تدبر - [57] سورة الأعراف (1)
ما بال أقوام تحرَّزوا من الفواحش والآثام والشركيات لكنهم ما انفكوا يتقوَّلون على الله ويجترِئون على ذلك الحِمى! ويرتقون ذلك المرتقى الصعب الذي لا قِبَلَ لبشرٍ به والذي قيل لمن هو خير من ملء الأرض من أمثالهم في شأن ذلك؛ ولَوْ تَقوَّل عَلَى الله بَعضَ الأَقَاوِيل: {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ . ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ . فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ}..
وفارق بين أن تنسِب القول لنفسك الخطاءة التي يعتريها النقص ويَلحَق بها الزلل والضعف؛ وبين أن تنسِبه لملك الملوك جل وعلا بأن تُلحِق أفعالك وخياراتك بشرعه فتكون ممن تقول على الله ما لم ينزل به سلطانًا..
وسواءً كان الترتيب يقتضي التصاعد من الأدنى إلى الأعلى أو لا يقتضيه - فكفى بالقول على الله بغير علم شرًّا أن يقترن بالشرك والبغي والفواحش..
{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [الأعراف:33]..
فما بال أقوام تحرَّزوا من الفواحش والآثام والشركيات لكنهم ما انفكوا يتقوَّلون على الله ويجترِئون على ذلك الحِمى! ويرتقون ذلك المرتقى الصعب الذي لا قِبَلَ لبشرٍ به والذي قيل لمن هو خير من ملء الأرض من أمثالهم في شأن ذلك؛ ولَوْ تَقوَّل عَلَى الله بَعضَ الأَقَاوِيل: {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ . ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ . فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} [الحاقة:45-47]..
ولو أن مخلوقًا مثلهم قد تقوَّل عليهم قولًا لم ينطقوه ونُسِبَ إليهم شيئًا لم يخرج منهم لأقاموا الدنيا سَخطًا عليه ولاتهموه بالافتراء عليهم ولانتصروا منه بكل ما يستطيعون..
بينما يَرضَوْن على رَبِّ العَالمِين وأَحسنَ الخَالِقين ما لا يَرضَونَهُ لأنفسهم! ويَنسِبُون لِشَرعِته ما لَيس مِنها ويُلِحقُون بِمِلَّتِه ما لَيس فِيها، ويُلبِسُون أَقوالَهم وأَفعالَهم ثِيابَ الدِين والعِلم ويَا لَيتَهُم اِكتفوا بذلك بل وَصَمُوا مُخالِفِيهِم بالجَهل وبَغوْا على نَاصيحهم بالفِعل والقَول..
أَلا سَاءَ ما يَحكمُون، ولَبِئسَ ما يَفتَرُون..!
- التصنيف: