دلائل النبوة - (8) إخباره صلى الله عليه وسلم عن جماعة أنهم من أهل الجنة فما نقل عنهم أنهم غيروا أو بدلوا

منذ 2015-02-01

دلائل النبوة (8) إخباره صلى الله عليه وسلم عن جماعة أنهم من أهل الجنة فما نقل عنهم أنهم غيروا أو بدلوا

عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم افتقد ثابت بن قيس فقال رجل: يا رسول الله أنا أعلم لك علمه. فأتاه فوجده جالسًا في بيته منكسًا رأسه فقال له: ما شأنك؟ فقال: شر، كان يرفع صوته فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم فقد حبط عمله، وهو من أهل النار، فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه أنه قال: كذا وكذا فقال موسى: فرجع إليه المرة الآخرة ببشارة عظيمة فقال: «اذهب إليه فقل له: إنك لست من أهل النار، ولكنك من أهل الجنة» (البخاري، الفتح [6/717] رقم: [3613]، كتاب المناقب؛ علامات النبوة في الإسلام).

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: أنه توضأ في بيته، ثم خرج، فقلت: لألزمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأكونن معه يومي هذا. قال: فجاء المسجد فسأل عن النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: خرج ووجه ههنا، فخرجت على أثره أسأل عنه حَتَّى دخل بئر أريس، فجلست عند الباب وبابها من جريد، حَتَّى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته، فتوضأ فقمت إليه، فإذا هو جالس على بئر أريس وتوسط قفها، وكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر فسلمت عليه ثم انصرفت، فجلست عند الباب فقلت: أكونن بواب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فجاء أبو بكر فدفع الباب فقلت: من هذا؟ فقال: أبو بكر. فقلت: على رسلك، ثم ذهبت فقلت: يا رسول الله هذا أبو بكر يستأذن فقال: «ائذن له وبشره بالجَنَّة». فأقبلت حَتَّى قلت لأبي بكر: ادخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبشرك بالجَنَّة. فدخل أبوبكر فجلس عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم معه في القف، ودلى رجليه في البئر كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم وكشف عن ساقيه، ثم رجعت وجلست، وقد تركت أخي يتوضأ ويلحقني فقلت: إن يرد الله بفلان خيرًا -يريد أخاه- يأت به، فإذا إنسان يحرك الباب فقلت: من هذا؟ فقال: عمر بن الخطاب. فقلت: على رسلك. ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه فقلت: هذا عمر بن الخطاب يستأذن. فقال: «ائذن له وبشره بالجَنَّة». فجئت فقلت: ادخل وبشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجَنَّة. فدخل فجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في القف عن يساره، ودلى رجليه في البئر، ثم رجعت فجلست. فقلت: إن يرد الله بفلان خيرًا يأت به، فجاء إنسان يحرك الباب فقلت: من هذا؟ فقال: عثمان بن عفان. فقلت: على رسلك. فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: «ائذن له وبشره بالجَنَّة على بلوى تصيبه»، فجئت فقلت له: ادخل وبشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجَنَّة على بلوى تصيبك، فدخل فوجد القف قد ملئ فجلس وجاهه من الشق الآخر. قال شرك بن عبد الله قال سعيد بن المسيب: فأولتها قبورهم. (البخاري، الفتح [7/25] رقم: [3674]، كتاب المناقب؛ باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لو كنتُ متخذًا خليلًا»).

وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أريتُ الجنةَ، فرأيتُ امرأةَ أبي طلحةَ، ثم سمعتُ خَشْخَشَةً أمامي، فإذا بلالٌ» (صحيح مسلم [4/908] رقم الحديث: [2455 -2457]، كتاب فضائل الصحابة؛ باب من فضائل أم سليم أم أنس بن مالك وبلال).

عن أبي بريدة قال: أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بلالًا، فقال: «يا بلالُ بمَ سبقتَني إلى الجنَّةِ؟ ما دخلتُ الجنَّةَ قطُّ إلَّا سَمِعْتُ خَشخشتَكَ أمامي، دخلتُ البارحةَ الجنَّةَ فسَمِعْتُ خَشخشتَكَ أمامي، فأتيتُ على قصرٍ مربَّعٍ مشرفٍ من ذَهَبٍ، فقلتُ: لمن هذا القصرُ؟ قالوا: لرجلٍ منَ العربِ، فقلتُ: أَنا عربيٌّ، لمن هذا القصرُ؟ قالوا: لرجلٍ من قُرَيْشٍ، فقلتُ: أَنا قُرشيٌّ، لمن هذا القصرُ؟ قالوا: لرجلٍ من أمَّةِ محمَّدٍ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، قلتُ: أَنا محمَّدٌ، لمن هذا القَصرُ؟ قالوا: لعُمرَ بنِ الخطَّابِ». فقال بلال: يا رسول الله ما أذنت قط إلا صليت ركعتين، وما أصابني حدث قط إلا توضأت عندها ورأيت أن لله علي ركعتين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بِهِما».

إلى أن قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب، ومعنى هذا الحديث أني دخلت الجَنَّة البارحة يعني رأيت في المنام كأني دخلت الجَنَّة هكذا روي في بعض الأحاديث" (الترمذي [5/579] رقم: [3689]، كتاب المناقب عن رسول الله، باب مناقب عمر ابن الخطاب).

ويروى عن ابن عباس أنه قال: "رؤيا الأنبياء وحي.." هـ.

عن قتادة حدثهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحدًا، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، فرجف بهم، فقال: «اثبُتْ أُحُدُ، فإنما عليكَ نبيٌّ، وصِدِّيقٌ، شَهيدانِ» (البخاري [7/26] رقم: [3675]، كتاب فضائل الصحابة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لو كنتُ متخذًا خليلًا»).

وعن ابن عبد الرحمن أن عثمان رضي الله عنه حيث حوصر أشرف عليهم وقال: أنشدكم الله ولا أنشد إلا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من حفرَ رومةَ فلهُ الجنةُ»، فحفرتها. ألستم تعلمون أنه قال: «من جهزَ جيشَ العسرةِ فلهُ الجنةُ»، فجهزتُهُ. قال: فصدقوه بما قال (البخاري، الفتح [5/477] رقم: [2778]، كتاب الوصايا باب إذا وقف أرضًا أو بئر واشترط لنفسه...).

وعن سعد بن أبي وقاص قال: ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على الأرض أنه من أهل الجَنَّة إلا لعبد الله بن سلام. (البخاري، الفتح [7/160] رقم: [3812]، كتاب المناقب باب مناقب عبد الله بن سلام).

قال: وفيه نزلت هذه الآية: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ} [الأحقاف من الآية:10] (البخاري [7/160] رقم: [3812]، كتاب مناقب الأنصار، باب مناقب عبد الله بن سلام).

عن قيس بن عبادة قال: كنت جالسًا في مسجد المدينة، فدخل رجل على وجهه أثر الخشوع، فقالوا: هذا رجل من أهل الجنة، فصلى ركعتين تجوز فيهما، ثم خرج وتبعته، فقلت: إنك حين دخلت المسجد قالوا: هذا رجل من أهل الجنة. قال: والله ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم، وسأحدثك لما ذاك. رأيت رؤيا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقصصتها عليه، ورأيت كأني في روضة، ذكر من سمعتها، وخضرتها، وسطها عمود من حديث أسفله في الأرض، وأعلاه في السماء، في أعلاه عروة فقيل له: ارقه. قلت: لا أستطيع، فأتاني منصف فرفع ثيابي من خلفي فرقيت حتى كنت في أعلاه، فأخذت في العروة فقيل لي: استمسك. فاستيقظت وإنها لفي يدي، فقصصتها في النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «تلك الروضةُ الإسلامُ، وذلك العمودُ عمودُ الإسلامِ، وتلك العُروَةُ عُروَةُ الوُثقَى، فأنت على الإسلامِ حتى تموتَ» وذلك الرجل عبد الله بن سلام (البخاري، الفتح [7/161] رقم: [3813]، كتاب المناقب، باب مناقب عبد الله بن سلام).

وعن عبد الرحمن بن الأخنس أنه كان في المسجد، فذكر رجل عليًا، فقام سعد بن زيد فقال: أشهد على رسول صلى الله عليه وسلم أني سمعته وهو يقول: «عشرةٌ في الجنةِ، النبي صلى الله عليه وسلم في الجَنَّة، وأبو بكر في الجَنَّة، وعمر في الجَنَّة، وعثمان في الجَنَّة، وعلي في الجَنَّة، وطلحة في الجَنَّة، والزبير بن العوام في الجَنَّة، وسعد بن مالك في الجَنَّة، وعبد الرحمن بن عوف في الجَنَّة، ولو شئت لسميت العاشر». قال: فقالوا: من هو؟ قال: «هو سعيد بن زيد» (سنن الترمذي [5/605] رقم: [3747]، كتاب مناقب الرسول صلى الله عليه وسلم، باب مناقب عبد الرحمن بن عوف الزهري).

عبد الرحمن بن الأخنس مستور الحال، لكنه قد تابعه رباح بن الحارث، وهو مستور الحال. فالحديث حسن، بل قد رواه جماعة عن سعيد بن زيد، كما ذكره الحافظ الذهبي في الميزان في ترجمة عبد الله بن ظالم.

عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الحَسَنُ والحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبابِ أهلِ الجنةِ» (الترمذي [5/614] رقم: [3768]، كتاب المناقب عن الرسول، مناقب الحسن والحسين).

ومن دلائل النبوة: خاتم النبوة:

وعن الجعد قال: سمعت السائب بن يزيد يقول: ذهبت بي خالتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن ابن أختي وقع، فمسح رأسي ودعا لي بالبركة، ثم توضأ فشربت من وضوئه، ثم قمت خلف ظهره، فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه، مثل زِرِّ الحَجَلَةِ (البخاري [1/355] رقم: [190]، كتاب الوضوء، باب حدثنا عبد الرحمن بن يونس... قال سمعت السائب بن يزيد يقول.. وذكر الحديث).

وعن أم خالد بنت خالد بن سعيد قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي وعلي قميص أصفر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سَنَهْ سَنَهْ».  قال عبد الله: وهي بالحبشية: حسنة. قالت: فذهبت ألعب بخاتم النبوة فزبرني أبي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دَعْها». ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبلِي وأخْلِقي، ثم أبْلِي وأخْلِقي، ثم أبْلِي وأخْلِقي». قال عبد الله: فبقِيَتْ حتى ذكر (البخاري، الفتح [6/212] رقم: [3071]، كتاب الجهاد والسير، باب من تكلم بالفارسية والرطانة).

ومن دلائل النبوة: انشقاق القمر:

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: انشَقَّ القمر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم شِقَّينِ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اشهَدوا» (أخرجه البخاري [6/730] رقم: [3636]، كتاب المناقب، باب سؤال المشركين أن يريهم النبي صلى الله عليه وسلم آية فأراهم انشقاق القمر).

في عصمة الله له وقول الله عز وجل: {وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة من الآية:67]:

عن عائشة رضي الله عنها قالت: سَحَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ من بني زُريق، يُقَالُ له لَبِيد بن الأعصم، حَتَّى كانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يُخيَّلُ إليه أنه يفعلُ الشيءَ وما فعله، حَتَّى إذا كان ذات يوم، أو ذات ليلة وهو عندي لكنه دعا ودعا ثم قال: «يا عائشةُ، أشَعَرتِ أن اللهَ أفتاني فيما استفتَيتُه فيه، أتاني رجلانِ، فقعَد أحدُهما عِندَ رأسي، والآخَرُ عِندَ رِجلي، فقال أحدُهما لصاحِبِه: ما وجَعُ الرجلِ؟ فقال: مَطبوبٌ، قال: مَن طبَّه؟ قال: لَبيدُ بنُ الأعصَمِ، قال: في أيِّ شيءٍ؟ قال: في مُشطٍ ومُشاطَةٍ، وجُفِّ طَلعِ نخلةٍ ذكَرٍ. قال: وأينَ هو؟ قال: في بئرِ ذَروانَ»، فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس من أصحابه، فجاء فقال: «يا عائشةُ، كأن ماءَها نُقاعَةُ الحِنَّاءِ، أو كأن رُؤوسَ نخلِها رُؤوسُ الشياطينِ». قلت: يا رسول الله أفلا استخرجته؟ قال: «قد عافاني اللهُ، فكرِهْتُ أن أُثَوِّرَ على الناسِ فيه شرًّا»، فأمَر بها فدُفِنَتْ (البخاري [10/232] رقم: [5763]، كتاب الطب، باب السحر. يُقال: المُشاطة: ما يخرج من الشَّعرِ إذا مُشِّطَ، والمُشاطة من مُشاطةِ الكتابِ.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أبو جهل: هل يُعفِّرُ محمد وجهه بين أظهركم؟ قال: فقيل: نعم. فقال: واللات والعزى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأنَّ على رقبته، أو لأُعفِّرنَّ وجهه في التراب. قال: فأتى رسول الله وهو يصلي، زعم ليطأ على رقبته. قال: فما فَجَئَهم منه إلا وهو ينكُصُ على عقبيه، ويتَّقي بيديه. قال: فقيل له: مالك؟ قال: إنَّ بيني وبينه لَخندقًا من نارٍ وهولًا وأجنحةً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو دنا مني لاختطَفَتْه الملائكةُ عضوًا عضوًا» (صحيح مسلم [4/2154] رقم: [2797]، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب إن الإنسان ليطغى أن رأه استغنى).

ومن دلائل النبوة: حنين الجذع:

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار -أو رجل-: يا رسول الله ألا نجعل لك منبرًا؟ قال: «إن شئتم». فجعلوا له منبرًا. فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر، فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي صلى الله عليه وسلم فضَمَّهَا إليه، تَئِنُّ أنينَ الصبيِّ الذي يُسَكَّنُ. قال: «كانت تبكي على ما كانت تسمعُ من الذِّكْرِ عندها» (البخاري، الفتح [6/697] رقم: [3584]، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام).

في رميه صلى الله عليه وسلم بكف من حصى في وجوه الكفار:

عن عباس قال: شهدتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يومَ حنينٍ. فلزمتُ أنا وأبو سفيانَ بنَ الحارثِ بنَ عبدِالمطلبِ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ. فلم نُفارقْه. ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ على بغلةٍ لهُ، بيضاءَ. أهداها لهُ فروةُ بنُ نفاثةَ الجذاميُّ. فلما التقى المسلمونَ والكفارُ، ولَّى المسلمون مدبرينَ. فطفق رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يركضُ على بغلتِه قِبَلَ الكفارِ. قال عباسٌ: وأنا آخذٌ بلجامِ بغلةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ. أكُفُّها إرادةَ أن لا تسرعَ. وأبو سفيانُ آخذٌ بركابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «أي عباسُ! نادِ أصحابَ السَّمُرةِ». فقال عباسٌ «وكان رجلًا صيِّتًا»، فقلتُ بأعلى صوتي: أين أصحابُ السَّمُرةِ ؟ قال: فواللهِ لكأنَّ عطفتهم، حين سمعوا صوتي، عطفةَ البقرِ على أولادها. فقالوا: يا لبيكَ! يا لبيكَ! قال: فاقتتلوا والكفارُ. والدعوةُ في الأنصارِ. يقولون: يا معشرَ الأنصارِ! يا معشرَ الأنصارِ! قال: ثم قصرتِ الدعوةُ على بني الحارثِ بنِ الخزرجِ. فقالوا: يا بني الحارثِ بنِ الخزرجِ! يا بني الحارثِ بنِ الخزرجِ! فنظر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وهو على بغلتِه، كالمتطاولِ عليها، إلى قتالهم. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «هذا حين حمي الوطيسُ». قال: ثم أخذ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حصياتٍ فرمى بهن وجوهَ الكفارِ. ثم قال: «انهزموا. وربِّ محمدٍ!» قال: فذهبتُ أنظرُ فإذا القتالُ على هيئتِه فيما أرى. قال: فواللهِ! ما هو إلا أن رماهم بحصياتِه. فما زلتُ أرى حدهم كليلًا وأمرهم مدبرًا. (صحيح مسلم [3/1398] رقم: [1775]، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة حنين).

وعن إياس بن سلمة حدثني أبي قال: غزونا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حنينًا. فلما واجهنا العدوَّ تقدمتُ. فأعلو ثنيةً. فاستقبلني رجلٌ من العدوِّ. فأُميهِ بسهمٍ. فتوارى عني. فلما دريتُ ما صنع. ونظرتُ إلى القومِ فإذا هم قد طلعوا من ثنيةٍ أخرى. فالتقوا هم وصحابةُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ. فولَّى صحابةُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ. وأرجعَ منهزمًا. وعلى بردتانِ. متَّزرًا بإحداهما. مرتديًا بالأخرى. فاستُطلقَ إزاري. فجمعتهما جميعًا. ومررتُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ منهزمًا. وهو على بغلتِه الشهباءَ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «لقد رأى ابنُ الأكوعِ فزعًا»، فلما غشوا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ نزل عن البغلةِ، ثم قبض قبضةً من ترابٍ من الأرضِ. ثم استقبل بهِ وجوههم، فقال: «شاهتِ الوجوهُ». فما خلَّف اللهُ منهم إنسانًا إلا ملأَ عينيهِ ترابًا، بتلك القبضةِ، فولَّوْا مدبرين. فهزمهم اللهُ عزَّ وجلَّ. وقسم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ غنائمهم بين المسلمينَ (صحيح مسلم [3/1402] رقم: [1777]، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة حنين).

  • 24
  • 2
  • 61,580
المقال السابق
(7) إخباره صلى الله عليه وسلم بفتح فارس، فتح الحيرة
المقال التالي
(9) عقوبة من خادع رسول الله، انكشاف كذب مدعيي النبوة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً