الإيجابية والمعالِم السلبية اسعى لتطوير ما هو إيجابي وتحقير ما هو سلبي، وهذه خطوة أولى ومهمّة جدًّا.
الأمر الثاني: أنت محتاج أن تطوّر ما نسميه بالذكاء العاطفي أو (الذكاء الوجداني)، من خلال الذكاء الوجداني يستطيع الإنسان أن يفهم نفسه بصورة إيجابية ويتعامل معها إيجابيًّا، وهذا يُؤدّي إلى فهمه للآخرين أيضًا بصورة إيجابية، وسوف يحسن التعامل الاجتماعي معهم. هنالك كتاب مشهور وكتاب أساسي للذكاء الوجداني، كتبه العالم الدكتور (دانييل جولمان) عام 1995، والكتاب مُترجم للغة العربية، وموجود، فأرجو أن تتحصّل عليه، كتاب (الذكاء العاطفي)، وإن شاء الله تعالى من خلال تفهُّم محتويات هذا الكتاب وتطبيقها سوف تجد أنك بالفعل اكتسبت معلومات قوية ورصينة وممتازة، وهنالك تطبيقات في الكتاب ذاته يجب أن تلتزم بها. هذا هو لُبّ الأمر وجوهره.
الأمر الآخر: يجب أن تبدأ خطوات عملية في التواصل الاجتماعي، مثلاً: إذا كان هناك مسجد في الدولة التي تدرس فيها؛ يجب أن تُصلّي مع الجماعة، على الأقل عدد من الصلوات، عدد من الفروض إن لم يكن كلها، ودائمًا وأنت مُقْدِمٌ إلى المسجد يجب أن تشعر أنه المكان الأمان، والمكان التواصل الصحيح، أن الإنسان يستطيع أن يبني علاقات جيدة وممتازة وفاعلة فيه. هذه نقطة.
نقطة أخرى: يجب أن تفعل رياضة جماعية، أنا متأكد أن مرفقك الدراسي لابد فيه أنشطة رياضية، فأرجو أن تستفيد منها لأقصى درجات الاستفادة. الرياضة الجماعية تجعل الإنسان يبني نسيجًا اجتماعيًّا دون أن يقوم بأي متاعب نفسية أو ضغط على ذاته، فهذه نقطة أخرى.
النقطة الثالثة وهي أيضًا مهمة جدًّا: حاول أن تعرِّض نفسك لمواقف اجتماعية في الخيال، مثلاً تصوّر نفسك أنك تُقدِّم برزينتشن على الفصل الدراسي، وهذا يحدث، وقم بكل خطوات التقديم، وكيف أنك قد حضرت البوربوينت، وكيف أنك عرضت المادة، وكيف أنها قد لاقت الاستحسان. هذا تعرُّضٍ في الخيال ممتاز جدًّا.
فإذًا هذه هي الخطوات العملية، وقد وجدنا أيضًا أن تمارين الاسترخاء تفيد كثيرًا، فأرجو أن تُطبقها. توجد برامج كثيرة جدًّا على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين، فأرجو أن ترجع لها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
- التصنيف:
- المصدر: