وسم: الصراط
ابن قيم الجوزية
الفوائد (13)- الفاتحة وما تضمنته (1)
للإنسان قوتان: قوة علمية نظرية، وقوة عملية إرادية. وسعادته التامة موقوفة على استكمال قوتيه العلمية والإرادية. واستكمال القوة العلمية إنما يكون بمعرفة فاطره وبارئه ومعرفة أسمائه وصفاته ومعرفة الطريق التي توصل إليه ومعرفة آفاتها ومعرفة نفسه ومعرفة عيوبها. فبهذه المعارف الخمسة يحصل كمال قوته العلمية. وأعلم الناس أعرفهم بها وأفقههم فيها. واستكمال القوة العملية الإرادية لا تحصل إلا بمراعاة حقوقه سبحانه على العبد، والقيام بها إخلاصًا وصدقًا ونصحًا وإحسانًا ومتابعة وشهودًا لمنّته عليه، وتقصيره هو في أداء حقّه. وأنه لا سبيل له إلى استكمال هاتين القوتين إلا بمعونته. فهو مضطر إلى أن يهديه الصراط المستقيم الذي هدى إليه أولياءه وخاصّته، وأن يجنّبه الخروج عن ذلك الصراط، إما بفساد في قوته العلمية فيقع في الضلال، وإما بفساد في قوّته العملية فيوجب له الغضب.