إن تدريب الطفل على توظيف (حديث النفس) في التحكم برغباته شيء مفيد جداً، وفي هذا يقول أحد الشباب: حين كنت أدرس في المرحلة الابتدائية كان من الواضح عليّ البدانة الشديدة، وكان ذلك يسبب لي ولأسرتي بعض الحرج، وكان أخي الكبير موكلاً من قبل أبي بمتابعتي في هذا الأمر، وكان دائماً ينبهني إلى أمور تساعدني على تخفيف وزني، وقد كان من إرشاداته لي أن أقول كلما هممت بمد يدي لفتح باب الثلاجة: أنا لا آكل بين الوجبات، لا للمزيد من الطعام، ولا للمزيد من السمنة، وكنت أقول مثل هذه التعبيرات بحماسة وبضغط كبير على المخارج، وكان ذلك كافياً لصرفي عن تناول الطعام.

إن صرامة كثير من الآباء وجديتهم الزائدة قد جعلت أبنائهم ينفرون منهم، ويندفعون إلى الأقران والزملاء ليجدوا لديهم ما فقدوه في بيوتهم.

إن الطير حين تنبت قوادمه وخوافيه ويقوى جناحاه، يصبح مؤهلاً لمغادرة العش والهجرة إلى بلاد بعيدة، وهكذا أبناؤنا وفلذات أكبادنا.

إن صاحب الضمير يشعر بالسرور والأمان والطمأنينة حين ينسجم سلوكه ومواقفه مع عقيدته وأخلاقه، ويشعر بالضيق والضعف والحرج حين يتصرف تصرفات تخالف ما يعتقد أنه خير وحق وصواب.

إن الطفل حين يولد لا تكون لديه مناعة أو حصانة من الكذب، بل يمكن القول: إنه يتعلم الصدق والأمانة بالتدرج من أسرته والمجتمع الذي يعيش فيه. 

يتطلب بناء البيئة التربوية الجيدة وجود درجة جيدة من انفتاح أفراد الأسرة على بعضهم، وذلك من أجل تسليط الضوء على الأمور الإيجابية، وبالتالي يتم تعزيزها وترسيخها، ومن أجل تسليط الضوء على الأمور السلبية فيجري العمل على تقليصها والتخلص منها.

إن مخاطبة العقل من أجل الأخلاق لا تعني تكديس المعارف والنصائح في عقل الطفل، فهذا أسلوب يضر أكثر مما ينفع، ولا سيما إذا أخذ شكل الوعظ الكثيف والمتتابع.

إن الأزمة الأساسية التي يعاني منها العالم اليوم هي أزمة أخلاقية، حيث يتراجع الحس الإنساني ويكثر الزيف والتناقض بين ما يفعله الناس في خلواتهم، وما يفعلونه أمام الآخرين.

إن من الواضح أن معظم الأطفال ولا يبتعد عن هذا الكبار يظنون أنك تتهمهم بالكذب حين تحدثهم عن فضيلة الصدق، وتتهمهم بالكسل حين تحدثهم عن النشاط والحيوية.

التنظير والتخطيط وطرح الأفكار الجديدة أمور مهمة للغاية، ولكن علينا دائماً أن نتسائل: ما قيمة أفكار ومشروعات لا تتوافر الإمكانات لتحقيقها؟