التعليق على نونية ابن القيم - تابع مبحث كلام الرب عز وجل

منذ 2001-08-29
يشرح الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه قول الناظم ابن القيم رحمه الله :

والوصف بالمجرور قام لانه ***** أولى به في عرف كل لسان

ونظير ذا أيضا سواء ما يضا ***** ف اليه من صفة ومن أعيان

فاضافة الأوصاف ثابتة لمن ***** قامت به كارادة الرحمن

وإضافة الأعيان ثابتة له ***** ملكا وخلقا ما هما سيان

فانظر إلى بيت الإله وعلمه ***** لما أضيف كيف يفترقان

وكلامه كحياته وكعلمه ***** في ذي الاضافة اذ هما وصفان

لكن ناقته وبيت إلهنا ***** فكعبده أيضا هما ذاتان

فانظر إلى الجهمي لما فاته الحق ***** المبين واضح البرهان

كان الجميع لديه بابا واحدا ***** والصبح لاح لمن له عينان


فصل

وأتى ابن حزم بعد ذاك فقال ما ***** للناس قرآن ولا اثنان

بل أربع كل يسمى بالقرآ ***** ن وذاك قول بين البطلان

هذا الذي يتلى وآخر ثابت ***** في الرسم يدعى المصحف العثماني

والثالث المحفوظ بين صدورنا ***** هذي الثلاث خليقة الرحمن

والرابع المعنى القديم كعلمه ***** كل يعبر عنه بالقرآن

وأظنه قد رام شيئا لم يجد ***** عنه عبارة ناطق ببيان

إن المعين ذو مراتب أربع ***** عقلت فلا تخفى على إنسان

في العين ثم الذهن ثم اللفظ ثم ***** الرسم حين تخطه ببنان

وعلى الجميع الاسم يطلق لكن ال ***** أولى به الموجود في الأعيان

بخلاف قول ابن الخطيب فانه ***** قد قال ان الوضع للاذهان

فالشيء شيء واحد لا أربع ***** فدهى ابن حزم قلة العرفان

والله أخبر أنه سبحانه ***** متكلم بالوحي والفرقان

وكذاك أخبرنا بأن كلامه ***** بصدور أهل العلم والأيمان

وكذاك أخبر أنه المكتوب في ***** صحف المطهرة من الرحمن

وكذاك أخبر أنه المتلو وال ***** مقروء عند تلاوة الانسان

والكل شيء واحد لا انه ***** هو أربع وثلاثة واثنان

وتلاوة القرآن أفعال لنا ***** وكذا الكتابة فهي خط بنان

لكنما المتلو والمكتوب وال ***** محفوظ قول الواحد المنان

والعبد يقرؤه بصوت طيب ***** وبضده فهما له صوتان

وكذاك يكتبه بخط جيد ***** وبضده فهما له خطان

أصواتنا ومدادنا وأداتنا ***** والرق ثم كتابة القرآن


فصل

في مقالات الفلاسفة والقرامطة في كلام الرب جل جلاله

وأتى ابن سينا القرمطي مصانعا ***** للمسلمين بافك ذي بهتان

فرآه فيضا فاض من عقـ ***** ـل هو الفعال علة هذه الأكوان

حتى تلقاه زكي فاضل ***** حسن التخيل جيد التبيان

فأتى به للعالمين خطابة ***** مواعظا عريت عن البرهان

ما صرحت أخباره بالحق بل ***** رمزت إليه إشارة لمعان

وخطاب هذا الحق والجمهور بالـ ***** ـحق الصريح فغير ذي إمكان

لا يقبلون حقائق المعقول إلـ ***** ـا في مثال الحس والأعيان

ومشارب العقلاء لا يردونها ***** إلا إذا وضعت لهم بأوان

من جنس ما ألفت طباعهم من المحـ ***** سوس في ذا العالم الجثمان

فأتوا بتشبيه وتمثيل وتجـ ***** ـسيم وتخييل إلى الأذهان

ولذاك يحرم عندهم تأويله ***** لكنه حل لذي العرفان

فإذا تأولناه كان جناية ***** منا وخرق سياج ذا البستان

لكن حقيقة قولهم أن قد أتوا ***** بالكذب عند مصالح الإنسان

والفيلسوف وذا الرسول لديهم ***** متفاوتان وما هما عدلان

أما الرسول ففيلسوف عوامهم ***** والفيلسوف نبي ذي البرهان

والحق عندهم ففيما قاله ***** وأتباع صاحب منطق اليونان

ومضى على هدي المقالة أمة ***** خلف ابن سينا فاغتذروا بلبان

منهم نصير الكفر في أصحابه ***** الناصرين لملة الشيطان

فاسأل بهم ذا خبرة تلقاهم ***** أعداء كل موحد رباني

واسأل بهم ذا خبرة تلقاهم ***** أعداء رسل الله والقرآن

صوفيهم عبد الوجود المطلق الـ ***** معدوم عند العقل في الأعيان

أو ملحد بالاتحاد يدين لا التـ ***** ـوحيد منسلخ من الأديان

معبوده موطوؤه فيه يرى ***** وصف الجمال ومظهر الإحسان

الله أكبر كم على ذا المذ ***** هب الملعون بين الناس من شيخان

يبغون منهم دعوة ويقبلو ***** ن أياديا منهم رجا الغفران

لو أنهم عرفوا حقيقة أمرهم ***** رجموهم لا شك بالصوان

فابذر لهم إن كنت تبغي كشفهم ***** وافرش لهم كفا من الأتبان

وأظهر بمظهر قابل منهم ولا ***** تظهر بمظهر صاحب النكران

وانظر إلى أنهار كفر فجرت ***** وتهم لولا السيف بالجريان


فصل
في مقالات طوائف الاتحادية في كلام الرب جل جلاله



وأتت طوائف الاتحاد بملة ***** طمت على ما قال كل لسان

قالوا كلام الله كل كلام هذا ***** الخلق من جن ومن إنسان

نظما ونثرا زوره وصحيحه ***** صدقا وكذبا واضح البطلان

فالسب والشتم القبيح وقذفهم ***** للمحصنات وكل نوع أغان

والنوح والتعزيم والسحر المبين ***** وسائر البهتان وإلهذيان

هو عين قول الله جل جلاله ***** وكلامه حقا بلا نكران

هذا الذي أدى إليه أصلهم ***** وعليه قام مكسح البنيان

إذ أصلهم أن الإله حقيقة ***** عين الوجود وعين ذي الأكوان

فكلامها وصفاتها هو قوله ***** وصفاته ما ها هنا قولان

وكذاك قالوا إنه الموصوف بالضدين ***** من قبح ومن إحسان

وكذاك قد وصفوه أيضا بالكما ***** ل وضده من سائر النقصان

هذي مقالات الطوائف كلها ***** حملت إليك رخيصة الاثمان

وأظن لو فتشت كتب الناس ما ***** ألفيتها أبدا بذا التبيان

محمد بن صالح العثيمين

كان رحمه الله عضواً في هيئة كبار العلماء وأستاذا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

  • 8
  • 0
  • 12,882
الدرس السابق
إثبات صفة الكلام لله تعالى
الدرس التالي
مناقشة المبتدعة حول صفات الرب عز وجل

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً