صحيفة النبأ – العدد 480 المقال الافتتاحي: يَعِدُهم وَيُمَنّيهِم باتت تصريحات الطاغوت ...

صحيفة النبأ – العدد 480
المقال الافتتاحي:

يَعِدُهم وَيُمَنّيهِم

باتت تصريحات الطاغوت النيجيري حول نيتهم إنفاق "ثلثي ميزانيتهم" على "حرب الإرهاب"، مدعاة للسخرية بين الناس، كما وصفوا تعداده "القضاء على الإرهاب" ضمن "إنجازات" العام الفائت بـ "الهراء" وتساءلوا مستغربين كيف تُصرف هذه الميزانيات الضخمة في محاربة ما زعموا القضاء عليه مرات عديدة!، بل وما زالت حملاتهم المتعثرة تدفع ثمنا باهظا في غابات ألغارنو وغيرها من أدغال غرب إفريقية.

إقليميا، وصلت نوبة اضطراب الطاغوت النيجيري إلى أسوأ مراحلها، إذ أصبح عامِهًا مترددا بين الدول في تسوّل ومسكنة يستجدي هذه ويسترضي تيك، كالشاة العائرة بين قطيعين لا تدري أيهما تتبع، فاستجدى فرنسا الصليبية التي رحلت عن دويلات إفريقية بعد فشلها في تأهيل الجيوش المحلية لمكافحة الجهاد رغم سرقتها لثرواتهم، كما حاول استرضاء دويلة النيجر بعد انسحابها من التحالف الإفريقي المتفكّك الذي فشل هو الآخر في مهمته ضد المجاهدين، دويلة النيجر التي أنهكتها ضربات جنود الخلافة التي تطالها من كل الجهات حتى باتت محصورة بالمعنى الحقيقي بين فكي الأسد.

لقد حار الطاغوت المخمور وارتبك وهو يرى جيشه الموصوف بأقوى الجيوش الإفريقية؛ تنهار معنوياته، وتتهاوى "معسكراته الكبرى" التي لاذوا بها وأسندوا ظهورهم إليها، وكيف أصبحت -بفضل الله وحده- في مُتناول الثلة المؤمنة التي تستمد عزتها وتقتبس قوتها من لدن القوي العزيز الذي لا يعجزه شيء، وهذا سر ثباتهم وإصرارهم {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ}.

على الصعيد الميداني، تعد "المعسكرات الكبرى" التي أنشأتها حكومة نيجيريا بمثابة مواقع ترسانة عسكرية كبيرة، جرى تصميمها بشكل دائري وليس لها سوى منفذ واحد، وتحوي ألف جندي أو يزيدون، وعشرات الآليات والمدرعات المحمّلة بمختلف أنواع الرشاشات الثقيلة، ناهيك عن الأسلحة الثقيلة المنصوبة على الأرض موزّعة على أطراف المعسكر من كل الجهات، محاطة بالخنادق والمتاريس والتلال، والمسافة التي يبعد الواحد منها عن الآخر تتراوح ما بين ثلاثة إلى خمسة كيلومترات، وأقصاها عشرة كيلومترات لضمان الإمداد، وبينها دوريات دائمة واستطلاع مكثف من الطائرات المسيرة.

وكان الهدف من إنشاء هذه المعسكرات على تخوم مناطق المجاهدين وطرق تنقلهم؛ هو إطباق الحصار عليهم، لإعاقة تحركاتهم وقطع خطوط إمدادهم أثناء الحملات التي يشنها المرتدون عليهم، ومن أجل تسهيل حشد جيوشهم وتحريك أرتالهم انطلاقا من تلك المعسكرات على حساب دفاعات المجاهدين الأمامية.

ولم يكن مخطط حصار مناطق المجاهدين بهذه المعسكرات وليد اللحظة، إلا أنهم قاموا بتطويره في الآونة الأخيرة بشكل كبير، وقد منّاهم الشيطان منذ خمسة أعوام مضت بأنهم لا محالة ناجحون في القضاء على الدولة الإسلامية في غرب إفريقية بهذه الطريقة، لكن الحقيقة الواقعية باتت عكس ذلك، واتضح للجميع أن وعودهم كسراب بقيعة لا حقيقة لها، إذ إن الله يخيب آمالهم ويذهب مسعاهم أدراج الرياح في كل مرة، كما قال تعالى: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}، قال ابن كثير: "وهذا إخبار عن الواقع؛ لأن الشيطان يعد أولياءه ويمنيهم بأنهم هم الفائزون في الدنيا والآخرة، وقد كذب وافترى في ذلك". وبات المجاهدون يخرجون عقب كل حملة أصلب عودا وأقوى إرادة وأخلص يقينا وإيمانا وأسلم لرب العالمين.

لقد أخذ المرتدون كل احتياطاتهم وحسبوا كل الحسابات حتى اعتقدوا أن "المعسكرات الكبرى" حلقات من حديد ودوائر مغلقة لا تُخترق، وظنوا أن لن يقدر عليهم أحد اغترارا بالنفس وزُهوًّا بالقوة، لكنهم تناسوا أو ربما جهلوا احتمالا واحدا لم يحسبوا حسابه ومنه يؤتون، وهو أنهم قوم مجرمون وأن بأس الله تعالى لا يرد عن القوم المجرمين، فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وهدى جنود الخلافة لوضع خطة مهاجمة هذه المعسكرات بطريقة لم يتوقعوها، فلقد كانوا يتوقعون أن يهاجم المجاهدون هذه المعسكرات بأرتال الآليات، مما يتيح للعدو استهدافها جوًّا وبرّا قبل وصولها للهدف، لكن المجاهدون اتبعوا تكتيكات أخرى من خلال مباغتة تمركزات العدو عبر دوريات مشاة بحيث لا يرونهم إلا فوق رؤوسهم، فلا يبقى لهم خيار إلا أن يفروا ويتركوا مواقعهم كما حدث مؤخرا في معسكر "سابون غاري" ومن قبله "كاريتو" و "كوكاوا" وغيرها.

ولقد ظهر جليا فشل استراتيجية "المعسكرات الكبرى" في نتائج حملات الجيش النيجيري التي يشنها منذ سنوات في "غابات ألغارنو" والتي تحولت بفضل الله تعالى إلى دورة موسمية لاستنزاف القوات النيجيرية عسكريا وبشريا وإلحاق خسائر كبيرة في صفوفهم، مما زاد من تفاقم النكسات العسكرية للقوات في مناطق شمال شرق نيجيريا، وفاقم الأزمات الداخلية في الحكومة وقادتها.

على الصعيد الدولي، دفع هذا الإخفاق المتكرر التحالف الصليبي لمحاولة التغطية على فشله والتكتم على فضيحته بالاكتفاء بالدعم السري لهذه الحملات الفاشلة حتى لا تُنسب له نتائج فشلها!، وصار التحالف الإفريقي أكثر التحالفات العسكرية تشتتا وتمزقا، كما اتضح للحكومات الإفريقية أن الدول الصليبية عاجزة عن حماية أمنها فضلا عن أن تحمي حلفاءها وأذنابها في إفريقية، وقد عصفت بهم أعاصير الأزمات وجعل الله بتدبيره بأسهم بينهم و "فاقد الشيء لا يعطيه".

وأخيرا وليس آخرا، فإن المجاهدين لا يتطلعون إلى اقتلاع المعسكرات التي اتخذها المرتدون حصونا لمدنهم فحسب، بل يتطلعون لما هو أبعد من ذلك، إنهم عازمون على انتزاع المدن ذاتها من بين براثنهم بعون الله، وليبخعن نفسه أسفا ويموتن كمدا من بقي منهم حيّا عندما ينجز الله لعباده وعده، قال تعالى: {مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ}.

وإيماننا بالذي رفع السماء بلا عمد، أنه لو أحاط الصليبيون بالمؤمنين بمعسكراتهم إحاطة الهالة بالقمر والسوار بالمعصم وجعلوا فوقهم أسراب الطائرات عدد الطيور لأنفذ الله أمره، وأنجز وعده، ونصر عباده، وهزم الأحزاب وحده، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.


- المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 480

لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

خسائر الحملة النيجيرية على غابات (ألغارنو) خلال عشرة أيام من 16 إلى 26 رجب ▪️ جبهات ...

خسائر الحملة النيجيرية على غابات (ألغارنو)
خلال عشرة أيام من 16 إلى 26 رجب

▪️ جبهات القتال

بلدة (بنيشيك)
بلدة (بوني)
بلدة (دامبوا)
بلدة (غونيري)

▪️ القوات المشاركة:

الجيش النيجيري
الميليشيات

▪️ 7 عمليات

3 عبوات ناسفة
3 صولات واشتباكات
1 عملية استشهادية

▪️ النتائج

مقتل وإصابة 130 عنصرا بينهم "قائد كتيبة"
تدمير وإعطاب 12 آلية متنوعة
فرار القوات النيجيرية من المنطقة

◾️ أبرز الهجمات:

16 رجب
مقتل وإصابة 13 عنصرا من الجيش والميليشيات وإعطاب آليتين بتفجير عبوة ناسفة على تجمع لهم في بلدة (بورسو)

23 رجب
مقتل وإصابة أكثر من 30 عنصرا باشتباكات عنيفة قرب بلدة (غولديري) أثناء محاولتهم التقدم نحو مواقع المجاهدين.

26 رجب
مقتل وإصابة أكثر من 90 من الجيش والميليشيات بينهم "قائد كتيبة" وتدمير وإعطاب 10 آليات بعملية استشهادية بسيارة مفخخة قرب بلدة (أبيما)


- المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 480
السنة السادسة عشرة - الخميس 30 رجب 1446 هـ
إنفوغرافيك العدد
...المزيد

لا تغفلوا عن شَعبَان عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر ...

لا تغفلوا عن شَعبَان

عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، فما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان" [متفق عليه]

• تعظيما لرمضان

قال ابن القيم: "في صومه أكثر من غيره ثلاث معان: منها أنه فعل ذلك تعظيمًا لرمضان، وهذا الصوم يشبه سنة فرض الصلاة قبلها تعظيما لحقها ومنها: أنه شهر ترفع فيه الأعمال فأحب النبي أن يُرفع عمله وهو صائم" [تهذيب السنن]

• تهيئة لرمضان

قال ابن رجب: "قيل في صوم شعبان: أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذته فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط" [لطائف المعارف]

• شهر القراء

قال ابن رجب: "لما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن ليحصل التأهب لتلقي رمضان، وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن... قال سلمة بن كهيل: كان يُقال: شهر شعبان شهر القُرّاء" [لطائف المعارف]

• جبر الفريضة

قال ابن رجب: "أفضل التطوع ما كان قريبا من رمضان قبله وبعده، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها، وهي تكملة لنقص الفرائض وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده" [لطائف المعارف]



- المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 480
السنة السادسة عشرة - الخميس 30 رجب 1446 هـ
إنفوغرافيك العدد
...المزيد

صحيفة النبأ – العدد 480 المقال الافتتاحي: على الصعيد الميداني، تعد "المعسكرات الكبرى" التي ...

صحيفة النبأ – العدد 480
المقال الافتتاحي:

على الصعيد الميداني، تعد "المعسكرات الكبرى" التي أنشأتها حكومة نيجيريا بمثابة مواقع ترسانة عسكرية كبيرة، جرى تصميمها بشكل دائري وليس لها سوى منفذ واحد، وتحوي ألف جندي أو يزيدون، وعشرات الآليات والمدرعات المحمّلة بمختلف أنواع الرشاشات الثقيلة، ناهيك عن الأسلحة الثقيلة المنصوبة على الأرض موزّعة على أطراف المعسكر من كل الجهات، محاطة بالخنادق والمتاريس والتلال، والمسافة التي يبعد الواحد منها عن الآخر تتراوح ما بين ثلاثة إلى خمسة كيلومترات، وأقصاها عشرة كيلومترات لضمان الإمداد، وبينها دوريات دائمة واستطلاع مكثف من الطائرات المسيرة.

وكان الهدف من إنشاء هذه المعسكرات على تخوم مناطق المجاهدين وطرق تنقلهم؛ هو إطباق الحصار عليهم، لإعاقة تحركاتهم وقطع خطوط إمدادهم أثناء الحملات التي يشنها المرتدون عليهم، ومن أجل تسهيل حشد جيوشهم وتحريك أرتالهم انطلاقا من تلك المعسكرات على حساب دفاعات المجاهدين الأمامية.

ولم يكن مخطط حصار مناطق المجاهدين بهذه المعسكرات وليد اللحظة، إلا أنهم قاموا بتطويره في الآونة الأخيرة بشكل كبير، وقد منّاهم الشيطان منذ خمسة أعوام مضت بأنهم لا محالة ناجحون في القضاء على الدولة الإسلامية في غرب إفريقية بهذه الطريقة، لكن الحقيقة الواقعية باتت عكس ذلك، واتضح للجميع أن وعودهم كسراب بقيعة لا حقيقة لها، إذ إن الله يخيب آمالهم ويذهب مسعاهم أدراج الرياح في كل مرة، كما قال تعالى: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}، قال ابن كثير: "وهذا إخبار عن الواقع؛ لأن الشيطان يعد أولياءه ويمنيهم بأنهم هم الفائزون في الدنيا والآخرة، وقد كذب وافترى في ذلك". وبات المجاهدون يخرجون عقب كل حملة أصلب عودا وأقوى إرادة وأخلص يقينا وإيمانا وأسلم لرب العالمين.

لقد أخذ المرتدون كل احتياطاتهم وحسبوا كل الحسابات حتى اعتقدوا أن "المعسكرات الكبرى" حلقات من حديد ودوائر مغلقة لا تُخترق، وظنوا أن لن يقدر عليهم أحد اغترارا بالنفس وزُهوًّا بالقوة، لكنهم تناسوا أو ربما جهلوا احتمالا واحدا لم يحسبوا حسابه ومنه يؤتون، وهو أنهم قوم مجرمون وأن بأس الله تعالى لا يرد عن القوم المجرمين، فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وهدى جنود الخلافة لوضع خطة مهاجمة هذه المعسكرات بطريقة لم يتوقعوها، فلقد كانوا يتوقعون أن يهاجم المجاهدون هذه المعسكرات بأرتال الآليات، مما يتيح للعدو استهدافها جوًّا وبرّا قبل وصولها للهدف، لكن المجاهدون اتبعوا تكتيكات أخرى من خلال مباغتة تمركزات العدو عبر دوريات مشاة بحيث لا يرونهم إلا فوق رؤوسهم، فلا يبقى لهم خيار إلا أن يفروا ويتركوا مواقعهم كما حدث مؤخرا في معسكر "سابون غاري" ومن قبله "كاريتو" و "كوكاوا" وغيرها.

ولقد ظهر جليا فشل استراتيجية "المعسكرات الكبرى" في نتائج حملات الجيش النيجيري التي يشنها منذ سنوات في "غابات ألغارنو" والتي تحولت بفضل الله تعالى إلى دورة موسمية لاستنزاف القوات النيجيرية عسكريا وبشريا وإلحاق خسائر كبيرة في صفوفهم، مما زاد من تفاقم النكسات العسكرية للقوات في مناطق شمال شرق نيجيريا، وفاقم الأزمات الداخلية في الحكومة وقادتها.

على الصعيد الدولي، دفع هذا الإخفاق المتكرر التحالف الصليبي لمحاولة التغطية على فشله والتكتم على فضيحته بالاكتفاء بالدعم السري لهذه الحملات الفاشلة حتى لا تُنسب له نتائج فشلها!، وصار التحالف الإفريقي أكثر التحالفات العسكرية تشتتا وتمزقا، كما اتضح للحكومات الإفريقية أن الدول الصليبية عاجزة عن حماية أمنها فضلا عن أن تحمي حلفاءها وأذنابها في إفريقية، وقد عصفت بهم أعاصير الأزمات وجعل الله بتدبيره بأسهم بينهم و "فاقد الشيء لا يعطيه".

وأخيرا وليس آخرا، فإن المجاهدين لا يتطلعون إلى اقتلاع المعسكرات التي اتخذها المرتدون حصونا لمدنهم فحسب، بل يتطلعون لما هو أبعد من ذلك، إنهم عازمون على انتزاع المدن ذاتها من بين براثنهم بعون الله، وليبخعن نفسه أسفا ويموتن كمدا من بقي منهم حيّا عندما ينجز الله لعباده وعده، قال تعالى: {مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ}.

وإيماننا بالذي رفع السماء بلا عمد، أنه لو أحاط الصليبيون بالمؤمنين بمعسكراتهم إحاطة الهالة بالقمر والسوار بالمعصم وجعلوا فوقهم أسراب الطائرات عدد الطيور لأنفذ الله أمره، وأنجز وعده، ونصر عباده، وهزم الأحزاب وحده، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.


- المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 480

لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

صحيفة النبأ – العدد 480 المقال الافتتاحي: يَعِدُهم وَيُمَنّيهِم باتت تصريحات الطاغوت ...

صحيفة النبأ – العدد 480
المقال الافتتاحي:

يَعِدُهم وَيُمَنّيهِم

باتت تصريحات الطاغوت النيجيري حول نيتهم إنفاق "ثلثي ميزانيتهم" على "حرب الإرهاب"، مدعاة للسخرية بين الناس، كما وصفوا تعداده "القضاء على الإرهاب" ضمن "إنجازات" العام الفائت بـ "الهراء" وتساءلوا مستغربين كيف تُصرف هذه الميزانيات الضخمة في محاربة ما زعموا القضاء عليه مرات عديدة!، بل وما زالت حملاتهم المتعثرة تدفع ثمنا باهظا في غابات ألغارنو وغيرها من أدغال غرب إفريقية.

إقليميا، وصلت نوبة اضطراب الطاغوت النيجيري إلى أسوأ مراحلها، إذ أصبح عامِهًا مترددا بين الدول في تسوّل ومسكنة يستجدي هذه ويسترضي تيك، كالشاة العائرة بين قطيعين لا تدري أيهما تتبع، فاستجدى فرنسا الصليبية التي رحلت عن دويلات إفريقية بعد فشلها في تأهيل الجيوش المحلية لمكافحة الجهاد رغم سرقتها لثرواتهم، كما حاول استرضاء دويلة النيجر بعد انسحابها من التحالف الإفريقي المتفكّك الذي فشل هو الآخر في مهمته ضد المجاهدين، دويلة النيجر التي أنهكتها ضربات جنود الخلافة التي تطالها من كل الجهات حتى باتت محصورة بالمعنى الحقيقي بين فكي الأسد.

لقد حار الطاغوت المخمور وارتبك وهو يرى جيشه الموصوف بأقوى الجيوش الإفريقية؛ تنهار معنوياته، وتتهاوى "معسكراته الكبرى" التي لاذوا بها وأسندوا ظهورهم إليها، وكيف أصبحت -بفضل الله وحده- في مُتناول الثلة المؤمنة التي تستمد عزتها وتقتبس قوتها من لدن القوي العزيز الذي لا يعجزه شيء، وهذا سر ثباتهم وإصرارهم {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ}.

على الصعيد الميداني، تعد "المعسكرات الكبرى" التي أنشأتها حكومة نيجيريا بمثابة مواقع ترسانة عسكرية كبيرة، جرى تصميمها بشكل دائري وليس لها سوى منفذ واحد، وتحوي ألف جندي أو يزيدون، وعشرات الآليات والمدرعات المحمّلة بمختلف أنواع الرشاشات الثقيلة، ناهيك عن الأسلحة الثقيلة المنصوبة على الأرض موزّعة على أطراف المعسكر من كل الجهات، محاطة بالخنادق والمتاريس والتلال، والمسافة التي يبعد الواحد منها عن الآخر تتراوح ما بين ثلاثة إلى خمسة كيلومترات، وأقصاها عشرة كيلومترات لضمان الإمداد، وبينها دوريات دائمة واستطلاع مكثف من الطائرات المسيرة.

وكان الهدف من إنشاء هذه المعسكرات على تخوم مناطق المجاهدين وطرق تنقلهم؛ هو إطباق الحصار عليهم، لإعاقة تحركاتهم وقطع خطوط إمدادهم أثناء الحملات التي يشنها المرتدون عليهم، ومن أجل تسهيل حشد جيوشهم وتحريك أرتالهم انطلاقا من تلك المعسكرات على حساب دفاعات المجاهدين الأمامية.

ولم يكن مخطط حصار مناطق المجاهدين بهذه المعسكرات وليد اللحظة، إلا أنهم قاموا بتطويره في الآونة الأخيرة بشكل كبير، وقد منّاهم الشيطان منذ خمسة أعوام مضت بأنهم لا محالة ناجحون في القضاء على الدولة الإسلامية في غرب إفريقية بهذه الطريقة، لكن الحقيقة الواقعية باتت عكس ذلك، واتضح للجميع أن وعودهم كسراب بقيعة لا حقيقة لها، إذ إن الله يخيب آمالهم ويذهب مسعاهم أدراج الرياح في كل مرة، كما قال تعالى: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}، قال ابن كثير: "وهذا إخبار عن الواقع؛ لأن الشيطان يعد أولياءه ويمنيهم بأنهم هم الفائزون في الدنيا والآخرة، وقد كذب وافترى في ذلك". وبات المجاهدون يخرجون عقب كل حملة أصلب عودا وأقوى إرادة وأخلص يقينا وإيمانا وأسلم لرب العالمين.

لقد أخذ المرتدون كل احتياطاتهم وحسبوا كل الحسابات حتى اعتقدوا أن "المعسكرات الكبرى" حلقات من حديد ودوائر مغلقة لا تُخترق، وظنوا أن لن يقدر عليهم أحد اغترارا بالنفس وزُهوًّا بالقوة، لكنهم تناسوا أو ربما جهلوا احتمالا واحدا لم يحسبوا حسابه ومنه يؤتون، وهو أنهم قوم مجرمون وأن بأس الله تعالى لا يرد عن القوم المجرمين، فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وهدى جنود الخلافة لوضع خطة مهاجمة هذه المعسكرات بطريقة لم يتوقعوها، فلقد كانوا يتوقعون أن يهاجم المجاهدون هذه المعسكرات بأرتال الآليات، مما يتيح للعدو استهدافها جوًّا وبرّا قبل وصولها للهدف، لكن المجاهدون اتبعوا تكتيكات أخرى من خلال مباغتة تمركزات العدو عبر دوريات مشاة بحيث لا يرونهم إلا فوق رؤوسهم، فلا يبقى لهم خيار إلا أن يفروا ويتركوا مواقعهم كما حدث مؤخرا في معسكر "سابون غاري" ومن قبله "كاريتو" و "كوكاوا" وغيرها.

ولقد ظهر جليا فشل استراتيجية "المعسكرات الكبرى" في نتائج حملات الجيش النيجيري التي يشنها منذ سنوات في "غابات ألغارنو" والتي تحولت بفضل الله تعالى إلى دورة موسمية لاستنزاف القوات النيجيرية عسكريا وبشريا وإلحاق خسائر كبيرة في صفوفهم، مما زاد من تفاقم النكسات العسكرية للقوات في مناطق شمال شرق نيجيريا، وفاقم الأزمات الداخلية في الحكومة وقادتها.


- المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 480

لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

فضائل وفوائد التبكير للصلوات في المساجد الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله ...

فضائل وفوائد التبكير للصلوات في المساجد


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد حثَّ الحقُّ سبحانه عبادَه على المسارعة إلى مرضاته والتسابق في طاعته والتنافس على علو الدرجات، فقال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ}، وقال سبحانه: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}، وقال جلَّ جلاله: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ}، وقال تبارك وتعالى مادحاً أنبياءه ورسله: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ}، وقال صلى الله عليه وسلم: (بادروا بالأعمال) [رواه مسلم]، وقال صلى الله عليه وسلم: (اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك) [رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي].

وقد كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- خير الناس في الاجتهاد في العبادات وأحسنهم في المسارعة في الخيرات وأسبقهم في المنازل والدرجات، فقد قام الليل حتى تفطَّرت قدماه، وصام حتى قال الناس: ما يُفطر! وقاتل في سبيل الله حتى كان بعض الصحابة يحتمون به عند النزال إذا حمي الوطيس، ولم يُبقِ باباً من أبواب الخير والطاعة إلا واستبق فيه وسبق، صلوات الله وسلامه عليه.

ولعل من أهم أبواب الخير التي حثَّ الله تعالى الناس عليها وندبَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أمته للمسارعة والتسابق فيها هو: التبكير إلى الصلوات، قال صلى الله عليه وسلم: (لو يعلمون ما في التهجير -وهو التبكير للصلاة في المسجد- لاستبقوا عليه) [رواه البخاري ومسلم]، فإنَّ للذهاب إلى المساجد مبكراً لأداء الصلوات المفروضة ثمراتٍ وفوائدَ وفضائلَ عظيمة، لعل أهمها:

1- منتظِرُ الصلاة لا يزال في صلاة ما انتظرها، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة) [متفق عليه]، وفي رواية للبخاري: (لا يزال العبد في صلاة ما كان في المسجد ينتظر الصلاة).

2- الذي ينتظر الصلاة تصلي عليه الملائكة وتدعو له بالمغفرة والرحمة ما دام في مصلَّاه، قال صلى الله عليه وسلم: (الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه، ما لم يحدث، تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه) [متفق عليه].

3- انتظار الصلاة بعد الصلاة سببٌ في محو الخطايا ورفع الدرجات، قال صلى الله عليه وسلم: (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: (إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط فذلكم الرباط) [رواه مسلم].

4- في التبكير إلى المسجد ضمانٌ لإدراك صلاة الجماعة في المسجد التي هي أفضل من صلاة المنفرد في بيته بكثير، قال صلى الله عليه وسلم: (صلاةُ الجماعة تفضلُ صلاة الفذِّ بسبع وعشرين درجة) [متفق عليه].

5- الـمُبكِّر إلى المسجد حريٌّ بأن يُدرك تكبيرة الإحرام مع الإمام، التي قال فيها النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يُدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان: براءة من النار وبراءة من النفاق) [حَسَن، رواه الترمذي].

6- الـمُبكِّر إلى المسجد أقربُ للفوز بالصف الأول، الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلّا أن يستَهِموا عليه لاستَهَموا) [متفق عليه]، وفي التبكير إدراكٌ لميامن الصفوف التي قال عنها صلى الله عليه وسلم: (إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف) [حَسَن، رواه أبو داود].

7- في التبكير حضور ما قد يكون من مجالس الذكر والعلم التي تُقام بين الصلوات، والتي قال فيها صلى الله عليه وسلم: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده) [رواه مسلم].

8- في التبكير للصلوات الجهرية إدراكٌ للتأمين وراء الإمام، وفي فضل التأمين قال صلى الله عليه وسلم: (إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقولوا: آمين، فإن من وافق قوله قول الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه) [رواه البخاري]، وقال -صلى الله عليه وسلم- عن اليهود: (إنهم لا يحسدونا على شيء كما يحسدونا على يوم الجمعة التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام آمين) [صحيح، رواه أحمد].

9- في المبادرة إلى المسجد فرصة لأداء النوافل المشروعة، كتحية المسجد والتطوُّع بين الأذان والإقامة التي سنّها النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (بين كل أذانين صلاة، لمن شاء) [متفق عليه]، وغيرها من النوافل.

10 - المبادرة إلى الصلاة دليل على تعلق القلب بالمسجد، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (سبعةٌ يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله) وذكر منهم: (ورجل معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه) [رواه البخاري ومسلم].

11- التبكير إلى المسجد وانتظار إقامة الصلاة سببٌ في حضور القلب والخشوع في الصلاة، الذي بيَّن رسولُ الله –صلى الله عليه وسلم- أهميته ومكانته من الصلاة بقوله: (إن العبد لَيُصلي الصلاة وما يُكتب له منها إلا عشرها، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها) [صحيح، رواه أحمد وغيره].

12- المبكر إلى الصلاة يتسنَّى له تلاوة شيء من القرآن قبل الإقامة، وفي تلاوته فضل عظيم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ألم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف) [رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح].

13- المبكر إلى الصلاة يتمكن من الذكر والدعاء بين الأذان والإقامة، وهذا وقتٌ فاضل من أوقات استجابة الدعاء، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يُردُّ الدعاء بين الأذان والإقامة) [رواه الترمذي وقال: حديثٌ حَسَن].

14- من يأتي مبكراً يأتي إلى الصلاة بسكينة ووقار، بخلاف المتأخر فإنه غالباً ما يأتيها مستعجلاً مضطرباً، فعن أبي قتادة عن أبيه قال: بينما نحن نصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ سمع جَلَبَةَ رجال، فلما صلى قال: (ما شأنكم؟)، قالوا: استعجلنا إلى الصلاة، فقال (فلا تفعلوا، إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة) [متفق عليه]، وفي رواية للبخاري: (فامشوا إلى الصلاة وعليكم بالسكينة والوقار ولا تُسرعوا).

هذه أهم فضائل التبكير إلى الصلوات، فضائلُ عرفها السلف الصالح حقَّ المعرفة، فنهلوا منها، وتسابقوا فيها، ومن يقرأ سيرهم العَطِرة يتعجَّب من علو همتهم وعظيم مسارعتهم!

قال ربيعة بن يزيد: «ما أذَّن المؤذن لصلاة الظهر منذ أربعين سنة إلا وأنا في المسجد، إلا أن أكون مريضاً أو مسافراً» [سير أعلام النبلاء].

وقال يحيى بن معين: «أقام يحيى بن سعيد عشرين سنة يختم القرآن في كل ليلة ولم يَفُتْه الزوال في المسجد أربعين سنة» [صفوة الصفوة].
وقال سعيد بن المسيب: «ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة، وما نظرت في قفا رجل في الصلاة منذ خمسين سنة» [حلية الأولياء].

وقال وكيع: «كان الأعمش قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى» [تاريخ بغداد].

وقال ابن سماعة: «مكثت أربعين سنة لم تفتني التكبيرة الأولى إلا يوماً واحداً، ماتت فيه أمي» [الوافي بالوفيات].

وقال سفيان بن عيينة: «إن من توقير الصلاة أن تأتي قبل الإقامة»، وقد حث على السير إلى الصلاة قبل النداء لها، فقال: «لا تكن مثل عبد السوء لا يأتي حتى يدعى، ائت الصلاة قبل النداء» [حلية الأولياء].

وقال إبراهيم النخعي: «إذا رأيت الرجل يتهاون بالتكبيرة الأولى فاغسل يديك منه» [صفة الصفوة].

وقال سليمان بن حمزة المقدسي وقد قارب التسعين: «لم أصلِّ الفريضة منفرداً إلا مرتين وكأني لم أصلهما قط» [ذيل طبقات الحنابلة].
وقال محمد بن المبارك الصوري: «رأيتُ سعيد بن عبد العزيز إذا فاتته الصلاة في جماعة بكى» [تذكرة الحفاظ].

وقال حاتم الأصم: «فاتتني الصلاة في جماعة فعزَّاني فيها فلان ولم يعزني غيره، ولو مات لي ولد لعزاني مائة ألف، وما ذاك إلا أنَّ مصيبة الدين عند أهل الدين أعظم من مصيبة الدنيا» [المدخل لابن الحاج].

نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من السباقين للخيرات، المسارعين للطاعات، المبكرين للصلوات، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 39
لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

فضائل وفوائد التبكير للصلوات في المساجد [2/2] 10 - المبادرة إلى الصلاة دليل على تعلق القلب ...

فضائل وفوائد التبكير للصلوات في المساجد
[2/2]

10 - المبادرة إلى الصلاة دليل على تعلق القلب بالمسجد، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (سبعةٌ يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله) وذكر منهم: (ورجل معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه) [رواه البخاري ومسلم].

11- التبكير إلى المسجد وانتظار إقامة الصلاة سببٌ في حضور القلب والخشوع في الصلاة، الذي بيَّن رسولُ الله –صلى الله عليه وسلم- أهميته ومكانته من الصلاة بقوله: (إن العبد لَيُصلي الصلاة وما يُكتب له منها إلا عشرها، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها) [صحيح، رواه أحمد وغيره].

12- المبكر إلى الصلاة يتسنَّى له تلاوة شيء من القرآن قبل الإقامة، وفي تلاوته فضل عظيم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ألم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف) [رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح].

13- المبكر إلى الصلاة يتمكن من الذكر والدعاء بين الأذان والإقامة، وهذا وقتٌ فاضل من أوقات استجابة الدعاء، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يُردُّ الدعاء بين الأذان والإقامة) [رواه الترمذي وقال: حديثٌ حَسَن].

14- من يأتي مبكراً يأتي إلى الصلاة بسكينة ووقار، بخلاف المتأخر فإنه غالباً ما يأتيها مستعجلاً مضطرباً، فعن أبي قتادة عن أبيه قال: بينما نحن نصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ سمع جَلَبَةَ رجال، فلما صلى قال: (ما شأنكم؟)، قالوا: استعجلنا إلى الصلاة، فقال (فلا تفعلوا، إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة) [متفق عليه]، وفي رواية للبخاري: (فامشوا إلى الصلاة وعليكم بالسكينة والوقار ولا تُسرعوا).

هذه أهم فضائل التبكير إلى الصلوات، فضائلُ عرفها السلف الصالح حقَّ المعرفة، فنهلوا منها، وتسابقوا فيها، ومن يقرأ سيرهم العَطِرة يتعجَّب من علو همتهم وعظيم مسارعتهم!

قال ربيعة بن يزيد: «ما أذَّن المؤذن لصلاة الظهر منذ أربعين سنة إلا وأنا في المسجد، إلا أن أكون مريضاً أو مسافراً» [سير أعلام النبلاء].

وقال يحيى بن معين: «أقام يحيى بن سعيد عشرين سنة يختم القرآن في كل ليلة ولم يَفُتْه الزوال في المسجد أربعين سنة» [صفوة الصفوة].
وقال سعيد بن المسيب: «ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة، وما نظرت في قفا رجل في الصلاة منذ خمسين سنة» [حلية الأولياء].

وقال وكيع: «كان الأعمش قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى» [تاريخ بغداد].

وقال ابن سماعة: «مكثت أربعين سنة لم تفتني التكبيرة الأولى إلا يوماً واحداً، ماتت فيه أمي» [الوافي بالوفيات].

وقال سفيان بن عيينة: «إن من توقير الصلاة أن تأتي قبل الإقامة»، وقد حث على السير إلى الصلاة قبل النداء لها، فقال: «لا تكن مثل عبد السوء لا يأتي حتى يدعى، ائت الصلاة قبل النداء» [حلية الأولياء].

وقال إبراهيم النخعي: «إذا رأيت الرجل يتهاون بالتكبيرة الأولى فاغسل يديك منه» [صفة الصفوة].

وقال سليمان بن حمزة المقدسي وقد قارب التسعين: «لم أصلِّ الفريضة منفرداً إلا مرتين وكأني لم أصلهما قط» [ذيل طبقات الحنابلة].
وقال محمد بن المبارك الصوري: «رأيتُ سعيد بن عبد العزيز إذا فاتته الصلاة في جماعة بكى» [تذكرة الحفاظ].

وقال حاتم الأصم: «فاتتني الصلاة في جماعة فعزَّاني فيها فلان ولم يعزني غيره، ولو مات لي ولد لعزاني مائة ألف، وما ذاك إلا أنَّ مصيبة الدين عند أهل الدين أعظم من مصيبة الدنيا» [المدخل لابن الحاج].

نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من السباقين للخيرات، المسارعين للطاعات، المبكرين للصلوات، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 39
لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

فضائل وفوائد التبكير للصلوات في المساجد [1/2] الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى ...

فضائل وفوائد التبكير للصلوات في المساجد
[1/2]

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد حثَّ الحقُّ سبحانه عبادَه على المسارعة إلى مرضاته والتسابق في طاعته والتنافس على علو الدرجات، فقال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ}، وقال سبحانه: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}، وقال جلَّ جلاله: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ}، وقال تبارك وتعالى مادحاً أنبياءه ورسله: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ}، وقال صلى الله عليه وسلم: (بادروا بالأعمال) [رواه مسلم]، وقال صلى الله عليه وسلم: (اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك) [رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي].

وقد كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- خير الناس في الاجتهاد في العبادات وأحسنهم في المسارعة في الخيرات وأسبقهم في المنازل والدرجات، فقد قام الليل حتى تفطَّرت قدماه، وصام حتى قال الناس: ما يُفطر! وقاتل في سبيل الله حتى كان بعض الصحابة يحتمون به عند النزال إذا حمي الوطيس، ولم يُبقِ باباً من أبواب الخير والطاعة إلا واستبق فيه وسبق، صلوات الله وسلامه عليه.

ولعل من أهم أبواب الخير التي حثَّ الله تعالى الناس عليها وندبَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أمته للمسارعة والتسابق فيها هو: التبكير إلى الصلوات، قال صلى الله عليه وسلم: (لو يعلمون ما في التهجير -وهو التبكير للصلاة في المسجد- لاستبقوا عليه) [رواه البخاري ومسلم]، فإنَّ للذهاب إلى المساجد مبكراً لأداء الصلوات المفروضة ثمراتٍ وفوائدَ وفضائلَ عظيمة، لعل أهمها:

1- منتظِرُ الصلاة لا يزال في صلاة ما انتظرها، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة) [متفق عليه]، وفي رواية للبخاري: (لا يزال العبد في صلاة ما كان في المسجد ينتظر الصلاة).

2- الذي ينتظر الصلاة تصلي عليه الملائكة وتدعو له بالمغفرة والرحمة ما دام في مصلَّاه، قال صلى الله عليه وسلم: (الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه، ما لم يحدث، تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه) [متفق عليه].

3- انتظار الصلاة بعد الصلاة سببٌ في محو الخطايا ورفع الدرجات، قال صلى الله عليه وسلم: (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: (إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط فذلكم الرباط) [رواه مسلم].

4- في التبكير إلى المسجد ضمانٌ لإدراك صلاة الجماعة في المسجد التي هي أفضل من صلاة المنفرد في بيته بكثير، قال صلى الله عليه وسلم: (صلاةُ الجماعة تفضلُ صلاة الفذِّ بسبع وعشرين درجة) [متفق عليه].

5- الـمُبكِّر إلى المسجد حريٌّ بأن يُدرك تكبيرة الإحرام مع الإمام، التي قال فيها النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يُدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان: براءة من النار وبراءة من النفاق) [حَسَن، رواه الترمذي].

6- الـمُبكِّر إلى المسجد أقربُ للفوز بالصف الأول، الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلّا أن يستَهِموا عليه لاستَهَموا) [متفق عليه]، وفي التبكير إدراكٌ لميامن الصفوف التي قال عنها صلى الله عليه وسلم: (إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف) [حَسَن، رواه أبو داود].

7- في التبكير حضور ما قد يكون من مجالس الذكر والعلم التي تُقام بين الصلوات، والتي قال فيها صلى الله عليه وسلم: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده) [رواه مسلم].

8- في التبكير للصلوات الجهرية إدراكٌ للتأمين وراء الإمام، وفي فضل التأمين قال صلى الله عليه وسلم: (إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقولوا: آمين، فإن من وافق قوله قول الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه) [رواه البخاري]، وقال -صلى الله عليه وسلم- عن اليهود: (إنهم لا يحسدونا على شيء كما يحسدونا على يوم الجمعة التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام آمين) [صحيح، رواه أحمد].

9- في المبادرة إلى المسجد فرصة لأداء النوافل المشروعة، كتحية المسجد والتطوُّع بين الأذان والإقامة التي سنّها النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (بين كل أذانين صلاة، لمن شاء) [متفق عليه]، وغيرها من النوافل.


* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 39
لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

دين الإسلام وجماعة المسلمين (2) بينا في الحلقة السابقة أن حقيقة الإسلام لغة وشرعا هي ...

دين الإسلام
وجماعة المسلمين (2)


بينا في الحلقة السابقة أن حقيقة الإسلام لغة وشرعا هي السلامة (أي الإخلاص) والاستسلام (أي الانقياد) لله، وأن المرء لا يكون مسلما ما لم يكن مستسلما لله، سالما له...

ومما يجب على المرء معرفته أن الله -جل وعلا- فرض على طوائف الناس السلامة والاستسلام له كما فرض ذلك على أفرادهم، ففرض عليهم الحكم بشرعه وحده، والتحاكم إليه وحده، والاحتساب على من خالفه، وقتال من امتنع عن بعضه، فيقاتلون الناس كافة على هذا الدين بهذين المعنيين: السلامة والاستسلام لله، ولا يتركون قتالهم ما لم يلتزموا شرائع الإسلام طوعا، إلا إن قبلوا الجزية وخضعوا لحكم الإسلام كرها.
قال الله، جل وعلا: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصدٍ فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفورٌ رحيمٌ} [سورة التوبة: 5]، وقال جل وعلا: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقومٍ يعلمون} [سورة التوبة: 11]، وقال جل وعلا: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنةٌ ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين} [سورة البقرة: 193]، وقال جل وعلا: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنةٌ ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصيرٌ} [سورة الأنفال: 39]، وقال جل وعلا: {الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا} [سورة النساء: 76]، وقال جل وعلا: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون} [سورة التوبة: 29].
وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقتال الناس حتى يلتزموا أركان الإسلام الظاهرة، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن رأس هذا الأمر أن تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وإن قوام هذا الأمر إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وإن ذروة السنام منه الجهاد في سبيل الله، إنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، ويشهدوا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، فإذا فعلوا ذلك فقد اعتصموا وعصموا دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله) [رواه أحمد عن معاذ]، وقال صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا، عصموا مني دماءهم، وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله) [رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر].

وأمر خليفته شيخ الإسلام أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- بمثله، فعن حنظلة بن علي بن الأسقع أن أبا بكر -رضي الله عنه- بعث خالد بن الوليد -رضي الله عنه- وأمره أن يقاتل الناس على خمس، فمن ترك واحدة من خمس، فقاتله عليها كما تقاتل على الخمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان [وحج البيت] [السنة للخلال وتاريخ الإسلام للذهبي].

وإنما كان الفرض أن يقاتل أهل الإسلام أهل الإشراك من وراء راية واحدة، لا بفرق وأحزاب بلا جماعة ولا إمام، {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيانٌ مرصوصٌ} [سورة الصف: 4]، ولا يكون الصف الواحد والتمكين لدينه من غير ولاء وبراء، قال جل وعلا: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعضٍ يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيزٌ حكيمٌ} [سورة التوبة: 72]، وقال جل وعلا: {والذين كفروا بعضهم أولياء بعضٍ إلا تفعلوه تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبيرٌ} [سورة الأنفال: 73]، وقال جل وعلا: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعضٍ لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضلٍ على العالمين} [سورة البقرة: 251]، وقال جل وعلا: {ياأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقومٍ يحبهم ويحبونه أذلةٍ على المؤمنين أعزةٍ على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائمٍ ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسعٌ عليمٌ} [سورة المائدة: 54].

وهذه الجماعة التي فُرضت على المسلمين هي الخلافة القرشية التي أُمر حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما- بالتزامها، وقد بُنيت على أركان كما بُني الإسلام على أركان، قال النبي، صلى الله عليه وسلم: (وأنا آمركم بخمس الله أمرني بهن: السمع، والطاعة، والجهاد، والهجرة، والجماعة، فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يرجع، ومن ادعى دعوى الجاهلية فإنه من جثا جهنم)، فقال رجل: «يا رسول الله، وإن صلى وصام؟» قال: (وإن صلى وصام، فادعوا بدعوى الله الذي سمّاكم المسلمين، المؤمنين، عباد الله) [رواه الترمذي عن الحارث الأشعري]، فجماعة المسلمين التي أُمرنا بالاعتصام بها والتزامها والعض عليها بالنواجذ والتي لا يظهر حكم الإسلام في الأرض إلا بها بُنيت على خمسة أركان بعد أركان الإسلام: الهجرة والسمع والطاعة والجماعة والجهاد، ولا سمع ولا طاعة ولا جماعة من غير بيعة وإمام، ولا هجرة من غير إيواء ونصرة، ولا جهاد من غير إعداد ورباط وقتال.

وقال المهدي المُحدَّث عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: «إنه لا إسلام إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمارة، ولا إمارة إلا بطاعة» [سنن الدارمي].

ولأهمية جماعة المسلمين في ظهور دين الإسلام، كانت الدعوة إلى أركانها بعد الدعوة إلى أركان الإسلام، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: (اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا، وإذا لقيت عدوك من المشركين، فادعهم إلى ثلاث خصال -أو خلال- فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك، فاقبل منهم، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها، فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين) [رواه مسلم عن بريدة]، فمن لم يهاجر، كان كالأعراب، و{الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [سورة التوبة: 97]، وقال جلّ وعلا: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [سورة الأنفال: 72]، وقال جلّ وعلا: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ * وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ} الآية [سورة الأنفال: 74-75].

ولأهمية جماعة المسلمين حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الخروج منها فقال صلى الله عليه وسلم: (من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية) [رواه مسلم عن أبي هريرة]، وقال صلى الله عليه وسلم: (من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات فميتة جاهلية) [رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس]، وقال صلى الله عليه وسلم: (من خلع يدا من طاعة، لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية) [رواه مسلم عن ابن عمر]

بل لأهمية جماعة المسلمين، أباح النبي صلى الله عليه سلم دم من شق صفها فقال صلى الله عليه وسلم: (إنه ستكون هنات وهنات، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع، فاضربوه بالسيف كائنا من كان) [رواه مسلم عن عرفجة]، وفي رواية: (من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم، فاقتلوه)، وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا بويع لخليفتين، فاقتلوا الآخر منهما) [رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري]، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يحل دم امرئ مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة) [رواه البخاري ومسلم عن ابن مسعود]

ومن نعمة المولى على الموحدين أن جدد لهم هذه الجماعة -من غير حول منهم ولا وقوة- بعد قرون من غيابها، وكانت حقا قبل ذلك الفريضة الغائبة في عنق كل مسلم، يحاسب على تفريطه في السعي لتجديدها، فعلى كل موحد أن يشكر ربه قولا وعملا، بالتحدث بهذه النعمة في المجالس الخاصة والعامة، {وأما بنعمة ربك فحدث} [سورة الضحى: 11]، وبالحفاظ على هذه النعمة والدفاع عنها والقتال دونها والتزام أركانها -الهجرة والسمع والطاعة والجماعة والجهاد- ولوازم هذه الأركان -الإيواء والنصرة والبيعة والإعداد والرباط- ليزيدهم الله من فضله،قال جل وعلا: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد} [سورة إبراهيم: 7].

اللهم افتح على أيدينا القسطنطينية ورومية، واجعلنا من عبادك الصابرين الشاكرين، آمين.


* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 39
لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

دين الإسلام وجماعة المسلمين (2) [3/3] وهذه الجماعة التي فرضت على المسلمين هي الخلافة القرشية ...

دين الإسلام
وجماعة المسلمين (2)
[3/3]

وهذه الجماعة التي فرضت على المسلمين هي الخلافة القرشية التي أمر حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما بالتزامها، وقد بنيت على أركان كما بني الإسلام على أركان، قال النبي، صلى الله عليه وسلم: (وأنا آمركم بخمس الله أمرني بهن: السمع والطاعة والجهاد والهجرة والجماعة، فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يرجع، ومن ادعى دعوى الجاهلية فإنه من جثا جهنم) فقال رجل: يا رسول الله وإن صلى وصام؟ قال: (وإن صلى وصام، فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين، المؤمنين، عباد الله) [رواه الترمذي عن الحارث الأشعري] فجماعة المسلمين التي أمرنا بالاعتصام بها والتزامها والعض عليها بالنواجذ والتي لا يظهر حكم الإسلام في الأرض إلا بها بنيت على خمسة أركان بعد أركان الإسلام: الهجرة والسمع والطاعة والجماعة والجهاد، ولا سمع ولا طاعة ولا جماعة من غير بيعة وإمام ولا هجرة من غير إيواء ونصرة ولا جهاد من غير إعداد ورباط وقتال

وقال المهدي المحدث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنه لا إسلام إلا بجماعة ولا جماعة إلا بإمارة، ولا إمارة إلا بطاعة [سنن الدارمي]
ولأهمية جماعة المسلمين في ظهور دين الإسلام، كانت الدعوة إلى أركانها بعد الدعوة إلى أركان الإسلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اغزوا باسم الله في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال -أو خلال- فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين) [رواه مسلم عن بريدة]، فمن لم يهاجر كان كالأعراب و{الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله} [سورة التوبة: 97] وقال جل وعلا: {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير} [سورة الأنفال: 72] وقال جل وعلا: {والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم * والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم} الآية [سورة الأنفال: 74-75]

ولأهمية جماعة المسلمين حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الخروج منها فقال صلى الله عليه وسلم: (من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية) [رواه مسلم عن أبي هريرة]، وقال صلى الله عليه وسلم: (من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات فميتة جاهلية) [رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس]، وقال صلى الله عليه وسلم: (من خلع يدا من طاعة، لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية) [رواه مسلم عن ابن عمر]

بل لأهمية جماعة المسلمين، أباح النبي صلى الله عليه سلم دم من شق صفها فقال صلى الله عليه وسلم: (إنه ستكون هنات وهنات، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع، فاضربوه بالسيف كائنا من كان) [رواه مسلم عن عرفجة]، وفي رواية: (من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم، فاقتلوه)، وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا بويع لخليفتين، فاقتلوا الآخر منهما) [رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري]، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يحل دم امرئ مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة) [رواه البخاري ومسلم عن ابن مسعود]

ومن نعمة المولى على الموحدين أن جدد لهم هذه الجماعة -من غير حول منهم ولا وقوة- بعد قرون من غيابها، وكانت حقا قبل ذلك الفريضة الغائبة في عنق كل مسلم، يحاسب على تفريطه في السعي لتجديدها، فعلى كل موحد أن يشكر ربه قولا وعملا، بالتحدث بهذه النعمة في المجالس الخاصة والعامة، {وأما بنعمة ربك فحدث} [سورة الضحى: 11]، وبالحفاظ على هذه النعمة والدفاع عنها والقتال دونها والتزام أركانها -الهجرة والسمع والطاعة والجماعة والجهاد- ولوازم هذه الأركان -الإيواء والنصرة والبيعة والإعداد والرباط- ليزيدهم الله من فضله،قال جل وعلا: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد} [سورة إبراهيم: 7].

اللهم افتح على أيدينا القسطنطينية ورومية، واجعلنا من عبادك الصابرين الشاكرين، آمين.


* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 39
لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

دين الإسلام وجماعة المسلمين (2) [2/3] وإنما كان الفرض أن يقاتِل أهلُ الإسلام أهلَ ...

دين الإسلام
وجماعة المسلمين (2)

[2/3]


وإنما كان الفرض أن يقاتِل أهلُ الإسلام أهلَ الإشراك من وراء راية واحدة، لا بفِرق وأحزاب بلا جماعة ولا إمام، {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [سورة الصف: 4]، ولا يكون الصف الواحد والتمكين لدينه من غير ولاء وبراء، قال جلّ وعلا: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [سورة التوبة: 72]، وقال جلّ وعلا: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [سورة الأنفال: 73]، وقال جلّ وعلا: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [سورة البقرة: 251]، وقال جلّ وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [سورة المائدة: 54].

وهذه الجماعة التي فُرضت على المسلمين هي الخلافة القرشية التي أُمر حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما- بالتزامها، وقد بُنيت على أركان كما بُني الإسلام على أركان، قال النبي، صلى الله عليه وسلم: (وأنا آمركم بخمس الله أمرني بهن: السمع، والطاعة، والجهاد، والهجرة، والجماعة، فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يرجع، ومن ادعى دعوى الجاهلية فإنه من جثا جهنم)، فقال رجل: «يا رسول الله، وإن صلى وصام؟» قال: (وإن صلى وصام، فادعوا بدعوى الله الذي سمّاكم المسلمين، المؤمنين، عباد الله) [رواه الترمذي عن الحارث الأشعري]، فجماعة المسلمين التي أُمرنا بالاعتصام بها والتزامها والعض عليها بالنواجذ والتي لا يظهر حكم الإسلام في الأرض إلا بها بُنيت على خمسة أركان بعد أركان الإسلام: الهجرة والسمع والطاعة والجماعة والجهاد، ولا سمع ولا طاعة ولا جماعة من غير بيعة وإمام، ولا هجرة من غير إيواء ونصرة، ولا جهاد من غير إعداد ورباط وقتال.

وقال المهدي المُحدَّث عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: «إنه لا إسلام إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمارة، ولا إمارة إلا بطاعة» [سنن الدارمي].

ولأهمية جماعة المسلمين في ظهور دين الإسلام، كانت الدعوة إلى أركانها بعد الدعوة إلى أركان الإسلام، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: (اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا، وإذا لقيت عدوك من المشركين، فادعهم إلى ثلاث خصال -أو خلال- فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك، فاقبل منهم، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها، فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين) [رواه مسلم عن بريدة]، فمن لم يهاجر، كان كالأعراب، و{الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [سورة التوبة: 97]، وقال جلّ وعلا: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [سورة الأنفال: 72]، وقال جلّ وعلا: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ * وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ} الآية [سورة الأنفال: 74-75].


* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 39
لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

دين الإسلام وجماعة المسلمين (2) [1/3] بينا في الحلقة السابقة أن حقيقة الإسلام لغة وشرعا ...

دين الإسلام
وجماعة المسلمين (2)

[1/3]

بينا في الحلقة السابقة أن حقيقة الإسلام لغة وشرعا هي السلامة (أي الإخلاص) والاستسلام (أي الانقياد) لله، وأن المرء لا يكون مسلما ما لم يكن مستسلما لله، سالما له...

ومما يجب على المرء معرفته أن الله -جل وعلا- فرض على طوائف الناس السلامة والاستسلام له كما فرض ذلك على أفرادهم، ففرض عليهم الحكم بشرعه وحده، والتحاكم إليه وحده، والاحتساب على من خالفه، وقتال من امتنع عن بعضه، فيقاتلون الناس كافة على هذا الدين بهذين المعنيين: السلامة والاستسلام لله، ولا يتركون قتالهم ما لم يلتزموا شرائع الإسلام طوعا، إلا إن قبلوا الجزية وخضعوا لحكم الإسلام كرها.
قال الله، جل وعلا: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصدٍ فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفورٌ رحيمٌ} [سورة التوبة: 5]، وقال جل وعلا: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقومٍ يعلمون} [سورة التوبة: 11]، وقال جل وعلا: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنةٌ ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين} [سورة البقرة: 193]، وقال جل وعلا: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنةٌ ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصيرٌ} [سورة الأنفال: 39]، وقال جل وعلا: {الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا} [سورة النساء: 76]، وقال جل وعلا: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون} [سورة التوبة: 29].
وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقتال الناس حتى يلتزموا أركان الإسلام الظاهرة، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن رأس هذا الأمر أن تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وإن قوام هذا الأمر إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وإن ذروة السنام منه الجهاد في سبيل الله، إنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، ويشهدوا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، فإذا فعلوا ذلك فقد اعتصموا وعصموا دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله) [رواه أحمد عن معاذ]، وقال صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا، عصموا مني دماءهم، وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله) [رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر].

وأمر خليفته شيخ الإسلام أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- بمثله، فعن حنظلة بن علي بن الأسقع أن أبا بكر -رضي الله عنه- بعث خالد بن الوليد -رضي الله عنه- وأمره أن يقاتل الناس على خمس، فمن ترك واحدة من خمس، فقاتله عليها كما تقاتل على الخمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان [وحج البيت] [السنة للخلال وتاريخ الإسلام للذهبي].

وإنما كان الفرض أن يقاتل أهل الإسلام أهل الإشراك من وراء راية واحدة، لا بفرق وأحزاب بلا جماعة ولا إمام، {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيانٌ مرصوصٌ} [سورة الصف: 4]، ولا يكون الصف الواحد والتمكين لدينه من غير ولاء وبراء، قال جل وعلا: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعضٍ يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيزٌ حكيمٌ} [سورة التوبة: 72]، وقال جل وعلا: {والذين كفروا بعضهم أولياء بعضٍ إلا تفعلوه تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبيرٌ} [سورة الأنفال: 73]، وقال جل وعلا: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعضٍ لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضلٍ على العالمين} [سورة البقرة: 251]، وقال جل وعلا: {ياأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقومٍ يحبهم ويحبونه أذلةٍ على المؤمنين أعزةٍ على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائمٍ ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسعٌ عليمٌ} [سورة المائدة: 54].


* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 39
لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً