السلطان محمود الغزنوي يمين الدولة وقامع البدعة (١/٢) دأب السلطان محمود الغزنوي -رحمه الله- على ...

السلطان محمود الغزنوي
يمين الدولة وقامع البدعة

(١/٢)
دأب السلطان محمود الغزنوي -رحمه الله- على تحطيم الأوثان وتدميرها، وقد ذكرنا ما فعل بها من الأفاعيل، وخصوصا تحطيمه أعظمها عند الهنود الوثنيين، وهو الصنم «سومنات»، وكان حرصه على التزام جماعة المسلمين، ومحاربة فرق الضلالة، كحرصه على سحق الشرك وأهله، وله في ذلك مواقف مشهورة سطّرها التاريخ.

ففي سنة (404 هـ) وبعد عودته من إحدى غزواته، راسل الخليفةَ العباسيَّ القادرَ بالله -رحمه الله- وطلب منه توليته على ما بيده، قال ابن الأثير: «فلما فرغ من غزوته عاد إلى غزنة وأرسل إلى القادر بالله يطلب منه منشورا وعهدا بخراسان وما بيده من الممالك فكتب له ذلك»، ولم يكن السلطان الغزنوي بحاجة إلى هذا العهد والمنشور ليقوي سلطانه، ولكنه الحرص على أن يسير تحت ظل إمام قرشي يجتمع عليه المسلمون.

وقد زاد الخليفة من تشريفه فأضفى عليه الألقاب، قال ابن الجوزي: «وكان الخليفة قد بعث إليه الخلع، ولقبه بيمين الدولة وأمين الملة، ثم أضيف إلى ذلك نظام الدين ناصر الحق» [المنتظم].
ولم يكن يمين الدولة ليخرج عن طاعة الخليفة القرشي إلى طاعة غيره ممن ادّعوا الخلافة ظلما وزعموا النسب الفاطمي زورا، قال ابن كثير: «وكان يخطب في سائر ممالكه للخليفة القادر بالله، وكانت رسل الفاطميين من مصر تفد إليه بالكتب والهدايا لأجل أن يكون من جهتهم، فيحرق بهم، ويحرق كتبهم وهداياهم»، وقد قام يمين الدولة بإرسال أحد رسل الفاطميين وهداياهم إلى الخليفة العباسي لينظر في أمره، قال ابن الجوزي: «وأحضر أبو العباس ما كان حمله صاحب مصر، وأدى رسالة يمين الدولة بأنه الخادم المخلص الذي يرى الطاعة فرضا ويبرأ من كل ما يخالف الدولة العباسية، فلما كان فيما بعد هذا اليوم أُخرجت الثياب إلى باب النوبي، وحُفرت حفرة وطُرح فيها الحطب، ووُضعت الثياب فوقه وضربت بالنار».

وفي سنة (396 هـ)، سار يمين الدولة إلى «المولتان» (بـ «باكستان» اليوم) ليقضي على حاكمها القرمطي الملحد. قال ابن الأثير: «كان سبب ذلك أن واليها أبا الفتوح نُقل عنه خبث اعتقاده، ونُسب إلى الإلحاد، وأنه قد دعا أهل ولايته إلى ما هو عليه، فأجابوه. فرأى يمين الدولة أن يجاهده ويستنزله عما هو عليه، فسار نحوه، فرأى الأنهار التي في طريقه كثيرة الزيادة، عظيمة المد، وخاصة سيحون، فإنه منع جانبه من العبور فأرسل إلى أندبال [ملك هندي] يطلب إليه أن يأذن له في العبور ببلاده إلى المولتان، فلم يجبه إلى ذلك، فابتدأ به قبل المولتان، وقال: نجمع بين غزوتين»، وقد استطاع السلطان الغزنوي -بفضل الله- القضاء على أندبال والوصول إلى المولتان.
قال ابن الأثير: «ولما سمع أبو الفتوح بخبر إقباله إليه علم عجزه عن الوقوف بين يديه والعصيان عليه، فنقل أمواله إلى سرنديب، وأخلى المولتان، فوصل يمين الدولة إليها ونازلها، فإذا أهلها في ضلالهم يعمهون، فحصرهم، وضيق عليهم، وتابع القتال حتى افتتحها عنوة، وألزم أهلها عشرين ألف درهم عقوبة لعصيانهم»، أي: مع توبتهم.
وقد كان السلطان محمود الغزنوي حريصا على طاعة الخليفة القرشي ومحاربة المبتدعة والزنادقة، ففي سنة (408 هـ) «امتثل يمينُ الدولة وأمين الملة أبو القاسم محمود بن سبكتكين أمرَ أمير المؤمنين، واستن بسنته في أعماله التي استخلفه عليها من خراسان وغيرها، في قتل المعتزلة والرافضة والإسماعيلية والقرامطة والجهمية والمشبهة، وصلبهم وحبسهم ونفاهم، وأمر بلعنهم على منابر المسلمين، وإبعاد كل طائفة من أهل البدع، وطردهم عن ديارهم، وصار ذلك سنة في الإسلام» [البداية والنهاية].

وفي سنة (420 هـ) سار يمين الدولة إلى الري، وبها «مجد الدولة» البويهي الرافضي فاقتلع ملكه وقضى عليه وعلى أجناده، وأرسل بالخبر إلى الخليفة القادر بالله، ومما جاء في رسالته كما ذكر ابن الجوزي: «وقد أزال الله عن هذه البقعة أيدي الظلمة وطهّرها من دعوة الباطنية الكفرة والمبتدعة الفجرة وقد تناهت إلى الحضرة المقدسة حقيقة الحال فيما قصر العبد عليه سعيه واجتهاده من غزو أهل الكفر والضلال وقمع من نبغ ببلاد خراسان من الفئة الباطنية الفجار، وكانت مدينة الري مخصوصة بالتجائهم إليها وإعلانهم بالدعاء إلى كفرهم، فيها يختلطون بالمعتزلة المبتدعة والغالية من الروافض المخالفة لكتاب الله والسنة يتجاهرون بشتم الصحابة ويرون اعتقاد الكفر ومذهب الإباحة».

• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 51
الخميس 19 محرم 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقل كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً لقد ضبط الشارع الحكيم عقد النكاح بضوابط وجعل لتمام ...

وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً

لقد ضبط الشارع الحكيم عقد النكاح بضوابط وجعل لتمام صحته شروطا وواجبات، ومن بين تلك الواجبات المهر أو الصداق، وقد دل على مشروعية المهر الكتاب والسنة والإجماع.

فأما الكتاب فقد قال الله تعالى: {وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4]، وقال أيضا: {فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} [النساء: 24]، وأما السنة فعن سهل بن سعد -رضي الله عنه- قال: «جاءت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إني وهبت من نفسي؛ فقامت طويلا، فقال رجل: زوجنيها إن لم تكن لك بها حاجة؛ قال: (هل عندك من شيء تصدقها؟) قال: ما عندي إلا إزاري؛ فقال: (إن أعطيتها إياه جلست لا إزار لك، فالتمس شيئا)؛ فقال: ما أجد شيئا؛ فقال: (التمس ولو خاتما من حديد)؛ فلم يجد، فقال: (أمعك من القرآن شيء؟) قال: نعم، سورة كذا، وسورة كذا، لسور سماها، فقال: (قد زوجناكها بما معك من القرآن)» [متفق عليه].

وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: «لما قدم عبد الرحمن بن عوف المدينة، آخى النبي -صلى الله عليه وسلم- بينه وبين سعد بن الربيع، فقال: أقاسمك مالي نصفين، ولي امرأتان فأطلق إحداهما، فإذا انقضت عدتها فتزوجها؛ فقال: بارك الله لك في أهلك ومالك، دلوني على السوق؟ فدلوه، فانطلق، فما رجع إلا ومعه شيء من أقط وسمن قد استفضله، فرآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك وعليه وضر من صفرة فقال: (مهيم؟) قال: تزوجت امرأة من الأنصار؛ قال: (ما أصدقتها؟) قال: نواة من ذهب -قال حميد: أو وزن نواة من ذهب- فقال: (أولم ولو بشاة)» [متفق عليه].

وأما الإجماع فقد ذكره غير واحد من الفقهاء؛ قال القرطبي في تفسيره: «قال تعالى: {وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}، الآية تدل على وجوب الصداق للمرأة، وهو مجمع عليه ولا خلاف فيه».

والمهر قد يكون معجّلا فيدفعه الزوج للزوجة قبل الدخول بها، وقد يكون مؤجّلا فيدفعه لها بعد الدخول، وقد يكون مبعّضا أي يدفع لها بعضا منه قبل البناء على أن يدفع لها بقيته بعد الدخول بها؛ قال ابن قدامة: «ويجوز أن يكون الصداق معجلا، ومؤجلا، وبعضه معجلا وبعضه مؤجلا، لأنه عوض في معاوضة، فجاز ذلك فيه كالثمن» [المغني]. غير أنه لا يجوز للزوج تأجيل المهر ولا تبعيضه إلا بموافقة الزوجة ورضاها عن طيب خاطر لا غصبا.

وللزوجة أن تمتنع عن زوجها حتى تستلم صداقها كاملا؛ قال ابن قدامة: «فإن منعت نفسها حتى تتسلم صداقها، وكان حالا، فلها ذلك. قال ابن المنذر: وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن للمرأة أن تمتنع من دخول الزوج عليها، حتى يعطيها مهرها. وإن قال الزوج: لا أسلم إليها الصداق حتى أتسلمها. أجبر الزوج على تسليم الصداق أولا، ثم تجبر هي على تسليم نفسها» [المغني].

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- «أن عليا قال: تزوجت فاطمة، فقلت: يا رسول الله، ابن لي؛ قال: (أعطها شيئا)؛ قال: ما عندي شيء؛ قال: (فأين درعك الحطمية؟) قلت: عندي؛ قال: (فأعطها إياه)» [رواه أبو داود والنسائي].

ثم إن هذا المهر وإن لم يدفعه الزوج قبل الدخول بزوجته -برضاها كما أسلفنا- يبقى دينا عليه يجب الوفاء به متى قدر على ذلك، ولا يجوز له بحال المماطلة في سداد هذا الدين أو الامتناع عنه، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (مطل الغني ظلم) [متفق عليه]، خاصة إذا باتت الزوجة تحت يده وقد أتى منها ما يأتي الرجل من المرأة، فيستضعفها حينها ناسيا أو متناسيا ما جاء في الحديث عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج) [متفق عليه].

وقد غلَّظ الشارع في الزجر عن سلب المرأة مهرها عنوة، قال ابن كثير، رحمه الله: «وقوله: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ} [النساء: 19]، أي: لا تضاروهن في العشرة لتترك لك ما أصدقتها أو بعضه أو حقا من حقوقها عليك، أو شيئا من ذلك على وجه القهر لها والاضطهاد. وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} يقول: ولا تقهروهن {لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ} يعني: الرجل تكون له امرأة وهو كاره لصحبتها، ولها عليه مهر فيضرها لتفتدي».

ولم يحرم الشرع أخذ مهر الزوجة كرها فقط، بل حتى وإن كانت الزوجة موسرة ذات مال، فيحرم على الزوج أن يأخذ فلسا واحدا من مالها غصبا ودون رضاها وإن كان ذلك بقصد الإنفاق على البيت والأبناء الذين هم أبناؤها، أما إن رضيت ووهبته عن طيب خاطر، فهنيئا مريئا، مصداقا لقول الله، عز وجل: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4].
وإنَّ المرأة إن احتسبت ما تنفقه على زوجها وأولادها من مالها، فإنه لها من أعظم الصدقات أجرا، كما روى الشيخان عن زينب امرأة ابن مسعود -رضي الله عنهما- أنها قالت لبلال، رضي الله عنه: «سل النبي -صلى الله عليه وسلم- أيجزي عني أن أنفق على زوجي، وأيتام لي في حجري؟» فحينما سأله، أجاب النبي، صلى الله عليه وسلم: (نعم، لها أجران، أجر القرابة وأجر الصدقة)».

وللمسلمة في أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- خير مثال، فقد جعلت مالها كله في يد زوجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينفق منه على نفسه، وعلى إخوانه.

يقول بعض المفسرين في تفسير قول الله تعالى: {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى} [الضحى: 8]؛ أي أغناك بمال خديجة بنت خويلد، ومعلوم أن أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- كانت من أشراف قريش وأوفرهم مالا، وحينما منَّ الله -عز وجل- عليها بالزواج من سيد الأنام، لم تبخل عليه بمالها، قال صاحب «أضواء البيان»: «قال النيسابوري ما نصه: يروى أنه -صلى الله عليه وسلم- دخل على خديجة وهو مغموم، فقالت: ما لك؟ فقال: (الزمان زمان قحط، فإن أنا بذلت المال ينفد مالك، فأستحيي منك، وإن أنا لم أبذل أخاف الله)، فدعت قريشا وفيهم الصديق، قال الصديق: فأخرجت دنانير حتى وضعتها، بلغت مبلغا لم يقع بصري على من كان جالسا قدامي؛ ثم قالت: اشهدوا أن هذا المال ماله، إن شاء فرقه، وإن شاء أمسكه».

والنبي -صلى الله عليه وسلم- قد عرف لها ذلك حتى بعد موتها -رضي الله عنها- فقد روى أحمد عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا ذكر خديجة أثنى عليها، فأحَسَنَ الثناء، فغرتُ يوما، فقلت: ما أكثرَ ما تذكرها حمراء الشدق، قد أبدلك الله -عز وجل- بها خيرا منها؛ قال: (ما أبدلني الله -عز وجل- خيرا منها، قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدّقتني إذ كذّبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله -عز وجل- ولدها إذ حرمني أولاد النساء)».

هذه أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- تعطي المال دون منٍّ أو أذى -حاشاها- ولا تذكِّر زوجها بسبب ومن دون سبب بما تعطيه إياه ولا تعيّره، ولا تطالبه عند الغضب بما وهبته إياه عند الرضا، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «قال النبي، صلى الله عليه وسلم: (العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه)» [متفق عليه].
ويوم قدّر الله تعالى على النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن آمن معه أن يُحاصَروا في شعب أبي طالب لسنين، تركت خديجة مالها وكل ما تملك واختارت الله ورسوله، فلله درها ولله در كل كريمة لها فنع في الجود، همها إسعاد معسر بعد رضا المعبود. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 51
الخميس 19 محرم 1438 ه‍ـ

• لقراءة الصحيفة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

اصبروا أيها المجاهدون... فإنكم على الحق إن الأخدود الذي حفره أحد الطواغيت في زمن ما لم يُردم ...

اصبروا أيها المجاهدون... فإنكم على الحق


إن الأخدود الذي حفره أحد الطواغيت في زمن ما لم يُردم بعد، وإن النار التي ألقي فيها الموحدون منذ قرون لا تزال تستعر، ما دام هناك إيمان وكفر، وإن الموحّدين في كل زمان ومكان لا يزالون يفضّلون نار الطواغيت على طاعتهم والخضوع لهم.

واليوم يجمع المشركون من كل جنس ولون قوتهم في حربهم على الموحدين في الدولة الإسلامية، ويتوعّدون المسلمين في دار الإسلام بالويل والعذاب إن لم ينقضوا إيمانهم ويدخلوا في العبودية القهرية للمشركين باسم الاستبداد أو الديموقراطية أو أي دين آخر، بينما المؤمنون ثابتون على إيمانهم، واثقون من وعد ربّهم لهم بإحدى الحسنيين، يعلمون أن حفظ الدين مقدّم على حفظ النفس والعرض والمال، وأن الصبر على عذاب المشركين لهم في الدنيا بالقصف والتدمير، أهون من الصبر على عذاب الله في الآخرة.

ويعلمون أن قضية المعركة التي نخوضها اليوم ليست مدنا نحكمها، ولا أرضا نكرّ في أرجائها، ولكنّه الدين الذي نسعى لإقامته، ويسعى المشركون لهدمه، ويعلمون أنهم لو تركوا قتالنا لما قبلنا بما في أيدينا، ولم نوقف قتالنا لهم حتى نخضعهم لدين رب العالمين، وأننا لو عصينا الله فتركنا قتالهم لما قبلوا منا بأقل من الكفر بالله قولا وفعلا.

كان حال أصحاب الأخدود الأوائل صعبا للغاية، فأمامهم نار سُعّرت، وخلفهم شرك وضلال، فإما أن يتقدّموا بأنفسهم إلى النار وهم يعلمون أنهم على الحق، وإما أن ترهبهم النار فيرجعوا عن توحيدهم إلى عبادة الطاغوت، ورغم ذلك صبروا وألقوا بأنفسهم في نار المشركين محتسبينها عند الله، فقُتلوا شهداء دون أن يتمكّنوا من النكاية في عدوهم أو تحقيق التمكين لدينهم في الأرض فيعيشوا في ظلّه آمنين مطمئنين، بينما الأخدود الذي حفره لنا المشركون اليوم جعله الله وبالا عليهم، إذ إننا -بفضل الله- نصاولهم على جنباته، ونلقيهم في النار التي أوقدوها لنا مرّات، ويعذبهم الله بأيدينا في الدنيا قبل الآخرة، وما من مؤمن يعزم في طلب الشهادة إلا وينكي في أعداء الله قبل موته، وقد أراه الله قبل موته عزا وتمكينا في الدنيا، وأراه راية الدين عالية، وبنيان الإسلام شامخا يعلو ولا يعلى عليه.

ولقد ولّى -بإذن الله- الزمان الذي يلقي فيه المشركون الموحدين في الأخدود وهم آمنون مطمئنون، فاليوم يقتلهم الموحدون في عقر دورهم، وينشرون الرعب في بلدانهم مهما بعدت ونأت عن ساحات المعارك، ولا يزال هذا الأمر في اتساع حتى تدخل جحافل الموحدين أرضهم وتُعمل السيف في رقابهم.

إن المرتدين يفرحون وهم يرون أن تولّيهم عن الدين وموالاتهم للمشركين قد أبعدهم عن الأخدود ونيرانه، ويحسبون ما فعلوه من حسن السياسة والتدبير، ولا يدركون أنما صاروا عبيدا للطواغيت، فأحبطوا بذلك أعمالهم واستحقوا الخلود في نار جهنم، بعد أن أرهبتهم نار المشركين في الدنيا، التي لا يمكن لعاقل أن يقارن بينها وبين نار الله -عز وجل- في بقائها وشدة عذابها، وقد قال تعالى: {ولَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون} [البقرة: 217]، بينما يرى المجاهد في سبيل الله هذه الحرب بعين أصحاب الأخدود، فالجنة في أن يثبت على الإيمان ولو صبّ عليه من العذاب ما صب، والنار في طاعته لهم خوفا من وعيدهم، وأمام ناظريه صورة االرضيع وهو يعظ أمّه المسلمة لما تقاعست عن النار : (يا أمه اصبرى فإنك على الحق) [رواه مسلم].

فهذا الدين لا يمكن أن يحمله أناس يقدّمون أنفسهم وأهليهم وأموالهم ومساكنهم وصنائعهم عليه، بل يحمله من يشترون بذلك كله مرضاة الله سبحانه، ويقدمونه على كل شيء سواه، ويرخصون كل ما في أيديهم في سبيل بقائه، فلا يبقى بأيدي المشركين ما يهدّدونهم باستلابه إذا ثبتوا عليه، فشعار كل منهم، فلتزهق أنفسنا، ولنُبتلَ في أموالنا وأهلينا، ولتدمّر مدننا وقرانا، ولتتعطل معاشاتنا، إن كان ذلك في سبيل إقامة الدين وإرضاء رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 50
الخميس 12 محرم 1438 ه‍ـ

• لقراءة الصحيفة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

صيادو الصحوات «2» أسلوب مبتكر لاصطياد المرتدين النبأ – ولاية شمال بغداد - خاص (١/٢) نجح ...

صيادو الصحوات «2»
أسلوب مبتكر لاصطياد المرتدين

النبأ – ولاية شمال بغداد - خاص
(١/٢)
نجح صيادو الصحوات في عملياتهم الأولى، فأثاروا الرعب في قلوب الصحوات والرافضة على السواء، وحرموهم الراحة والاطمئنان، مستفيدين من عدة عوامل، منها سرعة تحركهم، وتنوع عدوهم من جيش وشرط وحشد عشائري من جهة أخرى واختلافهم، مما أتاح لهم سهولة الاختفاء بعد كل عملية، فمكنهم الله من قطف رأس المرتد الحلبوسي والمقاول باني السجون، واقتحموا مقرا للروافض وقتلوا 5 منهم.

وبعد قطف رأس الحلبوسي، انطلق المرتد علي الحاتم بموكب مكون من 40 سيارة مع العشرات من شيوخ الصحوات إلى منزل القتيل، وعقدوا مؤتمرا صحفيا فيه، فأبدوا تذمرهم وأظهروا غضبهم من المداهمات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية الرافضية -كما يظنون- لمنازل قادة الصحوات وأبرز شخصياتهم، وطالبوا بوقفها وكف يد تلك الأجهزة وتحجيم صلاحياتها.

هذه التصريحات أظهرت حقيقة الوضع المتردي الذي وصلت إليه علاقة الصحوات بالروافض، الذين حاولوا ترميم هذا الصدع باسترضاء الصحوات، للحفاظ على ولائهم لهم، والعمل لصالحهم، فأجاز لهم «آمر اللواء» الرافضي المسؤول عن المنطقة مقاومة أي مفرزة أمنية تداهم منازلهم ما لم يكن برفقتها عربات همر، مانحاً إياهم الضوء الأخضر للتصدي لمثل هذه الاقتحامات والمداهمات، مما خفف من حدة غضب الصحوات، وأشعرهم بنوع من الاهتمام بهم من قبل الروافض وأنهم ذوو شأن عندهم.

• صيادو الصحوات يقتلون المرتدين بأيدي الصليبيين

الأمر الجديد بمجابهة أي قوة تداهم منازل قادة الصحوات وعناصرهم، جعل الأمور تتعثر نوعا ما بالنسبة لصيادي الصحوات، ولا سيما أنهم كانوا يخططون لاغتيال المرتد أبي عمار العزاوي، أحد كبار قادة الصحوات والقيادي في فصيل (الجيش الإسلامي) المرتد، الذي أعلنها على الملأ بأنه سيجابه أي قوة تداهم منزله، فزاد من حراسته الشخصية، وكثف من حماية منزله.

ومن جانب آخر أدى القرار الجديد إلى صدام مباشر بين الصحوات من جهة والأمريكيين والرافضة من جهة أخرى، مما وسّع الهوة في جدار الثقة بينهم، فبينما كان المرتد أبو عمار مع عناصر حراسته يترقبون على سطح منزله خوفا من عملية مداهمة مباغتة، نفذت القوات الأمريكية الصليبية عملية إنزال على بعد 3 كم من منزله، ثم توجهت برفقة قوات سوات الرافضية إلى منزل أبي عمار، الذي أعطى الأمر لحراسه بفتح النار على القوة المداهمة، مما تسبب بمقتل جندي أمريكي واثنين من الروافض، أعقبتها مواجهات عنيفة بين الجانبين تدخل فيها الطيران المروحي، ونفذ الجيش الأمريكي عملية إنزال ثانية على سطح منزل المرتد، حيث جرى قتله مع حراسه وحرق جثته.

ولم تقوَ الصحوات إلا على الرد بالكلام فقط، فعقدوا مؤتمرا صحفيا آخر أعلنوا من خلاله عدم ثقتهم بالحكومة الرافضية ووعودها الكاذبة.

وأمام هذا الوضع المتوتر، واصل المجاهدون عملياتهم ودقوا مسمارا جديدا في نعش العلاقة بين بين الصحوات والروافض، فداهموا منزل المرتد عدنان الجميلي الملقب بـ (الشيطان)، وهو من أبرز القادة العسكريين في فصيل (الجيش الإسلامي) المرتد، والعقل المدبر لكثير من عمليات الصحوات ضد المجاهدين، فقتلوه مع كبار مساعديه.

• صيادو الصحوات يظهرون في مناطق جديدة

أدرك المرتدون من الصحوات والرافضة في هذه الفترة أن منفذي الهجمات في مختلف هذه المناطق هي مجموعة واحدة، بدليل عدم القيام بأكثر من عملية في مكانين مختلفين، وتشابه طريقة تنفيذ العمليات، واستعمال الأسلحة ذاتها، وصغر ساحة العمل وتركز العمليات في مناطق التاجي، والطارمية، والمشاهدة، والشيخ عامر، و14 رمضان، والنباعي.

بينما كان نجاح عمليات صيادي الصحوات وأثرها الكبير على العدو حافزا لتطبيق هذا الأسلوب في قواطع أخرى من الولاية، فتوسعت عمليات المجاهدين بداية إلى منطقتي الركية والقادرية، كما جرى تشكيل مفرزتين أمنيتين جديدتين للعمل في قاطعي المثنى (مكونة من 14 مجاهدا) وذو النورين (وتضم 11 مجاهدا).

ثم توزعت نواة مجموعة (صيادي الصحوات) الأصلية التي كونها 8 مجاهدين على مناطق مختلفة، ليشكل كل واحد منهم مجموعة تعمل بالطريقة ذاتها، واتفقت المجموعات على تنفيذ عمليات متزامنة في مناطق مختلفة، لتشتيت انتباه العدو وإشغال الأجهزة الأمنية في تلك المنطقة، كلٌّ بمنطقته، ومنعها من مؤازرة المناطق الأخرى، وتحقيق نكاية كبيرة بالعدو.

ولتعميم هذا التجربة على كافة ولايات الدولة الإسلامية أقيم معسكر متخصص في تدريب وتأهيل المجاهدين للقيام بمثل هذه العمليات النوعية، واستُقدم المجاهدون من مختلف ولايات الدولة الإسلامية لتدريبهم على هذا الأسلوب من الهجمات والاقتحامات.

• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 50
الخميس 12 محرم 1438 ه‍ـ

• لقراءة التقرير كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

يا يهود... اقترب الموعود! سنجعل دماء أطفال غزة براكين من الصواريخ تمحو جيشكم! سنجعل دموع نساء ...

يا يهود... اقترب الموعود!

سنجعل دماء أطفال غزة براكين من الصواريخ تمحو جيشكم!

سنجعل دموع نساء غزة قنابل تسقط عليكم وتزلكم من أرض الإسلام فلسطين!

سنجعل من أسماء شهدائنا في غزة أسماء مجازر نرتكبها فيكم!

غزة من فلسطين، وفلسطين جزء من الدولة الإسلامية!
...المزيد

صيادو الصحوات «2» أسلوب مبتكر لاصطياد المرتدين (٢/٢) • من المداهمات إلى نصب الحواجز ...

صيادو الصحوات «2»
أسلوب مبتكر لاصطياد المرتدين

(٢/٢)
• من المداهمات إلى نصب الحواجز والسيطرات

تزايدت أعداد صيادي الصحوات بعد هذا المعسكر، وتطور العمل إلى شكل جديد، إذ بدأ صيادو الصحوات بإقامة السيطرات ونقاط التفتيش الوهمية، التي كانت واحدة من أنجع الوسائل لتصفية المطلوبين، فأقيمت أولى نقاط التفتيش الوهمية في منطقة السلمان في الطارمية، وعلى طريق الحصو في النباعي، وواحدة قرب (محلات الشيخ حاتم)، وقرب منطقة (زملة حمدي) شمال بغداد، وكان أبو العُبس الراوي -تقبله الله- يقتل عناصر الصحوات بالفأس (الطُبر)، ما ولّد حالة من الهلع والرعب في صفوف الرافضة والمرتدين، بعد أن شاعت طريقة تصفيته لهم فأطلق عليه لقب (أبو طُبر).

نفذ صيادو الصحوات خلال هذه المرحلة أكثر من 40 عملية، قُتل فيها العشرات من الصحوات والروافض، مما كان سببا رئيسا في زعزعة الأمن في تلك المناطق وإظهار هشاشة الأجهزة الأمنية للروافض والصحوات ومن خلفهم الأمريكيون.

ليطور صيادو الصحوات أسلوبهم مرة أخرى فأصبحت هجماتهم منسقة وواسعة بملابس الأجهزة الأمنية، فتُقتحم السيطرات والثكنات والمقرات الأمنية، فتُدمَّر أو تُحرق بعد قتل عناصرها، لينحاز الصيادون بعد إثخانهم في عدوهم.

ومن عمليات صيادي الصحوات، مداهمة منازل كل من المرتد (الفريجي) القيادي في (كتائب ثورة العشرين) المرتدة، وقيادي ثانٍ، و3 عناصر آخرين، في منطقة الخان في الطارمية، فقد باغت الصيادون حراس المنطقة التي توجد فيها تلك المنازل، واشتبكوا معهم بالأيدي قبل أن يقوموا بتقييدهم وربطهم، ثم قام المجاهدون باقتحام منازل القياديَين والعناصر واعتقالهم ووضعهم داخل حفرة، ثم تصفيتهم جميعا.

• عمليات كبرى لصيادي الصحوات

ولعل أبرز عمليات المجاهدين بعد هذه التطورات، تلك العملية التي استهدفت (اللواء 54) الرافضي قرب منشأة النصر، الذي ذاع صيته بين الروافض وأحاطوه بهالة كبيرة ونسجوا حوله الخيالات والخرافات، ولا سيما بعد أن شارك وساهم في مقتل الشيخ أبي عمر البغدادي والشيخ أبي حمزة المهاجر، تقبلهما الله، إذ اقتحم هذا اللواء 11 مجاهدا فقط، بعد تنفيذ عمليتين استشهاديتين، فأثخنت القوة المداهمة بالروافض وقتلت قرابة 100 وجرحت 150 آخرين، مما دفع الحكومة الرافضية إلى إعادة هيكلته ففشلت، وأُجبرت على إخراجه من العمل بشكل كامل.

وبعد أن أذن الله بالفتح ووصلت جحافل جيش الخلافة إلى المناطق القريبة من بغداد، التحق بهم الكثير من صيادي الصحوات وتابعوا عملهم ضد المرتدين بمختلف نحلهم، وطوروا تكتيكهم إلى أن وصل إلى إدخال انغماسيين إلى مواقع الجيش الرافضي الحصينة وإحداث نكاية كبيرة فيهم، ولنا في عمليتي اقتحام محطة غاز التاجي، واقتحام مرقد «الإمامين» في (بلد) خير مثال.

إن نجاح تكتيك «صيادو الصحوات» يثبت ضرورة أن المجاهد لا يركن إلى اليأس والقنوط إن هُزم في جولة، بل يسعى للنهوض من كل كبوة، ليقابل عدوه في ساحات المعارك من جديد وإن كان بأساليب جديدة، ويوقعه في مفاجآت لم يكن يتوقعها، فيُعظم فيه النكاية، وينال منه مرة تلو مرة.

فإنْ عُدِم السلاح ابتكر لنفسه أسلحة جديدة، أو عزم على أن يقتل عدوه بسلاحه، ولم يكتف بالقتال فقط فإن الحرب خدعة، وإن ضرب المشركين ببعضهم سنّة نبوية يثاب فاعلها، ويفلح العامل بها.

وعليه أن يكثر من التجارب، ويبحث دائما عما يطور به عمله، فإن منّ الله عليه بالفتح نقل تجربته إلى إخوانه لتعم الاستفادة، ويزداد التنكيل بالأعداء، ويكون له أجر من عمل بما علمه إلى يوم القيامة.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 50
الخميس 12 محرم 1438 ه‍ـ

• لقراءة التقرير كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 49 وليمكننّ لهم دينهم بعد إعلان قيام الدولة الإسلامية في العراق، اختلطت ...

صحيفة النبأ العدد 49
وليمكننّ لهم دينهم


بعد إعلان قيام الدولة الإسلامية في العراق، اختلطت فرحة الموحدين بها مع خوفهم على هذه الدولة الفتية من أن تقتلعها أعاصير الفتن والمحن التي كانت تحيط بها، إلا أن الله تعالى أبقاها وأيّدها لتكون أملا لكل من يريد التمكين لدين الله في الأرض، وتحكيم شريعته في الناس، والذي لا يكون إلا بنصب إمام يسوس الناس بالإسلام، ويأطر الناس على الحق أطرا.

مرّت الأيام، ودخلت الدولة الإسلامية في طور البأساء والضرّاء والزلزلة، حتى قال الناس: زالت دولة الإسلام! فخرج أمير المؤمنين الشيخ أبو عمر البغدادي -تقبله الله- ليعلنها مدويّة: «إن دولة الإسلام باقية»، متحدّيا بذلك الكفرة والمرتدين، ومطمئنا ومثبتا الموحّدين المجاهدين، فثبت ومن معه على هذا الأمر حتى توفاه الله مع ثلة من خيرة إخوانه، وفيهم العديد من الأمراء الكبار على رأسهم وزير الحرب أبو حمزة المهاجر، تقبلهم الله تعالى جميعهم في الشهداء.

حينها أصاب المؤمنين حزن عظيم على فقد إخوانهم وقادتهم، وهمٌّ كبيرٌ على مصير الدولة الإسلامية من بعدهم، ففرّج الله عنهم بأن هداهم لاختيار خليفة للشيخ أبي عمر البغدادي، والذي خرج عليهم بعد حين من الزمن ليعلن لهم وللعالم أجمع أنه على نهج من سبق وصدق -نحسبهم كذلك- في حرصهم على بقاء راية التوحيد مرفوعة شامخة إلى أن يسلمها المجاهدون إلى المهدي، وصدع أمير المؤمنين الشيخ أبو بكر البغدادي -حفظه الله- بأعلى الصوت بأن دولة الإسلام باقية -بإذن الله- لتنزل كلماته فرحا وسرورا على قلوب الموحّدين، وتملأ قلوب المرتدّين والمنافقين غيظا وكمدا من جديد.

ثم جعل الله من بعد عسر يسرا، ومن بعد ضيق فرجا، وامتدت الدولة الإسلامية إلى الشام، فزاد فرح الموحّدين بذلك، وازداد غيظ أعدائها، فطفقوا يحيكون المؤامرات ويستشفعون بالأحياء والأموات إلى أميرها حتى يعود بجنوده إلى العراق، ويتركوا لهم الشام لينفّذوا فيها مشاريعهم الخائبة المهلكة، وصاروا يكتفون من الدولة الإسلامية بوقف تمددها إلى الشام بعد أن يأسوا من إزالة اسمها ومحو ذكرها، فكان ذلك القرار المبارك، الذي أثبتت الأيام توفيق الله لعباده فيه، حين خرج عليهم أمير المؤمنين مجددا، ليعلن أن دولة الإسلام باقية في العراق والشام، بإذن الله، فيعلم الصديق والعدو على حدٍّ سواء أن جنودها تجاوزوا -بفضل الله- كل العقبات دون تمدد الدولة التي دفع ثمن قيامها قوافل من الشهداء، وأن هدفهم القادم سيكون ترسيخ حالة جديدة من الجهاد تتجاوز المرحلة السابقة، والتمهيد لإقامة خلافة على منهاج النبوة، تقسم الأرض إلى فسطاطين، والتحضير لجعل العالم كله ساحة معركة مفتوحة مع الكافرين.

واستجاب الله تعالى دعاء الموحّدين، ومكّن لعباده الذين استُضعفوا في الأرض، وأعاد بهم الخلافة، وأعلى بهم راية الدين، وصارت الدولة الإسلامية مصدر تهديد للكفرة والمرتدين في العالم أجمع بعد أن كان خطرها عليهم لا يتجاوز أجزاء من العراق ومساحات من الشام، وضج قادة الفصائل والأحزاب من إعادة الخلافة خوفا وفَرَقا على مناصبهم السخيفة، وأسماء تنظيماتهم المهترئة، واستنفر معهم الطواغيت سحرتهم وأحبارهم ليحرّضوا الناس عليها، ويحذروهم منها، وكلّهم أمل أن يتراجع مجاهدو الدولة الإسلامية عن إقامتهم الخلافة، ويكفّوا عن التحريض على حل الفصائل، ويتوقف أمير المؤمنين عن قبول البيعات من مشارق الأرض ومغاربها، قانعين ببقاء الدولة الإسلامية في العراق والشام.

واليوم يؤمّل الكفرة والمرتدون أنفسهم من جديد بزوال الخلافة، مع يقينهم باستحالة إزالة الدولة الإسلامية -بإذن الله- بعد أن تعلموا ذلك من تجاربهم السابقة معها، فهل يرقبون من الدولة الإسلامية اليوم أن تؤكّد لهم من جديد، وبيقين مصدره ثقة كبيرة بالله تعالى ووعده لعباده الموحّدين بالنصر والتمكين، أنها باقية -بإذن الله- برايتها النقيّة من الشرك، ومنهجها الخالي من البدع، وولاء جنودها لأهل الإسلام، وبراءتهم من أهل الشرك والأوثان، وحربها على المشركين بالشدة والغلظة، وإقامتها لما أوجبه الله عليها من الدين، وسعيها الدائم لتحقيق التمكين في الأرض، وتحكيم الشريعة على كل البشر، فيكون الدين كله لله.

نعم إنها باقية، وستبقى بإذن الله، حتى تجبر الروم على صلحها، وتقاتلهم على غدرهم، وتفتح أرضهم، ويكسر جنودها صلبانهم، ويقاتل آخرهم الدجال جنديا في جيش عيسى بن مريم -عليهما السلام- وسيعلم الذين كفروا أي منقلب ينقلبون.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 49
الخميس 5 محرم 1438 ه‍ـ

• لقراءة الصحيفة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 49 حوار: أمير هيئة الهجرة من أتانا مهاجراً إلى الله أعنَّاه.. ومن أراد دار ...

صحيفة النبأ العدد 49
حوار:

أمير هيئة الهجرة
من أتانا مهاجراً إلى الله أعنَّاه..
ومن أراد دار الكافرين منعناه

(١/٤)
• يتبادر إلى الذهن عند سماع اسم هذه الهيئة أنها مختصة باستقبال المهاجرين في سبيل الله، فهل يصيب المرء عندما يفهم عمل الهيئة بهذا الشكل؟

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى أصحابه الغرّ الميامين، وبعد...

فلا شك أن الهجرة في سبيل الله من أفضل العبادات التي يتقرّب بها العبد إلى مولاه -عزّ وجل- وأن إعانة المسلمين على أداء هذه العبادة، واستقبالهم عند الدخول إلى دار الإسلام، والقيام على شؤونهم حتى يستقر أمرهم من الأعمال التي نحمد الله أن سخّرنا للقيام بها، وأعاننا عليها، ومع هذا فقد منّ الله علينا في «هيئة الهجرة» بالقيام بوظائف أخرى تندرج كلّها في إطار إنفاذ أحكام الله التي منشؤها اختلاف الدارين، دار الإسلام ودار الكفر، وبنفاذ هذه الأحكام -وغيرها- فإننا نسأل الله أن نكون ممن يقيم الدين، ويجدّد الإسلام في هذا الباب الذي أغفله الناس منذ زمن طويل، وصار مجرّد كلام منثور في كتب الفقه، يروونه ولا يعملون به، فالدولة الإسلامية اليوم -بفضل الله- أعادت استخراج هذه الأحكام، وعملت بها في إطار سعي أمرائها وجنودها لإقامة الدين، وتحكيم شريعة رب العالمين.

• هلّا وضّحت للقراء ما المقصود بالأحكام التي منشؤها اختلاف الدارين؟

لا خلاف في أن الله فرّق بين المسلم والكافر في الأحكام، وهم كلّهم خلقه وملكه، كما قال سبحانه: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} [القلم: 35]، وبناء عليه اختلفت كثير من الأحكام لتعلقها فقط بحكم فاعلها إن كان مسلما أو كافرا، لذلك نجد الفقهاء يشترطون لصحّة كثير من الأفعال اتّصاف فاعلها بالإسلام، كالعبادات، إذ لا تصحّ من كافر، والإمامة، إذ لا يصح عقدها إلا لمسلم، والشهادة في بعض القضايا، فلا تقبل فيها شهادة الكافر.

وكذلك فرّق الله سبحانه بين الأرض في الأحكام، وهي كلّها خلقه وملكه، فجعل منها دار إسلام ودار كفر، وذلك بحسب الأحكام السائدة فيها، فأيما أرض سادت عليها أحكام الإسلام -بشوكة المسلمين- فهي دار إسلام، وأيما أرض سادت عليها أحكام الكفر، فهي دار كفر، وبناء على هذا الاختلاف بين الدارين نشأت كثير من الأحكام في الإسلام، علما أن الحكم على الدار لا يستلزم منه الحكم على أهلها، فقد تكون الدار دار إسلام، وجلّ أهلها من كفرة أهل الذمة، وقد تكون دار كفر وجلّ أهلها من المسلمين المستضعفين.

ومن أشهر الاختلافات في هذه الأحكام، أحكام الإقامة الدائمة والمؤقتة، إذ يجب على المسلم الإقامة في دار الإسلام، ويجوز له السفر فيما بين أقطارها وبلدانها، وتحرم عليه الإقامة في دار الكفر، وتجب عليه الهجرة منها إلى دار الإسلام، أما الكافر فإنه لا يبقى في دار الإسلام بغير عهد أو أمان، فإن خرج الذمّي من دار الإسلام ولحق بدار الكفر، فقد نقض عهده، وصار من أهل الحرب، وغيرها كثير من الأحكام يمكن معرفتها بالرجوع إلى الكتاب والسنة وكلام أهل العلم.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 49
الخميس 5 محرم 1438 ه‍ـ

• لقراءة الحوار كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 49 حوار: أمير هيئة الهجرة من أتانا مهاجراً إلى الله أعنَّاه.. ومن أراد دار ...

صحيفة النبأ العدد 49
حوار:

أمير هيئة الهجرة
من أتانا مهاجراً إلى الله أعنَّاه..
ومن أراد دار الكافرين منعناه

(٣/٤)
• لعل من المفيد أن توضحوا للقارئ الفرق بين عمل «هيئة الهجرة» في الدولة الإسلامية وعمل إدارات «الهجرة والجوازات» في الدول الكافرة.

قد يكون هنالك تشابه بالشكل والإجراءات الظاهرة، ولكن لا مقارنة من ناحية الأحكام والقواعد المطبّقة، وسبب ذلك -كما هو معلوم- اختلاف مرجعية الأحكام، فأحكامنا كلها مرجعها إلى شريعة الله، ومرجعهم إلى قوانينهم الوضعية التي يكتبها طواغيتهم ويعدّلونها بحسب أهوائهم وآرائهم.

فمن حيث المبدأ يكون التفريق في المعاملة بين الأفراد في الدول الكافرة على أساس الوطنية والجنسية، فمن يحمل جنسية البلد يحق له -عادة- الإقامة فيه بلا شروط، ومن لا يحمل هذه الجنسية لا يُسمح له بعبور حدودها إلا بموافقات حكومية، وتكون إقامته فيها محدودة مشروطة، فيما يكون التفريق في المعاملة لدينا على أساس الدين، فكل مسلم له حق في الانتقال إلى دار الإسلام والإقامة فيها، لا فرق بينه وبين أي من سكانها على أساس المولد أو مكان الإقامة الأصلي، بل يتقدّم المهاجر على أهل الدار بفضل الهجرة، ونسعى جهدنا لإزالة العقبات أمام هجرة المسلمين من دار الكفر إلى دار الإسلام، وقد بذلت الدولة الإسلامية الأموال الكثيرة في سبيل ذلك وما تزال، والكافر لا يسمح له بدخول دار الإسلام، أو الإقامة فيها إلا بعهد أو أمان، إن كان ممن يعطى عهدا أو أمانا.

إذ يمكن له أن يدخل دار الإسلام بعقد أمان، ويكون بهذا العقد آمنا على نفسه وماله ما دام في دار الإسلام، وفياً لشروط أمانِهِ، كما حدث مع بعض النصارى الغربيين الذين دخلوا لزيارة أقارب لهم هنا، ثم عادوا إلى ديارهم بعد أن جالوا في دار الإسلام آمنين مطمئنين، وكذلك يمكن له أن يدخل في ذمة المسلمين فيعيش في ظل الدولة الإسلامية بأمان يدفع الجزية عن يد وهو صاغر، مثل واقع النصارى في الرقة وغيرها من المدن، إذ إنهم يعيشون آمنين على دمائهم وأموالهم وأعراضهم بعد ضرب الجزية عليهم، ومن يتعرض لهم بظلم فإنه يعرّض نفسه للعقوبة في الدنيا والآخرة.

وكذلك فإننا لا نسمح للمسلمين بالخروج إلى دار الكفر للإقامة الدائمة أبدا لأنه حرام قطعا، أما السفر المؤقت فلا يحل إلا للضرورة، كالمريض مرضا قد يؤدي إلى إهلاكه أو تلف شيء من أعضائه، ولا يتوفر علاجه في دار الإسلام، أو التاجر الذي يؤذن له بالسفر لجلب ما يلزم من السلع لحاجة المسلمين إليها، أو بعض الحالات الخاصة التي يقرّرها الإمام لما فيها من مصلحة عامة للمسلمين.

• وماذا بخصوص حركة السلع والمواد عبر المعابر، وداخل أراضي الدولة الإسلامية، هل هناك أيضا إجراءات تفضيلية للمسلمين على الكافرين؟

بالتأكيد، فأموال الكفار يفرض عليها العشور، وهي كمية من المال للإمام اقتطاعها من أموال الكفار المعدّة للتجارة دون أموال المسلمين التي لا يصحّ تعشيرها، ولذلك يسميها بعض الفقهاء «عشور التجارات» تمييزا لها عن «عشور الصدقات» -أي زكاة الفريضة- التي تؤخذ من المسلمين فقط، فتفضيل المسلم بذلك لكونه ينقل تجارته عبر معابر دار الإسلام دون فرض أموال عليه، بخلاف الكافر الذي ستزيد العشور من سعر بضاعته بلا شك.

• هل هناك إجراءات أخرى سوى العشور تفرض على حركة السلع عبر معابر الدولة الإسلامية؟

لا شك أن المعابر من أهم الوسائل لحماية الاقتصاد داخل أراضي الدولة الإسلامية، فبواسطة ضبط حركة السلع الداخلة والخارجة والعابرة يمكن حماية الاقتصاد، وتحفيز مختلف أنواع النشاط الاقتصادي من تعدين ورعي وزراعة وصناعة وتجارة، فعن طريق ضبط الواردات يمكننا حماية الاقتصاد من التدمير بفعل المنافسة الكبيرة في الأسعار، إذ تنخفض تكاليف إنتاج كثير من السلع الواردة من بلاد الكفر عنها في دار الإسلام، ما يؤدّي إلى عدم قدرة منتوجاتنا على منافستها في السوق، الأمر الذي سيتسبب في خسائر كبيرة للمنتجين، وقد يؤدّي إلى تدمير عملية الإنتاج بالكامل وجعلنا بالتالي رهائن بيد التجار في دار الكفر والحكومات الطاغوتية التي توجههم، والتي لا توفر فرصة لإيقاع الضرر بالإسلام والمسلمين عموما، وبالدولة الإسلامية خصوصا.

ولذا فإننا نمنع أحيانا دخول السلع التي قد تهدد الإنتاج المحلّي، كما نستخدم ضبط حركة السلع العابرة لهذا الغرض، وذلك بمنع عبور السلع المماثلة لما يُنتج في دار الإسلام، وبالتالي تنشيط حركة الصادرات لمنتجاتنا، وزيادة مداخيل المنتجين بذلك.

وكذلك فإنه في حال حدوث اضطراب في الأسواق يهدد المنتجين أو التجار أو المستهلكين فيمكن باستخدام عملية ضبط الصادرات أو الواردات إعادة التوازن إلى السوق.

ويكون هذا العمل كلّه بناء على توصيات من ديوان الزراعة، أو من غرفة التجارة والصناعة، التابعَين للجنة المفوضة في الدولة الإسلامية.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 49
الخميس 5 محرم 1438 ه‍ـ

• لقراءة الحوار كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 49 حوار: أمير هيئة الهجرة من أتانا مهاجراً إلى الله أعنَّاه.. ومن أراد دار ...

صحيفة النبأ العدد 49
حوار:

أمير هيئة الهجرة
من أتانا مهاجراً إلى الله أعنَّاه..
ومن أراد دار الكافرين منعناه

(٢/٤)
• ذكرت في كلامك أن تطبيق هذه الأحكام هو من التجديد في الدين، بسبب عدم عمل الناس بها لفترة طويلة من الزمن، هلا وضحت هذا الأمر أكثر...

لا يخفى عليكم أن أمة الإسلام تفرّقت منذ إزالة منصب الإمامة الذي كان يجمع المسلمين ويوحّد دار الإسلام، فانقسمت دار الإسلام إلى دويلات عديدة يحكم كل منها سلطان من السلاطين، وقد حافظ كثير منهم على انتماء بلادهم إلى دار الإسلام، بالتزامهم بالإسلام وحكمهما بأحكام الشريعة، إلى أن علا الكفرة في الأرض، فصاروا يضمّون أجزاء من دار الإسلام إلى دار الكفر التي بحوزتهم، وأزالوا حكم الله منها، وأحلّوا أحكامهم الجاهلية الوضعية مكانها، وتابعهم على ذلك -رغبة ورهبة- أولياؤهم الحاكمون لبلاد المسلمين المسلوبة، وهكذا تقلّصت دار الإسلام شيئا فشيئا إلى الحد الذي صار فيه الحكم في الأرض كلها لقوانين الكفر وأحكامه.

وبالوصول إلى هذه الحال فقد انعدم التفريق بين البلاد لعدم وجود دار للإسلام في الأرض، وجهد الكفار وحلفاؤهم من الطواغيت والمرتدين وأتباعهم من المنهزمين على محو مفهوم الدارين لا من الواقع والوجود فقط، بل من عقول المسلمين أيضا، وحاولوا أن يجعلوا مكانه مفهوم الأوطان القائم على الحدود المصطنعة التي أنشأها المشركون لتقاسم ملكية الأرض فيما بينهم، ثم رسّخوها بعد رحيلهم عنها ليتمكّنوا من إدارتها عن طريق الطواغيت الذين نصّبوهم عليها، وهكذا تلاشت الفروق بين الدور، لا فرق بينها إلا في حجم اضطهاد المسلمين، والزيادة في الكفر، وصار أقصى أماني المسلم أن يكون في أرض يُسمح له فيها بقدر أكبر من إظهار بعض دينه مع علمه اليقيني بأن الكفار لن يمكنوه بحال من إظهار دينه كاملا.

ولكن بعد أن مكّن الله للدولة الإسلامية، وسادت شريعة الله على الأرض الواقعة تحت سلطانها، صار هذا الجزء من العالم دار الإسلام الوحيدة في الأرض، إذ لا سيادة للشريعة على أي جزء من العالم سواها، وعليه فقد عاد التقسيم الشرعي للعالم إلى دارين، وصار واجبا على المسلمين التحول من دار الكفر التي يسكنونها إلى دار الإسلام التي أذن الله بإقامتها، كما وجب على أعيانهم الجهاد لحماية هذه الدار، خاصة في ظل الهجمة الصليبية الشرسة عليها، التي تسعى إلى إعادة سيادة الكفر وشرائعه على هذه الأرض، وإعادة التقسيم القديم على أساس الحدود المصطنعة، ومنها حدود (سايكس - بيكو) التي كسرها المجاهدون، بفضل الله.

كما صار واجبا على إمام المسلمين أو من ينوب عنه -وهم في حالتنا العاملون في «هيئة الهجرة»- أن يعملوا ما بوسعهم لضبط معابر دار الإسلام، وضمان التفريق بينها وبين دار الكفر في المعاملات.

فنحن اليوم -بفضل الله- نعيد استخراج الأحكام الشرعية التي تتعلق بهذا الباب من الكتب التي دُفنت فيها لعقود، نعيدها إلى حيز الواقع بتطبيقها والعمل بها، والحمد لله وحده.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 49
الخميس 5 محرم 1438 ه‍ـ

• لقراءة الحوار كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

وَإنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقّاً (١/٢) لقد خلق الله تعالى الذكور والإناث، وحرّم عليهم السفاح، ...

وَإنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقّاً

(١/٢)
لقد خلق الله تعالى الذكور والإناث، وحرّم عليهم السفاح، وأباح لهم النكاح، وجعله ميثاقا غليظا، فقيّده بشروط وضوابط، وأعطى لكلا الزوجين حقوقا، وألزمهم بواجبات، هي للبيت بمثابة الأوتاد، فإذا ما ضيعها أحدهما أو حاد، خر عليهما السقف أو كاد.

وقد أُعطيت الزوجة في الإسلام حقوقا مهمة قُدّمت حتى على الانشغال المفرط في نوافل العبادات الكثيرة، غير أن بعض الرجال اليوم هم من المقصرين والمفرطين في جنب زوجاتهم، والحجة هي العمل وكثرة المسؤوليات الموكلة إليهم، وإننا وإن كنا نقر بانشغال بعضهم، إلا أن ذلك ليس عذرا لهم أمام الله تعالى إن هو سألهم عن حقوق الزوجات وما جاء في عشرة النساء.

وهذا نبينا -صلى الله عليه وسلم- ومع عظم الأمانة التي حملها، وكبر الرسالة التي كُلّف بتبليغها لأهل الأرض قاطبة، إلا أن ذلك لم يجعله يفرّط في حقوق زوجاته، أو يقصّر في تأدية ما عليه من واجبات تجاههن.

فعن عون ابن أبي جحيفة عن أبيه قال: «آخى النبي -صلى الله عليه وسلم- بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا؛ فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما، فقال: كل؛ قال: فإني صائم؛ قال: ما أنا بآكل حتى تأكل؛ فأكل، فلما كان الليل، ذهب أبو الدرداء يقوم، فقال: نم؛ فنام، ثم ذهب يقوم فقال: نم؛ فلما كان من آخر الليل، قال سلمان: قم الآن فصليا؛ فقال له سلمان: إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه؛ فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكر ذلك له، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: (صدق سلمان)» [رواه البخاري].

وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يوفّر من وقته ما يجلس فيه مع زوجاته، بل لا يضيع فرصة تسنح له يدخل فيها السرور على قلب زوجته، فها هم الأحباش يلعبون بحرابهم في المسجد، وعائشة أم المؤمنين تنظر إلى لعبهم، والنبي لا يتذمر من فعلها، ولا يزجرها، ولا يستعجلها لتنتهي، حتى تسأم هي فتقعد! والحديث في صحيح البخاري.
بل وأكثر من ذلك، فها هو -صلى الله عليه وسلم- يجد الوقت لإدخال السرور على قلب زوجه حتى في السفر، السفر الذي هو قطعة من العذاب، لما يحصل للمسافر فيه من مشقة وتعب، فعن عائشة -رضي الله عنها- أنها كانت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفر قالت: «فسابقته فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني فقال: (هذه بتلك السبقة) [رواه أبو داود]، هكذا كان نبينا المعلم -صلى الله عليه وسلم- وهكذا كان هديه في عشرة النساء.

وبعض الرجال اليوم لا يكاد يدخل بيته ويجلس مع زوجته، حتى يصيبه الملل وكأن جبالا قد رست على صدره، ويشتد به النعاس فلا يكاد يقدر على فتح جفنيه، ولو كان مع صحبه لما كان هذا حاله، بل لربما وجدناه من أشدهم نشاطا، وأكثرهم سردا للقصص والحكايات، فهل قرأ مثل هذا الزوج حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أو سمعه؟ فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) [رواه الترمذي]، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: «قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم)» [رواه أحمد والترمذي]، قال الشوكاني في شرح الحديثين: «وأحقهم بالاتصاف به هو من كان خير الناس لأهله، فإن الأهل هم الأحقاء بالبِشر وحسن الخلق والإحسان وجلب النفع ودفع الضر، فإذا كان الرجل كذلك فهو خير الناس، وإن كان على العكس من ذلك فهو في الجانب الآخر من الشر، وكثيرا ما يقع الناس في هذه الورطة، فترى الرجل إذا لقي أهله كان أسوأ الناس أخلاقا وأشجعهم نفسا وأقلهم خيرا، وإذا لقي غير الأهل من الأجانب لانت عريكته وانبسطت أخلاقه وجادت نفسه وكثر خيره، ولا شك أن من كان كذلك فهو محروم التوفيق زائغ عن سواء الطريق، نسأل الله السلامة» [نيل الأوطار].

* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 49
الخميس 5 محرم 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 49 حوار: أمير هيئة الهجرة من أتانا مهاجراً إلى الله أعنَّاه.. ومن أراد دار ...

صحيفة النبأ العدد 49
حوار:

أمير هيئة الهجرة
من أتانا مهاجراً إلى الله أعنَّاه..
ومن أراد دار الكافرين منعناه

(٤/٤)
• نعود إلى موضوع منع المسلمين من السفر إلى دار الكفر، هلا بيّنتم للقراء بعض أسباب منعها إضافة إلى الفتنة في الدين التي يتعرض لها المسافر إلى دار الكفر؟

لا شك أنّ الحكم الشرعي هو الأساس في كل أفعال المسلمين، فإذا نهانا الله -عز وجل- عن أمر انتهينا عنه مهما رأينا فيه من منافع، وكذلك فإن من واجب الإمام أن ينهى الناس عنه لأنه مأمور بإقامة الدين فيهم، ومأمور بسياستهم بأحكام الشريعة لا وفق الأهواء، والمصالح الموهومة، ولذلك أنشأت الدولة الإسلامية ديوان الحسبة مثلا لنهي الناس عن المنكر بالإضافة إلى أمرهم بالمعروف، وقد أسند أمر الإذن بالسفر إلى دار الكفر للمضطرين من المسلمين إلى الإخوة في ديوان الحسبة بادئ الأمر لكونه يندرج في إطار النهي عن المنكر، حتى أذن الله بإنشاء «هيئة الهجرة» فأصبح من اختصاصها.

ويزداد النهي عن سفر المسلمين إذا كان هناك احتمال تعرضهم لأخطار تهدد دينهم أو أنفسهم أو أموالهم أو أعراضهم كما هو حاصل الآن مع من يخرج من أراضي الدولة الإسلامية إلى الأراضي التي يسيطر عليها المرتدون في محيطها، من روافض ونصيريين وصحوات وملاحدة وغيرهم.

فمن تلك المخاطر عمل المرتدين على إيقاع من يفد إليهم من دار الإسلام في الردّة، عن طريق طلبهم منه الإدلاء بمعلومات عن الدولة الإسلامية وجنودها، أو محاولة تجنيده للتجسس عليها، أو تجنيده كمقاتل في صفوف قواتهم المحاربة للإسلام، أو إلزامه بالمشاركة في أفعال كفرية كالتحاكم إلى المحاكم الوضعية أو إرسال الأبناء إلى المدارس التي تدرّس مناهج وطنية قومية شركية، أو دفعه إلى سب الموحّدين والطعن في دينهم، وطلبهم منه مدح المرتدين وأديانهم، وغير ذلك من الأفعال التي يعلم الناس يقينا أن المرتدين لا يتركون من يصير في ذمتهم -غالبا- حتى يوقعوه فيها.

ومنها مخاطر على الأنفس، فكثيرا ما يُعرض الداخلون إلى ديار الكفر للقتل والاعتقال والتعذيب من قبل الجنود المرتدين، وخاصة الروافض والنصيريين والأتراك منهم.

هذا فضلا عن سلب أموالهم على الحواجز والسيطرات، وإجبارهم على دفع الأموال الكبيرة للسماح لهم بالدخول إلى دار الكفر، بعد إذلالهم وتجويعهم في مخيمات الذل والمهانة على أطراف مدنهم وحدود مناطقهم، كما يحدث في الأنبار وكركوك ودمشق وكردستان والأردن وغيرها من المناطق.

بالإضافة إلى إجبار النساء على خلع الحجاب، وإهانتهن بالكلام والأفعال، وإمكان الاعتداء عليهن من قبل أولئك المجرمين الذين لا يرقبون في مؤمن إلّاً ولا ذمّة.

ولهذا فنحن حريصون كل الحرص أن لا نسمح لمسلم بدخول ديار الكفر لغير ضرورة، طاعة لله ورسوله ثم طاعة لأولي الأمر، وحفاظا على المسلمين من أن يخسروا دينهم أو أنفسهم أو أموالهم أو أعراضهم أو ذلك كله، والله المستعان.
وحتى من نأذن له بسبب اضطراره، فإننا نحاول أن نقلل من المخاطر عليه ما وسعَنا ذلك، من خلال التشديد أكثر على سفر النساء وخاصة الشابّات منهن، ومنع دخول الشباب في سن التجنيد إلى دار الكفر لغاية التجارة، وما شابه من الإجراءات.

• جزاك الله خيرا على هذا التوضيح لعمل «هيئة الهجرة»، ونسأل الله أن يعينكم على أداء ما وُكِّلتم بالقيام به من وظائف، وحمل ما ألقي على عاتقكم من أعباء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وإياكم أخي الحبيب، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 49
الخميس 5 محرم 1438 ه‍ـ

• لقراءة الحوار كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

معلومات

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً