درر و فوائد - (25) كن ربانيًا

منذ 2014-10-09

ما بين الذنوب وكرم الله يرتع المرء، فلو أنصف لقضى العمر عابدًا يخفض عينيه فلا يرفع، ويستر وجهه فلا يسفر حياء من سيده مولاه، ولو فعل لكان ذاك محض كرم الله..! فما بالنا يكرمنا ربنا ونعصيه؟ اللهم أعنّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك..

(251) الربانيون يجتهدون في العمل لإعلاء كلمة الله، فإذا تسائلوا متى نصر الله تذكر: {أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة من الآية:214]، أما المنافقون فبطالون يجلسون ينعون حظوظهم يثبطون أهل الإيمان ويسخرون منهم سخر الله منهم، مرجفون ينشرون بين الناس الكذب والزور شعارهم، غر هؤلاء دينهم، تذكر: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال من الآية:49].

(252) خاف فشكى لله: {وَيَضِيقُ صَدْرِي} [الشعراء من الآية:13]، ففُرج عنه إذ دعا: {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي} [طه:25]، واحتار مخافة: {وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي} [الشعراء من الآية:13]، فألهم السؤال: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي . وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي..} [طه:27-28]، فكانت محاجته لفرعون قطعًا وفصلاً من القول لا يضاهيها أهل الفصاحة والبيان بيانًا وأما: فـ{أَخَافُ} [الشعراء من الآية:12] فأذهبتها يقين: {..لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى} [طه:68]، رب اجعلنا ممن دعا إليك وعمل صالحًا وقال إنني من المسلمين.

(253) ألم تر أنك إذا تبرأت من الكافرين جاءك نصر الله والفتح المبين، وأهلك الله الطغاة المعاندين؟ وإذا أقبلت على توحيد ربك، فالله هو ملجأك وملاذك به تستغيث فيغيثك، ويعيذك من شر كل إنس وجان، ومن شر كل شيء هو آخذ بناصيته.

(254) من عجائب الرفق: أن يعلم المرء أنه ما من مشكلة ذات طرفين إلا وقد أصاب كل منهما كفل من الخطأ، فيقبل العاقل المنصف على كفله فينقيه ويرتقي به، ويقبل على كفل صاحبه فيشفق عليه ويلتمس له العذر، ويعمل على الأخذ بيديه وإقالة عثرته، فإن لم يستطع دعا له بالخير فيصفو قلبه ببركة الرفق تذكر: سلامة القلب لا يعدلها شيء.

(255) لا يكن نقدك على طريقة إنفاذ الغضب والغيظ، فإن الله مدح الكاظمين الغيظ وهذا يتضمن ذم من أنفذه: {وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين} [المائدة من الآية:13، وآل عمران من الآية:134].

(256) تربص بإخوانه الفشل، وانتظر أن ينزل عليهم من السماء مصيبة عقوبة لهم على المعايب، حتى إذا نزل بهم أقل ضرر تبسم وقال: ألم أقل لكم.. تراه من أمراض القلوب؟ تفقد قلبك.

(257) الحرام يبقى حرامًا حتى لو كنت أنت فاعله، وحتى لو فعله من تعظمه في نفسك، إياك والتبرير، فمذنب معترف بذنبه يخفض عينيه حياءً خير من مذنب متكبر مبرر لسوء فعاله وقبيح أقواله، ألا تصدق؟! فتأمل إذًا الفرق بين آدم وإبليس، لعل الله أن يعصمك من التلبيس.

(258) ما بين الذنوب وكرم الله يرتع المرء، فلو أنصف لقضى العمر عابدًا يخفض عينيه فلا يرفع، ويستر وجهه فلا يسفر حياء من سيده مولاه، ولو فعل لكان ذاك محض كرم الله..! فما بالنا يكرمنا ربنا ونعصيه؟ اللهم أعنّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك..

(259) ياله من ضيف ثقيل هذا النكد! إنه يتخير مجلسه على الصدور ومطعمه من الأعصاب والعقول، بعض الناس لا يحب طرده رغم قسوة وجوده وسوء وعوده، فيا له من جليس سوء لا يكتفي بطرد الحب والوئام، بل يدعو أصحابه من شياطين الإنس والجان أن هلموا، فيرتعون في النفس حتى لا يتركونها إلا خرابًا، قد أتوا على ما فيها من أخضر الإيمان ويابس الاتزان..! اللهم إنا نعوذ بك من الهم والحزن ونعوذ بك من العجز والكسل.

(260) إذا قرأت نصيحة أو عظة إياك أن تنزلق في فخ الشيطان فتسقطها على غيرك، ورأس الحربة القاتلة في هذا الفخ أن تسقطها على من تبغض وتنسى نفسك وصلاحها، فعندها تخترق الحربة سويداء قلبك، ولن يضر ذلك من تبغضه! 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 2
  • 0
  • 1,816
المقال السابق
(24) أعد صياغة أفكارك
المقال التالي
(26) لكل طريقة سمت

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً