التعليق على نونية ابن القيم - الرد على الحلولية وإثبات علو الله عز وجل
منذ 2001-08-29
فهو السماء بعينها ونجومها ***** وكذلك الأفلاك والقمران
وهو الغمام بعينه والثلج وال ***** أمطار مع برد ومع حسبان
وهو إلهواء بعينه والماء والت ***** ترب الثقيل ونفس ذي النيران
هذي بسائطه ومنه تركبت ***** هذي المظاهر ما هنا شيئان
وهو الفقير لها لأجل ظهوره ***** فيها كفقر الروح للأبدان
وهي التي افتقرت إليه لأنه ***** هو ذاتها ووجودها الحقان
تظل تلبسه وتخلعه وذا في ال ***** إيجاد والإعدام كل أوان
ويظل يلبسها ويخلعها وذا ***** حكم المظاهر كي يرى بعيان
وتكثر الموجود كالأعضاء في ال ***** محسوس من بشر ومن حيوان
أو كالقوى في النفس ذلك واحد ***** متكثر قامت به الأمران
فيكون كلا هذه أجزاؤه ***** هذي مقالة مدعي العرفان
أو أنها تكثر الأنواع في ***** جنس كما قال الفريق الثان
فيكون كليا وجزئياته ***** هذا الوجود فهذه قولان
إحداهما نص ( الفصوص) وبعده ***** قول ابن سبعين وما القولان
عند العفيف التلمساني الذي ***** هو غاية في الكفر والبهتان
إلا من الأغلاط في حس وفي ***** وهم وتلك طبيعة الأنسان
والكل شيء واحد في نفسه ***** ما للتعدد فيه من سلطان
فالضيف والمأكول شيء واحد ***** والوهم يحسب ها هنا شيئان
وكذلك الموطوء عين الوطء وال ***** وهم البعيد يقول ذان اثنان
ولربما قال مقالته كما ***** قد قال قولهما بلا فرقان
وأبى سواهم ذا وقال مظاهر ***** تجلوه ذات توحد ومثان
فالظاهر المجلو شيء واحد ***** لكن مظاهره بلا حسبان
هذي عبارات لهم مضمونها ***** ما ثم غير قط في الأعيان
فالقوم ما صانوه عن إنس ولا ***** جن ولا شجر ولا حيوان
كلا ولا علو ولا سفل ولا ***** واد ولا جبل ولا كثبان
كلا ولا طعم ولا ريح ولا ***** صوت ولا لون من الألوان
لكنه المطعوم والملبوس وال ***** مشموم والمسموع بالإذان
وكذاك قالوا أنه المنكوح وال ***** مذبوح بل عين الغوي الزاني
والكفر عندهم هدى ولو أنه ***** دين المجوس وعابدي الأوثان
قالوا وما عبدوا سواه وإنما ***** ضلوا بما خصوا من الأعيان
ولو أنهم عموا وقالوا كلها ***** معبودة ما كان من كفران
فالكفر ستر حقيقة المعبود ***** بالتخصيص عند محقق رباني
قالوا ولم يك كافرا في قوله ***** أنا ربكم فرعون ذو الطغيان
بل كان حقا قوله إذ كان عي ***** ن الحق مضطلعا بهذا الشان
ولذا غدا تطهيره في البحر تط ***** هيرا من الأوهام والحسبان
قالوا ولم يك منكرا موسى لما ***** عبدوه من عجل لذي الخوران
الاعلى من كان ليس بعابد ***** معهم وأصبح ضيق الأعطان
ولذاك جر بلحية الأخ حيث لم ***** يك واسعا في قومه لبطان
بل فرق الانكار منه بينهم ***** لما سرى في وهمه غيران
ولقد رأى إبليس عارفهم فأه ***** وى بالسجود هو ذي خضعان
قالوا له ماذا صنعت فقال هل ***** غير الإله وأنتما عميان
ما ثم غير فاسجدوا إن شئتم ***** للشمس والأصنام والشيطان
فالكل عين الله عند محقق ***** والكل معبود لذي العرفان
هذا هو المعبود عندهم فقل ***** سبحانك اللهم ذا السبحان
يا أمة معبودها موطوؤها ***** أين الإله وثغرة الطعان
يا أمة قد صار من كفرانها ***** جزء يسير جملة الكفران
فصل
في قدوم ركب آخر
وأتى فريق ثم قال وجدته ***** بالذات موجودا بكل مكان
هو كالهواء بعينه لا عينه ***** ملأ الخلو ولا يرى بعيان
والقوم ما صانوه عن بئر ولا ***** قبر ولا حش ولا أعطان
بل منهم من قد رأى تشبيهه ***** بالروح داخل هذه الأبدان
ما فيهم من قال ليس بداخل ***** أو خارج عن جملة الأكوان
لكنهم حاموا على هذا ولم ***** يتجاسروا من عسكر الأيمان
وعليهم رد الأئمة أحمد ***** وصحابه من كل ذي عرفان
فهم الخصوم لكل صاحب سنة ***** وهم الخصوم لمنزل القرآن
ولهم مقالات ذكرت أصولها ***** لما ذكرت الجهم في الاوزان
فصل
في قدوم ركب آخر
وأتى فريق ثم قارب وصفه ***** هذا ولكن جد في الكفران
فأسر قول معطل ومكذ ب ***** في قالب التنزيه للرحمن
إذ قال ليس بداخل فينا ولا ***** هو خارج عن جملة الأكوان
بل قال ليس ببائن عنها ولا ***** فيها ولا هو عينها ببيان
كلا ولا فوق السموات العلى ***** والعرش من رب ولا رحمن
والعرش ليس عليه معبود سوى ***** العدم الذي لا شيئ في الأعيان
بل حظه من ربه حظ الثرى ***** منه وحظ قواعد البنيان
لو كان فوق العرش كان كهذه ال ***** أجسام سبحان العظيم الشان
ولقد وجدت لفاضل منهم مقا ***** ما قامه في الناس منذ زمان
قال اسمعوا يا قوم إن نبيكم ***** قد قال قولا واضح البرهان
لا تحكموا بالفضل لي اصلا على ***** ذي النون يونس ذلك الغضبان
هذا يرد على المجسم على قوله ***** الله فوق العرش والأكوان
ويدل أن إلهنا سبحانه ***** وبحمده يلقى بكل مكان
قالوا له بين لنا هذا فلم ***** يفعل فأعطوه من الأثمان
ألفا من الذهب العتيق فقال في ***** تبيانه فاسمع لذا التبيان
قد كان يونس في قرار البحر تحت ***** الماء في قبر من الحيتان
ومحمد صعد في السماء وجاوز ال ***** سبع الطباق وجاز كل عنان
وكلاهما في قربه من ربه ***** سبحانه إذ ذاك مستويان
فالعلو والسفل اللذان كلاهما ***** في بعده من ضده طرفان
إن ينسبا لله نزه عنهما ***** بالإختصاص بلى هما سيان
في قرب من أضحى مقيما فيهما ***** من ربه فكلاهما مثلان
فلأجل هذا خص يونس دونهم ***** بالذكر تحقيقا لهذا الشان
فأتى الثناء عليه من أصحابه ***** من كل ناحية بلا حسبان
فأحمد إلهك أيها السني إذ ***** عافاك من تحريف ذي بهتان
والله ما يرضى بهذا خائف ***** من ربه أمسى على الأيمان
هذا هو الإلحاد حقا بل هو الت ***** حريف محضا أبرد إلهذيان
والله ما بلي المجسم قط ذي ال ***** بلوى ولا أمسى بذي الخذلان
أمثال ذا التأويل أفسد هذه ال ***** أديان حين سرى إلى الأديان
والله لولا الله حافظ دينه ***** لتهدمت منه قوى الأركان
فصل
في قدوم ركب آخر
وأتى فريق ثم قارب وصفه ***** هذا وزاد عليه في الميزان
قال اسمعوا ياقوم لا تلهيكم ***** هذي الأماني هن شر أماني
اتعبت راحلتي وكلت مهجتي ***** وبذلت مجهودي وقد أعياني
فتشت فوق وتحت ثم أمامنا ***** ووراء ثم يسار مع إيمان
ما دلني احد عليه هناكم ***** كلا ولا بشر إليه هداني
الا طوائف بالحديث تمسكت ***** تعزى مذاهبها إلى القرآن
قالوا الذي نبغيه فوق عباده ***** فوق السماء وفوق كل مكان
وهو الذي حقا على العرش استوى ***** لكنه استولى على الأكوان
وإليه يصعد كل قول طيب ***** وإليه يرفع سعي ذي الشكران
والروح والأملاك منه تنزلت ***** وإليه تعرج عند كل أوان
وإليه أيدي السائلين توجهت ***** نحو العلو بفطرة الرحمن
وإليه قد عرج الرسول فقدرت ***** من قربه من ربه قوسان
وإليه قد رفع المسيح حقيقة ***** ولسوف ينزل كي يرى بعيان
وإليه تصعد روح كل مصدق ***** عند الممات فتنثني بأمان
وإليه آمال العباد توجهت ***** نحو العلو بلا تواص ثان
بل فطرة الله التي لم يفطروا ***** الاعليها الخلق والثقلان
ونظير هذا أنهم فطروا على ***** إقرارهم لا شك بالديان
لكن أولو التعطيل منهم أصبحوا ***** مرضى بداء الجهل والخذلان
فسألت عنهم رفقتي وأحبتي ***** أصحاب جهم حزب جنكسخان
من هؤلاء ومن يقال لهم فقد ***** جاءوا بأمر ما لىء الإذان
ولهم علينا صولة ما صإلها ***** ذو باطل بل صاحب البرهان
أو ما سمعتم قولهم وكلامهم ***** مثل الصواغر ليس ذا لجبان
جاءوكم من فوقكم وأتيتم ***** من تحتهم ما أنتم نسيان
جاءوكم بالوحي لكن جئتم ***** بنحاة الافكار والاذهان
قالوا مشبهة مجسمة فلا ***** تسمع مقال مجسم حيوان
والعنهم لعنا كبيرا واغزهم ***** بعساكر التعطيل غير جبان
واحكم بسفك دمائهم وبحبسهم ***** أولا فشردهم عن الاوطان
حذر صحابك منهم فهم أضل ***** من اليهود وعابدي الصلبان
واحذر تجادلهم بقال الله أو ***** قال الرسول فتنثني بهوان
أتى وهم أولى به قد أنفذوا ***** فيه قوى الاذهان وألابدان
فإذا ابتليت بهم فغالطهم على الت ***** أويل للاخبار والقرآن
وكذاك غالطهم على التكذيب لل ***** آحاد ذا لصاحبنا أصلان
أوصى به أشياخنا أشياخهم ***** فاحفظهما بيديك والاسنان
وإذا اجتمعت وهم بمشهد مجلس ***** فابدر بايراد وشغل زمان
لا يملكوه عليك بالآثار وال ***** أخبار والتفسير للفرقان
فتصير إن وافقت مثلهم وان ***** عارضت زنديقا أخا كفران
وإذا سكت يقال هذا جاهل ***** فابدر ولو بالفشر وإلهذيان
هذا الذي والله أوصانا به أشياخنا ***** في سالف و الأزمان
فرجعت من سفري وقلت لصاحبي ***** ومطيتي قد آذنت بحران
عطل ركابك واسترح من سيرها ***** ما ثم شيء غير ذي الأكوان
لو كان للأكوان رب خالق ***** كان المجسم صاحب البرهان
أو كان رب بائن عن ذي الورى ***** كان المجسم صاحب الأيمان
ولكان عند الناس أولى الخلق بال ***** إسلام والأيمان والإحسان
ولكان هذا الحزب فوق رؤوسهم ***** لم يختلف منهم عليه اثنان
فدع التكاليف التي حملتها ***** واخلع عذارك وارم بالأرسان
ما ثم فوق العرش من رب ولم ***** يتكلم الرحمن بالقرآن
لو كان فوق العرش رب ناظر ***** لزم التحيز وافتقار مكان
لو كان ذا القرآن عين كلامه ***** حرفا وصوتا كان ذا جثمان
فإذا انتفى هذا وهذا ما الذي ***** يبقى على ذا النفي من إيمان
فدع الحلال مع الحرام لأهله ***** فهما السياج لهم على البستان
فاخرقه ثم ادخل ترى في ضمنه ***** قد هيئت لك سائر الألوان
وترى بها ما لا يراه محجب ***** من كل ما تهوى به زوجان
واقطع علائقك التي قد قيدت ***** هذا الورى من سالف الازمان
لتصير حرا لست تحت أوامر ***** كلا ولا نهي ولا فرقان
لكن جعلت حجاب نفسك اذ ترى ***** فوق السما للناس من ديان
لو قلت ما فوق السماء مدبر ***** والعرش تخليه من الرحمن
والله ليس مكلما لعباده ***** كلا ولا متكلما بقرآن
ما قال قط ولا يقول ولا له ***** قول بدا منه إلى انسان
لحللت طلسمه وفزت بكنزه ***** وعلمت أن الناس في هذيان
لكن زعمت بان ربك بائن ***** من خلقه إذ قلت موجودان
وزعمت أن الله فوق العرش وال ***** كرسي حقا فوقه القدمان
وزعمت أن الله يسمع خلقه ***** ويراهم من فوق ست ثمان
وزعمت أن كلامه منه بدا ***** وإليه يرجع آخر الازمان
ووصفته بارادة وبقدرة ***** وكراهة و محبة وحنان
ووصفته بالسمع والبصر الذي ***** لا ينبغي إلا لذي الجثمان
وهو الغمام بعينه والثلج وال ***** أمطار مع برد ومع حسبان
وهو إلهواء بعينه والماء والت ***** ترب الثقيل ونفس ذي النيران
هذي بسائطه ومنه تركبت ***** هذي المظاهر ما هنا شيئان
وهو الفقير لها لأجل ظهوره ***** فيها كفقر الروح للأبدان
وهي التي افتقرت إليه لأنه ***** هو ذاتها ووجودها الحقان
تظل تلبسه وتخلعه وذا في ال ***** إيجاد والإعدام كل أوان
ويظل يلبسها ويخلعها وذا ***** حكم المظاهر كي يرى بعيان
وتكثر الموجود كالأعضاء في ال ***** محسوس من بشر ومن حيوان
أو كالقوى في النفس ذلك واحد ***** متكثر قامت به الأمران
فيكون كلا هذه أجزاؤه ***** هذي مقالة مدعي العرفان
أو أنها تكثر الأنواع في ***** جنس كما قال الفريق الثان
فيكون كليا وجزئياته ***** هذا الوجود فهذه قولان
إحداهما نص ( الفصوص) وبعده ***** قول ابن سبعين وما القولان
عند العفيف التلمساني الذي ***** هو غاية في الكفر والبهتان
إلا من الأغلاط في حس وفي ***** وهم وتلك طبيعة الأنسان
والكل شيء واحد في نفسه ***** ما للتعدد فيه من سلطان
فالضيف والمأكول شيء واحد ***** والوهم يحسب ها هنا شيئان
وكذلك الموطوء عين الوطء وال ***** وهم البعيد يقول ذان اثنان
ولربما قال مقالته كما ***** قد قال قولهما بلا فرقان
وأبى سواهم ذا وقال مظاهر ***** تجلوه ذات توحد ومثان
فالظاهر المجلو شيء واحد ***** لكن مظاهره بلا حسبان
هذي عبارات لهم مضمونها ***** ما ثم غير قط في الأعيان
فالقوم ما صانوه عن إنس ولا ***** جن ولا شجر ولا حيوان
كلا ولا علو ولا سفل ولا ***** واد ولا جبل ولا كثبان
كلا ولا طعم ولا ريح ولا ***** صوت ولا لون من الألوان
لكنه المطعوم والملبوس وال ***** مشموم والمسموع بالإذان
وكذاك قالوا أنه المنكوح وال ***** مذبوح بل عين الغوي الزاني
والكفر عندهم هدى ولو أنه ***** دين المجوس وعابدي الأوثان
قالوا وما عبدوا سواه وإنما ***** ضلوا بما خصوا من الأعيان
ولو أنهم عموا وقالوا كلها ***** معبودة ما كان من كفران
فالكفر ستر حقيقة المعبود ***** بالتخصيص عند محقق رباني
قالوا ولم يك كافرا في قوله ***** أنا ربكم فرعون ذو الطغيان
بل كان حقا قوله إذ كان عي ***** ن الحق مضطلعا بهذا الشان
ولذا غدا تطهيره في البحر تط ***** هيرا من الأوهام والحسبان
قالوا ولم يك منكرا موسى لما ***** عبدوه من عجل لذي الخوران
الاعلى من كان ليس بعابد ***** معهم وأصبح ضيق الأعطان
ولذاك جر بلحية الأخ حيث لم ***** يك واسعا في قومه لبطان
بل فرق الانكار منه بينهم ***** لما سرى في وهمه غيران
ولقد رأى إبليس عارفهم فأه ***** وى بالسجود هو ذي خضعان
قالوا له ماذا صنعت فقال هل ***** غير الإله وأنتما عميان
ما ثم غير فاسجدوا إن شئتم ***** للشمس والأصنام والشيطان
فالكل عين الله عند محقق ***** والكل معبود لذي العرفان
هذا هو المعبود عندهم فقل ***** سبحانك اللهم ذا السبحان
يا أمة معبودها موطوؤها ***** أين الإله وثغرة الطعان
يا أمة قد صار من كفرانها ***** جزء يسير جملة الكفران
فصل
في قدوم ركب آخر
وأتى فريق ثم قال وجدته ***** بالذات موجودا بكل مكان
هو كالهواء بعينه لا عينه ***** ملأ الخلو ولا يرى بعيان
والقوم ما صانوه عن بئر ولا ***** قبر ولا حش ولا أعطان
بل منهم من قد رأى تشبيهه ***** بالروح داخل هذه الأبدان
ما فيهم من قال ليس بداخل ***** أو خارج عن جملة الأكوان
لكنهم حاموا على هذا ولم ***** يتجاسروا من عسكر الأيمان
وعليهم رد الأئمة أحمد ***** وصحابه من كل ذي عرفان
فهم الخصوم لكل صاحب سنة ***** وهم الخصوم لمنزل القرآن
ولهم مقالات ذكرت أصولها ***** لما ذكرت الجهم في الاوزان
فصل
في قدوم ركب آخر
وأتى فريق ثم قارب وصفه ***** هذا ولكن جد في الكفران
فأسر قول معطل ومكذ ب ***** في قالب التنزيه للرحمن
إذ قال ليس بداخل فينا ولا ***** هو خارج عن جملة الأكوان
بل قال ليس ببائن عنها ولا ***** فيها ولا هو عينها ببيان
كلا ولا فوق السموات العلى ***** والعرش من رب ولا رحمن
والعرش ليس عليه معبود سوى ***** العدم الذي لا شيئ في الأعيان
بل حظه من ربه حظ الثرى ***** منه وحظ قواعد البنيان
لو كان فوق العرش كان كهذه ال ***** أجسام سبحان العظيم الشان
ولقد وجدت لفاضل منهم مقا ***** ما قامه في الناس منذ زمان
قال اسمعوا يا قوم إن نبيكم ***** قد قال قولا واضح البرهان
لا تحكموا بالفضل لي اصلا على ***** ذي النون يونس ذلك الغضبان
هذا يرد على المجسم على قوله ***** الله فوق العرش والأكوان
ويدل أن إلهنا سبحانه ***** وبحمده يلقى بكل مكان
قالوا له بين لنا هذا فلم ***** يفعل فأعطوه من الأثمان
ألفا من الذهب العتيق فقال في ***** تبيانه فاسمع لذا التبيان
قد كان يونس في قرار البحر تحت ***** الماء في قبر من الحيتان
ومحمد صعد في السماء وجاوز ال ***** سبع الطباق وجاز كل عنان
وكلاهما في قربه من ربه ***** سبحانه إذ ذاك مستويان
فالعلو والسفل اللذان كلاهما ***** في بعده من ضده طرفان
إن ينسبا لله نزه عنهما ***** بالإختصاص بلى هما سيان
في قرب من أضحى مقيما فيهما ***** من ربه فكلاهما مثلان
فلأجل هذا خص يونس دونهم ***** بالذكر تحقيقا لهذا الشان
فأتى الثناء عليه من أصحابه ***** من كل ناحية بلا حسبان
فأحمد إلهك أيها السني إذ ***** عافاك من تحريف ذي بهتان
والله ما يرضى بهذا خائف ***** من ربه أمسى على الأيمان
هذا هو الإلحاد حقا بل هو الت ***** حريف محضا أبرد إلهذيان
والله ما بلي المجسم قط ذي ال ***** بلوى ولا أمسى بذي الخذلان
أمثال ذا التأويل أفسد هذه ال ***** أديان حين سرى إلى الأديان
والله لولا الله حافظ دينه ***** لتهدمت منه قوى الأركان
فصل
في قدوم ركب آخر
وأتى فريق ثم قارب وصفه ***** هذا وزاد عليه في الميزان
قال اسمعوا ياقوم لا تلهيكم ***** هذي الأماني هن شر أماني
اتعبت راحلتي وكلت مهجتي ***** وبذلت مجهودي وقد أعياني
فتشت فوق وتحت ثم أمامنا ***** ووراء ثم يسار مع إيمان
ما دلني احد عليه هناكم ***** كلا ولا بشر إليه هداني
الا طوائف بالحديث تمسكت ***** تعزى مذاهبها إلى القرآن
قالوا الذي نبغيه فوق عباده ***** فوق السماء وفوق كل مكان
وهو الذي حقا على العرش استوى ***** لكنه استولى على الأكوان
وإليه يصعد كل قول طيب ***** وإليه يرفع سعي ذي الشكران
والروح والأملاك منه تنزلت ***** وإليه تعرج عند كل أوان
وإليه أيدي السائلين توجهت ***** نحو العلو بفطرة الرحمن
وإليه قد عرج الرسول فقدرت ***** من قربه من ربه قوسان
وإليه قد رفع المسيح حقيقة ***** ولسوف ينزل كي يرى بعيان
وإليه تصعد روح كل مصدق ***** عند الممات فتنثني بأمان
وإليه آمال العباد توجهت ***** نحو العلو بلا تواص ثان
بل فطرة الله التي لم يفطروا ***** الاعليها الخلق والثقلان
ونظير هذا أنهم فطروا على ***** إقرارهم لا شك بالديان
لكن أولو التعطيل منهم أصبحوا ***** مرضى بداء الجهل والخذلان
فسألت عنهم رفقتي وأحبتي ***** أصحاب جهم حزب جنكسخان
من هؤلاء ومن يقال لهم فقد ***** جاءوا بأمر ما لىء الإذان
ولهم علينا صولة ما صإلها ***** ذو باطل بل صاحب البرهان
أو ما سمعتم قولهم وكلامهم ***** مثل الصواغر ليس ذا لجبان
جاءوكم من فوقكم وأتيتم ***** من تحتهم ما أنتم نسيان
جاءوكم بالوحي لكن جئتم ***** بنحاة الافكار والاذهان
قالوا مشبهة مجسمة فلا ***** تسمع مقال مجسم حيوان
والعنهم لعنا كبيرا واغزهم ***** بعساكر التعطيل غير جبان
واحكم بسفك دمائهم وبحبسهم ***** أولا فشردهم عن الاوطان
حذر صحابك منهم فهم أضل ***** من اليهود وعابدي الصلبان
واحذر تجادلهم بقال الله أو ***** قال الرسول فتنثني بهوان
أتى وهم أولى به قد أنفذوا ***** فيه قوى الاذهان وألابدان
فإذا ابتليت بهم فغالطهم على الت ***** أويل للاخبار والقرآن
وكذاك غالطهم على التكذيب لل ***** آحاد ذا لصاحبنا أصلان
أوصى به أشياخنا أشياخهم ***** فاحفظهما بيديك والاسنان
وإذا اجتمعت وهم بمشهد مجلس ***** فابدر بايراد وشغل زمان
لا يملكوه عليك بالآثار وال ***** أخبار والتفسير للفرقان
فتصير إن وافقت مثلهم وان ***** عارضت زنديقا أخا كفران
وإذا سكت يقال هذا جاهل ***** فابدر ولو بالفشر وإلهذيان
هذا الذي والله أوصانا به أشياخنا ***** في سالف و الأزمان
فرجعت من سفري وقلت لصاحبي ***** ومطيتي قد آذنت بحران
عطل ركابك واسترح من سيرها ***** ما ثم شيء غير ذي الأكوان
لو كان للأكوان رب خالق ***** كان المجسم صاحب البرهان
أو كان رب بائن عن ذي الورى ***** كان المجسم صاحب الأيمان
ولكان عند الناس أولى الخلق بال ***** إسلام والأيمان والإحسان
ولكان هذا الحزب فوق رؤوسهم ***** لم يختلف منهم عليه اثنان
فدع التكاليف التي حملتها ***** واخلع عذارك وارم بالأرسان
ما ثم فوق العرش من رب ولم ***** يتكلم الرحمن بالقرآن
لو كان فوق العرش رب ناظر ***** لزم التحيز وافتقار مكان
لو كان ذا القرآن عين كلامه ***** حرفا وصوتا كان ذا جثمان
فإذا انتفى هذا وهذا ما الذي ***** يبقى على ذا النفي من إيمان
فدع الحلال مع الحرام لأهله ***** فهما السياج لهم على البستان
فاخرقه ثم ادخل ترى في ضمنه ***** قد هيئت لك سائر الألوان
وترى بها ما لا يراه محجب ***** من كل ما تهوى به زوجان
واقطع علائقك التي قد قيدت ***** هذا الورى من سالف الازمان
لتصير حرا لست تحت أوامر ***** كلا ولا نهي ولا فرقان
لكن جعلت حجاب نفسك اذ ترى ***** فوق السما للناس من ديان
لو قلت ما فوق السماء مدبر ***** والعرش تخليه من الرحمن
والله ليس مكلما لعباده ***** كلا ولا متكلما بقرآن
ما قال قط ولا يقول ولا له ***** قول بدا منه إلى انسان
لحللت طلسمه وفزت بكنزه ***** وعلمت أن الناس في هذيان
لكن زعمت بان ربك بائن ***** من خلقه إذ قلت موجودان
وزعمت أن الله فوق العرش وال ***** كرسي حقا فوقه القدمان
وزعمت أن الله يسمع خلقه ***** ويراهم من فوق ست ثمان
وزعمت أن كلامه منه بدا ***** وإليه يرجع آخر الازمان
ووصفته بارادة وبقدرة ***** وكراهة و محبة وحنان
ووصفته بالسمع والبصر الذي ***** لا ينبغي إلا لذي الجثمان
محمد بن صالح العثيمين
كان رحمه الله عضواً في هيئة كبار العلماء وأستاذا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
- التصنيف:
- المصدر: