{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا} • لا نبالغ لو قلنا إنك أينما وجّهتَ ناظريك حول العالم، رأيت ...

{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا}

• لا نبالغ لو قلنا إنك أينما وجّهتَ ناظريك حول العالم، رأيت ألوان البلايا وأنواع الرزايا قد نزلت بالمسلمين وحلت بديارهم، فلا يكاد يخلو صقع من الأرض من مسلم يؤذى في دينه ويبتلى في نفسه أو أهله أو ماله أو ولده أو في ذلك كله، بالقتل أو الأسر أو التهجير أو غيرها من صنوف العذاب التي يلحقها طواغيت العصر عربا وعجما بالمسلمين، فما سبب ذلك؟ وما السبيل للخروج من هذا الواقع المر وقلبه على رؤوس الطواغيت وزبانيتهم؟

إن أحوال المسلمين اليوم لا تخفى، فمن جور الشيوعيين في الصين وتركستان، إلى جرائم البوذيين والهندوس في الهند وبورما وأراكان، مرورا بالنصارى الشرقيين المشربين ببطش الشيوعية، إلى نصارى أمريكا وأوروبا الصليبية الذين ملؤوا العالم كفرا وظلما، ومثلهم اليهود الكافرون ومجازرهم في فلسطين، وليس أقل منهم كفرا وجرما الرافضة والنصيرية وما فعلوه في العراق والشام واليمن ولبنان.. إلى غيرهم من ملل الكفر الذين شنوا الحروب تلو الحروب على بلاد المسلمين، ولا ننسى بالطبع الحكومات والجيوش العربية المرتدة التي جرى تأسيسها لحرب المسلمين وقمعهم وإفساد عقيدتهم وأخلاقهم وإسكاتهم وكبح أي محاولة جادة للتغيير والسير نحو الحق، وليس آخرها جرائم هذه الجيوش بحق مسلمي السودان، فكم قتلوا وكم أسروا وكم طغوا وبغوا في الأرض فكانوا بحق فراعنة العصر في الكفر والإفساد.

ومما يزيد الطين بلة ويجعل المشهد أكثر قتامة، تلك الحركات والكيانات المنحرفة عن التوحيد المائلة إلى الشرك، التي كانت وبالا على المسلمين، وشكلت معول هدم تهدم الإسلام من الداخل بما بثته وصدّرته من مناهج باطلة في التغيير خلافا لمنهاج الكتاب والسنة الذي تستروا خلفه أحيانا، واستعرّوا منه أحايين أخرى، لكنهم لم يتبنوه ولم يطبّقوه أبدا في واقعهم وتجاربهم المتعاقبة على الفشل، بل كانوا حربا على من طبّقه أو سعى لتطبيقه، وسلما على من حاربه، وقد رأيناهم من قبل في العراق ومصر وتونس وليبيا، أينما رفعت راية الشريعة كانوا خصومها وأعداءها، وأينما رفعت رايات الجاهلية كانوا أنصارها وحماتها، فكانوا بذلك حربا على الإسلام حقا.

وعن أسباب هذا الهوان والذل والاستضعاف، يطول الكلام وتكثر زواياه، لكننا نتناوله اليوم من زاوية أخرى، فنقول إن الهوان والذل الذي أصاب المسلمين سببه هجرهم مصدر عزتهم وهدايتهم، هجرهم كتاب ربهم، ليس هجر قراءته والترنم به وحفظه وتدشين الحلقات لذلك، بل هجر العمل به وتطبيقه، هجر اليقين بوعده وما جاء به، هجر نقله من السطور والصدور إلى أرض الواقع، ومن ذلك قوله تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ}، فهو سبحانه لم يقل: هادنوهم! ولم يقل: سالموهم! بل قال: {قَاتِلُوهُمْ}، وعاتب الله المسلمين كثيرا بقوله: {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}، وساءلهم أكثر من مرة: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا}، وتوعدهم لما تقاعسوا عن ذلك بقوله: {إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، وبين لهم أنه غني عنهم وإنما يعود النفع عليهم لا عليه جل جلاله فقال: {وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}، وأخبرهم سبحانه بأنه قادر على إنزال النصر بدون جهاد فقال: {ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ}، وإنما شرع سبحانه الجهاد اختبارا وتمحيصا للعباد فقال: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}، ودلّهم على أن خيري الدنيا والآخرة في الجهاد وإن كرهته النفوس فقال: {وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، قال ابن كثير: "لأن القتال يعقبه النصر والظفر على الأعداء، والاستيلاء على بلادهم، وأموالهم، وذراريهم، وأولادهم، وهذا عام في الأمور كلها، قد يحب المرء شيئا، وليس له فيه خيرة ولا مصلحة، ومن ذلك القعود عن القتال، قد يعقبه استيلاء العدو على البلاد والحكم".


المصدر: افتتاحية النبأ
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 460
الخميس 9 ربيع الأول 1446 هـ
...المزيد

ضجة إعلامية! • علام هذا الاستغراب وهذه الضجة التي أعقبت تصريحات أحد أئمة الرافضة الفرس؛ أعاد ...

ضجة إعلامية!

• علام هذا الاستغراب وهذه الضجة التي أعقبت تصريحات أحد أئمة الرافضة الفرس؛ أعاد التذكير فيها بأنّ حربهم ضد أهل السُّنة لا نهاية لها، فهل كان المستغربون المنتسبون للجبهة السُّنية يتوقعون خلاف ذلك؟ وهل كان وقع تغريدات هذا الطاغوت أشد من وقع مجازرهم بحق مسلمي العراق والشام واليمن خلال عقود؟! ثم هل تتحول هذه الضجة الإعلامية إلى حربِ مفاصلةٍ سُنيةٍ حقيقيةٍ تجاه الرافضة، أم تبقى في إطار التغريدات والوسوم؟! وهل يملك هؤلاء "المستغربون" الجرأة ليعترفوا بخطئهم يوم أنكروا على المجاهدين قتال الرافضة في العراق وكانوا يعدّونه "حرفا للبوصلة" عن قتال الصليبيين، تماما كما يعدّونه اليوم "حرفا للبوصلة" عن قتال اليهود؟!

• افتتاحية النبأ العدد 459
...المزيد

منهج التَّلقي عند السلف • القرآن الكريم • صحيح البخاري • صحيح مسلم • سنن أبي داوُد • سنن ...

منهج التَّلقي عند السلف

• القرآن الكريم
• صحيح البخاري
• صحيح مسلم
• سنن أبي داوُد
• سنن الترمذي
• سنن النَّسائي
• سنن ابن ماجه

قال الإمام أحمد بن حنبل (رحمه الله):
[والدِّين إنما هو كتاب الله عز وجل وآثار وسنن وروايات صحاح عن الثقات بالأخبار الصحيحة القوية المعروفة يصدق بعضها بعضا حتى ينتهي ذلك إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه رضوان الله عليهم والتابعين وتابعي التابعين ومن بعدهم من الأئمة المعروفين المقتدى بهم والمتمسكين بالسنة والمتعلقين بالآثار.] ...المزيد

أثر انحِراف العالِم • إن العلماء إذا انحرفوا أضلوا خلقًا كثيرا، فيقتدي بهم الجَاهل وصاحب الهوى، ...

أثر انحِراف العالِم

• إن العلماء إذا انحرفوا أضلوا خلقًا كثيرا، فيقتدي بهم الجَاهل وصاحب الهوى، وتصير فتاوى عالم الضلال سيفًا بيد الطَّاغوت الحاكم، يضرب به كل من دعا إلى دين الله الحقِّ، وطالب بتحكيم شريعته، واستنكر موالاة الحاكم لأعداء الله

• مُقتَطَفاتٌ مِنْ سِلسلةِ "الطَّواغِيتُ وَمَشايخ السُّوء" -٣-.
...المزيد

تحولات الجهاد العالمي بعد إعلان الخلافة • فالذي منع الدّولة الإسلاميّة من امتداد نشاطها خارج ...

تحولات الجهاد العالمي بعد إعلان الخلافة

• فالذي منع الدّولة الإسلاميّة من امتداد نشاطها خارج العراق في السابق كان التزامها عدم مزاحمة تنظيم القاعدة في ساحة الجهاد العالميّ، على اعتبار أن لهم الأسبقيّة في هذا الميدان على يد الشيخ أسامة بن لادن رحمه الله، ولكن بإعلان الخلافة الإسلاميّة التي تمثّل جماعة المسلمين في كل العالم، فإن قيادة المسلمين في كل أنحاء العالم في كل شؤون حياتهم ومنها الجهاد العالميّ باتت من واجبات إمام المسلمين، وحقّاً من حقوقه لا ينازعه فيه أحد، فكانت الخطوة الأولى في هذا الشأن العمل على جمع صفّ المسلمين في أنحاء الأرض المختلفة، فاستجاب لدعوة الخلافة الكثير من الجماعات المجاهدة في مشارق الأرض ومغاربها، وانضمّ إليهم المجاهدون، فأعلنت الولايات التابعة للدّولة الإسلاميّة، وقام المجاهدون في كلّ ولاية بقتال من يليهم من الكفار والمرتدّين، بل وأُسّست المفارز الأمنيّة وفُعّلت في بعض الأصقاع البعيدة لتقوم بدورها أيضاً في النكاية بأعداء الله ريثما يفتح الله عليهم بالتّمكين، وفي الوقت نفسه كان العمل يجري للتحضير لإطلاق مرحلة جديدة من الجهاد ضد أعداء الله من الصليبيّين خاصّة، وبتنسيق بين ولايات الدّولة الإسلاميّة المختلفة.

فبعد قيام روسيا بقصف المسلمين في ولايات الشّام، تحرّكت المفارز الأمنيّة في ولاية سيناء لتسقط طائرة ركابهم، وتجبر ما يقارب ٩٠ ألفاً منهم على مغادرة سيناء ومصر فارّين بجلودهم، مع امتناع الطائرات الروسيّة عن دخول المطارات المصريّة إلى أجل غير مسمّى.

وانتقاماً من جرائم رافضة لبنان بحق أهل السنّة في ولايات الشّام والعراق، قامت المفارز الأمنيّة في بيروت بتنفيذ عمليّتي تفجير إحداهما استشهاديّة في قلب (الضاحية الجنوبيّة) التي تمثّل معقل "حزب اللات" الرافضيّ الذي يقود حرب الرافضة على أهل السنّة في الشّام.

أمّا عمليّات المفارز الأمنيّة في ولاية بغداد فلم تتوقف -بفضل الله- منذ الغزو الأمريكي، وهي مستمرّة في النكاية في الرافضة الذين يحاربون المسلمين في العراق والشام واليمن، بإذن الله.

وكذلك قامت ولاية عدن سابقاً بمهاجمة مقر قيادة القوّة الخليجيّة التابعة لطواغيت الخليج الذين شاركوا في الحملة الصليبيّة ضد الدّولة الإسلاميّة في الشام والعراق.

وقبيل انطلاق حاملة الطائرات (شارل ديغول) من الموانئ الفرنسيّة لتعزيز الحملة الجويّة الصليبيّة الفرنسيّة ضدّ الدّولة الإسلاميّة -بعد إعلان الرئيس الفرنسيّ (فرانسوا هولاند) مشاركة الحاملة في عمليّات التحالف- قامت المفارز الأمنيّة التابعة للدّولة الإسلاميّة بعمليتها المنسّقة في قلب باريس.

وبذلك أظهر مجاهدو الدّولة الإسلاميّة قدرتهم على العمل كجيش واحد يخوض معركة واحدة على مستوى العالم كلّه.

المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 6
مقال:
تحولات الجهاد العالمي بعد إعلان الخلافة
...المزيد

تحولات الجهاد العالمي بعد إعلان الخلافة • خلفيّات التحوّل الاستراتيجي قُبيل إعلان الخلافة ...

تحولات الجهاد العالمي بعد إعلان الخلافة

• خلفيّات التحوّل الاستراتيجي

قُبيل إعلان الخلافة أصدرت الدّولة الإسلاميّة كلمة صوتيّة للمتحدّث الرسمي لها الشيخ المجاهد أبي محمد العدنانيّ الشاميّ -تقبله الله- تجيب فيها عن بعض التساؤلات حول العلاقة بينها وبين تنظيم القاعدة، وتوضّح فيها الحدود الفاصلة بينهما، ومن بين الأمور التي توضّحت في هذه الكلمة التي كانت بعنوان (عذراً أمير القاعدة)، أسباب حصر الدّولة الإسلاميّة لعمليّاتها بالعراق وحده دوناً عن محيطه الإقليمي الذي يعجّ بالأعداء، أو في المجال الدوليّ الذي كانت الدّولة الإسلاميّة قادرة على العمل فيه بطريقة أو أخرى. فقد أوضح الشيخ العدناني -تقبله الله- حقيقة الأمر في أكثر من موضع من هذه الكلمة الصوتيّة، وممّا جاء فيها:

- «لمّا كانت الدّولة الإسلاميّة جزءا من الجهاد العالميّ، وكان لا بدّ للجهاد العالميّ -تديّناً- من رأس يديره، وكان قادة القاعدة -رحمهم الله- هم رموز الجهاد في هذا العصر وأصحاب السبق والفضل، تركت لهم الدّولة قيادة الجهاد في العالم توقيرا واحتراما وتقديرا وتبجيلا وتكريما وتشريفا وتعزيرا، فلم تتجاوز عليهم أو تخالفهم في سياسة خارج مناطقها، وخاطبتهم خطاب القادة والأمراء».

- «ظلّت الدّولة الإسلاميّة تلتزم نصائح وتوجيهات شيوخ الجهاد ورموزه، ولذلك لم تضرب الدّولة الإسلاميّة الروافض في إيران منذ نشأتها، وتركت الروافض آمنين في إيران، وكبحت جماح جنودها المستشيطين غضبا، رغم قدرتها آنذاك على تحويل إيران لبرك من الدماء».

- «وبسبب القاعدة أيضا لم تعمل الدّولة في بلاد الحرمين، تاركة آل سلول ينعمون بالأمن، مستفردين بعلماء الأمّة هناك وشباب التوحيد الذين مُلِئت بهم السجون.

وبسبب القاعدة لم تتدخل الدّولة في مصر أو ليبيا أو تونس، وظلّت تكظم غيظها وتكبح جماح جنودها على مرّ السنين، والحزن يملأ أركانها وربوعها لكثرة استغاثة المستضعفين بها، والعلمانيّون يُنصّبون طواغيت جدد أشد كفرا من سلفهم في تونس وليبيا ومصر، والدّولة لا تستطيع تحريك ساكن لتوحيد الكلمة حول كلمة التّوحيد، لعدم مخالفة رموز وقادة الجهاد المتمثلين بالقاعدة التي تولّت الجهاد العالميّ وحملت على عاتقها العمل في تلك البلاد».

المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 6
مقال:
تحولات الجهاد العالمي بعد إعلان الخلافة
...المزيد

تحولات الجهاد العالمي بعد إعلان الخلافة • بعيداً عن الجدل حول أولويّات القتال عند المسلمين في ...

تحولات الجهاد العالمي بعد إعلان الخلافة

• بعيداً عن الجدل حول أولويّات القتال عند المسلمين في العصر الحديث بين العدوّ القريب (الذي يُقصد به المُرتدّون) والعدو البعيد (الذي يُقصد به اليهود والنّصارى)، فإنّ الدّولة الإسلاميّة أظهرت مرونة عالية في الممارسة الاستراتيجيّة للصراع مع أعداء الإسلام كافّة.

مصادر استخباراتيّة غربيّة تحدّثت عن الصّدمة التي تلقّتها أجهزتهم بُعيد عمليّة باريس المباركة في الأوّل من صفر، ليس في تكتيك العمليّة فحسب، التكتيك الذي اعتمد على أسلوب الانغماسيّين الذي اشتهرت به كتائب جيش الخلافة والذي يقوم على قاعدة أساسيّة مفادها "استمر بالقتل حتى تُقتل"، ولكن أيضاً في التحوّل الكبير في استراتيجيّة الدّولة الإسلاميّة المتمثّل بالانطلاقة الكبيرة والمدوّية لعمليّاتها الدّوليّة في إطار ما اصطلح على تسميته بالجهاد العالميّ بعد أكثر من عقد من الزمن، رضي فيه المجاهدون أن يسلموا قيادة هذا الجهاد لقيادة تنظيم القاعدة.

فبعد الصّدمة الكبيرة التي تلقّتها أجهزة الاستخبارات الصليبيّة بعد اكتشاف سوء تقديرها لإمكانات الدّولة الإسلاميّة بعد فتح الموصل وسيطرتها على أجزاء واسعة من العراق، في الوقت الذي كانت تقديراتهم تشير إلى أنّ حرب الصحوات في الشّام ستستنزف كلّ طاقاتها، جاءت صدمة عمليّات باريس المباركة، في الوقت الذي ظنّ فيه الصليبيّون أنّ عمليّاتهم الجويّة وتحرّكات حلفائهم على الأرض من شأنها أن تستنزف كلّ طاقات الدّولة الإسلاميّة، وتدفعها إلى الانشغال بالدفاع عن أطرافها المترامية، والتي يحاول أعداؤها التقدّم فيها من كلّ الجهات.

هذه الصّدمة دفعتهم إلى إحصاء العمليّات النوعيّة للمفارز الأمنيّة لدولة الخلافة خارج مناطق تمكينها، ليتبيّن لهم أنّها خلال شهر واحد هزّت ثلاثة من عواصم دول الكفر وهي بغداد وبيروت وباريس، كما نفّذت اختراقاً أمنيّاً في أحد المطارات لتتمكّن من إسقاط طائرة ركّاب روسيّة بعد فترة قليلة من دخول روسيا على خطّ الحرب المباشرة ضد الدّولة الإسلاميّة في الشام، لتكون نتيجة هذه العمليّات مقتل وإصابة ما لا يقل عن ٧٥٠ من رعايا الصليبيّين في باريس وسيناء، وأكثر من ٥٠٠ قتيل وجريح من الرافضة في كل من بغداد وبيروت، ليتيقّن الصليبيّون عندها أنّ هذه العمليّات تمثّل مرحلة جديدة من عمليّات الجهاد العالمي تقوم على توسيع دائرة النّكاية في المشركين عالميّاً، عن طريق المفارز الأمنيّة، في الوقت ذاته الذي يقوم به جيش الخلافة بتوسيع دائرة التمكين إقليميّاً، والحفاظ عليها في المناطق الواقعة تحت حكم الشريعة وجوارها، وبذلك تجمع استراتيجيّة الدّولة الإسلاميّة بين غايتي شوكة النكاية وشوكة التمكين.

المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 6
مقال:
تحولات الجهاد العالمي بعد إعلان الخلافة
...المزيد

وقفات شرعية مع غزوة باريس • الوقفة السّادسة: مشروعيّة إحداث التفجير والتخريب والتّدمير في ...

وقفات شرعية مع غزوة باريس

• الوقفة السّادسة: مشروعيّة إحداث التفجير والتخريب والتّدمير في فرنسا.

باعتبار أنّ فرنسا هي دار كفرٍ وحربٍ؛ فمعنى ذلك أنّه يجوز التّدمير فيها والتّخريب والتّفجير، وهو من الجهاد في سبيل الله، ويستحسن التّركيز على تخريب ما يضرّ باقتصادهم، كما فعل النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حين حارب يهود بني النّضير، حيث قطع نخيلهم وحرّقه، كما روى البخاريّ ومسلم في صحيحيهما عن ابن عمرَ رضي الله عنهما، قال: "حرّق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نخل بني النّضير وقطع، وهي البويرة"، فنزلت: (مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَىٰ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ) [الحشر: ٥]، وهذا نصّ صريح في جواز التّخريب والتّدمير في بلاد الكفر الحربيّة.

• الوقفة السّابعة: غزوات باريس هي السّبيل لردع الكفّار.

إنّ كفّ بأس الكافرين وصدّهم وردع عدوانهم عن المسلمين لا يكون إلّا بمثل هذه الغزوات في عقر ديارهم، لما لها من أثرٍ عظيمٍ من ناحية الإضرار باقتصادهم، وسفك دمائهم وإلقاء الرّعب في قلوبهم، فحينها يحسبون ألف حسابٍ لأيّ هجومٍ لهم على المسلمين، والحمد لله رب العالمين.


المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 6
مقال:
وقفات شرعية مع غزوة باريس
السنة السابعة - السبت 9 صفر 1437 هـ
...المزيد

وقفات شرعية مع غزوة باريس • الوقفة الرابعة: بطلان مصطلح "المدنيين". وقد روّج بعض المفتونين ...

وقفات شرعية مع غزوة باريس

• الوقفة الرابعة: بطلان مصطلح "المدنيين".

وقد روّج بعض المفتونين شبهة أنّ القتلى من المدنيّين وأنّ هؤلاء لا يجوز قتلهم! وللردّ على هؤلاء نقول: ليس في شرعنا مصطلح (مدنيّ لا يجوز قتله)، و(عسكريّ يجوز قتله)، فهذا تقسيم محدثٌ وهو بدعةٌ قبيحةٌ منكرةٌ، وقد ذكرنا نصوص الكتاب والسّنة الدّالّة على جواز قتل الكفّار الذين ليس بينهم وبين المسلمين عهدٌ، وذكرنا الإجماع على ذلك، ولا فرق في ذلك بين ما سُمّي مدنياً وما سُمّي عسكرياً، ومن فرَّق وأفتى بعدم جواز قتل الكفّار "المدنيّين" فعليه بالدّليل من الكتاب والسّنّة، وإلّا فهو يكذب على الشّريعة ويفتري على النّصوص.

• الوقفة الخامسة: بيان أنّ شعب فرنسا رجالاً ونساءً هو شعبٌ محاربٌ للإسلام.

وقد أشاع بعض المفتونين والمنافقين أنّ حكومة فرنسا هي التي تحارب الإسلام وأمّا شعبها من النّصارى واليهود ونحوهم فليسوا في حالة حرب، وأنهم مسالمون فلا يجوز قتلهم! وللردّ على هؤلاء نقول: بل إنّ شعب فرنسا سواء كانوا من أعيانهم أو عسكرهم أو عوامّهم هم قومٌ محاربون للإسلام والمسلمين، ولا نستثني إلّا المسلمين منهم، الذين لم يوالوا حكومة فرنسا أو يقترفوا مكفّرا، فهؤلاء لا يجوز تقصّدهم بالقتل. ومن ناحية النّساء والصّبيان فلا شكّ أنّ النّصوص من الكتاب والسّنّة جاءت بتحريم تقصّد قتلهم ابتداءً؛ إلا أنّه يجوز قتلهم تبعاً لا قصداً، وذلك كمثل الإغارة على الكفّار مع صعوبة التّمييز بين الرجال والنّساء والذّراريّ، فيجوز حينها قتلهم تبعاً لا قصداً، ويدلّ على ذلك حديث الصَّعْب بن جَثَّامة -رضي الله عنه- حيث قال: مرّ بي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالأبواء أو بِوَدّانَ، وسُئل عن أهل الدّار يبيَّتون من المشركين، فيصاب من نسائهم وذراريّهم قال: "هم منهم"، [متفق عليه].

فأقرّ النبي صلّى الله عليه وسلّم ما يصيب النّساء والذّريّة من قتل وجرح في البيات، قال الإمام أحمد بن حنبل: (لا بأس بالبيات، وهل غزو الروم إلّا بالبيات) [مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود: ٣١٨]. كما أنه يجوز تقصّد قتلهم إذا كان لهم مشاركة في الحرب على المسلمين، سواءٌ كانت هذه المشاركة بالنّفس أو بالمال أو الرّأي، كما هو الحال بما يُسمّى "استطلاعات الرأي"، أو انتخاب الزعماء الذين يحاربون الإسلام والمسلمين، ويشهد لذلك إقرار النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قتل دُرَيْدَ بن الصِّمَّةِ وكان عمره يزيد عن مئة عام، لأنه كان ذا رأي في الحرب على المسلمين، وكذا إقرار النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لقتل المرأة التي كانت تشتمه، قال الإمام النّوويّ في قتل النّساء والذريّة: (فإن قاتلوا قال جماهير العلماء يقتلون) [شرح النووي على مسلم: ١٢/٤٨].


وإن شعب فرنسا من الرّجال والنّساء لهم مشاركة في الحرب على الإسلام والمسلمين، وذلك بانتخابهم لتلك الحكومات المحاربة للمسلمين، وبتأييدهم للحرب على المسلمين في العراق والشام وخراسان وكلّ مكان، قال الإمام ابن القيم: (وكان هديه -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه إذا صالح قوماً فنقض بعضهم عهده وصلحه وأقرّهم الباقون ورضوا به غزا الجميع، وجعلهم كلّهم ناقضين، كما فعل بقريظة والنّضير وبني قينقاع، وكما فعل في أهل مكّة) [زاد المعاد: ٣/١٢٣].


المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 6
مقال:
وقفات شرعية مع غزوة باريس
السنة السابعة - السبت 9 صفر 1437 هـ
...المزيد

وقفات شرعية مع غزوة باريس • الوقفة الثانية: وجوب جهاد فرنسا. ممّا تقدّم بيانه ينبغي معرفة أن ...

وقفات شرعية مع غزوة باريس

• الوقفة الثانية: وجوب جهاد فرنسا.

ممّا تقدّم بيانه ينبغي معرفة أن جهاد فرنسا الصّليبيّة وقتالها واجب على المسلمين وهو من قبيل جهاد الدّفع في زماننا هذا ولا شكّ، قال الله تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ) [البقرة: ١٩٠]، وقال الله تعالى: (فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ) [البقرة: ١٩٤].

وهذا النّوع من الجهاد واجبٌ بإجماع أهل العلم سلفاً وخلفاً، وإنّ الغزوة التي وقعت في باريس هي من الجهاد الواجب على الأمّة، إذ به يُكَفُّ بأس الذين كفروا.

• الوقفة الثالثة: جواز قتل الصّليبيّين من الفرنسيّين.

مما دلّت عليه نصوص الكتاب والسنّة وما انعقد عليه إجماع الأمّة أنّ الكافر الذي ليس بينه وبين المسلمين عهدٌ من ذمّةٍ أو هدنةٍ أو أمانٍ، فإنّه حلال الدّم والمال، وهو بذلك صار حربياً يجوز قتله وإن لم يشارك في قتالنا، قال الله تعالى: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [التوبة: ٥].

وعن سليمان بن بريدة، عن أبيه، قال: كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إذا أمّر أميراً على جيشٍ أو سريّةٍ، أوصاه في خاصّته بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيراً، ثم قال: "اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله"، [رواه مسلم].

فهذه النّصوص وغيرها تدلّ على أنّ سبب قتالهم هو الكفر والشّرك، فنحن نقاتلهم ابتداءً لكفرهم وشركهم، وقد جاءت نصوصٌ استثنت من حكم القتل مَنْ لهم عهدٌ شرعيٌّ مع المسلمين، فهؤلاء يوفى لهم عهدهم إلى مدّته، وعليه فالكافر الذي ليس بينه وبين المسلمين عهدٌ هو حلال الدّم والمال، وحلال العرض أيضاً بالجهاد. وهذه المسألة أجمع عليها الأئمّة والعلماء على مرّ العصور وسبقهم في ذلك الإجماع العمليّ للصّحابة على ذلك، قال الإمام الشّافعيّ: (حقن الله الدّماء، ومنع الأموال إلا بحقّها بالإيمان بالله وبرسوله، أو عهد من المؤمنين بالله ورسوله لأهل الكتاب، وأباح دماء البالغين من الرّجال بالامتناع من الإيمان إذا لم يكن لهم عهد) [الأم: 1/ 293]. وقال الإمام القرطبيّ: (والمسلم إذا لقي الكافر ولا عهد له جاز له قتله) [تفسير القرطبي: 5/ 338].


المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 6
مقال:
وقفات شرعية مع غزوة باريس
السنة السابعة - السبت 9 صفر 1437 هـ
...المزيد

وقفات شرعية مع غزوة باريس • لا شكّ أنّ غزوة باريس هي فتحٌ من الله سبحانه لأوليائه، إذ سُرّ بها ...

وقفات شرعية مع غزوة باريس

• لا شكّ أنّ غزوة باريس هي فتحٌ من الله سبحانه لأوليائه، إذ سُرّ بها المجاهدون، وفرح بها المستضعفون من المسلمين، واستبشر بها المكروبون الذين أصابهم ما أصابهم من عدوان الصّليبيّين، وبالرغم من آلام الأمّة إلا أنّ المنافقين دأبوا على استنكار أيّ غزوةٍ يغزوها جنود الخلافة، وبثّ الشّبهات محاولين التّشويش على النّاس، لذا ومن باب إحقاق الحقّ وتبيين الصّواب فهذه وقفاتٌ نبيّن فيها مشروعيّة هذه الغزوة وأمثالها من الغزوات من النّاحية الشّرعيّة، وهذا الذي يهمّ المسلم الفطن، فإن كان الشّرع يقرّ هذا النّوع من الغزوات فدعونا إذاً من إرجاف المنافقين.

• الوقفة الأولى: فرنسا دولةٌ كافرةٌ محاربةٌ.

ممّا هو معلومٌ ولا يختلف فيه اثنان من العقلاء أنّ فرنسا دولةٌ كافرةٌ صليبيّةٌ حاقدةٌ تعلوها أحكام الكفر بل وتقاتل على نشر الشّرك والإلحاد والرّذيلة، وهي مع ذلك دولةٌ محاربةٌ للمسلمين، فواقعها وتاريخها شاهدان على جرائمها وفظائعها واستباحتها لديار المسلمين في الجزائر ومصر وتشاد والشّام ومالي وتونس والنّيجر وخراسان. وهي إلى يومنا هذا تشارك في العدوان على المسلمين في العراق والشّام وتقصف بيوتهم وترعب أطفالهم وتناصر أعداءهم من الرّافضة وملاحدة الكرد، كما أنّها تفعل الشّيء نفسه ضدّ المسلمين في أفغانستان ومالي، وإنّ عداء فرنسا للإسلام شديدٌ؛ فهي من أوائل الدّول حرباً على النّقاب، كما أنّها من الدّول التي جهرت بسبّ نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم، قاتلهم الله وقبّحهم.

ولذلك فإنّ فرنسا في ميزان الشّريعة هي دولةٌ كافرةٌ حربيّةٌ محاربةٌ للإسلام والمسلمين، ليس بينها وبين المسلمين عهدٌ أو هدنةٌ أو ذمّةٌ؛ وبالتالي فهي دار حربٍ وينبني على ذلك شرعيّة جهادها وإحداث التفجير والتقتيل فيها.

المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 6
مقال:
وقفات شرعية مع غزوة باريس
السنة السابعة - السبت 9 صفر 1437 هـ
...المزيد

معركة الجماعة والفصائل 5 الوسائل البدعية لتجميع الفصائل في الشام • خاتمة: لم تحقّق الفصائل ...

معركة الجماعة والفصائل 5
الوسائل البدعية لتجميع الفصائل في الشام

• خاتمة:

لم تحقّق الفصائل الاجتماع رغم مزاعمها أنّها على الحقّ، وحقّقت الدّولة الإسلاميّة الاجتماع والاعتصام والاتحاد وغاب في صفوفها -بحمد الله- الفرقة والأحزاب، رغم مزاعم الصّحوات أنّها على الباطل، فكان حال الدّولة الإسلاميّة معهم -بحمد الله- مطابقاً للحديث (خطّ لنا رسولُ الله صلّى الله عليهِ و سلّمَ خطّاً ثمَّ خطّ عن يمينهِ وعن شمالهِ خُطوطاً ثمَّ قالَ: هذا سبيلُ الله وهذهِ السُّبلُ على كلِّ سبيلٍ منها شيطانٌ يدعو إليه (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)) [رواه أحمد والنّسائي والحاكم، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرّجاه]، وسبيل الله في أمر الجماعة هو بيعة الإمام السّنّي وطاعته في المعروف، والسّبل هي الفصائل والتّنظيمات، التي تفرّق الأمّة وتمزّقها إلى أحزاب متنازعة متحاربة، في الوقت الذي تزعم فيه أنّها حريصةٌ على وحدة المسلمين وهداهم، كما في حديث حذيفةَ بن اليمان -رضيَ الله عنهُ- الشّهير (قلتُ: هلْ بعدَ ذلكَ الخيرِ مِنْ شرٍّ ؟ قالَ: "نعم دعاةٌ على أبوابِ جهنّمَ مَنْ أجابَهم إليها قَذفوه فيها"، قلتُ: يا رسولَ اللهِ صِفْهُم لنا، قالَ: "همْ مِنْ جِلدتِنا ويتكلمونَ بألسِنتِنا"، قلتُ: فما تأمرُني إنْ أدرَكَني ذلك؟ قالَ: "تلزمُ جماعةَ المسلمين وإمامهم"، قلتُ: فإنْ لم تكنْ جماعةٌ ولا إمامٌ؟ قالَ: "فاعتزلْ تلكَ الفرقَ كلَّها ولو أنْ تعضَّ بأصلِ شجرةٍ حتَّى يدركك الموتُ وأنتَ كذلك" [رواه البخاريّ ومسلم]، ففي هذا الحديث جعل عليه الصّلاة والسّلام جماعة المسلمين واحدةً فقط وربطها بالإمام وأمر بالالتزام بهما، وفي مقابلهما جعل الِفرَق، وهي متعدّدة، وأمر باعتزالها كلّها.

هذه الفرق (والتي هي في مثالنا هذا فصائل الصّحوات في الشّام) أدّى بعدها عن السّنّة، ومخالفتها الجماعة إلى الوصول بها إلى الرّدّة عن دين الله بتولّيهم للمرتدّين والطّواغيت في حربهم على الدّولة الإسلاميّة، وبامتناعهم عن تطبيق أحكام الله في المناطق التي وقعت تحت سيطرتهم، وبإعلان بعضهم صراحةً موافقته على العلمانيّة والدّيموقراطيّة وغيرها من شعائر الكفر.

لقد حرص أهل الإسلام على تسمية الفرقة النّاجية بأنّهم (أهل السّنّة والجماعة) للدّلالة على الارتباط بين السّنّة (التي يخرج منها أهل البدع الاعتقاديّة) والجماعة (والتي يخرج منها أهل الخروج على الأئمّة)، وأيّ انحرافٍ في إحدى الصّفتين سيؤدّي غالباً إلى انحراف في الصّفة الأخرى من صفات الطّائفة النّاجية، وهذا ما وقعت فيه الكثير من الطّوائف على امتداد التّاريخ، فمن خرج عن السّنّة في الاعتقاد لم يطل به الوقت حتى خرج عن جماعة المسلمين في الانتماء، ومن خرج على جماعة المسلمين وإمامهم لم يطل به الوقت حتى خرج عن معتقد أهل السّنّة.

المصدر: صحيفة النبأ – العدد 6
مقال:
معركة الجماعة والفصائل (5)
الوسائل البدعية لتجميع الفصائل في الشام
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً