صحيفة النبأ العدد 74 - قصة شهيد: أبو أنس الأنصاري السيناوي (تقبله الله) من الذين تبوَّؤوا الدار ...

صحيفة النبأ العدد 74 - قصة شهيد:

أبو أنس الأنصاري السيناوي (تقبله الله)
من الذين تبوَّؤوا الدار والإيمان كما نحسبه

[1/2]

من المجاهدين الأنصار من إذا ذكرته تذكرت قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9]. يبذلون كل ما بأيديهم لنصرة دين الله، ويحبّون المهاجرين في سبيل الله، ويتقربون إلى الله بالإحسان إليهم والقيام على حوائجهم، ويسعون جهدهم في خدمة إخوانهم والنصح لهم، ومن هؤلاء السائرين على خطى أنصار رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أبو أنس الأنصاري السيناوي، تقبله الله، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا.

آوى ونصر بنفسه وماله، ولم يدَّخر شيئاً في سبيل نصرة هذا الدين، في زمن قلّ فيه النصير والمعين، في أشد أوقات الجهاد في سيناء تأزما ومخمصة، أيام الاستضعاف، وبقي على ذلك حتى إعلان البيعة لخليفة المسلمين، وتأسيس ولاية سيناء، لم يغير أو يبدل حتى لقي الله تعالى، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا.

عرف الحق والتزمه، وجرت عليه سنة الله في المؤمنين إذا قالوا آمنا، أن يبتليهم ويمحصهم، فدخل مدرسة يوسف، ولقي فيها من العذاب والنكال من الطواغيت ما الله به عليم، فلم تَفُتَّ في عضده قيود السجن حتى نجاه الله منه، لم يركن إلى الدنيا، بل ثبت على نصرته وجهاده حتى أتاه اليقين، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا.

• سيِّد قومه.. خادم إخوانه:

لما طُلب من المجاهدين ملء استمارات استبيان التخصصات والأعمال التي يمكن أن يؤدوها في جهادهم، كان أبو أنس الوحيد الذي طلب خدمة المهاجرين، ولم يكتبها غيره.

كان لكل الإخوة مهاجرين وأنصار أباً وأخاً أكبر، بعطفه وقيامه على شؤونهم، وأخاً أصغر لهم، بتواضعه وتذلُّلـه لهم، يأرز إليه كل الإخوة، من عرفه منهم ومن لم يعرفه، فقد كان لسانهم ويدهم، يتكلم عنهم ويقضي لهم ما يحتاجونه، حتى قال بعضهم بعد مقتله: أحسست باليُتم بعده.

إذا رأيته هبته، وإذا كلَّمته ألفته، وإذا خالطته أحببته، موطَّأ الأكناف، عالي الهمة، إذا رأيته بين قومه حسبته سيدهم، يأمر فيطاع ولا تُرَدُّ له كلمة، وإذا وجدته بين إخوانه وهو يقوم على شأنهم حسبته خادمهم، وهو من هو، فقد كان له قصب السبق، وله بين الأمراء حظوة لما له من رأي ومشورة.

ينظر في وجه أخيه ويعرف ما به دون أن يتكلم، بل قال أحد الإخوة المهاجرين: ناديته مرة على جهاز الاتصال لأطلب منه حاجة، فما إن رد قال: ما تطلبه هو في طريقه إليك، قال: وما يدريك ما أريد؟ قال له: "ابن بطني يعرف رطني"، وهي مقولة مشهورة، تقال كناية عن القرب بين الإخوان، أي كعلاقة الولد بأمه، وبالفعل أتى له بما كان يحتاج، فلقد كان سريع البديهة، حاد الذكاء، لماحا كيِّسا فَطنا، رحمه الله.

من أراد أن يتزوج استشاره، ولربما خطب له، ومن أراد بناء بيت ساعده، ومن شكى قلة المال أقرضه، أو سعى في توفير المال له، حتى لو اقترض هو لنفسه ليعطي أخاه، لا تكاد تجده مضيعاً لوقته، فيومه مزدحم بالأعمال التي جلها لخدمة الجهاد إلا ما يكون من نزر يسير لسد ضرورات حياته اليومية، ولحق بصف الجهاد كثير من المجاهدين بسبب دعوته، وما ذلك إلا لصدقه، نحسبه والله حسيبه.

وكان من حسن عشرته لإخوانه في سريته وهو أميرهم، أن ينام آخرهم ويستيقظ أولهم، يوقد النار في الأيام الباردة ليسخن ماء الوضوء لإخوانه، ويعد لهم الطعام، لا يكل ولا يمل.
مرة في الشتاء ومع قلة الغطاء، آثر ترك إخوته ينامون في الداخل، وذهب لينام في السيارة ويتغطى بغطاء خفيف لا يكاد يقي من البرد.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 74
الخميس 2 رجب 1438 ه‍ـ

لقراءة القصة كاملة.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 74 - قصة شهيد: أبو أنس الأنصاري السيناوي (تقبله الله) من الذين تبوَّؤوا الدار ...

صحيفة النبأ العدد 74 - قصة شهيد:

أبو أنس الأنصاري السيناوي (تقبله الله)
من الذين تبوَّؤوا الدار والإيمان كما نحسبه

[2/2]
• توحيد واتّباع ..:

كان آية في الولاء والبراء نحسبه والله حسيبه ولا نزكيه على الله، يبحث عن الحق بدليله، ولا تأخذه في الله لومة لائم.

بدأ يبحث ويفتش عن المجاهدين حتى التحق بجماعة أنصار بيت المقدس، وصار من الأوائل فيها، ومذ بدأ الجهاد في سيناء وهو لبنة من لبناته، لم يدخر غاليا ولا نفيساً، بل سخَّر في سبيل نصرة الدين كل ما يملك، وكل ما له عليه سلطان.

فقد كان -رحمه الله- أحد أفراد تنظيم التوحيد والجهاد في سيناء، ثم كتب الله عليه الأسر فترة من الزمن، ثم فرَّج الله -تعالى- عنه فعاد إلى الجهاد والعمل، ثم كتب الله عليه الأسر، ثم كان من الهاربين من السجون في أيام "الثورة" في مصر، وفي طريق هروبه قُبض عليه مع بعض إخوانه وقيد إلى السجن مرة أخرى، ثم كتب الله له الخروج من سجن الطواغيت ليُتِمَّ طريقه في الجهاد رغم أنوفهم، فلم يغيِّر ولم يبدِّل، وكان أشد ثباتاً على منهجه، وأحرص على جهاد المرتدين واليهود.

ولما كانت غدرة الجولاني، ومؤامرة القاعدة، كان من المنافحين عن الدولة الإسلامية، الداعين إلى بيعة أمير المؤمنين، وصدَّق فعلُه قولَه فكان من أوائل المنضمين في سيناء إلى ركب الخلافة المبارك، فما أحرصه على طلب الحق، وما أشده فيه، وما أشد صبره عليه.

كان -رحمه الله- حريصا على الصلاة والجُمَع والجماعات كأشد ما يكون الحرص، كما كان حريصا على النداء للصلاة، فكان صاحب أول أذان للفجر فيمن حوله.

كان يسأل عن هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في الأمور كلها، ليعمل به، حريصاً على نصح إخوانه، فإن عرف في بعضهم خطأ، أو معصية، أو شبهة، كان يدعوهم إلى جلسات يحضرها بعض طلبة العلم، فيسألهم ليتعلم، ويعلم إخوانه، ليصحح أخطاءهم بلا إحراج، فما أحسن خلقه، يعرف كيف يعامل إخوانه، ومتى يكلمهم ومتى يذكرهم لتنفع الذكرى، بإذن الله.

• ربّ رجل بأمّة من الرجال ..:

أوكل إليه الأمراء أعمالا كثيرة، حتى أنهم بعد مقتله احتاجوا لعديد من الإخوة لسد الفراغ الذي تركه، فلقد كان صاحب مهارات كثيرة مهمة، وله بين إخوانه من المودة والحب ما جعل بعضهم يقول: كنت إذا لقيته ظننته لا يعامل أحداً مثلي من شدة رفقه ولينه ووده وحرصه على قضاء أموري.

كان الأمراء يمنعونه من المشاركة في بعض الغزوات، وفي بعضها يأمرونه بأن يكون في الصفوف الخلفية، لأهمية ما يقوم به من أعمال وقلة من يسدها، فكان يسمع ويطيع لهم تقربا إلى الله رغم حرصه على الشهادة، وخوفه أن يموت بغير قتلة في سبيل الله، وكان يقول: إن يعلم الله في قلبي الخير والصدق سيكتب لي القتل أينما كنت، وأسأل الله موطن شهادة ترضيه.

وكانت قتلته من أعجب ما يكون، فهو الذي كان يشدد على إخوانه إذا جاء الطيران الحربي أن يكونوا في المنخفضات، وأن لا يتحركوا، وأن يكونوا خلف السواتر كي لا تصيبهم الشظايا، فلما حانت ساعته كان له غير هذا، فقد روى من كان معه أنه اعتلى ربوة من الرمل وجلس على ركبتيه ومد قامته، يرصد الطيران، وما هي إلا لحظة ويسقط صاروخ بقربه، فتصيبه شظية في رأسه وأخرى في يده وثالثة في رجله، فكُسِر عظمه، وقُطِّع لحمه، وأُهريق دمه، وفاضت روحه، ليودع الدنيا تاركا خلفه في القلوب لوعة الفراق، وشوق اللقاء، وفي صف الجهاد نورا على الدرب ونارا على أعداء الله .

رحمك الله يا أبا أنس، لقد أتعبت من بعدك يا صاحب الهمة العالية، بكتك نقاط الرباط يا محب الرباط وفقدك أفراده، بكتك المجالس فأنت أنيسها، ما دخل إخوانك مكان إيواء إلا ولك فيه بصمة، وما تحركوا في مكان إلا ولك فيه جولة، فرحمك الله رحمة واسعة وأسكنك الفردوس الأعلى، مع النبيين والصديقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقا.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 74
الخميس 2 رجب 1438 ه‍ـ

لقراءة القصة كاملة.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 74 مقال: أضواء على الهجوم المبارك الذي استهدف تجمع المحاكم ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 74
مقال:
أضواء على الهجوم المبارك الذي استهدف تجمع المحاكم الطاغوتية في دمشق

[1/2]

يوما بعد آخر، يُثبت جنود الدولة الإسلامية أنهم -بفضل الله تعالى- يعملون بما يقولون، ويدعون إلى الله -تعالى- بأفعالهم مع أقوالهم، وأنه لا تناقض لديهم بين ما يعتقدونه في جنانهم وما يعملون به بجوارحهم.

وأن الأحكام الشرعية لديهم غايتها العمل بها، لا مجرد التباهي بمعرفتها، أو مجرد الصدع بها في وجوه الأعداء، فمن حُكم له بالإسلام كان له الأمن والولاء، ولا يناله الأذى إلا بحكم شرعي يجيزه عليه، ومن حُكم عليه بشرك أو كفر كان عليه الحرب والعداء، ولا يأمن على نفسه وماله إلا أن يعود إلى حكم الإسلام فيه.

ومن أبرز الأدلة على ذلك، العمليات التي ينفذها جنود الخلافة في كل مكان، إظهارا لتوحيدهم وبراءة من الشرك وأهله، والتي استهدفت أصنافا شتى من المشركين، حتى وإن لم يقاتلوها، ولكن لردتهم عن دين الله -تعالى- بالأقوال والأفعال، وإرهابا لإخوانهم كي يتوبوا إلى الله، ويرجعوا إلى الإسلام قبل القدرة عليهم، كما في هجومهم على القبوريين من الصوفية والرافضة المتجمعين لعبادة الأموات في العراق وباكستان وغيرها، وكذلك في الهجوم على المحكّمين لشريعة الطاغوت والمتحاكمين إليها، كما حدث في بلوشستان، وكما حدث مؤخرا في دمشق، عاصمة النظام النصيري.

• من بدّل دينه فاقتلوه

سارعت فصائل الصحوات المرتدة إلى التبرؤ من الهجوم الذي وقع على تجمع محاكم الطاغوت في مدينة دمشق، الذي يسمونه كذبا "قصر العدل"، وأبدوا فيه أسفهم على مقتل وإصابة العشرات من إخوانهم، مؤكِّدين أنهم لا يستهدفون "المدنيين" في هجماتهم، ومتهمين النظام النصيري بتنفيذ الهجوم لتشويه سمعة "الثوار" بزعمهم، خاصة أن الهجوم جاء في ذكرى ثورتهم الجاهلية، وقبيل انعقاد جولة جديدة من المفاوضات بينهم وبين النظام النصيري في جنيف.

الصحوات المرتدون ما زالوا يميِّزون بين الكفار على أساس حملهم للسلاح من عدمه، فيعلنون أنهم لا يقاتلون من المشركين إلا من يحمل السلاح ويقاتلهم واقعا، ويَدَعون المشرك الذي لم يحمل السلاح بعد مهما كان كفره وشركه بالله العظيم، بل لا يستحون من الإعلان صراحة أن قتالهم للنصيرية والروافض ليس لشركهم، وإنما فقط بسبب قتالهم في صف الطاغوت بشار، وأنهم إن تركوا صف النظام فهم إخوانهم، وإن بقوا على ردّتهم واستمروا على عقيدتهم وأقوالهم وأفعالهم الشركية، في الوقت الذي يعلنون فيه صراحة عداوتهم لجنود الدولة الإسلامية لإقامتهم الدين وتحكيمهم شريعة رب العالمين، كما قال -تعالى- في إخوانهم: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [البروج: 8].

أما في شريعة رب الأرض والسموات، فإن المرتد عن دين الله يُقتل، ولو كان سبب الحكم عليه بالردة كلمة كفر واحدة فحسب، أو إشارة مكفرة (استهزاء بالدين مثلا)، إلا أن يعود عن ردته ويتوب إلى الله العظيم، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من بدّل دينه فاقتلوه) [رواه البخاري]، أما حمل السلاح والقتال فهو زيادة في الكفر وتغليظ في الردة، لا المبيح للقتل، فلا فرق بين مرتد "مدني" وآخر "عسكري" من حيث الحكم عليهما بالكفر وإباحة الدم، كما أنه لا فرق بين كافر أصلي "مدني" وآخر "عسكري" من حيث الحكم عليهما بالكفر وإباحة الدم.

بل إن الكافر الأصلي قد يعصم دمه وماله بمعاهدة المسلمين والدخول في ذمتهم، وإن بقي على كفره، كما في حال الكفار من أهل الكتاب، قال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29]، وهذا بخلاف المرتد، فلا يعصم دمه إلا بتوبة، ولا يُقرّ على ردّته بجزية.

وعليه فإن المرتدين وإن لم يحملوا السلاح، يبقون مباحي الدماء سواء كانوا داخل دار الإسلام أو خارجها، وهم أهداف مشروعة للمجاهدين بقتلهم وسلب أموالهم أينما ثقفوهم، ومنهم هؤلاء المرتدون الذين استهدفهم مجاهدو الدولة الإسلامية في مجمّع محاكم النظام النصيري في مدينة دمشق، الذي يسمّونه "قصر العدل" زورا وبهتانا.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 74
الخميس 2 رجب 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 74 مقال: أضواء على الهجوم المبارك الذي استهدف تجمع المحاكم ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 74
مقال:
أضواء على الهجوم المبارك الذي استهدف تجمع المحاكم الطاغوتية في دمشق

[2/2]
• وقد أمروا أن يكفروا به

إن الحكم بما أنزل الله والتحاكم إليه من التوحيد، كما أن الحكم بغير ما أنزل الله والتحاكم إليه من الشرك، قال تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل اللّه فأولئك هم الكافرون} [المائدة: 44]، وقال تعالى: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشّيطان أن يضلّهم ضلالًا بعيدًا} [النساء: 60].

قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله:

"كل ما تحاكم إليه متنازعان غير كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- فهو طاغوت، إذ قد تعدى به حدّە، ومن هذا كلّ من عبد شيئا دون الله فإنما عبد الطاغوت، وجاوز بمعبوده حده فأعطاه العبادة التي لا تنبغي له، كما أن من دعا الى تحكيم غير الله –تعالى- ورسوله -صلى الله عليه وسلم- فقد دعا إلى تحكيم الطاغوت... وقوله تعالى: {وقد أمروا أن يكفروا به} أي بالطاغوت، وهو دليل على أن التحاكم إلى الطاغوت منافٍ للإيمان، مضادٌ له، فلا يصح الإيمان إلا بالكفر به، وترك التحاكم إليه، فمن لم يكفر بالطاغوت لم يؤمن بالله، وقوله: {ويريد الشّيطان أن يضلّهم ضلالًا بعيدًا} أي: لأن إرادة التحاكم إلى غير كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه و سلم- من طاعة الشيطان، وهو إنما يدعو أحزابه ليكونوا من أصحاب السعير، وفي الآية دليل على أن ترك التحاكم إلى الطاغوت الذي هو ما سوى الكتاب والسنة من الفرائض، وأن المتحاكم اليه غير مؤمن بل ولا مسلم" [تيسير العزيز الحميد].

فالحاكم بغير ما أنزل الله طاغوت كافر بالله العظيم، والمتحاكم إليه كافر بالله أيضا، ما لم يكن مكرها. ولا يعذر المتحاكم إلى الطاغوت بكونه يريد بذلك تحصيل حقه المغتصب أو استرداد مظلمته، أو حل مشكلة مستعصية، وهو وإن لم يؤمن بصحة هذه القوانين الجاهلية، ولا بكونها مساوية لحكم الله فضلا عن أن تكون أفضل منه، وإن كان عارفا بكفر هذا الفعل، كارها له، غير مستحل للوقوع فيه، فهو بفعل التحاكم قد نفى عن نفسه الكفر الواجب بالطاغوت الذي لا يكون المرء مؤمنا إلا به، وبإيمانه بالله وحده، وهو فعل يكفر المرء بمجرد مباشرته كتمزيق المصحف أو لبس الصليب أو سب الله -تعالى- وغير ذلك من المكفرات.

قال الشيخ سليمان بن سحمان، رحمه الله: "إذا عرفت أن التحاكم إلى الطاغوت كفر، فقد ذكر الله في كتابه أن الكفر أكبر من القتل، قال: {والفتنة أكبر من القتل}، وقال: {والفتنة أشدّ من القتل}، والفتنة: هي الكفر، فلو اقتتلت البادية والحاضرة، حتى يذهبوا، لكان أهون من أن ينصبوا في الأرض طاغوتا، يحكم بخلاف شريعة الإسلام، التي بعث الله بها رسوله، صلى الله عليه وسلم".

وعليه فإن كل المشتركين في فعل الحكم بغير ما أنزل الله والتحاكم إليه، والدعوة إلى ذلك، والمجيبين للدعوة إليه، والمساعدين في حدوث ذلك، كلهم يشتركون في الحكم عليهم بالشرك والكفر، فيستوي في ذلك المشرّعون لهذه القوانين الطاغوتية، ومن يقرّها أو يرضى بها، ومن يفرض تلك القوانين على الناس، ومن يناصرهم، ومن يحكم بتلك القوانين، ومن يتحاكم إليها، ومن يعين على تحكيمها.

• فاقتلوا المشركين حيث ثقفتموهم

وبذلك كله يتبيّن أن استهداف المشتركين بشرك الحكم بغير ما أنزل الله والتحاكم إليه بالقتل، هو جهاد شرعي مبارك، وإقامة لحكم الله، وفاعله مجاهد في سبيل الله، وإن قتل في هجومه فهو شهيد، بإذن الله تعالى.

وهذا ما قام به جنود الدولة الإسلامية بهجومهم المبارك على مجمع المحاكم الطاغوتية في دمشق المسمى زورا "قصر العدل"، حيث فتك الاستشهادي البطل بأكثر من 100 من أولئك المرتدين، في بيان عملي لموقف الدولة الإسلامية منهم، بقتلهم بعد الحكم عليهم بالكفر والردة.

وقد سبق ذلك قتل واغتيال الكثير من القضاة والمحامين على أيدي جنود الدولة الإسلامية في ولاياتها المختلفة، لعل أشهر أحداثها قتل قاض كبير في المحاكم الوضعية في بلوشستان، ثم التثنية بهجوم استشهادي مبارك قضى على العشرات من المحامين الذين حضروا جنازته.

وإن الدولة الإسلامية لن تتوقف -بإذن الله- عن استهداف المحاكم الجاهلية بالنسف والتدمير حتى إزالة دنسها من الأرض، ولا عن استهداف الحاكمين بغير ما أنزل الله والمتحاكمين إليهم بالقتل والاغتيال حتى يتوبوا إلى الله من ردّتهم، فمن أراد لدينه السلامة، ولنفسه العصمة، فليجتنب تلك المحاكم وأربابها، ولو أفضى به ذلك إلى ضياع ماله أو تحمّله ما يطيق من الأذى، بل الواجب عليه اجتناب دار الكفر التي يحكم فيها بغير ما أنزل الله، وأن لا يعيش إلا في دار إسلام تعلوها أحكام الإسلام ولا حكم فيها إلا لله. وما عند الله خير وأبقى، والحمد لله رب العالمين.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 74
الخميس 2 رجب 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

الابتلاء سنة أتباع الأنبياء • الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير المرسلين، وعلى ...

الابتلاء سنة أتباع الأنبياء


• الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن مما يبعث على انشراح الصدر ورضا العبد بقضاء الله وقدره وابتلائه لعباده مما تكرهه نفوسهم هو استشعارهم نعمة الثبات على الابتلاءات، واستشعارهم بما ابتلي به النبي -صلى الله عليه وسلم- على طريق الجهاد، لا سيما أن جلَّ حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- جهاد وغزو، وكذا صحابته المقتدون به، فالموحِّد المجاهد عندما يعيش اللحظات العصيبة من جوع وحصار وجراح واستحرار القتل، لا ينصرف ذهنه إلّا إلى تلك اللحظات التي عاشها خير البشر -صلى الله عليه وسلم- من الجوع الذي حل به جراء حصار الكفار له ولمن معه قبل الهجرة وبعدها، والجراح التي أصابته، والشدة التي لاقاها في حربه مع الكفار.

• الجوع والحصار

إن ما حدث لنبينا -صلى الله عليه وسلم- على طريق دعوته لم يكن أمرا هيِّنا، بل إن الأنبياء هم أعظم الناس ابتلاء، فكم من نبي قُتل وكم من نبي عُذِّب وكم من نبي ابتُلي، ولم يكن على وجه الأرض رجل أكرم على الله من النبي الكريم محمد، صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك ابتلاه -سبحانه- بأنواع الابتلاءات. قال ابن القيم، رحمه الله تعالى: "وحُبس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن معه في الشعب، شعب أبي طالب، ليلة هلال المحرم، سنة سبع من البعثة، وعُلِّقت الصحيفة في جوف الكعبة، وبقوا محبوسين ومحصورين مضيَّقا عليهم جدا، مقطوعا عنهم الميرة والمادة نحو ثلاث سنين، حتى بلغهم الجَهْد، وسُمعت أصوات صبيانهم بالبكاء من وراء الشعب" [زاد المعاد].

كذلك الجوع الذي أصابه وأصحابه يوم الخندق، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "جئت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوما فوجدته جالسا مع أصحابه يحدثهم، وقد عصَّب بطنه بعصابة، قال أسامة: وأنا أشك على حجر، فقلت لبعض أصحابه لم عصَّب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بطنه؟ فقالوا: من الجوع..." [رواه مسلم].

فيا أيها المجاهد المحاصر الجائع في أي مكان على وجه الأرض كنت، لك أسوة بخير الأنبياء، صلى الله عليه وسلم، وبخير أتباع نبي، رضوان الله عليهم أجمعين.

• حال الصحابة قبل الهجرة

وكذلك مضت سنة الابتلاء في أتباع الأنبياء مع أنبيائهم كما دلت على ذلك آيات القرآن، قال الله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 146]، فإن خيرة الأتباع هم أتباع الرسل، فهم أكثر إيمانا وأعظم يقينا من غيرهم، وأكثر ثباتا في الزلزلة والابتلاء والفتن، فكانت ابتلاءاتهم عظيمة على قدر ما هم عليه من ذلك الإيمان والثبات، ولذلك لمّا شكا أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- حالهم مما يلاقونه من المشركين، ذكّرهم بما كان يحصل لأتباع الأنبياء قبلهم، فعن خباب بن الأرت -رضي الله عنه- قال: شكونا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا؟ قال: (كان الرجل فيمن قبلكم يُحفر له في الأرض، فُيجعل فيه، فيُجاء بالمنشار فيُوضع على رأسه فيُشق باثنتين، وما يصدُّه ذلك عن دينه، ويُمشَط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصدُّه ذلك عن دينه، والله ليَتمَّنَّ هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله، أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون) [رواه البخاري].

فيا أيها المجاهد المبتلى في كل ثغر من ثغور الدولة الإسلامية مهما كان ابتلاؤك، تذكر ابتلاءات أتباع الأنبياء ورفعة منزلتهم في الجنة وأنت في طريقك إلى الله تعالى، وتذكر أنك اختصرت الطريق إلى الجنان. فقد قال الحسن البصري، رحمه الله تعالى: "إن لكل طريق مختصرا ومختصر طريق الجنة الجهاد" [حلية الأولياء لأبي نعيم].


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 74
الخميس 2 رجب 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

الابتلاء سنة أتباع الأنبياء • جراح النبي -صلى الله عليه وسلم- في المعركة أما في غزواته -صلى ...

الابتلاء سنة أتباع الأنبياء


• جراح النبي -صلى الله عليه وسلم- في المعركة

أما في غزواته -صلى الله عليه وسلم- فإنه بعد النصر في غزوة بدر، أصابته الجراح في غزوة أحد حتى كُسرت رباعيته وشُجَّ رأسه ودخلت المغفر في وجهه الشريف، فعن عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، أنه سمع سهل بن سعد، يُسأل عن جرح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد، فقال: "جُرح وجه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكُسرت رباعيته، وهُشمت البيضة على رأسه، فكانت فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تغسل الدم، وكان علي بن أبي طالب يسكب عليها بالمِجن، فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة، أخذت قطعة حصير فأحرقته حتى صار رمادا، ثم ألصقته بالجرح، فاستمسك الدم" [رواه مسلم].

فعندما يصيب المجاهد كل هذا، عليه أن يتفكر في تلك المواقف التي مرت بالنبي -صلى الله عليه وسلم- ليسكن قلبه ويهدأ روعه، فلم يكن في مراحل بناء الدولة إلا الثبات والقتال والمدافعة بما هو موجود من العدد والعدة مع الصدق واليقين بنصر الله -تعالى- لدينه وأوليائه.

وقد مدح الله أتباع الأنبياء لثباتهم رغم الجراح والقتل، فما ضعفوا عن مواصلة طريقهم إلى الله -تعالى- وما وهنوا لما يصيبهم من ابتلاءات عظيمة، قال الله عز وجل: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 146]، وفي قراءة: {وكأين من نبي قُتِل معه ربيون كثير}، وصدق الله، ومن أصدق من الله قيلا، فكم كان مع الأنبياء من أتباعٍ صادقين قاتلوا معهم وقُتلوا ولم يتراجعوا عن غايتهم العليا في تعبيد العباد لرب العباد، وإقامة شرعه في العالمين، ومنهم الصحابة -رضوان الله عليهم- فهم خير أتباع لخير نبي، صلى الله عليه وسلم، وقد وصفهم الله -تعالى- بأجمل أوصافهم فقال: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح: 29].

فيا أهل التوحيد وجنود الخلافة دونكم تلك الخصال الحميدة، وهذا حال القوم فتأسوا بهم في الصبر على الابتلاء والشدة على الكفار، ولا تمهلوهم، ولا تولوهم الأدبار، فالابتلاء سنة أتباع الأنبياء.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 74
الخميس 2 رجب 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

الدولة الإسلامية / صحيفة النبأ العدد 75 الافتتاحية: أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ يحبس ...

الدولة الإسلامية / صحيفة النبأ العدد 75
الافتتاحية:
أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ

يحبس طاغوت تركيا وحزبه المرتد أنفاسهم حتى موعد إنهاء الاستفتاء الذي عقدوا العزم على إجرائه بعد أيام، وعلَّقوا عليه آمالهم، زاعمين أنهم يقدِّمون من خلاله خدمة كبيرة للإسلام والمسلمين، ويحمونهم بذلك من تسلط العسكر، وأهواء البرلمانيين، فبذلوا جهدهم في دعوة الناس للمشاركة في هذا الاستفتاء، والموافقة على التعديلات التي اقترحها أردوغان وأتباعه على الدستور الطاغوتي التركي.

ويجهد علماء السوء في تصوير الاستفتاء على أنه اختيار بين الإسلام والكفر، فمن وقف في صف أردوغان وأقر تعديلاته المقترحة، فهو بنظرهم المسلم الصالح، ومن وقف في وجه أردوغان ورفض تلك التعديلات الدستورية، فهو الخائن لدينه، العميل لليهود والصليبيين، وهم بذلك يكتبون صفحة جديدة من صفحات كذبهم على الله تعالى، وتحريفهم لدين الإسلام إرضاءً للطواغيت.

فالدستور الذي تقوم عليه دولة تركيا اليوم هو دستور وضعي، كتبته حفنة من المرتدين، يفتحون من خلاله الباب للناس ليتخذوا أربابا من دون الله تعالى، من البرلمانيين والقضاة والرؤساء، بل ويُلزمونهم بهذا الشرك إلزاما.

والتعديلات التي يريدها الطاغوت أردوغان لا تمسّ الأصل الكفري لهذا الدستور، بل تعززه وتقويه، من خلال سدّها بعض الثغرات فيه، التي كانت تعرقل عمل الحكومات المرتدة، وتفتح الباب أمام الانقلابات العسكرية، وتسمح بتنازع الصلاحيات بين مختلف الطواغيت المنصَّبين لإقامة النظام السياسي للدولة.

بل في هذه التعديلات المقترحة تقرير جديد لمنح طواغيت البرلمان سلطة التشريع والحكم، ومنازعة رب العالمين في هذه الصفات التي لا تنبغي إلا له سبحانه، فضلا عن أن المُقِرَّ بهذه التعديلات المقترحة مُقِرٌ ضمنا بكامل الدستور التركي الكفري، فهو مقر بالكفر راض به، داع إليه، ومثله في الحكم الرافض للتعديلات، لكونه برفضها أصر على بقاء الدستور التركي على صورته الأولى التي لا تقل كفرا عن صورته المعدَّلة، وأعلن رضاه بهذا الكفر، ولذلك فإن كلا الفريقين من المشاركين في الاستفتاء كافر بالله العظيم، عابد للدستور من دونه.

وبمثل هذه الأفعال يجر الإخوان المرتدون الناس إلى الكفر جرّا، ويخرجونهم من دين الإسلام إخراجا، وطالما فعلوا ذلك في أماكن متعددة وأزمنة مختلفة من تاريخهم الأسود، فمنذ تأسيس هذه الفرقة على يد الطاغوت حسن البنا، وهم مُصرُّون على المشاركة في البرلمانات، ودعوة الناس إلى المشاركة في تنصيب طواغيتها، من خلال انتخاب مرشحي الإخوان ليشغلوا مقاعد الطواغيت في تلك المجالس التشريعية، بعد أن يقسموا على الولاء لدولهم الكافرة، ويُقِرُّوا مختارين بدساتيرها الجاهلية.

ولم يتعلم الإخوان المرتدون من دروسهم المريرة، وتجاربهم الفاشلة، ولعل أشهرها تجربتهم الأخيرة في مصر، إذ تمكنوا من حكم البلاد، وسيطروا على البرلمان، بل وفرضوا دستورهم الوضعي الجديد بديلا عن دستور أسلافهم من الحاكمين بغير ما أنزل الله، كل ذلك وهم يخدعون أنصارهم، ويقنعونهم أنهم بسلوكهم طريق الضلالة هذا يقيمون الدين، ويمكنون لشريعة رب العالمين، فخسروا دينهم كله، ولم يسلم لهم شيء من دنياهم، إذ انقلب عليهم أولياؤهم من طواغيت الجيش المرتد، فأزالوا حكمهم، وسجنوا رئيسهم ومرشدهم، وحلّوا برلمانهم، وغيروا دستورهم، وقتلوا أعضاء حزبهم، واعتقلوا أنصارهم، وصار حالهم أسوأ مما كان عليه قبل ثورتهم الجاهلية.

وإننا اليوم نجدد التحذير من الوقوع في شراك الإخوان المرتدين، والاستجابة لدعوتهم إلى المشاركة في هذا الاستفتاء، فالكفر بالدستور التركي الوضعي واجب متحتِّم على كل مسلم، قال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 256]، والموافقة على أيٍّ من مواده، هو كالموافقة عليه كلِّه، لأنه أسس جميعه على أصل كفري هو التشريع من دون الله، وهو كفر بالله العظيم، وردّة عن دين الإسلام، وأسوأ من ذلك كله أن يحسب من يقع في هذا الكفر أنه يعمل عملا صالحا، أو يقيم دينا، قال تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 103 - 104].

كما نحرِّض الموحدين في تركيا على استهداف هذا الاستفتاء ومراكزه والمشاركين فيه بكل ما استطاعوا من قوة، والسعي لتخريبه، وصد الناس عن المشاركة فيه، ولله عاقبة الأمور، والحمد لله رب العالمين.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 75
الخميس 9 رجب 1438 ه‍ـ
...المزيد

فاصبر إنَّ وعد الله حق كلمة صوتية للمتحدث الرسمي للدولة الإسلامية الشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر ...

فاصبر إنَّ وعد الله حق
كلمة صوتية للمتحدث الرسمي للدولة الإسلامية الشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر (تقبله الله)

1/9
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا -صلى الله عليه وسلم- عبده ورسوله، أما بعد:

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 45 - 46]. وقال سبحانه: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} [الروم: 60].


صبر وثبات ويقين بوعد الله، رغم المحن والصعاب، رغم تكالب الأحزاب، رغم هدير الراجمات وقصف الطائرات، يقف الواثقون الموقنون بنصر ربهم، صامدين صابرين محتسبين مقبلين غير مدبرين، لم توهنهم الزلازل فيقفوا عاجزين حائرين أو تائهين خائرين، بل أسرجوا في ليل الظلمة نور الحق وأوقدوا بدمائهم مشاعل الهداية وجانبوا سبل الغواية، من كتاب ربهم نهلوا، وبسنة نبيهم -صلى الله عليه وسلم- ساروا وعملوا، علموا أن النصر من عند الله وما كان يوما بكثرة عَدد ولا عُدد، لأن الله عزيز لا يغالبه مغالب، بل هو القهار الذي يخذل من بلغوا من الكثرة وقوة العُدد ما بلغوا، حكيمٌ حيث قدَّر الأمور بأسبابها ووضع الأشياء مواضعها، حكيمٌ في تدبيره ونَصْرِهِ مَنْ نَصَرَ وخذلانه مَنْ خَذَل من خلقه، لا يدخل تدبيرَه وهنٌ ولا خللٌ، قال وقوله الفصل: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران: 160].


نعم، إنه وعد الله الحق وأمره لعباده المؤمنين، فسنته وحكمته في خلقه ماضية، يُنزل البلاء متى شاء ويرفعه متى شاء، عليمٌ حكيمٌ لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون، قال وقوله الحق: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ }[البقرة: 214].

وإن سنة الله اقتضت، أن النصر لا يتحقق بدون استقامة على أمره -سبحانه- وعودة صادقة إليه، فمن كان أنصر لدين الله وأعظم جهادا لأعدائه وأقوم بطاعة الله ورسوله، كان أعظم نصرة وطاعة وحرمة.

أمة الإسلام، لقد دار الزمان دورته وهذا التاريخ اليوم يعيد نفسه، في صورة مشابهة لما حل بدار الإسلام في سالف عهدها منذ قرون خلت وأحداث عظام عصفت، فتركت أثرا لا يُمحى وجرحا غائرا في جسد الأمة لا يندمل، ولكنها العبرة ممن سلف، والنأي بجماعة المسلمين من منزلق وهوة قد تودي بهم إلى الهلاك الحقيقي بسلبهم دينهم، فيموتون على غير ملة الإسلام، فها هي أمريكا الصليبية وأحلافها يعاودون الكرة على دار الإسلام وأرض الخلافة، وما اتفق عبر التاريخ أن اجتمعت أمم الكفر بكافة مللها ونحلها، وتواطأ المحسوبون زورا وبهتانا على أهل السنة، من حكام مرتدين وعلماء ودعاة سوء بل وممن يدَّعون الجهاد وصحة المنهج، كلهم في صف واحد مع أمم الكفر ضد أبناء الإسلام في دولة الخلافة، غير أن الفارق بين ذلك العهد والغزو وما نحن فيه، أن دولة المسلمين في ذلك الزمان كانت في أسوأ أحوالها وبُعدها عن دين ربها، وقد تقاسمها ملوك الطوائف، فسلَّط الله عليها عدوا جاس خلال الديار فأهلك الحرث والنسل، أما اليوم فمع اشتداد الهجمة والصراع المحموم من الشرق والغرب على دار الإسلام، إلا أن حال المسلمين في أرض الخلافة مغاير لذلك العهد، فالدولة الإسلامية هي من تقارع وتدافع عن دار الإسلام، وتستنهض أهل الإيمان وتشحذ همم أبناء الإسلام للانعتاق من رق العبودية والتبعية لأمم الكفر، وهي تخوض حربا ضروسا طاحنة عن أمتها، التي ما ادخرت جهدا في حربها والصد والتنفير عنها وبكل ما أوتيت من قوة وبشتى الطرق والوسائل، ودولة الخلافة -بفضل الله ومَنِّه- ما فتئت تجر المسلمين للعودة لدينهم بالسلاسل، وعلماء الطواغيت وأبواق الشر يصدُّون ويندُّون ويأبون إلا أن يكون أهل الإسلام أذلة صاغرين تسوسهم أمم الصليب وأذنابهم من الحكام المرتدين، إلا أن دولة الخلافة وبتوفيق الله لها، قد أدركت الداء وعلمت الدواء، وهي ماضية على دربها بإذن الله، ولن تأخذها في الله لومة لائم، حتى تُسلِّم الراية إلى عيسى بن مريم، عليه السلام.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 75
الخميس 9 رجب 1438 ه‍ـ

للإستماع للكلمة الصوتية كاملة، تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

فاصبر إنَّ وعد الله حق كلمة صوتية للمتحدث الرسمي للدولة الإسلامية الشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر ...

فاصبر إنَّ وعد الله حق
كلمة صوتية للمتحدث الرسمي للدولة الإسلامية الشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر (تقبله الله)

2/9
أمة الإسلام، إنا قوم أعزنا الله بالإسلام فلن نبتغي العزة بغيره، ولن يُصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، وما اعتز بدينه إلا من حقق التوحيد، وأحيا الولاء والبراء وأصبحا سمة ملازمة له في جميع شؤون حياته وتقلب أحواله، في السراء والضراء، في الشدة والرخاء، عند تكالب الأعداء وتفاقم اللأواء، لا إلى الأستانة يمَّم وجهه ولا إلى الطواغيت فاء، كلا بل لزم غرز الملة السمحاء واقتدى بأبي الأنبياء، وقال لأمم الكفر: {إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة: 4]. هذا سبيل المؤمنين المهتدين وما سواه سبيل الكافرين المعتدين من حرَّفوا وبدَّلوا شرعة رب العالمين.


فيا جنود الخلافة وآساد الإسلام، اعلموا أن رحمة الله وجنته لا تنال بالأماني، ولا يؤتي الله المغفرة والرحمة الواسعة إلا الثابتين الصابرين الصادقين المصدِّقين بما وعدهم، أما تتلون قول ربكم: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 111]. وأصل الشراء بين الخلق كما قال القرطبي، رحمه الله: "هو أن يُعوضوا عما خرج من أيديهم ما كان أنفع لهم أو مثل ما خرج عنهم في النفع، فاشترى الله سبحانه من العباد إتلاف أنفسهم وأموالهم في طاعته وإهلاكها في مرضاته، وأعطاهم سبحانه الجنة عوضا عنها إذا فعلوا ذلك، وهو عوض عظيم لا يدانيه المُعوَّض ولا يقاس به، فأجرى ذلك على مجاز ما يتعارفونه في البيع والشراء، فمن العبد تسليم النفس والمال، ومِن الله الثواب والنوال فسمي هذا شراء" [تفسير القرطبي].


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 75
الخميس 9 رجب 1438 ه‍ـ

للإستماع للكلمة الصوتية كاملة، تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

فاصبر إنَّ وعد الله حق كلمة صوتية للمتحدث الرسمي للدولة الإسلامية الشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر ...

فاصبر إنَّ وعد الله حق
كلمة صوتية للمتحدث الرسمي للدولة الإسلامية الشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر (تقبله الله)

3/9
يا جنود الخلافة، ربح البيع وربِّ الأرض والسماء، وإنا لا نقيل ولا نستقيل بإذن الله، فاصدقوا عند اللقاء، فمن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، فتلك هي التجارة الرابحة التي خصَّ الله بها عباده المؤمنين البائعين نفوسهم رخيصة في سبيله، لإعلاء كلمته وإقامة شرعه، وإن غاية ما يصبو إليه المجاهد في سبيل الله، هو أن ينال رضى ربه وعفوه وإحسانه وتوفيقه وامتنانه، وذلك بامتثال أمره واجتناب نهيه، ومقارعة أعدائه في كل ساح وموطن، حتى يكون الدين كله لله، وأن تُحكم الأرض كل الأرض بشرع الله، فإن عاش، عاش كريما وإن مات مات عزيزا، هكذا كان حال صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسلف هذه الأمة الأخيار من القرون المفضلة، وهذه بشرى نبيكم -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (تضمن الله لمن خرج في سبيله، لا يخرجه إلا جهادا في سبيلي، وإيمانا بي، وتصديقا برسلي، فهو علي ضامن أن أدخله الجنة، أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه، نائلا ما نال من أجر أو غنيمة، والذي نفس محمد بيده، ما من كلم يُكلم في سبيل الله، إلا جاء يوم القيامة كهيئته حين كلم، لونه لون دم، وريحه مسك، والذي نفس محمد بيده، لولا أن يشق على المسلمين ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله أبدا، ولكن لا أجد سعة فأحملهم، ولا يجدون سعة، ويشق عليهم أن يتخلفوا عني، والذي نفس محمد بيده، لوددت أني أغزو في سبيل الله فأُقتل، ثم أغزو فأُقتل، ثم أغزو فأُقتل) [رواه مسلم].


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 75
الخميس 9 رجب 1438 ه‍ـ

للإستماع للكلمة الصوتية كاملة، تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

فاصبر إنَّ وعد الله حق كلمة صوتية للمتحدث الرسمي للدولة الإسلامية الشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر ...

فاصبر إنَّ وعد الله حق
كلمة صوتية للمتحدث الرسمي للدولة الإسلامية الشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر (تقبله الله)

4/9
أيها الناس أما بلغكم حديث الثابتين، أما تناها إلى أسماعكم الخبر، وأي خبر، إي وربي وأي خبر، في زمن عظم البلاء فيه وغدت السيادة والريادة لأهل الكفر وحثالة البشر، حدِّثوا من زلت في الطين قدماه، وشطَّت به عن الحق خطاه، عن ثبات أهل الإيمان الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، من قرعوا أبواب أوروبا الصليبية بالنذارة والبشارة فصُمَّت آذانها وامتلأت رعبا وخوفا وهلعا، وأدركت أنها الزحوف ولحظ الحتوف، وقد علا فسطاط الإيمان -بفضل الله- وما نبا، وازورَّ فسطاط الكفر وخبا، فأينما سِرْتَ فتلك سِرْتُ تنبيك عن أهلها، عن المهاجرين عن الأنصار عن الأخيار عن الأطهار، من ركزوا راية التوحيد على أرض ليبيا عالية خفاقة بعد أن نبذوا الفرقة والاختلاف، وآثروا وحدة الصف وجمع الكلمة طاعةً لله ورسوله، فبايعوا خليفة المسلمين وإمامهم، ففتح الله لهم مناطق عدة، فحكموا فيها بشرع الله وأقاموا الدين وطبقوا الحدود وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، فوَرِمَت من فعلهم أنوف، فحشَّدت وألَّبت أمم الصليب تمنيِّها العون والولاء والطاعة لحرب الإسلام وأهله، وتولى كِبرَ تلك الحملة والحشود إخوان الشياطين زنادقة العصر، فسخَّروا في سبيل حربهم لدولة الخلافة ما يملكون من طاقات وقُدرات، وفتاوى يستحلون بها الردة والعمالة للصليبيين ويستبيحون بها الدماء المعصومة والحُرَم، فثبت -بفضل الله- جنود الخلافة وأحفاد الفاتحين الأماثل في أشرس حملة شهدتها المنطقة، ثبات الشم الراسيات أعزة بدينهم مُستعلين بإيمانهم مُضحِّين بالنفس والأهل والمال والولد، قائلين موقنين محتسبين: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ} [التوبة: 52]، فأنكَوا بأذناب الصليبيين أيما نكاية، وصاولوهم قرابة نصف عام أو تزيد، في حرب أكلت فما أبقت، وأفضى رجال الإسلام وجنود الخلافة إلى ربهم بعد أن أعذروا وأوفوا، نحسبهم كذلك والله حسيبهم، {ومَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [البروج: 8 - 9]. لقد كان لثبات تلك الأمة المجاهدة أعظم الأثر، بعد أن آثروا القتل والموت في سبيل الله صابرين محتسبين وأن لا ينحازوا من أرض حكموها بشرع الله ويُسْلِموها لقوم كفروا بالله رب العالمين، وضربوا مثالا حيا لأهل الإيمان في الصبر والمصابرة والمرابطة والتضحية والفداء، ففي إرخاصهم المهج والأرواح، دعوة لأهل الإسلام أن يعرفوا أبناءهم الصادقين، الذين أبوا إلا أن يكونوا القنطرة التي تعبر بها الأمة إلى ميادين العز والسؤدد والنصر والتمكين، بإذن الله.

هما سبيلان إما النصر ندركه
أو جنة الخلد فيها أطيب النزل
لسنا نقاتل بالآلاف نحشدها
ألفا لألف من الأبطال مكتمل
إنا نقاتل بالدين الذي ضمنت
أعلامه النصر في أيامنا الأُول
تقلدوا العزم للهيجاء وادَّرعوا
من صادق البأس ما يغني عن الحيل
وأقبلوا لو تميل الشم من فزع
لم يضطرب جمعهم خوفا ولم يَمل
من يؤثر الحق يبذل فيه مهجتَه
ومن يكن همه أقصى المدى يصل

المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 75
الخميس 9 رجب 1438 ه‍ـ

للإستماع للكلمة الصوتية، تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

فاصبر إنَّ وعد الله حق كلمة صوتية للمتحدث الرسمي للدولة الإسلامية الشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر ...

فاصبر إنَّ وعد الله حق
كلمة صوتية للمتحدث الرسمي للدولة الإسلامية الشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر (تقبله الله)


5/9
فإياكم إياكم يا جنود الخلافة أن تلينوا لعدوكم، فهذا لم نعهده عليكم، وهو عين ما تدركه أمم الكفر وعلى رأسها أمريكا، التي ما حفلت -بفضل الله- بنصر مذ أقحمت نفسها في حرب الإسلام والمسلمين، ونحن اليوم -بفضل الله- بتنا في زمان جديد سما وعلا صرح الخلافة فيه، فمهما أزبد الكفر وأرعد فلن يرى منا إلا ما يسوؤه، بحول الله وقوته، فهو حسبنا ونعم الوكيل، وإن الله ناصرنا عليهم، نعم، إن الله ناصرنا عليهم، وما هذه إلا بارقة الملاحم وأولاها، الغالب فيها من صبر وصدق لا من سبق، وإنما العبرة بالخواتيم.


ويا جنود الإسلام وحملة الراية في ليبيا، اللهَ اللهَ في دينكم وأمتكم، لا يؤتينَّ الإسلام من قبلكم، وقد أوفى إخوانكم بعهدهم وما بذمتهم، ولئن صبرتم وثبتُّم على الحق وأيقنتم، لترونَّ طيِّب الثمر من ذلك الغراس الغض بإذن الله، بعد أن روِّي بتلك الدماء الطاهرة والأشلاء، ولقد قيل للإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- أيام المحنة: "يا أبا عبد الله، ألا ترى الحق كيف ظهر عليه الباطل؟! فقال: كلا، إن ظهور الباطل على الحق أن تنتقل القلوب من الهدى إلى الضلالة، وقلوبنا بعد لازمةٌ للحق"، وقد غدا إخوانكم بثباتهم وصبرهم مثلا يحتذى وسيرة تروى، فاستعينوا بالله، وإياكم إياكم أن يهنأ المرتدون بطيب عيش أو لذيذ رُقاد، فالحرب سجال، والأيام دول، والعاقبة للمتقين.


ويا أهل السنة في العراق والشام، يا أهل السنة، لقد تألب الأحزاب من أهل الكفر وأمم الصليب، تقودهم أمريكا لحرب دولة الخلافة في العراق والشام وكل مكان امتد إليه سلطانها، ظنا منهم أنهم سيطفئون جذوة الجهاد من نفوس المسلمين، ويخمدون لهيب العزة المتقِّد في صدورهم، بعد أن أصبح لأهل الإسلام خلافة تجمع شَتاتهم وتوحِّد صفهم وكلمتهم تحت إمام واحد، وراية واحدة، وغاية واحدة، فها هم اليوم يبذلون قصارى جهدهم للسيطرة على مناطق نفوذ دولة الإسلام، التي ظلت -بفضل الله- حصنكم المنيع ودرعكم المتين ضد الروافض والنصيرية والملحدين، وقد أبصرتم وسمعتم بحشود الصليبيين على الموصل وتلعفر، وما يبذله الأماجد من أبناء الخلافة للذب والذود عنهما، ولا نخالكم جهلتم عظيم تضحية أبنائها عنها من مهاجرين وأنصار، وقد رأيتم -بفضل الله ومَنِّه- أن الإقدام وبذل النفس رخيصة في سبيل الله وإهلاكها في مرضاته، أصبح دأب ومقصد الأخيار من أبناء الإسلام النُزَّاع من القبائل، بل وترى الأنصاري يسابق أخاه المهاجر، ولم تعد العمليات الاستشهادية -بتوفيق الله وكرمه- حصرا على الفتيان دون الكهول، بل كلٌّ يتعجل صاحبه.

وفتيانا يرون القتل مجدا
وشيبا في الحروب مجرَّبينا


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 75
الخميس 9 رجب 1438 ه‍ـ

للإستماع للكلمة الصوتية، تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً